أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام سلمان بركي - زيارة فينيقي إلى شرق المتوسط















المزيد.....

زيارة فينيقي إلى شرق المتوسط


حسام سلمان بركي

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


زيارة فينيقي إلى شرق المتوسط
( على الساحل السوري العتيق يقف ابنه الحالي مشرعا صنارته الباحثة عن صيد مشتهى وحلم مفقود على مقصلة الغياب وفي لجة الانتظار يأتيه تاريخه القادم من فينيقيا بحارا تركع الأمواج تحت سفنه وتردد الريح لحن مجاذيفه ويدور بينهم حوار)
-من قرطاجة جئت عابرا بحيرتي
رميت خوفي في الماء
وواصلت الغناء
من أنت؟؟


-أنا المولود زمن ال لا لون
أرمي صنارتي الخائفة
إلى بحر لا يشبهني
لم تعد لي مراكب أسافر بها
لم تعد لي شمس أدافع عنها
أنا المبدد في الهواء
لاظل يشبهني
لا تاريخ أشبهه
ولدت بلحظة ضعف
وخطأ بالتوقيت
وعشت حاملا وزر غيري
لا أنتمي له ويكبلني
كلما راودتني أفكار الخروج
يمسني خوف موروث
أنا المولود زمن ال لا لون


-روما عشيقة المجد
روما سيدة الأرض
وأنا المولود في خاصرتها
خرجت عن طاعة عمياء
هذا الماء لي
أبجدية الحلم الأول
وريح قادت سفني نحو غد لم أعرفه
ويعرفني ..
هذا الماء لي .


-ملامحك تشبهني
لون القمح وعينان صافيتان كماء هذا البحر
قامة ممشوقة كغصن شجرة تحاكي السماء
رغبة ملحة للسفر
أناهنا منذ سافرت أنت
لم أغير حلمي المولود معي
لم أغير تفاصيلي اليومية والدعاء
ولم أكتسب صفات غيري
غير أن السنون الهوجاء
رمتني بالغزاة
رمتني بالحصار
ياحلم عرج على مناماتي المتشابهة
وانثر قليل الأمل هنا
لم أعد أجد في المدى شكلا سوى للهزيمة
لم أقبل أسوار المدينة
لتخنقني على إيقاع الطغاة
كلهم عبرو من جلدي
كلهم أزاحو لون الشاطىء الأرجواني
ليسبحوا باسمهم الأعلى
ملامحك تشبهني ولم أعد أشبهك
لك ابتهالات الشرق
لك واقعية الغرب
وأحلام الجهات كلها
لك حنين العابرين إلى صدور زوجاتهم
وأغاني الشتاء المنتشي بالمطر
لك وجه القمر
يرتب أحلام الصغار والنساء على جلد السفر
ملامحك تشبهني ...


-قد أكون أخطأت الزمن أو ربما قادتني رياح الشمال إليك
هذا الشاطئ لي
والجبال والأشجار واللون الممدد على المدى
كرجل يأخذ قيلولته بعد الغداء
أين صوت الغناء
لا أرى حولى سوى الحطام
لا منام
لا كلام
حتى الزبد المرتمي على جسد الصخور
خائف من لونه
في زمني الماضي
كنت أرتب جهات الأرض على وقع خطاي
كنت ألملم رياح الشمال
حول أسوار المدينة
لتشبه تردد الغزاة الأحمق
لتعير صوت الهاربين للمدى
وتنفض الغبار عن الصدى
كنت أطيل السهر لأن الليل لي
أزج بالحسابات نجوم السماء
لأعلم أين يأخذني جسد البحر
وأعلم كيف أعير المواسم لوني
قد أكون جئتك باكرا وانت الموشوم بأمل الانتظار
أو ربما تأخرت الوصول وانتهى عصر وبدأ آخر بالأفول
ربما هي السماء رمتني بتعاويذها المستعارة من أشعار قديمة لرهبان المعبد
أو أنها زارتني كالفتاة الممسوسة بالخوف من عيون تراقب جلد الهواء
جئتك لأنفض عن درعي غبار المعارك
وأرتاح حيث ولدت
هنا ساعدتني الطيور على الغناء
وهنا قبلت بوهج سيفي السماء


-على هذا الشاطيء المفتوح للغزاة والأوبئة
مسني هاجس الانتظار
ورماني بالتردد زمان صلبه السلطان على خشب المقبرة
هنا علقت أحلامي على المقصلة
هنا ولدت لأرضع هزيمتي مرتين
وأرى انتكاساتي المكررة
قبلتني سيدة الهزائم وأغوتني
باحتمالات المشنقة
ليس في المدى سوى صرير أبواب مرهقة
رميت صنارتي منذ البعيد ولازلت أحترف الانتظار
مر نهار
ومر آخر على جلدي المشقق من الغبار
لم أرو غليلي من هزائمي
لم أرتكب الخروج من ظلي
للندى صوت الغرباء
ولي قميص عثمان ورثته
مر حلم
ومر آخر يلون منامات غيري بالأمل
ولا زلت أردد الملل
كل العيون الراصدة
كل المرايا الراعفة
وجوها تحتفي بالمجزرة
مرمت أمامي وكان البحر يمنع عن صنارتي صيد المساء
يمنع عن نوارسي صوت الغناء
لم أرتل صمتي وحدي
هنا آلاف الساكتين
في مزارع الحنين
يقتاتون بالمستحيل
ليقنعوا ترددا يطرق الباب بالابتعاد
ويقنعوا ظلالهم بخطوطهم
علها تشبههم وتبعد عنهم السراب
على هذا الشاطيء المكوي بالهزيمة
زارتني حكايات المدينة
بين أزقة الصمت
وخوف الغرباء
بين لعبة الموت
وصوت البكاء
لم أكن نفسي المشتهاة
كنت امتداد التردد الأحمق
كنت رشفة الخائفين لكأس نبيذ
خوفا من دين يحرم
انعتاق الروح من جسد كئيب
خوفا من حرية تغازل الصوت في يد الجلاد
راودتني طقوس المجزرة
سوداء ...


-حولك آلهة صغار
ولك ملح الهزيمة المكررة
حولك ذاكرة الخشب
ولك صورا ومرايا مكسرة
جئتك لأرى مستقبلي فيك
جئتك باحثا عن نهايات ملاحمي
جبت أصقاع الأرض
لأكتب مستقبلي عندك
وقاتلت نذر الشؤم كلها
علها ترسم غدي أخضر علها ..
جئتك وأنا ماضيك المظفر
وانت مستقبلي المدمر
لم أخن رسالتي لأرتمي في حضن السراب
شكلا آخر للغياب
لم أجادل حنين الحصاد في ذاكرتي
لأرعى عندك اليباس
هباء ....
كل ما اقترفته يداي هباء
كل الحكايات التي قصصتها على أطفالي
عن غد الياسمين المعرش في الذاكرة
عن حلم يداعب وجهة القافلة
إلى واحة مشتهاة
إلى احتمال نهار يملأ الزوايا المعتمة
جئتك ألغي صمتك المؤقت
في المكان المتبل بالصعود
لاوقت آخر للتسكع على رصيف الذاكرة
لاوقت لاقتباس صوت العابرين
لك احتمال الياسمين في دم تموز
لك حنين الخشب لزيت القناديل
ولي حاضرك ...
مرت أعوام سوداء
مرت غيوم بيضاء
وانت تجتر انهزام العطر في ورودك
وأنت تبحر في خيالك
لم تقترف السفر
لتعرف ملح البحر
لم تكن ذلك الفارس على الحصان
تداعب خيال القارءات الجميلات
وتكتب للبعيد ملحمة
آه من زمن البكاء
مرثيات تحوم في المدى
حولك في الصدى
وانت والتردد سواء
افتح بابا للخروخ
وامضي حيث كنت في الحكايات عن غدي
امضي لأستحق ماضيك وحاضري
علني أجد ما خسرته من روما
علني شم زيتها حبيبتي
قتلتها الحرب العمياء
كنت امني النفس بانتصار أزرق
أغان واحتفال شبق
كنت أحلم في منام ضاق على ليلي المخنوق
وقعت في المحضور
وعاديت روما
من يجرؤ على حجب الشمس أحمق
كنت أربي الأمل
وأرسم السهول على خطى أحصنتي
كنت أردد في مواسم الحصاد
أغان لمستقبلي وحاضرك
لم أعلم أن مقصلة الحلم موزونة أكثر
على إيقاع الزمن المشظى في الذاكرة
على غبار الجيوش الفاجرة
لم أعلم أن احتمال الهزيمة أكبر
وان المرايا الحاملة صورنا حجر
كنت أري الأمل في صدور أطفالي
وأرش على خبزهم سكر الحلم
حولهم ولهم ضحكات الضوء
لاوقت موشوم بالبكاء


-وأنت تسرد لي ماضي
تقتنصني ذاكرة الحرب
ربما انت من خسرها
وانا كنت غبارها
ربما طالعتك نذر الشؤم
وانا كنت نارها
أفتش عن قافة قادمة من زمانك
لأعرف هل كنت وحدي الممسوس بالهزيمة
هل كنت وحدي مرمي على ضفة البحر القديمة
أفتش عن رائحة العيد
وأرنو إلى المدى الأزرق
هناك سافرت أحلامي ولم تعد
هناك كنت أمني النفس بالغد
وأنت تعيد علي الحكاية
لا أعلم أضحك أو أبكي
أفرح أو أحزن
أمضي أو أبقى
أنتظر أو أنتحر
أطير أو أغوص
ألملم تفاصيلي أوأنتشر في المدى
باحثا عن رؤية غائبة
باحثا عن لون القمح في جلد الحقول
لا أعلم ما سأقول
خطت السنون ملاحم الحزن في ذاكرتي
وعرشت على جدراني نباتات موسمية
ترعى في الهباء
ربيبة أول الصحارى
ولع العطش المرتد على فضائي وشم وحناء
لم أردد على مسمع المدى هزيمتي لتغتالني حجارة الطريق بصمتها
وترميني منهكا هنا
على شاطئ ما عدت أشبهه
لم أرمي للعواصف ألواني لأبقى رمادي المظهر دون ظل محدد
دون قافية للكلام ..
أنا ابن الساحل السوري
وصلت حدودي نهايات الصحراء
أنا المكبل بالتاريخ
تبعت حدس الملح في جسد البحر
ورنوت إلى نافذة الماضي
حيث أنت ...
حيث جئت ...
حاملا من البعيد اللواء
وأنت تسرد ماضي
لمستني رغبة بالبكاء
هنا سراب
وهناك آخر
هنا غياب
وهناك آخر
وبين الاثنين تردد مسيطر
لا يشبهني وأشبهه
تردد المسافات على صوت أقدام العابرين
تردد المواسم تشتهيها أيدي الحاصدين
وبين الغواية والحكاية
ولدت انعكاسا لغدك
لم أكن كما حلمت
لم أنضج كما رويت لأطفالك مستقبلهم
أنا المرمي على الرمل دون صدى
أنا لون آخر للفناء


-كنت أحلم بأكثر منك
فتحت المدن
شققت البحار
ووصلت أواخر الدنيا
ليصير حاضرك أفضل
وترتمي المعجزة في يد الممكن
غير أن المعجزات تنام عارية دون غطاء
لاوقت للتمني والغناء عدت لأرى
أيمكن أن تصدق نبوآت العرافين ؟
عدت لأرى غدي فيك
وأعلم أن المشتهى
يبقى في حساب الغياب
وأن تموز لم يعد يثر في الأرض الغناء
هنا هباء ..
وهناك بكاء
كل ما يمكن
غرق في البحر
والماء ..
يبقى ماء...



#حسام_سلمان_بركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موجة أخرى
- على حافة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام سلمان بركي - زيارة فينيقي إلى شرق المتوسط