أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نسيم عبيد عوض - الصوم الكبير















المزيد.....

الصوم الكبير


نسيم عبيد عوض

الحوار المتمدن-العدد: 4379 - 2014 / 2 / 28 - 08:48
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الصوم الكبير
بقلم نسيم عبيد عوض
يعيش المسيحيين جميعا –ماعدا بعض الطوائف- هذه الأيام فى حياة الصوم المقدس ‘ وأعتبر مقدسا لأن السيد نفسه قد صامه " فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع أخيرا."مت 4: 2‘ ويصوم الأقباط 7ايام قبل الأربعين يوما (بدلا من 7 سبوت لم نصوم فيها) وبعده أيضا 7 أيام وهو أسبوع الآلام(البسخة) ‘ثم الإحتفال بعيد القيامة ‘ والكنيسة لها طقوس وترتيبات بالقراءات والألحان خلال فترة الصوم تلهب المشاعر روحانية عالية حتى يسميه الآباء قدس أقداس السنة كلها ‘ لتميزه بالنسك والتخشع والتوبة وتبدأ القراءات فى التسلسل إعتبارا من الأحد الثانى من شهر أمشير كما يلى:
أولا- أسبوع اشباع الجموع بالخمس خبزات والسمكتين والمسمى باسبوع البركة(يو6: 5-14). وهذا الفصل من انجيل معلمنا يوحنا البشير يرجعنا فيه الى عناية الله بشعبه فى البرية أربعين عاما ويعولهم بخبز سماوى‘ وبالتأمل فى عرض يوحنا لهذه المعجزة بالوحى الإلهى تغوص فى أعماقنا دروسا روحانية 1- الشكر: حياة المؤمن المسيحى هى حياة شكر لله خالقه ليل نهار ‘ كما فعل يسوع وقبل أن تخرج من يده البركة يقول الكتاب " وأخذ يسوع الارغفة وشكر .."يو6: 11 ‘ لكى يعلمنا أن نقدم لإلهنا ذبيحة شكر فى صلواتنا ‘ وأيضا يذكرنا بسر الشكر (الأفخارستيا) الذى نتناول فيه جسد الرب ودمه (يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه )‘ لأن الرب يسوع هوالخبز الحى النازل من السماء‘ حتى ان الرب يقول" فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم." يو6: 53 ‘والجموع التى عادت ثانية للبحث عن الخبز عرفت أنه بالشكر تتحقق المعجزات ‘ فيقول الوحى الإلهى" غير أنه جاءت سفن من طبرية الى قرب الموضع الذى أكلوا فيه الخبز إذ شكر الرب .""يو6: 23‘ ولعل بولس الرسول قد تعلم ذلك من معلمه ‘ فبعدما صاموا فى السفينة المشارفة على الغرق ‘ وطالبهم الرسول بالأكل لتحمل المشاق المحتمله ‘ يقول الكتاب " ولما قال هذا أخذ خبزا وشكر الله أمام الجمع وكسر وإبتدأ يأكل."أع27: 35 ‘ والملاحظ فى رسائل القديس العظيم بدء كل رسائله بالشكر ويكتب أولا أشكر إلهى ‘ كما يطالبنا" نشكر الله بلا إنقطاع."2تس2: 13‘ وأيضا" اشكروا فى كل شيئ."2تس 5: 18‘ فالشكر ذبيحة نقدمها للرب على كل ما أعطانيه كقول المرتل" اللهم على نذورك أوفى ذبائح شكر لله." مز56: 13. وحقا صدق من قال " ليست عطية بلا زيادة إلا التى بلا شكر."
ثانيا: البركة: وهذا الفصل من الإنجيل يسمى انجيل البركة ‘ فإذا جاء شهر قبطى بخمس آحاد نصلى فى الخامس - لأنه بركه- بفصل البركة‘ على إعتبار ان هذه المعجزة هى حصاد بركة الله لطعامنا ولحياتنا كلها ‘ والله يحب أن يعطينا بركة‘ وأول من باركة الرب هو آدم حسب قول الكتاب " وباركه ودعا اسمه آدم يوم خلقه." تك5: 2‘ وبركة الرب لأبونا إبراهيم فى العهد القديم تتمثل فى حب الله لإبراهيم وإختياره فيقول له " فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك . وتكون بركة. وابارك مباركيك ولاعنك العنه.وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض."تك12: 2-3. والبركة لمن يسمع وصايا الرب ويسير بها فى مخافة وخشوع ‘ وعلى أرض كنعان قال موسى لشعبه يذكرهم بوعد الرب" البركة إذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التى أنا أوصيكم بها اليوم."تث11: 27 ‘ وحياتنا كلها بطولها وعرضها المرضية أمام الله هى حصاد بركة الرب لنا ‘ ونأكل ونشبع ويفيض ‘ ولذلك يعلمنا أن لا نهتم بطعام أجسادنا ويقول " ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله."
ثالثا : الشبع : الشبع الروحى هو مايهم ربنا أولا ‘ وإشباعنا بالطعام فهو يتولاه كما يهتم بطيور السماء التى لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن ‘ هو يقوتها ‘ ومبدأ الله فى ذلك يشبعنا ويفيض عنا ‘ وهذا ماقاله إليشع النبى لتلميذه جيحذى عندما اعترض على طلب النبى بان يقدم عشرين رغيفا لمائة رجل فى ضيافته " فقال اعط الشعب فيأكلوا لانه هكذا قال الرب ياكلون ويفضل عنهم . فجعل امامهم فاكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب." 2ملو 4: 43و44. أما الشبع الروحى الذى يطوبه الله " طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون ."مت5: 6‘ وقول السيدة العذراء مريم " أشبع الجياع خيرات .."لو1: 53‘ وأيضا فسر الرب يسوع هذا الشبع " فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة .من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا. " يو6: 35 ‘ وهو الذى قال "اطلبوا ملكوت السموات وبره وهذه كلها تزاد لكم." والشبع الروحى ببر المسيح هو غفران الخطايا وقداسة أرواحنا .
ثانيا: أركان العبادة المسيحية: الصدقة والصلاة والصوم ‘ وتم قراءة هذا الفصل فى أحد رفاع الصوم الكبيرمت 6: 1-18‘ والتأمل لذكر هذه الأركان الثلاثة قبل الصوم له أسبابه: 1- الصدقه يطوبها الله " طوبى للرحماء على المساكين فان الرحمه تحل عليهم والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم. ويعتبرها الله له المجد " الحق أقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم."مت25: 40. والصدقة نحيا بها الى الأبد وبها نخلد ونرحم. 2 - بالصلاة نفتح باب السموات ونرتقى فى النعمة الى القداسة. 3- وبالصوم نقفل باب الشهوات ونعطى فرصة للروح ان تنتصر على أغواء الجسد.
تعريف الصوم: كما ورد فى المجوع الصفوى" الصوم هو إمتناع الإنسان عن الغذاء وقتا معينا فى الشريعة ‘ وطاعة لمن شرعه ‘ لتمحيص الذنوب ‘وتعظيم الثواب ‘والقصد أن تضعف القوة الشهوانية فتنصاع للنفس الناطقة‘ كما ان قصدها بالصلاة طاعة القوة الغضبية للعقل والروح. ومثلنا فى ذلك أبونا آدم خلق على غير فساد وأعطى العشب وثمار الأرض ليأكل ولم يسمح له بأكل اللحوم ولا المنتجات الحيوانية ولهذا كانت حياته : أ- نور وافر ينبهه بما يجب عمله . ب- معرفة كاملة بجميع الأمور الطبيعية. ج- اتحاد بين النفس والجسد. د- سلطان كامل على جميع الوحوش وطير السماء وسمك البحر . وعندما عصى آدم فقد نعمة البر الأصلى ومواهبها وأهمها وحدة النفس والجسد‘ وحدث إختلال بين الجسد والروح كما يفسرها معلمنا بولس الرسول" لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذا يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون. وهكذا غلب الشيطان آدم بالأكل وغلبه المخلص بالصوم.
الصوم المرفوض: يسأل بنى إسرائيل الله " لماذا صمنا ولم تنظر. ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ. فيجيبهم قائلا: ها انكم فى يوم صومكم توجدون مسرة. وبكل أشغالكم تسخرون .ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر.لستم تصومون كما اليوم لتسمع صوتكم فى العلاء"اش58: 3و4 . والصوم الذى لا تتكامل فيه النفس بالصلاة والصدقة صوم مرفوض‘ والصوم الذى يهتم فيه الإنسان بما يأكل ويشرب صوم مرفوض‘ وإذا لم يقترن الصوم بالتوبة عن الخطايا وبصلاة مواظبة وبصدقة مقبولة لا يحسبه الرب صوما.
الصوم المقبول: يرد الرب على بنى إسرائيل لماذا لم يقبل أصوامهم بتعريفه الصوم المقبول عنده" حل قيود الشر. فك عقد النير (العبودية) وإطلاق المسحوقين أحرارا. وقطع كل نير .أليس ان تكسر للجائع خبزك‘ وأن تدخل المساكين التائهين الى بيتك ‘ وان رأيت عريانا أن تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.إش58: 6و7. ويهبنا الرب ثمار الصوم المقبول فيحددها " حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب.تستغيث فيقول ها انذا .. يشرق فى الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر . ويقودك الرب على الدوام ويشبع فى الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تقطع مياهه."اش58: 8-12.
وهكذا أصبح الصوم فى عهد النعمة والحق – العهد الجديد – هو حياة البذل والعطاء وهو حياة النسك لإقماع شهوات الجسد ‘ وهو حياة العبادة الروحية‘ وأصبحت العبادة من صدقة وصلاة وصوم هى حياة حب عميق يربطنا بالله أبينا بالمسيح يسوع ربنا. والتى هى الدخول الى حضن الآب السماوى ‘ ولذلك يعلمنا الرب" وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل."يو10: 10‘ وأصبح غاية الصوم فى المسيحية هو نقاوة القلب أو معاينة الله كأب يتقبل حبنا له‘وهو الذى قال " طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله. ولذلك يقوم عدو الخير بتوجيه ضرباته حتى ينحرف القلب بعيدا عن الله فيصير صومنا صيام شكلى يهتم بالأكل وليس بالروح .
أننا لا نصوم من أجل الصوم ذاته ولا لأجل الحرمان من الأكل ‘ إنما لأجل ضبط لنفس وأنطلاق القلب الى الحياة السماوية. فلنهتم أن يكون صومنا فترة عبادة روحية ‘ نرجع فيه لربنا مقبولة توبتنا ويعطينا ثمارها فنكون على الطريق الصحيح والوحيد للحياة الأبدية‘ وأهنئكم جميعا بالصوم المقدس . وكل عام وانتم بخير.



#نسيم_عبيد_عوض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس بالخبز وحده..
- عيد الأنوار
- الشهادة
- عيد الغطاس المجيد
- مولود بيت لحم
- شروق شمس عام جديد
- مباركة أنت فى النساء
- الملائكة
- يوحنا المعمدان
- ليكن لى كقولك
- الكلمة المكتوبة
- الطريق
- خرج الزارع ليزرع
- شهر بابة
- الحياة
- مقال لك أقول قم
- سؤال كل البشر
- أول توت
- عيد النيروز رأس السنة القبطية
- فانظروا الى أنفسكم


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نسيم عبيد عوض - الصوم الكبير