أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (11) رجاء النقاش















المزيد.....

مثقفون مع الأصولية الإسلامية (11) رجاء النقاش


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 12:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الناقد الكبير رجاء النقاش (1934- 2008) الشائع عنه اهتمامه بالنقد الأدبى . وأرى أنّ تناول الأعمال الإبداعية من مسرح ورواية وشعر، يضع الناقد أمام عالـَم إنسانى بكل ضعفه وقوته، مزاياه وعيوبه، صراع الجمال والقبح داخل بعض النفوس، باختصار فإنّ الإبداع عالــَم يوَسّع من أفق المـُتعامل معه- سواء بالنقد أو مجرد التذوق- وهذا ما فعله الراحل الجليل رجاء النقاش فى بعض دراساته فى مجال النقد الأدبى ، عندما تناول بعض الروايات ودواوين الشعر والمسرح . ولكنه عندما دخل مجال (الثقافة) خلطها بالأيديولوجيا ، تلك الآفة التى تنزع أوراق التوت عن أى كاتب ، فتكشف توجهاته : هل هو مع المجتمع الذى نشأ فيه وانتمى لخصوصيته الثقافية أم مع ثقافة أجنبية غزتْ ثقافته القومية ؟ ولعلّ أبرز كاشف لهذا التوجه عند رجاء النقاش كتابه (الانعزاليون فى مصر) الصادر عن مكتبة الأسرة 2003عندما قرّر التصدى للتيار المُختلف مع الثقافة المصرية السائدة المُدافعة عن العروبة والإسلام ، أى تيار الدفاع عن خصوصية الثقافة القومية المصرية. واختار من هذا التيار ثلاثة رموز: لويس عوض ، توفيق الحكيم وحسين فوزى ، وقد خصّص أكثر من ثلثىْ الكتاب لأول وبضع صفحات للثانى ولم يذكر الثالث إلاّ فى سطر فى المقدمة.
عتبَ رجاء النقاش على لويس عوض الذى قرن ((الفتح العربى بالفتح الإنجليزى)) (ص75) فكان رد رجاء النقاش ((الفتح الإنجليزى لمصر لم يكن فتحًا وإنما كان غزوًا استعماريًا. أما الفتح العربى فقد شهد المؤرخون أنّ المصريين استبشروا به وساعدوا عليه لتخليصهم من حكم البيزنطيين الذين ظلموا البلاد وامتصوا ثرواتها وفرضوا الضرائب الفادحة على المواطنين ، بينما اتسم الفتح العربى بالمعاملة الإنسانية العادلة للمصريين واحترام عقائدهم وتخفيف الضرائب. والفتح العربى أحدث فى مصر تغييرات حضارية إيجابية كبرى ، لم يُحدثها ما سمّاه لويس عوض باسم الفتح الإنجليزى . فمصر تغيّرت على يد العرب ودخل معظم سكانه فى الإسلام)) (ص79) فهل هذا الكلام يختلف عن كلام أى أصولى إسلامى ؟ وكيف يستشهد بالمؤرخين (بصيغة الجمع) على أنّ العرب عاملوا شعبنا ((بالمعاملة الإنسانية العادلة واحترام عقائدهم)) وهو زعم باطل ، فلو أنه التزم الحياد فكان عليه أنْ يذكر ما كتبه مؤرخون (عرب) عن المعاملة اللاإنسانية مثل الخطاب الذى أرسله عمر بن الخطاب إلى عمر بن العاص وأمره ((بأنْ يختم رقاب أهل الذمة بالرصاص ويُظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضًا ولا يدعوهم يتشبّهون بالمسلمين فى لبوسهم)) (فتوح مصر وأخبارها- ابن عبد الحكم- دار التعاون- عام 74- ص105) ومن المهم التأكيد على أنّ ناشر تلك الرسالة مؤرخ عربى وليس أحد المستشرقين. وفى رسالة أخرى كانت أوامر عمر لعمرو التنبيه على (الرعية) ((فلا يزرعون ولا يُزارعون)) (111) ورغم هذا يكتب عمر لعمرو قائلا ((لعمرى يا عمرو ما تبالى إذا شبعتَ أنت ومن معك أنْ أهلك أنا ومن معى . فيا غوثاه يا غوثا)) فردّ عليه عمر بن العاص بالرسالة التى تعلمناها فى المدارس ونحن أطفال ((قد بعثتُ إليك بعير أولها عندك وآخرها عندى)) وبعد أنْ وعد عمرو بإرسال قافلة أخرى فيها خيرات مصر ندم وقال ((إنْ أمكنتُ عمر من هذا خرب مصر ونقلها للمدينة)) فكتب إلى عمر يعتذر فرد عليه عمر((وأيم الله لتفعلن أو لأقلعنك)) وأمره ((أنْ لا تدع بمصر شيئـًا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلها إلاّ بعثتَ إلينا منه)) فخاف عمرو على منصبه ونفذ أوامر عمر(المصدر السابق- 112، 113) وكتب ابن عبد الحكم أنّ ((عمرو بن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر: من كتمنى كنزًا عنده وقدرتُ عليه قتلته)) (65) وقال أيضًا ((إنْ شئت قتلت وإنْ شئت خمّست وإنْ شئت بعت)) (67) وأ. النقاش الذى كتب أنّ العرب ليسوا غزاة وكان هدفهم تخليص مصر من (الغزاة) الرومان فإنّ أول سؤال سأله عمرو للمقوقس كان عن مقدار الجزية التى يأخذونها من شعبنا ، أى أننا إزاء غزاة جـُدد يطردون الغزاة السابقين من أجل الحصول على الجزية ، بل إنّ عمرو كان صريحًا ولم يُغلف كلامه بأى غطاء كاذب فخيّر المقوقس بين ثلاثة أمور: الإسلام أو الجزية أو القتال (53) وعندما عزله عثمان عن مسئولية جمع المال ليكون مسئولا عن الحرب فقط ، قال جملة تكشف وتفضح كل إدعاءات الأصوليين المسلمين عن (عدالة العرب) إذْ ردّ على عثمان قائلا ((إنا إذن كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها)) (121) وبينما أ. النقاش يرى أنّ (العرب) أفضل من الرومان ، فإنّ د. زبيده عطا التزمتْ بلغة العلم فكتبتْ ((يمكن القول أنّ وضع الفلاح (المصرى) تحت الحكم البيزنطى لم يكن بالوضع المميز، ولكنه لم يكن أسوأ فترات تاريخه ، إذْ ليس بأسوأ من سابقه أو لاحقه)) وذكرتْ أنّ الرومان أصدروا قانونـًا حقق العدالة فى الجباية)) وذكرتْ أنّ المصريين خلال الحكم العربى لم يكن لهم حق الانتقال من مدينة إلى مدينة إلاّ بتصريح . وأنّ عمر وبّخ عمرو ((على نقص مقدار الجباية عن العهود السابقة)) (الفلاح المصرى بين العصر القبطى والعصر الإسلامى- هيئة الكتاب المصرية- سلسلة تاريخ المصريين رقم 48عام91- أكثر من صفحة)
وبينما كتب أ النقاش عن معاملة العرب الإنسانية ، فإنّ ابن عبد الحكم ذكر أنّ عمرو ((حين توجه للاسكندرية خرّب القرية التى تعرف اليوم بخربة وردان)) وذكر واقعة تـُوضّح أنّ الجزية ليستْ مقدارًا ثابتـًا وإنما وفق إرادة الغازى إذْ كتب ((إنّ صاحب اخنا قدم على عمرو بن العاص فقال ((أخبرنا بما على أحدنا من الجزية. فقال عمرو وهو يُشير إلى ركن الكنيسة : لو أعطيتنى من الركن إلى السقف ما أخبرتك . إنما أنتم خزانة لنا. إنّ كثر كثرنا عليكم)) (ص120) لذلك عندما جاء عهد عمر بن عبد العزيز كتب إليه واليه (حيّان) أنْ ((يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. فسأل عمر(عراك بن مالك) فقال ((ما سمعتُ لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد. فكتب عمر إلى حيان أنْ يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم)) (67) والغزو العربى (الحضارى) والإسلام (الحضارى) كما يرى أ. النقاش ، فإنّ الوقائع تنفى هذا الزعم لدرجة أنّ من يعجزون عن أداء (فريضة الجزية) عليهم أنْ ((يبيعوا من أحبوا من أبنائهم فى جزيتهم)) (ص116) وأية (حضارة) تلك التى يُدافع عنها أ. النقاش مع تعليمات عمر لعمرو بالضيافة الإجبارية المفروضة على شعبنا لصالح الغزاة العرب إذْ كانت تعليماته أنّ على القبط استضافة المسلمين (ضيف واحد أو أكثر) لمدة ثلاثة أيام مفترضة (= مفروضة) عليهم وأنّ لهم أرضهم وأموالهم لا يُعرض لهم فى شىء منها فشرط هذا كله على القبط خاصة)) (55) ولنا أنْ نتخيّل مأساة هذا المواطن المصرى وهو(يستضيف) أى عدد من العرب (المسلمين) وسط زوجته وأولاده؟ وبلغة العلم كتبتْ د. زبيده عطا ((أهم النتائج التى نستخلصها من الدراسة هى أنّ الفلاح المصرى كان تحت الحكم البيزنطى فلاحًا حرًا ولم يكن قنـًا للأرض . وأنّ تشريعات الأباطرة استهدفتْ تحقيق العدالة للفلاح. وقد فشلت تلك التشريعات عند التطبيق بسبب الجباه)) وعن نهب القمح المصرى لصالح الغزاة كتبتْ ((أصبحتْ شحنة القمح تذهب إلى مكة كما كانت تذهب إلى القسطنطينية من قبل . وقد اهتم العرب منذ البداية بخراج مصر وأراضيها وحرصوا على نفس النسبة التى كان يجمعها البيزنطيون ، وإنْ اختلفتْ سياسة الخلفاء بين السماحة والشدة فى الجباية)) (مصدر سابق- من 12- 14) أى أنّ المسألة ليست (نشرالإسلام) كما يزعم الأصوليون الإسلاميون الذين ردّد أ. النقاش كلامهم ، إنما الموضوع كله هو فعل أى غزاة ، وقد توضح ذلك أكثر عندما كتب (حيّان بن سريج) متولى خراج مصر إلى عمر بن عبدالعزيز رسالة قال له فيها ((إنّ الإسلام قد أضرّ بالجزية)) (د. سيده إسماعيل كاشف- مصر الإسلامية وأهل الذمة- هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين- رقم57- عام93- ص78) وأنّ الحجاج بن يوسف الثقفى فى عهد عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك كان أول من ((فرض الجزية والخراج على الأعاجم (أى المصريين) الذين أسلموا)) (ص77) أى أنّ الذين دخلوا فى الإسلام كانوا يدفعون الجزية بالمخالفة- حتى- للنص القرآنى . ود. سيده كاشف لها كتاب آخر امتلكت فيه شجاعة الكتابة ((إنّ العصبية الدينية تغلبتْ على العرب بعد الفتح وتغلب عليهم الشعور بعزتهم وتفوقهم على غيرهم من الشعوب بعد أنْ أنشأوا امبراطوريتهم الإسلامية بجد السيف . ولذا نراهم يُعاملون أهل الذمة معاملة الطبقات الدنيا ، مما حمل الكثير على الدخول فى الإسلام رغبة فى التخلص من تلك المضايقات)) (مصر فى عصر الولاة- من الفتح العربى إلى قيام الدولة الطولونية- هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين رقم 14- عام 88- ص121)
وإذا انتقلنا من التاريخ القديم إلى الواقع المُعاصر، نكتشف أصولية أ. النقاش ، فعندما نشر الأديب محمد عبدالسلام العمرى قصته (بعد صلاة الجمعة- أهرام 19/7/91) وفيها وصف مشاهدته لمنظر تنفيذ الإعدام بالسيف فى السعودية ، كتب الشيخ محمد الغزالى أنّ الكاتب ((كان يكذب فى كل حرف خطه)) ونعته بالحمق وبأنه كاتب مخبول وحرّض على قتله لأنّ ما كتبه فى القصة هو ((فى حقيقته تنديد بشرائع الحدود ودفع لتعطيلها)) (صحيفة الشعب 30/7/91) فخصّصتْ مجلة أدب ونقد ملفــًا لمناقشة هذه القضية فكتب أ. النقاش إنّ ((موقف شيخنا العزيز العظيم محمد الغزالى يناقض مواقفه الفكرية التى ترفض الفكر البدوى)) وكان بوسع أ. النقاش أنْ يُنهى مقاله عند هذا الحد ولكن اللغة الدينية طغتْ عليه فأضاف ((والله لا يرضى لنا هذا المصير وهو القائل كنتم خير أمة أخرجت للناس)) فاللغة الدينية وضعته مع الأصوليين الإسلاميين ، كما أنها تكون سببًا يدفع الأصوليين الموسويين لأنْ يردوا عليه بل إننا نحن (شعب الله المختار) فى كتابنا وفى كتابكم حيث يُخاطبنا نحن أتباع موسى قائلا ((آمنوا بما أنزلتُ مصدقــًا لما معكم)) (البقرة/ 41) وأكثر من ذلك فقد خصّنا بالتفضيل المباشر فخاطبنا قائلا ((يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمتُ عليكم وإنى فضلتكم على العالمين)) (البقرة / 47) وذات الآية بذات الألفاظ كرّرها كتابكم فى ذات السورة الآية رقم 122بل إنّ كتابكم فضلنا بما هو أكثر من ذلك إذْ خصّنا بآية ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية/16) فلو أنّ أ. النقاش لم يحتكم إلى اللغة الدينية ، لما أعطى لبنى إسرائيل المعاصرين الفرصة كى يجروه على أرضيتهم وبذات اللغة التى احتكم إليها. وهو ما يسعى الأصوليون الإسلاميون إليه من خلال شعارهم (لا صوت يعلو على النص) ورغم أنّ أ. النقاش رفض الفقه البدوى الكفيل بتمزيق شعبنا ودفعنا للوراء ، فإنّ اللغة الدينية حاصرتْ أفقه وأفقرتْ قاموسه المعرفى فردّد لغة الشيوخ عندما وصف الفقه البدوى بأنه ((ذلك الفقه الساذج المتعصب البعيد عن روح الدين)) (مجلة أدب ونقد- أكتوبر91)
فاللغة الدينية أخفتْ عنه التناقض بين السذاجة والتعصب على المستوييْن اللغوى والأنثربولوجى ، فالسذاجة تعنى البساطة وتـُرادف الرضا بالمتاح وسرعة تصديق أى شىء والقبول المتواضع بالقليل ، بما يقترب فى حدها الأقصى لدرجة التسامح . وهى معانى نقيض التعصب الذى يعنى الأحادية والشمولية والأنانية و(الأنا المطلق) و(الأنا الصواب) ثم يصل فى حده الأقصى إلى العنف الدموى واغتيال الآخر المختلف دينيًا ومذهبيًا وفلسفيًا. ولذلك فإنّ الباحث الذى يحتكم إلى مفهوم الثقافة القومية للشعوب فإنه يرى أنّ الفقه البدوى نتاج بيئة معينة ومجتمع محدد وثقافة قومية هى التى أفرزته. وبالتالى فإنّ الفقه البدوى هو امتداد طبيعى لثقافة مختلفة عن الثقافة القومية المصرية التى رفض أ. النقاش الاعتراف بها وردّد مزاعم البكباشى عبد الناصر عن (عروبة مصر) فى حين أنّ خلاص مصر يكمن فى مقاومة ذلك الفقه البدوى النقيض لثقافة النهر والزرع . كما أنّ كلام أ. النقاش عن أنّ التعصب ((بعيد عن روح الدين)) فيه مغالطة واضحة لأنّ المتعصبين من الإسلاميين الذين نحت لهم ماركسى شهير (د. رفعت السعيد) مصطلح (متأسلمين) يستشهدون بالقرآن والأحاديث النبوية فى تبرير أعمالهم الإرهابية.
وتكرّر موقف أ. النقاش كثيرًا بهدف دعم الأصولية الإسلامية ، من ذلك (كمثال) أنّ عميد إحدى كليات الفنون الجميلة أصدر قرارًا بإغلاق قسم تاريخ الفن (صحيفة القاهرة 25/4/2006) وقبلها بسنوات كتب أ. النقاش رسالة إلى شيخ الأزهر ناشده فيها إنشاء ((كلية للفنون الإسلامية)) (أهرام 7/11/99) وبعد أسبوعيْن كتب أنّ دعوته لاقتْ اهتمامًا واسعًا من الفنانين و(العلماء) المُتخصصين مع نشر رسالتيْن من أستاذيْن أحدهما من كلية الفنون التطبيقية والآخر من كلية الفنون الجميلة- جامعة حلوان (أهرام 21/11/99) إنّ الكارثة فى هذا المثال ليستْ فى الدكاترة الشيوخ عمداء وأساتذة (الفنون الجميلة) فقط ، وإنما فى مجمل الثقافة المصرية السائدة البائسة ومن بينها أ. النقاش الذى طالب بإنشاء كلية ((للفنون الإسلامية)) وكأنه لم يقرأ كتابًا واحدًا ناقش هذا الموضوع الذى يؤكد فيه كل من كتبوا عن (الفن) استنادًا إلى علم الأنثروبولوجى أنّ الفن تـُنتجه الشعوب وليستْ الأديان. وعلى سبيل المثال كتب د. زكى محمد حسن أنّ ((الإيرانيين كانوا من أشد المسلمين جرأة فى الخروج على المعروف فى الدين الإسلامى من كراهية تصوير الكائنات الحية. مع إنّ كراهية التصوير كانت عامة بين رجال الدين من سنة وشيعة. لأنّ كتب الحديث عند الشيعة فيها ما فى كتب الحديث عند السنة بشأن تحريم التصوير)) (سمير غريب – صفحات من تاريخ الفن التشكيلى- هيئة الكتاب المصرية- عام 97 ص69، 79) والمسيح أبيض فى أوروبا أسمر أو أسود فى افريقيا وبالتالى فإنّ نظرة الشرقى تختلف عن نظرة الفنان الغربى للمسيح عليه السلام . أما الفنان والناقد حسن سليمان فقد خصّص فصلا فى كتابه (كتابات فى الفن الشعبى- هيئة قصور الثقافة- عام 99 بعنوان ((الفن فى المجتمع الزراعى ومجتمع الرعاة)) وكتب الفنان حامد سعيد أنّ ((من بنى جامع السلطان حسن أقام صرحًا رائعًا لجامع ومدرسة يُعبر عن الضمير المصرى)) (المدرسة المصرية فى الفن والحياة ص 127) وكتب كثيرون أنّ مدخل الجامع يُشبه تمامًا المعابد المصرية. وفى هذا الشأنْ كتبتْ د. نعمات أحمد فؤاد ((قارنوا بين أى معبد مصرى قديم وبين مسجد السلطان حسن ، تجدوا أنّ طراز البناء واحد ، المدخل ضيّق ، وهو فى المعبد يُفضى إلى بهو الأعمدة ثم قدس الأقداس ثم بحيرة الاغتسال. الإنسان لا يتطهر إلاّ إذا اغتسل واستحم أربع مرات متتالية. والوضوء فى الإسلام خمس مرات. وفى مسجد السلطان حسن المدخل ضيّق ويُفضى إلى الصحن وتـُحيط به الأيونات الأربعة وفى الصدارة القِبلة والمحراب . وتـُقابل ميضة الوضوء فى المسجد بحيرة الاغتسال فى المعبد)) (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر- إعداد طلعت رضوان- هيئة الكتاب المصرية- عام 99- ص 67) وكتب كثيرون أنّ معظم المساجد والمشربيات والمبانى والآثار التى قال عنها المتعلمون المصريون المحسوبون على الثقافة المصرية السائدة بأنها (آثار إسلامية) ووصفوها ب (الفن الإسلامى) كانت من إبداع الفنانين المصريين المـُنتمين للديانة المسيحية. والمغزى المُستخلص من هذا الدرس أنّ الفنون ليستْ لها علاقة بالأديان ، وإنما هى من إبداع شعب مُحدّد له ثقافة قومية معينة ، وهى المعانى التى غابتْ عن أ. النقاش بسبب طغيان اللغة الدينية على تفكيره.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على الأستاذ أحمد المصرى
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (10) الدكتور جلال أمين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (9) فاروق عبد القادر
- رد على الأستاذة ساره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (8) صلاح عبد الصبور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (7) أحمد بهاء الدين
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (6) نعمان عاشور
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (5) د. محمد عماره
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (4) محمد سيد أحمد
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (3) نجيب محفوظ
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (2) د. مصطفى محمود
- مثقفون مع الأصولية الإسلامية (1) د. حسن حنفى
- المؤسسة الإعلامية والأصولية الدينية
- وزارة الشئون الاجتماعية والأصولية الإسلامية
- المؤسسة التعليمية والأصولية الإسلامية
- مؤسسة الأوقاف
- نماذج من مؤسسات دولة البكباشية الدينية
- الضحية والجلاد : علاقة مُلتبسة
- تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)
- تابع مرحلة ما بعد يوليو 1952 (2)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - مثقفون مع الأصولية الإسلامية (11) رجاء النقاش