أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم اعا - بنزكري مول














المزيد.....

بنزكري مول


كريم اعا

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 16:25
المحور: الادب والفن
    


موعد له متيموه، مناصروه، رواده ومتطفلون تعرفهم من مشيتهم ونظراتهم.
الجميع يعرف أن موسم الحج يبدأ في صباح كل يوم أحد، وينتهي مع اقتراب شمسه من الانكفاء.
محطات السيارات الكبيرة تعج بالمريدين.
يأتون من كل أنحاء المدينة فرادى وجماعات.
يشدون الرحال من المدن والدواوير المجاورة.
جميع الساحات المحيطة بالمول تنبت شبانا وشيوخا بواقيات برتقالية، صفراء وزرقاء، أو بصفارات بلاستيكية تصدر صريرا مزعجا.
جلبة تغطي المكان، وتجعل الداخل إليه يحس أنه ولج عالما فريدا وعجائبيا.
سلع مهربة تجاور مواد أتعبت أصحابها قبل أن تأخذ مكانها على أفرشة مترهلة أو قطع بلاستيكية خاضت حروبا ضروسا مع الأتربة والأوحال وأشعة الشمس الحارقة.
نساء بسحنات متنوعة.
نحيفات ومكتنزات.
طويلات وقصيرات.
بعضهن يدفع عربة يدوية يختفي داخلها طفل صغير، يلهو بلعبة مطاطية رديئة.
أخريات يصارعن التيار البشري الجارف حفاظا على صغار أصروا على التنسك بالمكان.
أمهات يصرخن في وجه صبية يتشبثون بعربة بائع حلويات يتفنن بسقيها بماء محلى يتدفق من قنينة ماء معدني مستعملة.
رجال ونساء بأجسام ممتلئة يتمايلون كدببة برية.
زوار تعلو محياهم علامات البؤس والتوتر والغليان وقلة ساعات النوم.
بعضهم ينفث دخان سيجارة رخيصة في أقفية من يسيرون أمامه.
بعضهم لا يفارق يد زوجة لا تتوقف عن الكلام وعن الحركة بيد تحمل محفظة نقود رخيصة.
بعضهم يمعن في التعبير عن فحولته أمام أنثى مغلوبة على أمرها.
أب يصرخ في وجه أبنائه: "حذار من إفلات بعضكم البعض. فلا وقت أضيعه للبحث عن من يتيه منكم".
عجيب كيف يتحول العطف الأبوي جسرا سالكا لممارسة العنف بأبهى صوره.
وأنا أتجول في هذا المول المفتوح، الذي يصحو كل صباح أحد، أذهلتني كمية المواد المستعملة التي يستهلكها المغاربة.
ملابس، أحذية، لعب أطفال، أدوات منزلية، كتب، دراجات، حواسيب، أقراص مضغوطة، هواتف، قطع غيار ...الخ.
لقد استطاع الحكام أن يجعلوا مغاربة بوزكري مول يعيشون العولمة بكل قذارتها، ويلتمسون العذر لصناعة وطنية متعثرة.
لا أحد يتساءل عن جودة وسلامة ما يعرضه مغاربة العالم لرواد بوزكري مول.
طاولات تعرض رؤوس أبقار وأغنام.
مغاربة بوزكري مول يتلذذون في اقتناء الألسن والأمخاخ والقوائم.
ديكة رومية، كاملة أو مجزأة، تتناثر على قطع خشب منتفخة.
في أحد أطرافها طفل يصارع مطحنة يدوية ترمي لحما مفروما في إناء بلاستيكي، وبجانبه كهل يزيل بسكين ما علق من لحم بكومة العظام المتراكمة بين يديه.
في إحدى زوايا المول تدغدغ رائحة الدجاج، التي تملأ المكان، حواس كل مار من هنا .
دجاج يذبح ويرمى في براميل بلاسيكية، قبل أن يغطس في مياه لا تتوقف عن الغليان وعن تركيز لونها المشبع بالدم وما علق بريش الطيور من قاذورات.
امرأة تصرخ في وجه طفل ذا عينين غائرتين وتستعجله بنزع ريش دجاجتها.
كان المسكين يكابد المياه الساخنة التي بللت كسوته المتواضعة، ويرمي أحشاء الدجاج في عربة يدوية تحتفظ ببعضها وتسقط الباقي على الأرض الموحلة.
قطط سمينة تحوم حول العربة بعيون نصف مفتوحة.
ما يميز بوزكري مول عن غيره من المولات هو الشفافية في عرض ما يزخر به من معروضات. فلا مكان لسراديب تخفي البضائع الفاسدة، ولا مكان لشركات نظافة خاصة لتلميع المكان.
إذا كانت المدن تفتخر بمعارضها ومولاتها، فإن مغاربة بوزكري يتباهون بمولهم صاحب الشهرة الواسعة والحجيج الأوفياء.
قد تمطر السماء، أو تعصف الرياح، أو تطلق الشمس ترسانتها، لكن المريدين والمتطفلين دائما في الموعد.
قد تشتري مؤونتك الأسبوعية من وسط بركة موحلة.
قد تشتري مواد منظفة بمقربة حاوية نفايات.
قد تضطر لشراء قطعة خبز من فوق عربة عكراشية.
المهم أن الجميع يغادرون وهم يجرون عربات يدوية، أو يحملون أكياسا بلاستيكية مليئة بما غنموه.
بعضهم يتخلص من مقتنياته في صندوق سيارة خاصة أو سيارة أجرة.
وبعضهم يجتهد ليحقق توازنا يسمح له بإيصال حمولته بأمان.



#كريم_اعا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسيان هو ضيق المساحات التي نخصصها للآخرين في معيشنا اليومي ...
- الإيديولجيا العمالية المقيتة.
- مواجهة الانتهازية مدخل أساسي لمواجهة الاستبداد والاستغلال.
- هل يستقيم منطق الإصلاح وطقوس البيعة والولاء؟
- الجرأة لدى متعلمي البرجوازية.
- النظام التعليمي والثورة.
- الدولة التي نخشى انهيارها.
- الوطنية البرجوازية وتضليل البروليتاريا.
- الزيادة في الأسعار وثورة جياع المغرب.
- فلسطين المقاومة دوما.
- السلطة إما أن تكون شعبية أو لا تكون.
- الرجعية بالمغرب ترمم نفسها.
- درس عدم انسحاب معالي الوزير من الحكومة.
- الثورة ووهم الإصلاح من الداخل.
- حكومة المغرب الرجعية.
- البرجوازيون الصغار المغاربة وشعب مصر.
- دم الشعب المصري يسيل خدمة لأعدائه.
- شعب مصر المكذوب عليه.
- مصر العمال والفلاحين الفقراء.
- الفرق بين الحلم والثورة.


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم اعا - بنزكري مول