زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1240 - 2005 / 6 / 26 - 09:05
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حين التقينا للمرة الاولى أثناء عملنا القضائي في الموصل لمحت في عينيك مرارة الدنيا وحزن الفقراء ، وكنت متباهياً بأنتسابك الى فقراء الموصل ، فقد خرجت لنا من بين أزقة باب البيض وباب لكش وباب الجديد والنبي شيت ، ولمحت في هدوئك وبساطتك طيبة اهل الموصل وأصالتهم وكرمهم الذي يعرفه من يعاشرهم بصدق .
حين التقينا للمرة الأولى بعد تعيينك قاضياً في الجانب الأيسر من محاكم الموصل لمحت ليس فقط علمك القانوني وفهمك للنصوص والتزامك جانب العدالة والحق ، فقد عرفت فيك خصال الخلق والتربية العالية والتواضع الجم والى جانب ذلك أحترامك الشديد لمهنة أخوتك المحامين مما جعلك تتوسط قلوبهم زميلاً عزيزاً وقاضيا عادلاً وحقوقياً أصيلاً .
ياسالم البدراني يا ابن المحلات الشعبية والمدينة الطيبة التي انجبت الطيب والعبق والمروءة والشهامة ، نتباهى بك ان تصير قاضياً نافذاً في وسط محنة العراق .
وجدتك كما انت حين قرر الطاغية أن يسلبني مركزي الوظيفي وعملي القضائي وشهادتي القضائية العالية ، فلم تتعال ولم تتنكر ولم تتزحزح عن مبادئك والتزامك المهني والأنساني .
كنت ولحد لحظتك الأخيرة تجسد الألتزام لدى الأنسان ، وأصالة العراقي وخلق الموصلي الحقيقي ، فكان لابد ان يقتلوك ياسالم .
كانوا يحثون الخطى لقتل كل القيم العراقية فتسابق القتلة يحرضون بصيحات من افواههم العفنة بالرصاص وبالقلم بكلمات لاتقل عفونة وبذاءة ، وبالصراخ لابد ان تموت وأن يقتل امثالك من اهل العراق الممتلئين عراقية ووطنية وتطلعاً نحو عراق يضمن الكرامة والخبز لكل الفقراء .
كان لابد ان نفقدك ياسالم بعد ان تكاتف المنبوذين والسفاحين والمهووسين والمحرضين والسفلة وسقط الرجال والغادرين والأشباه التي تعمل في الظلام والتي تخفي وجوهها من انفسها .
قتلوك ياسالم البدراني وأدري أن نعلك اطهر من أطهرهم وأشرف من كبيرهم .
لم تخسر شيئا ياسالم فكلنا نموت ولكنك ربحت الدنيا حين خسرها القتلة الملثمين ، وربحت الأخرة حين خسر شذاذ الافاق ونطيحة العرب الاخرة . قتلوك ياسالم فخسر الفقراء قاضيا وأنساناً وخسرت الأسرة القضائية في العراق عموداً يجسد خلق القضاة الأوائل .
شهيداً للعراق أسوة بما سبقك من رعيل شهداء القضاء العراقي في الموصل أسماعيل يوسف صادق ويوسف خورشيد وعادل الحديدي .
نرسم بدمك ودماء اخوتك الخالدين مستقبلنا الديمقراطي والفيدرالي .
وستبقى الموصل تعطي من رجالها الصامدين بوجه القتلة والمنحرفين
ستبقى في الضمير أبداً ياسالم البدراني !!
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟