جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 16:18
المحور:
الادب والفن
من روائع كتابات الأولوسي الراحل : مبارك أزرق .
--------------------------------------------------
وقف الرجال الثلاثة أمام الحاكم ، وحاشيته ، وخدمه جاحظي العيون وراجفي القلوب . قال رئيس الحاشية في قلق : " ضخامته غاضب عليكم ! " . قالوا بصوت واحد مندهش : " من هو ضخامته ؟ " . قال ، زاجرا أياهم : " يالكم من بلهاء ! " ثم مشيرا إلي الحاكم ، " ضخامته هو ذا ! " ... قالوا بصوت واحد مرتعش : " ولكن لماذا هو غاضب علينا ؟ " . قال : " لم تقفوا له حين نزل من عربته بالقرب منكم ليتبول . ولم تقفوا له حين أنتهي من التبول . ولم تحيوه قبل التبول ولا بعده ، فما رأيكم في هذه الخطيئة ؟ " ... قالوا في تعجب : وهل نحن أصحاب رأي ؟ نحن فقط مددنا أيدينا للرجل لأننا شحاذون . ولم نر شكلا ، ولم نشم رائحة ، ولم نذق طعما للأكل لثلاثة أيام . وأدهشنا أنه لم يلتفت إلينا ، ولم يعرنا أهتماما . ولم نكن نعرف أنه الحاكم ياسيدنا ! ثم أننا نكاد نموت جوعا ، والحر قائظ ، ولا نستطيع الوقوف لغير ما سبب ! قال الحاكم مزمجرا ، ثم همس غاضبا في أذن رئيس الحاشية ( وهمس رئيس الحاشية متملقا في أذن رئيس الخدم ) .وهب الخدم كالأعصار ، وقذفوا بهم إلي قلب الأرينا ! وهرع رئيس الخدم ، وفتح باب القفص ، فأنطلق منه أسد جائع ، هائجا مزمجرا هاجما ! مرت لحظة !! وأصابت الدهشة جميع الحاضرين : الحاكم وحاشيته ، وخدمه الأبرار . فقد هجم الرجال الثلاثة علي الأسد ... و أكلوه حتي المخالب ... وكانت أفواههم تنزف دما أحمرا! صعق الحاكم ! وتلفت يمنة ويسرة ، وإذا به يري أفراد حاشيته وخدمه وكأنهم تماثيل من حجارة ! نهض مرتعدا ، وهو يتصبب عرقا ، فنهضوا مرتعدين وهم يتصببون عرقا ! وألتفت خلفه كاللمحة ، ثم أنطلق كالأعصار قافزا من فوق سور الأرينا ، ومن خلفه يتسابق أفراد حاشيته وخدمه كالحجارة المقذوفة من فوق السور !!
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟