أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبدالحكيم سليمان وادي - ملائمة القانون الوطني الفلسطيني مع قواعد القانون الدولي الإنساني















المزيد.....


ملائمة القانون الوطني الفلسطيني مع قواعد القانون الدولي الإنساني


عبدالحكيم سليمان وادي

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 00:44
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ملائمة القانون الوطني الفلسطيني مع قواعد القانون الدولي الإنساني

من دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة "العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009- نموذجا

د.عبدالحكيم سليمان وادي

الحلقة 12

الفقرة الرابعة: ملائمة القانون الوطني مع قواعد القانون الدولي الإنساني.والمساعدة في النشر والتأهيل.

بالرغم من أن النصوص الدستورية هي التي تجعل للاتفاقيات قوة القانون, متى استكملت إجراءات الإصدار والنشر, فان التطبيق العملي قد لا يلاحق دائماً مقتضى النص الدستوري,لقد زادت الأحداث التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة من الاهتمام بمسألة كيفية تطبيق القانون الدولي الإنساني في إطار المواجهات العنيفة التي نعيشها اليوم,وتحديدا مفهوم الحرب على الإرهاب والحرب التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين,باعتبار العدوان على غزة سنة 2008-2009 نموذجا للحرب المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948,حيث يعترف القانون الدولي الإنساني (قانون النزاعات المسلحة) بفئتين من النزاعات المسلحة هي النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. بينما لا يعترف بشيء أسمة الحرب على الإرهاب,وتشمل النزاعات المسلحة الدولية استخدام دولة للقوة المسلحة ضد دولة أخرى. أما النزاعات المسلحة غير الدولية فتشمل العمليات العدائية بين قوات حكومية مسلحة وجماعات مسلحة منظمة, أو في ما بين تلك الجماعات داخل الدولة. وينطبق القانون الدولي الإنساني حينما تأخذ " الحرب الشاملة على الإرهاب " أحد هذين الشكلين من النزاعات المسلحة, كما تنطبق بعض جوانب قانون حقوق الإنسان الدولي والقوانين الوطنية.
إلا أن القانون الإنساني لا يطبق عندما يُستخدم العنف المسلح خارج سياق أي نزاع مسلح بالمعنى القانوني له, أو عندما يُحتَجز شخص مشتبه في ارتكابه أنشطة إرهابية ولا علاقة لاحتجازه بأي نزاع مسلح. ويكون الحكم في هذه الأحوال للقوانين الوطنية والقانون الجنائي الدولي وقوانين حقوق الإنسان.
أما مسألة أن يكون النزاع المسلح الدولي أو غير الدولي جزءاً من " الحرب الشاملة على الإرهاب " فهي ليست مسألة قانونية, بل سياسية. ولا يعني استخدام مصطلح " الحرب الشاملة على الإرهاب " توسيع نطاق تطبيق القانون الإنساني ليشمل جميع الأحداث التي تقع ضمن هذا المفهوم, بل يقتصر التطبيق على الأحداث التي تتضمن نزاعاً مسلحاً.51

وللإشارة تنص المادة 80 من البرتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 والمتعلقة بإجراءات التنفيذ على التالي: 1- تتخذ الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع دون إبطاء كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ التزاماتها بمقتضي الاتفاقيات وهذا أللحق (أي البرتوكول).
2-تصدر الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع الأوامر والتعليقات الكفيلة بتامين احترام الاتفاقيات وهذا اللحق (البرتوكول) وتشرف على تنفيذها.

وقبل توضيح هذا النص يجب تسجيل رائينا الخاص والمتواضع في انتقادنا لكلمة أطراف سامية باعتبارها تميزا عنصريا,تمييز بعض الدول نفسها عن باقي الدول الأخرى بأنها سامية والأخرى مستوي ادني منها وهذا ما يسمي بالانحطاط الفكري والخبث أثناء صياغة هذه النصوص ضمن كافة الاتفاقيات التي تستخدم مصطلح كلمة الأطراف السامية,باعتبار أن كافة الدول تخضع إلي مبدأ المساواة أمام القانون وهذا ما نص علية ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية.

وبالعودة إلي المادة 80 من البرتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 يمكن ملاحظة أن النص يفرض التزام ذو شقين,يتجلي الشق الأول في انه يقع على عاتق الدول بشكل مباشر بان تحترم قواعد القانون الدولي الإنساني أبان النزاعات المسلحة التي تكون طرفا فيها,وأما الشق الثاني يتجلي في مضمونة أن تتخذ هذه الدول جميع الإجراءات الضرورية لكفالة احترام قواعد هذا القانون,وذلك بمقتضي نقل هذه القواعد إلي القانون الداخلي طبقا للإجراءات الدستورية في كل دولة,وان تعمل على أن تحترم كافة أجهزتها الداخلية تلك القواعد.

ولا يخفي علينا أن تنفيذ هذا الالتزام على هذا النحو سيحقق الفعالية المطلوبة للقانون الدولي الإنساني على ارض الواقع مما سيوفر الحماية المقررة للأعيان المدنية.وللإشارة فان تنازع القوانين في ملائمة بين القانون الوطني والقانون الدولي يخضع إلي نظريتين وهما:
-نظرية ازدواجية القوانين والتي تقضي بان كل من القانون الدولي والقانون الداخلي الوطني هما منفصلين عن بعضهما البعض وهما مستقلين استقلالا ,وأما بالنسبة للنظرية الثانية,وهي نظرية وحدة القانون والتي تقضي بان كلا من القانونين الدولي والوطني الداخلي ينتميان إلي نظام قانوني واحد مع الاختلاف حول القانون الاسمي,هل هو القانون الداخلي (في المجال المحفوظ) أم هو القانون الدولي الذي يسمو على القوانين الوطنية.مع العلم أن الدول قد اختلفت في طريقة الأخذ بهاتين النظريتين وفقا لاختلاف الدساتير الوطنية لكل دولة على حدي,مع التأكيد أن اغلب الدول الديمقراطية والأوروبية وتحديدا دول البين ليكس (أصحاب الأرض المنخفضة) بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ قد أخذت بنظرية سمو القانون الدولي على القانون الوطني.حيث وفي التعديل الأخير لسنة 1963 في الدستور الهولندي فقد أقرت في دستورها انه يمكن لمعاهدة التي تعقدها هولندا أن تخالف الدستور,ويمتنع على المحاكم الهولندية أن تعلن عدم دستورية المعاهدة ,وتسمو المعاهدة من باب أولي على التشريعات الداخلية اللاحقة لها والسابقة عليها. 52

أما بالنسبة إلي القانون الأساسي الفلسطيني وموقفة من هاتين النظريتين,فان دولة فلسطين ما زالت في طور البناء (دولة فتية)ولم يتبلور حتى الآن الدستور الفلسطيني بشكله النهائي,وبالتالي يبقي رهين تنفيذ الاتفاقيات الدولية المبسطة التي يوقع عليها رئيس دولة فلسطين,في ظل استبعاد المصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تتطلب تنفيذ نصوص الشروط الدستورية في القانون الأساسي وموافقة المجلس التشريعي عليها.

من هنا يتجلي جهود الدول وتحديدا دولة فلسطين في ضرورة ملائمة تشريعاتها الوطنية في المجال المحفوظ مع قواعد حماية الأعيان المدنية,حيث ستتحمل دولة فلسطين بصفتها طرفا في الاتفاقيات مجموعة من الالتزامات تقوم بتنفيذها من خلال إصدار تشريعات داخلية تمنع بها وتقمع الانتهاكات الإسرائيلية أثناء إي عدوان خارجي عليها,عبر حسن التطبيق لقواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد حماية الأعيان المدنية الفلسطينية,ولعل أهم خطوة تقوم بها دولة فلسطين,إضافة لباقي الدول الأطراف هي اخذ التدابير التشريعية الداخلية التي تتجلي عبر التالي:

- مصادقة دولة فلسطين على الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 ولبرتوكوليها الإضافيين لسنة 1977.
- سن قوانين ولوائح تكفل تطبيق اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949,وذلك بالنظر إلي نص الاتفاقيات الأربعة في المواد 48-49-128-145 بهذا الترتيب والتي تنص على أن تسعي الأطراف في هذه الاتفاقيات إلي سن تشريعات وقوانين داخلية تضمن حسن تنفيذها على المستوي الداخلي للدولة.
- لا بد من سعي دولة فلسطين إلي سن تشريعات جنائية تحدد عقوبات جزائية مناسبة في حالة الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني.مع مراعاة مشكلة الانقسام,وعدم عمل المجلس التشريعي الفلسطيني بشكل مؤقت.
- سن تشريعات لمنع وقمع إساءة استخدام الشارات والعلامات المميزة في جميع الأوقات,وتحديدا منع استخدام سيارات الإسعاف من طرف فصائل المقاومة الفلسطينية أثناء النزاع المسلح.
- ملائمة القانون الداخلي الفلسطيني مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية,بعد المصادقة الفلسطينية على اتفاقية روما لسنة 1998 والانضمام كعضو لهذه المحكمة. مثال إلغاء حكم الإعدام الذي يتعارض مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.53

أن فكرة اتخاذ التدابير التشريعية الفلسطينية تقوم من منطلق كون هذه المعاهدات الدولية لا تجرم الفعل أو السلوك الذي تنتهي القيام به,فهي (لا تنشئ جرائم دولية) نظرا لانعدام تحديد العقوبة في المعاهدات الدولية,لذلك فهي تتطلب صراحة من دولة فلسطين أن تقوم بوصف :
الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الإنساني,بمثابة جرائم حرب في إطار قوانينها الداخلية للعقوبات.(القانون الجنائي الفلسطيني) أو قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي ,حتى يتثني ملاحقة ومعاقبة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية بعد الانضمام لها,أو محاكمتهم داخل المحاكم الوطنية الفلسطينية بعد الاستقلال التام وسقوط بنود اتفاقية اوسلوا التي تمنع محاكمة أي مواطن أو مستوطن يهودي داخلها.


وبالعودة إلي اتفاقية لاهاي لسنة 1954 المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية زمن النزاعات المسلحة نجدها تؤكد على ذلك من خلال المادة 28 منها : تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بان تتخذ في نطاق تشريعاتها الجنائية كافة الإجراءات التي تكفل محاكمة الأشخاص الذين يخالفون إحكام هذه الاتفاقية أو الذين يأمرون بمخالفتها وتوقيع جزاءات جنائية أو تأديبية عليهم مهما كانت جنسياتهم.

ومثال على ذلك,تعتبر دولة قطر العربية من الدول التي سعت جاهدة إلي تكييف قانونها الداخلي مع التزاماتها الدولية في هذا المجال,فقد نصت في عقوباتها الداخلية الصادرة بتاريخ 1971 تحت رقم 14 على ضرورة تحديد المناطق الحربية من خلال المادة 78 والتي نصت على أن : للقائد العام أن يصدر من وقت لأخر امرأ يعلن فيه اعتبار أية منطقة حربية,ويجب أن يبين في كل أمر حدود هذه المنطقة,وان ينشر بطريقة تحقيق إبلاغه إلي من يعنيهم الأمر,كما يجب بيان حدود المنطقة الحربية بواسطة لافتات للتنبيه في الطرق والمداخل المؤدية إليها.54

فهذه المادة تعد إقرارا لمبدأ التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية,كما أن هذا القانون اقر حماية للأعيان والممتلكات الثقافية,وذلك بنص المادة 306 من القانون القطري التي تحظر كل تخريب أو إتلاف أو تدنيس لاماكن العبادة أو إي شئ يعتبر مقدسا لدي إي طائفة من الناس,وكذلك المادة 80 التي تنص على ضرورة معاقبة كل من يقلد رموز القوات المسلحة أو إشارات الحماية المقررة وفقا للاتفاقيات الدولية.وهناك العديد من الدول مثل : الأرجنتين واستراليا والصين ويوغسلافيا سابقا التي نصت ضمن قوانينها التشريعية المقرة لحماية الأعيان المدنية بان إي مهاجمة لهذه الأعيان المدنية يعتبر جرما معاقب علية قانونيا.55

وللإشارة فان القانون العسكري السويسري المؤرخ في 13-06-1927 قد خصص فصلة السادس للإشارة للانتهاكات المقترفة ضد القانون الدولي في نزاع مسلح,حيث نصت المادة 109 منه على التالي: يعاقب بالحبس كل من يخالف أحكام الاتفاقيات الدولية بشان إدارة الحرب وحماية الأشخاص والأعيان أيضا,وكل من يخرق قوانين وأعراف الحرب الأخرى المعترف بها ما لم تطبق علية أحكام أكثر صرامة,وفي الحالات الخطيرة,تكون العقوبة السجن مع الأشغال الشاقة.56

وفي محاولتنا المتواضعة فقد سعينا جاهدين للاطلاع على الأدلة العسكرية الفلسطينية لمحاولة مقارنتها مع قواعد القانون الدولي الإنساني المقررة لحماية الأعيان المدنية الفلسطينية وفق هذا القانون,ولكن وللأسف لم نستطع الحصول على إي نوع من المعلومات,بل يكاد يكون هذا الجانب معدوم وغائب عنهم,حيث تم تبرير هذا الأمر بان السلطة الفلسطينية الوطنية تحتكم للقوانين الثورية العسكرية.

النشر والتأهيل
من هنا يجب الإشارة إلي ضرورة المساعدة في النشر والتأهيل عبر الخطوات التالية:
في البداية يجب التأكيد على قاعدة قانونية مهمة وهى : لا يعذر الشخص بجهله للقانون.وعلية فان عملية النشر تعد عملية هامة نظرا لأهمية قواعد القانون الدولي الإنساني التي من خلالها يتم توفير حماية للأعيان المدنية الفلسطينية زمن النزاعات المسلحة.
وبالتالي يجب الالتزام بنشر قواعد القانون الدولي الإنساني وذلك نظرا لما ينحسر علية الجهل بها من انتهاكات كبيرة تؤدي إلي خسائر كبيرة في الأرواح والأعيان المدنية على حد السواء,ونظرا لخطورة الجهل بقواعد القانون,فقد نصت اتفاقياته المتعاقبة على ضرورة نشرها على أوسع نطاق ممكن,وقد ورد الالتزام بالنشر لأول مرة في اتفاقية جنيف لسنة 1906 المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضي من أفراد القوات المسلحة في الميدان وذلك من خلال المادة 26 منها,كما تم النص على هذا الالتزام من خلال اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 وذلك من خلال مواد متطابقة المضمون,وهذه المواد هي : 47-48-127-144 من الاتفاقيات الأربعة بهذا الترتيب,حيث تنص على التالي : تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بان تنشر نص هذه الاتفاقية على أوسع نطاق ممكن في بلدانها في وقت السلم كما في وقت الحرب,وتعهدت بصفة خاصة بان تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري و المدني إذا أمكن.57

وهذا ما ينطبق بالضرورة على دولة فلسطين بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها قواعد القانون الدولي الإنساني معروفة لجميع السكان الفلسطينيين,وعلى الأخص القوات المسلحة الفلسطينية مثال قوات الأمن الوطني الفلسطيني وجهاز الشرطة والدفاع المدني ...الخ وأفراد الخدمات الطبية والدينية والهلال الأحمر الفلسطيني.

وللإشارة لم يغفل البرتوكوليين الإضافيين لسنة 1977 بالإشادة بهذا الالتزام من طرف الدول,فقد نص البرتوكول الأول لسنة 77 ومن خلال المادة 83 على : تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بالقيام في زمن السلم وكذا أثناء النزاع المسلح بنشر نصوص الاتفاقيات ونص هذا اللحق (البرتوكول) على أوسع نطاق ممكن في بلادها,وبإدراج دراستها بصفة خاصة ضمن التعليم العسكري وتشجيع السكان المدنيين على دراستها حتى تصبح هذه المواثيق معروفة للجميع بما فيهم المدنيين والقوات المسلحة.

أما البرتوكول الإضافي الثاني فقد أشار لهذا الموضوع من خلال المادة 19 منه والتي نصت على التالي:
ينشر هذا البرتوكول على أوسع نطاق ممكن .وللعلم تعتبر المادة 19 هي السباقة في الإشارة إلي القواعد المتعلقة بالنزاعات المسلحة الداخلية غير الدولية,وذلك من خلال المادة الثالثة المشتركة. 58
كما لم يغيب هذا الالتزام عن اتفاقية لاهاي لعام1954 والمتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية زمن النزاعات المسلحة وذلك من خلال نص المادة 25 منها.

كما لم تتواني الجمعية العامة للأمم المتحدة في اتخاذ قرارات تحث على ضرورة التزام الدول بنشر قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بالنزاعات المسلحة سواء كانت الدولية أو الداخلية غير الدولية,ومن أمثلة هذه القرارات التالي: القرار رقم 3032/27 لسنة 1972 وأيضا القرار 3102/ 28 لسنة 1973 والقرار رقم 32/44 لسنة 1977. مرجع رقم 59
من هنا وبناءا على ما سبق أعلاه يتضح لنا ضرورة وإلزامية نشر قواعد القانون الدولي الإنساني على أوسع نطاق,مع العلم أن عملية النشر ليست سهلة وبالتأكيد ستستغرق مدة طويلة وبالتالي فان الجهات المستهدفة من عملية النشر هي القوات المسلحة أولا وثم المدنيين ثانيا,لا سيما وان القانون الدولي الإنساني يحتوي على عدد كبير من القواعد التي توجب على المقاتلين إتباعها في ساحة المعركة,مثل قواعد المتعلقة بعدم توجيه الأعمال الانتقامية ضد الأعيان المدنية وضرورة تميزها عن الأهداف العسكرية وقاعدة حظر استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ...الخ

إن معرفة هذه القوات المسلحة بقواعد القانون الدولي الإنساني تعتبر شرط مسبق لاحترامه وتنفيذه وبعبارة أخري فان وفاء العسكريين بالتزاماتهم تتطلب أن يكونوا على علم بهذه الالتزامات في زمن السلم وقبل زمن الحرب,إذ لا يكفي أن يعرف المقاتل كيف يحمل السلاح وكيف يستخدمه,بل ينبغي أن يعرف كذلك ماذا يفعل به وما لا ينبغي أن يفعل به,ولا يكفي في عملية النشر تعريف العسكري بالقواعد العسكرية وبواجباته فقط,بل لا بد من مساعدته على إمكانية تحكيم العقل والضمير أثناء القيام بالعمليات العسكرية,وذلك بترجيح القواعد الإنسانية.60

وعلية فان النشر في الأوساط العسكرية لا بد وان تدريس قواعد القانون الدولي الإنساني داخل القوات المسلحة,فالنسبة للضباط الصغار,فأنهم يحتاجون للمعرفة على الصعيد النظري إلي اتخاذ القرارات وإصدار الأوامر وإدارة المعارك بروح تنبع من احترامهم للقانون الدولي الإنساني وتطبيق أهم مبادئه الأساسية.61

إما بالنسبة إلي الجهات المساهمة في عملية النشر لقواعد القانون الدولي الإنساني بجانب الدول التي تعهدت بالنشر والتعريف بهذه القوانين وضمان احترامها في الأوساط العسكرية والمدنية معا,نجد الدور الفعال إلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر ,وكذلك الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

فقد نصت توصية اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المؤتمر الدولي الرابع والعشرين 24 المنعقد في مانيلا لسنة 1981 على ضرورة سعي الدول لإنشاء لجان وطنية تعمل على نشر قواعد هذا القانون محليا,كما تم التأكيد على هذا من خلال المؤتمر الدولي الخامس والعشرين 25 للصليب الأحمر المنعقد في مدينة جنيف لسنة 1986.وللإشارة يخضع شكل وهدف هذه اللجان للدول أثناء تشكيلها وتتميز هذه اللجان بعدة خصائص منها :
- تقيم القانون الوطني في علاقته بالالتزامات المترتبة عن الاتفاقيات الأربع لجنيف سنة 1949 وللبرتوكولين الإضافيين لسنة 1977 ولباقي الاتفاقيات الدولية التي تخص القانون الدولي الإنساني.
- أن تكون اللجنة في وضع يمكنها من تقديم توصيات حول تنفيذ القانون الدولي الإنساني والعمل على ضمان تطبيقه.
- أن تقوم اللجنة بدور هام في تشجيع نشر القانون الدولي الإنساني,وان يكون أعضائها قادرين على أعداد دراسات واقتراح الأنشطة المساعدة لتعميم هذا القانون على كافة شرائح المجتمع.
وتتألف هذه اللجان المسئولة عن نشر قواعد نشر القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني من ممثلي الوزارات والجهات المعنية بتنفيذ هذا القانون,ويستحسن أن يستغل ممثلوا الوزارات مواقعهم لتمرير التدابير التي توصي بها اللجنة ووضعها موضع التنفيذ. 62

وبالإشارة إلي التأهيل : لا يمكن أن نتصور القيام بعملية النشر ستكون من طرف أشخاص عاديين,لذلك فان هذه العملية تحتاج إلي تأهيل العاملين في هذا المجال باعتبارها ضرورة ملحة تتجلي في توفير مستشارين قانونين يسهرون على حسن تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني لدي القوات المسلحة والمدنيين على حد السواء.

وتعتبر فكرة العاملين المؤهلين فكرة جديدة استحدثها البرتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 من خلال المادة 6 منه,وقد جاء النص استجابة لقرار المؤتمر الدولي العشرين 20 للصليب الأحمر المنعقد سنة 1965 والذي طالب بضرورة تكوين مجموعة من الأفراد قادرين على العمل في مجال تنفيذ القانون الدولي الإنساني,وكذلك عبر المؤتمر على أمكانية مساهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تدريب هؤلاء الأفراد,وكانت اللجنة الطبية القانونية لإمارة موناكو,قد أوصت بإنشاء مجموعات من الأشخاص المؤهلين في كل دولة للإشراف على تنفيذ القانون المذكور أعلاه.63


يتبع في الحلقة 13

المطلب الثاني: الآليات الدولية لتنفيذ قواعد حماية الأعيان المدنية.

د.عبدالحكيم سليمان وادي
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية
http://rachelcenter.ps/index.php



#عبدالحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحماية الدولية للبيئة الطبيعية الفلسطينية زمن النزاعات المس ...
- آليات تنفيذ قواعد حماية الأعيان المدنية الفلسطينية
- حظر الأعمال الانتقامية ضد الأعيان المدنية الفلسطينية.
- الحماية الخاصة للأعيان المدنية الفلسطينية زمن النزاع المسلح.
- مراعاة التدابير اللازمة في حال توجيه ضربة عسكرية للأعيان الم ...
- دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاع ...
- دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاع ...
- دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاع ...
- الدبلوماسية في عصر العولمة
- دراسة:المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاعا ...
- البلوماسية الرسمية والدبلوماسية المتعددة المسارات
- دراسة : النظام الدبلوماسي العربي.التفاعلات الاقليمية


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبدالحكيم سليمان وادي - ملائمة القانون الوطني الفلسطيني مع قواعد القانون الدولي الإنساني