خصخصة شركة الاتصالات المصرية و-أبواب الحرية-!!

جهاد عقل
(Jhad Akel)

الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 12:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

خصخصة شركة الاتصالات المصرية و" أبواب الحرية" !!

" أشهر قليلة وينفتح باب آخر من أبواب الحرية والمنافسة التي بدأنا نشهدها في مختلف مجالات الصناعة والخدمات ..." هذا الكلام الحماسي جاء في صدر المقابلة التي أجرتها أسبوعية " الأهرام الاقتصادي " الصادرة يوم الاثنين 20 حزيران 2005 مع المهندس عقيل بشير رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات المصرية بمناسبة بداية خصخصة سوق الاتصالات المصري و" كسر الاحتكار" على حد تعبير الأسبوعية.

وفقاً للشروط التي تطرحها منظمة التجارة العالمية على مختلف الدول الأعضاء ، أن تتم عملية خصخصة مختلف الخدمات التي يقدمها القطاع العام للمواطنين ، بادعاء أن هذا القطاع هو قطاع "إحتكاري" فيه إستغلال للمواطن .
وأن فتح الخدمات إلى المنافسة في القطاع الخاص هو الأنجع .. فيه حماية للمواطن وتخفيض للأسعار . دون الأخذ بعين الاعتبار أن هم القطاع الخاص هو المزيد من الأرباح ...وحلب جيب المستهلك ..حتى لو كان ذلك على حساب لمعان السلعة وسوء الجودة.
المهندس بشير أشار في رده على أحد الأسئلة بخصوص عدم دخول شركات للمنافسة في مجال التليفونات الثابتة أن هذه الشركات المحلية والدولية لم تدخل هذا المجال :" لأن تكلفة الاستثمار مرتفعة للغاية إضافة إلى أن العائد منها قليل..." هنا نجد الجواب الشافي لكل ما يتعلق بالخصخصة ، ألا وهو أن أرباب رؤوس الأموال لا يبحثون عن تقديم خدمات بأسعار معقولة للمواطنين، بل هم يبحثون عن أعلى الارباح بأقل ما يمكن من مبالغ الإستثمار..وضحية هذه المعادلة هم المواطنون ... المستهلكون لهذه الخدمات .

إطلاق شعارات فتح أبواب الحرية أمامنا نحن المستهلكين ، هي مجرد تأجيج مشاعر وإستغلال أساليب تسويق تهدف الى غزو جيوبنا من قبل هؤلاء الرأسماليين الذين يفترسون مشاريع القطاع العام بأسعار زهيدة جداً تدر عليهم الأرباح العالية ...ومن يقوم بإجراء فحص أو مسح لمشاريع خصخصة القطاع العام في كافة المجالات ، يجد أن هذا الأسلوب الاقتصادي لكارتيلات العولمة الاقتصادية يقوم باستغلال الشعوب ..باستغلال المواطنين – المستهلكين ، تحت شعارات فضفاضة تتحدث عن حرية الاختيار والمنافسة ، وسط إغفال حقيقة ثابته ، ألا وهي أن هذه المشاريع تدار في فلك واحد ، فلك الرأسمالية العولمية ، فلماذا تشترط منظمة التجارة العالمية على الدول التي تطلب الانضمام لها ، إنتهاج سياسة إقتصادية وفقاً لأنماط تضعها هذه المنظمة وتقوم بمراقبة تنفيذها ؟؟؟ إذا كان الحديث يجري عن حرية الإختيار والمنافسة وعرض عدة منتجات لسلعة واحدة ، حتى لو كانت في مجال الهواتف أو الإتصالات لماذا لا يتم ذلك ضمن القطاع العام ؟؟؟. نحن نعرف الجواب فالحديث لا يجري عن حرية المنافسة ، بل على فرض نمط إقتصادي واحد ، نمط الرأسمالية التي تقوم باستغلال المستهلك ...فمن يبحث اليوم عن سلع ذات جودة عالية مثلما كانت تلك السلع في الماضي ، لا يجدها ، والسبب في ذلك هو أن المنافسة يجري إستغلالها من أجل إستغلال المستهلك وبالمقابل جني الارباح العالية ، ولينظر كل منّا في المحيط الذي يعيش فيه وإلى كل سلعة يستهلكها ، حتى المواد الغذائية بما في ذلك الخضار والفواكه واللحوم ..كلها تخضع لهذا النمط الرأسمالي الربح أولاً قبل الجودة الحقيقية ،واستغلال "التزوقه"كما نقول بالعامية من أجل كسب المستهلك ونهش ما في جيبه لزيادة أرباح القوى الرأسمالية العولمية والمحلية المرتبطه فيها.

لا نتوخى الخير للمستهلك المصري من فتح "أبواب الحرية والمنافسة " كما جاء في مقدمة المقابلة ، بل سيكون المزيد من الإستغلال للمستهلك ...ليس غير ذلك . وبالمقابل ضرب حقوق العاملين في هذا القطاع وتشغيلهم بدون شروط أو حقوق وبدون إتفاقيات عمل تضمن لهم المستقبل المعيشي الآمن ، حيث تتم عملية قمع لأي نشاط نقابي أو تنظيم لهؤلاء العمال ...هذا ما حدث في كافة المشاريع التي تم خصخصتها في عالمنا الذي يخضع ودوله لإملاءات القوى الرأسمالية ، حيث تستعمل مصطلحات عديدة يتم من خلالها فرض قيود على حرية التنظيم العمالي ومنع العمال من تحسين أجورهم أو ظروف عملهم ...لأن من يتوخى الربح العالي فقط ..يكون ذلك على حساب العمال والمستهلكين على حد ٍ سواْ...لذلك لا بد لنا نحن أبناء الطبقة العاملة والمستهلكين على حدٍ سواء من تشكيل جبهة نضال مشتركة لإفشال مشاريع الخصخصة هذه ...مشاريع الاستغلال في كل مكان ..
ميامي 2005-06-23

#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل