أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حمدي سبح - أوكرانيا .. وعالم جديد على الطريق















المزيد.....

أوكرانيا .. وعالم جديد على الطريق


احمد حمدي سبح

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 17:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وكأن حركة التاريخ على موعد مع الألعاب الأوليمبية ، فمع بداية أوليمبياد بكين 2008 ترسم الدبابات الروسية مسارآ تاريخيآ جديدآ بتدخلها في النزاع الدائر بين جورجيا واقليمين متمتعان بالحكم الذاتي ألا وهما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وبالتالي تمكين الأبخاز والأوسيتيين من اعلان استقلالهم التام عن جورجيا بل والسعي للانضمام الى روسيا ، لتخرج روسيا من هذه المعركة المحدودة العمليات والعظيمة المدى أقوى مما كانت رغم أنف الغرب ، الذي حاول تقديم الدعم لجورجيا ورئيسها ميخائيل ساكشفيلي ، ولكنهم جميعآ منيوا بهزيمة ساحقة على أيدي الاصرار الروسي ، وضمن بذلك موسكو موطئ قدم لأسطولها على البوابة الجنوبية الشرقية من البحر الأسود خاصة وأن اقليم أبخازيا يمثل تقريبآ ثلثي الساحل الجورجي على ذلك البحر .

ثم تأتي نهاية الألعاب الأوليمبية في سوتشي 2014 لتحمل انطلاقة جديدة للدب الروسي وعزمه على الحفاظ على مصالحه الاستراتيجية في غابته الأمامية ، حيث تأتي الأزمة الأوكرانية التي عمل الغرب على تأجيج نيرانها والعمل على التخلص من الرئيس الاوكراني المنتخب فيكتور يانكوفيتش ، دون الأخذ الواعي في الاعتبار أن هذا الرئيس المحسوب على روسيا والذي أوقف اتفاقيية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي ، انما هو أيضآ يمثل أكثر من نصف سكان أوكرانيا الذين يعيشون في الشرق والجنوب ويتحدثون الروسية ويميلون الى علاقات أوثق مع روسيا .

فمع انلاع المواجهات بين المعارضين والشرطة الأوكرانية واستخدام عناصر كثيرة من المعارضة للسلاح والقناصة بل وضرب المعاضين لهم في ثكنات خاصة أعدوها في ميدان الاستقلال في كييف ، ظهر دعم الغرب للمعارضة المحسوبة على الغرب ونكث العملية الديموقراطية التي لطالما تغنى بها الغرب ، خاصة مؤخرآ مع اندلاع ثورة يونيو العظيمة في مصر وعزل الرئيس الاخواني المنتخب محمد مرسي، ليثبت الغرب مرة أخرى أن المسألة لا تتعلق بآليات الديموقراطية والحرية قدر ما ترتبط بألاعيب السياسة والمصالح الاستراتيجية .

وظهر الاصرار الروسي على تحقيق انتصار وشيك في هذه الأزمة الاستراتيجية الكبرى التي ستعمق فكرة أن عالمآ أحادي القطبية أصبح في طي التاريخ ، مع هروب يانكوفيتش ونكث المعارضة الأوكرانية للاتفاق الموقع معه في فبراير لحل الأزمة الأوكرانية والذي كان سيعني تطبيقه انتصارآ للمعارضة و، ولكن المعارضة وتحت ضغط العناصر المتطرفة المنضوية تحت لوائها استعجلت قطف الثمار وقامت بالانقلاب على السلطة في ظل سلبية مستحكمة من الجيش ، فوفر ذلك تحريرآ للدب الروسي من قيوده في التنديد بالمعارضة الأوكرانية وتصوير الأمر على انه انقلاب على الشرعية (وهو كذلك بطبيعة الحال فالشرعية تظل حاكمة طالما أن فقدانها يعني فقدان أمة ) وهو ما يحدث حاليآ في أوكرانيا التي من المؤكد أنها مع صبيحة السابع عشر أو الثامن عشر من مارس 2014 ستكون بدون أهم مناطقها الاستراتيجية والحيوية وهي جزيرة القرم والتي تتجه الى استفتاء في السادس عشر من مارس يحمل سؤالين لا ثالث لهما ، هل تؤيد الانضمام الى روسيا ؟ ، أم هل تؤيد تعزيز الاستقلال والحكم الذاتي عن أوكرانيا ؟ والاجابة واحدة لا ثانية لها وهي أوكرانيا جديدة بدون القرم .

كل ذلك يتم في ظل سيطرة عسكرية لقوات روسية وقوات موالية لها على القرم والمناطق الشرقية من أوكرانيا ، ، وانشقاق قوات أوكرانية مرابطة في القرم واعلان انضمامها للقوات الموالية لروسيا ، كل ذلك في ظل حقيقة أن حوالي 58% من سكان القرم من الروس وهذين الاقليمين يمثلان أكثر من نصف سكان أوكرانيا وأهم مناطق تمركز القوة والموارد الاقتصادية الأوكرانية ، وبدونهما سيحكم على أوكرانيا بالفقر والعوز والضعف ، مما يثير السؤال بمدى شهية الغرب ساعتها في مثل هذه الأوكرانيا ؟ وما تحمله من موجات هجرة غير شرعية أو حتى شرعية وسوق ضعيفة للمنتجات الأوروربية ومكانة استراتيجية أقل كثيرآ جدآ مما هي عليه الآن ؟ ، فالصراع فعلآ في الأزمة الأوكرانية انما هو صراع صفري اما كل المكاسب واما كل الخسائر .

فالدب الروسي لا يمكن أن يغامر بأن يؤسر في القفص ، ويتنازل عن مصالحه الاستراتيجية في أوكرانيا والبحر الأسود خاصة وأن جزيرة القرم تضم ميناء سيفاستوبول أهم موانئ البحرية الروسية على البحر الأسود ومنفذها الى المياه الدفيئة المتوسطية ، والذي تعلم موسكو أنه في حالة استتباب الأمر للغرب في أوكرانيا وللمحسوبين عليهم فان اتفاقية تمديد التواجد الروسي في سيفاستوبول التي وقعها يانكوفيتش والتي تضمن استمرار التواجد الروسي في القرم حتى عام 2042 ستصبح في مرمى الانتهاكات والابتزاز المالي خاصة وأن المعارضة كانت تطالب بمبلغ ايجاري قدرته ب 1.8 مليار دولار سنويآ بدلآ من الايجار الحالي المقدر بحوالي 98 مليون دولار .

وبالتالي نقض الاتفاق والغاؤه لصالح بحرية الحلف الأطلسي وبالتالي السيطرة كذلك على مضيق كيرتش الذي يربط بين البحر الأسود وبحر آزوف الذي تسيطر روسيا عليه ، فميناء سيفاستوبول والذي أسسه الروس القياصرة أيام الامبراطورة يكاترينا الثانية يتميز بكونه يضم ثلاثين خليجآ عميقآ ومحمي من الرياح الشديدة ويمثل أفضل المواقع الاستراتيجية لأسطول ضخم يريد السيطرة على واحد من أهم بحار الدنيا وأهم البحار لروسيا حيث يمر في هذا البحر أكثر من غالبية الواردات والصادرات الروسية من النفط والقمح ومختلف السلع .

وبالتالي فان تحول البحر الأسود من بحيرة شبه روسية الى بحر ترتع فيه أساطيل غربية معادية لم تمخرعبابه منذ حرب القرم 1853-1856 ، لا يمكن أن لا يحمل الا معنى واحدآ وهو خسارة استراتجية هائلة لروسيا على كافة الأصعدة وتأجيل حلم عالم متعدد الأقطاب الى زمن قادم ، وهو بالطبع أمر (بل أمور) لا قبل لروسيا بالقبول بها .

كذلك فان روسيا تسعى الآن الى اتخاذ خطوات عاجلة سيكون من شأنها تعزيز موقفها ووضعها الاستراتيجي الحاسم ، فالروس يعملون الآن كما صرح رئيس وزرائهم ديميتري ميدفيديف على صياغة قوانين جديدة وتيسير اجراءات الحصول على الجنسية الروسية للمتحدثين بالروسية ممن عاشوا سابقآ ضمن الامبراطورية السوفيتية وتقنين انضمام الدول والأقاليم ذاتية الحكم الى الدولة الروسية ، وهو بالطبع ما يمثل سعيآ حثيثآ لتطبيق واقعي لرفع العلم الروسي بشكل رسمي فوق أراضي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وترانسنيستريا والقرم وربما الاقليم الشرقي لأوكرانيا ، والاسراع في استكمال البنية التحتية لميناء نوفوروسيسك في الساحل الروسي على البحر الأسود لمزيد من الدعم للتواجد الروسي في البحر الأسود وتوفير حرية الحركة له .

ومن ناحية أخرى فان الدعم الصيني للموقف الروسي ، وكذلك فان تصريح وزير الخارجية الصيني مؤخرآ وانج يي في مؤتمر مجلس نواب الشعب الصيني وهو أعلى هيئة تشريعية في الصين بأن عام 2014 سيشهد ميلادآ جديدآ نحو بناء علاقات استراتيجية شاملة مع روسيا في كافة الاتجاهات ، انما يمثل ركيزة هامة يعول عليها في التصدي لا للسعي الغربي للهيمنة في ملف البحر الأسود بل في مختلف الملفات الأخرى .

ومن المؤكد أن الأوروبيين والأمريكيين لن يستطيعوا الذهاب بعيدآ في مواجهة الروس ، فتهديداتهم بعزل روسيا دوليآ وفرض عقوبات اقتصادية عليها لا تعدوا كونها مجرد ضجيج سياسي لا يغدو مسموعآ في الواقع العملي ، فروسيا ليست دولة صغيرة أو فقيرة أو مديونة أو ضعيفة عسكريآ لتستخدم معها مثل تلك الأمور ، فجميع مراكز المال والأعمال العالمية تعلم كيف أن الأموال الروسية هي من أهم الأموال التي تغذي الدين الأمريكي عبر مشتروات موسكو لسندات الخزانة الأمريكية ، وكيف أن النفط والغاز الروسي هما مساهمان أساسيان في دفء البيوت وحركة السيارات والمصانع الأوروبية وأن الاقتصاد الألماني أهم اقتصادات أوروبا قائم عليهما .

وأن الشركات والبنوك الغربية ستواجه خسائر جسيمة لمئات المليارات من الدولارات التي استثمروها في الاقتصاد الروسي ، اضافة الى أن مراكز المال والأعمال الآسيوية وغيرها لن تكون لديهم مثل هذه الرغبة الانتقامية خاصة وأن هذه المراكز الآسيوية هي في الحقيقة الآن تمثل الجانب الأكبر من قاطرة النمو والتنمية في عالم اليوم ، بالاضافة الى أن فرض عقوبات على واحد من أهم منتجي ومصدري النفط والغاز في العالم سيترجم في ارتفاع كبير في أسعار شرياني حياة الاقتصاد العالمي وهو وضع لا يمكن أن تتحمله اقتصادات غربية لا تزال تكافح من أجل الخروج من دائرة الركود وعجز الموازنات ، كما أن الحاجة لروسيا في عديد من الملفات الدولية الشائكة كملفات كوريا الشمالية وسوريا وايران والأمن الأوروبي والطاقة والفضاء والعقوبات الانتقامية من روسيا من قبيل تقليل الاعتماد على الدولار وتقليل استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية وتأجيل مشاريع جديدة لنقل الغاز الروسي الى أوروبا والعمل على رفع أسعاره وغيرها سيفرض على الأوروبيين والأمريكيين الامتثال للحكمة القائلة (THINK AGAIN) .

ان روسيا بحاجة ماسة الى التسريع في الضم السياسي والقانوني للدول والأقاليم السوفيتية السابقة الراغبة في ذلك ، والعمل على تهدئة مخاوف الأقليات التترية في القرم والذين يمثلون قرابة 15% من السكان هناك وهم قد عانوا من التهجير القسري كما عانى غيرهم على يد ستالين عام 1944 لاتهامهم بالتعاون مع النازيين ، وذلك باعلان ضمان الاعتراف بهويتهم الثقافية وادماجهم الفاعل في مؤسسات الدولة والاعتذار عن التهجير القسري الذي تعرضوا له في السابق خاصة وأن مجلس السوفييت الاعلى كان وقد سبق وأعلن برائتهم من هذا الاتهام عام1967 ، مع التعهد بضخ استثمارات قوية في اقتصادات الدول المنضمة والتي تفوق مواقعها الجيواستراتيجية أهميتها الاقتصادية بالنسبة لروسيا .

من الواضح حتى الآن أن الغرب في طريقه ليمنى بهزيمة استراتيجية جديدة أمام روسيا ، وأن أحلام انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو ستظل دومآ في قائمة الأحلام ، ان ما سيسفرعنه القادم من الأيام في الأزمة الأوكرانية سيظل محفورآ في ذاكرة التاريخ على أنه دفع جديد لمسار دولي جديد .



#احمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجيات التحرك المصري مابعد رابعة العدوية
- علاقات شائكة
- لاتضغطوا على المجلس العسكري


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حمدي سبح - أوكرانيا .. وعالم جديد على الطريق