أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - الى الرئيس المصري القادم ...














المزيد.....

الى الرئيس المصري القادم ...


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 15:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




* إذا تأملنا واقعَ المجتمعاتِ المتقدمةِ على سطحِ الكرةِ الأرضيةِ اليوم فسنجد أننا أمام مجموعتين من الدولِ والمجتمعاتِ . مجموعة بلغت ما بلغته من تقدمٍ عبر رحلةٍ طويلةٍ من التطوراتِ السياسيةِ والإقتصاديةِ والإجتماعيةِ والثقافيةِ أعقبت قيام هذه المجتمعات بفصل المؤسسات الدينية ورجال الدين عن إدارةِ الحياةِ والمجتمعِ ، ويمكن ان نطلق على هذه المجموعة تسمية "الطهي البطئ للتقدم" إذ ان عمليةَ التنميةِ السياسيةِ والإقتصاديةِ والإجتماعيةِ والثقافيةِ قد إستغرقت عدة قرونٍ. أما المجموعةُ الثانية فتضم الدول والمجتمعات التي إنتقلت من التأخرِ والتخلفِ للتقدمِ عبر العقود الخمسة الأخيرة. وكنت في محاضراتي عن تقنيات الإدارة الحديثة أطلق على تلك المجموعة مسمي دول "الطهي السريع للتقدم".
ولا يختلف إثنان عن الأدواتِ التي استعملت في عمليةِ الطهيِ السريعِ للتقدمِ كانت جدَ مختلفة عن أَدواتِ وآلياتِ بلوغِ التقدم في دولِ ومجتمعاتِ المجموعة الأولى. فبينما جاء التقدمُ في دولِ ومجتمعاتِ الطهي البطئ كثمرةٍ لجدليةِ الصراع داخل تلك المجتمعات: الصراع بين الثيروقراطية والعلمانية ، الصراع بين من عرفوا باليمنيين ومن عرفوا باليساريين ، الصراع بين المحافظين والتقدمين ، وأخيراً صراع الأفكار بشتى صور هذا الصراع. أما في المجتمعاتِ التي سميتُها بمجتمعات الطهي السريع للتقدم فقد كانت "تقنيات الإدارة الحديثة" هي القاطرة التي سحبت تلك الدول والمجتمعات من عوالم التأخرِ والتخلفِ لأفاقِ التنميةِ والتقدمِ : سياسياً وإقتصادياً وثقافياً وإجتماعياً وتعليمياً.

وبينما قاد مجتمعات الطهي البطئ ساسة تقليديون ، فإن مجتمعات الطهي البطئ قد قادها رجالٌ (أو نساءٌ) يمكن ببعض التعميم الزعم بأن أقل قليلاً من نصف تكوينهم "سياسي" أما باقي التكوين فهو "إداري".
فكل تجارب الطهي البطئ كان فيها قادة المجتمع مثل لي كوان يو رائد نهضة سنغافورة الذي يصح وصفه بأنها كان "مديراً وسياسياً". وهو ما تكرر في كل تجارب الدول والمجتمعات التي أنجزت طفرة كبرى خلال نصف القرن الأخير مثل تايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا والعديد من دول أمريكا اللأتينية ، وكلها كانت في حالات من التردي الإقتصادي والإجتماعي والتعليمي لا يختلف كثيراً عن أحوال مصر الراهنة.
لذلك فإنني أشعر بغير قليلٍ من الإحباط عندما أرى عدداً من المثقفيين المصريين يقولون كلاماً يتعلق بشخص ومواصفات شخصية الرئيس القادم بمصَر بمعزل عن تلك الرؤية التاريخية التي بسطتها آنفاً. فمصرُ اليوم تحتاج أول ما تحتاج لقائد حازمٍ وحاسمٍ يستطيع ان يتعامل مع مشكلات الأمن أو بالأحرى اللأ - أمن المتفشية في المجتمع المصري. على ان يكون هذا الرئيس مدركاً أن تعامله مع تحديات الأمن سيكون بلا معنى إن لم يواكبه عملٌ دؤوبٌ وفق تقنيات الإدارة الحديثة في كل مجال من مجالات الحياة في مصَر: السياحة ، الصناعة ، التجارة ، الزراعة ، التعليم ، المرور ، الإستثمار ، التدريب ، خلق وظائف عمل حقيقية ...ألخ. فتحقيق الأمن الذي لا تسير بمحاذاته عملية تنمية إقتصادية شاملة وثورة في مجالات التكوين والتعليم والتدريب سيعود بنا حتماً للحظات الإنفجار.
ومن الضروري أن يكون الرئيس القادم مؤمناً ان معظم الذين شغلوا المناصب والمواقع القيادية في مصَر خلال نصف القرن الأخير كانوا يفتقدون ويفتقرون للقدرات القيادية/الإدارية التي بدونها لا تحدث النهضة المنشودة. ولا شك عندي ان إختيار معظم القيادات في الماضى القريب من الدوائر الأكاديمية كان من أهم أسباب فشل الحكومات المتوالية. فالمؤسسات العالمية الكبيرة يسودها حذرٌ كبيٌر من الأكادميين عندما يتركوا مجالتهم الأصلية (الأكاديمية) ويتبوؤن موقعاً قيادية / وزارية / تنفيذية . فجلهم لا يتحلى بالقدرات الإدارية التنفيذية. بل وأرى ان معظمهم يتحلى بنقيضها وعكسها. ويعلم أصحاب الخبرة في العمل القيادي / الإداري / التنفيذي اننا لو خيرنا لقلنا إننا لا نريد في المواقع القيادية استاذ جامعياً او مثقفاً كبيراً وانما نفضل أشخاصاً لهم سجل في الإنجازات الإدارية ويشهد لهم ماضيهم بالقدرات القيادية مع تكوين ثقافياً يسمح لهم بالمشاركة في تنفيذ ما يصبو له المجتمع من تنمية وتقدم ونهضة. وهنا ، فان اصحاب الخلفية العسكرية يكونون أكثر كفأة من طائفة المدرسين.
وبنفس القدر من الأهمية فإن على رئيس مصر القادم ان يتأمل التجربة البائسة لتزاوج السلطة والمال خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. فتلك العصبة (أوليجاركيا) التي عربدت في الواقع المصري خلال سنى حكم الرئيس السابق حسني مبارك كانت من أهم أسباب الإنهيار والتدهور والمظالم والبؤس والفقر والفساد الذين أوصلوا مصر للحظة الإنفجار منذ ثلاث سنوات. بل وأجزم ان الرئيسَ القادم لمصَر سيواجه محاولات مستميتة من تلك العصبة للعودة لكل أو بعض المواقع التي بلغوها قبل سقوط عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك . ان من حق رجال الأعمال أن يستمع الحكمُ لهم وان يبذل كل ما يستطيع لخلق بيئة عمل وإستثمار أفضل لهم وللمجتمع ، ولكن ذلك لايمكن ان يعني مشاركتهم في الحكم كما حدث أثناء العهد الكارثي للجنة السياسات قبل سقوط الحقبة المباركية. فوجود مسافة بين الحكام ورجال الأعمال شرط رئيسي للحكم الرشيد.
· ان المشاكل التي سيكون على حاكمِ مصَر القادم التعامل معها كبيرة وعديدة ومتشعبة ومتجذرة في تاريخنا وواقعنا. ولكن التعامل معها بالعلم وتقنيات الإدارة الحديثة سيؤدي حتماً لإصلاح وتنمية وتقدم وتطور بما يسمح لمصر بأن تحقق هدفيها الكبيرين : الإستقرار والإزدهار.
وأختم بتكرار المقولة المعروفة ، وهي ان من يريد ان يقوم بحلِ عددٍ من المعضلات فإن عليه ان يدرك ان من كانوا من أسباب حدوث تلك المعضلات لايمكن ان يشاركوا في حلها ، وان تجاوزهم هو شرط لازم لإحداث التقدم المنشود.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء لكل مصري يؤمن بالدولة المدنية ...
- حوارات مع الإسلاميين (1).
- تعليقات على مجريات الأمور فى أم الدنيا ...
- طلعت -نجد- علينا !!!!
- مقدمة كتاب الدكتورة سعاد السباعي عن الثورات العربية.
- ست دانات لندنية ...
- المجتمع المتأسلم بين -الظلام- و -ثقل الظل- !
- هوامش ... على دفتر الفيس بوك.
- العقل ذو البعد الواحد ...
- -الربيع العربي- (!؟) فى الميزان ...
- لو كنت -بهائيا- فى مصر !
- كراهية أمريكا : لماذا ؟
- مقدمة كتاب -سجون العقل العربي- تأليف طارق حجي (الطبعة العربي ...
- هوامش لندنية ...
- مصر ، والصراع الحتمي
- كنت اليوم فى ميدان التحرير (27 نوفمبر 2012).
- نظرات ... وعبرات !
- ذبح القانون فى مصر - تعليق على إعلان 22 نوفمبر 2012 الدستوري
- هوامش على دفتر الإنحدار ...
- أضواء ... على أنواء !


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - الى الرئيس المصري القادم ...