أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الفدادي - أسطورة الجنية ليليث في الثقافة الشعبية اليهودية المغربية















المزيد.....

أسطورة الجنية ليليث في الثقافة الشعبية اليهودية المغربية


فاطمة الفدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 02:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعتبر الأساطير حصيلة تراث حضاري، ممتد من حضارات قديمة ( كالآشورية والكنعانية وغيرها)، والأسطورة هي ظاهرة بسيطة، لكنها تتميز بتنوعها واختلافها من مجتمع لآخر، لأنها تعبر عن وجود الإنسان وانتمائه.
كما جاء في كتاب أساطير التوراة الكبرى والشرق الأدنى،« فالأسطورة عادة ليست من نتاج فرد بعينه، بل هي مجهولة المؤلف وتبناها المجتمع فصارت نتاجا له، أو أنها وفق تعبير دي روجمون لا مؤلف لها ويتعين أن يكون أصلها غامضا وأن يكون معناها نفسه غامضا إلى حد ما، وأن أعمق سماتها أنها تتمكن منا رغما عنا عادة» .
ومن ثمة فإن كل ما قيل يؤكد على أن الأساطير حاضرة في حضارات قديمة، وبما أننا نحاول مقاربة موضوع الأساطير وبعدها الرمزي، أفتح الباب للحديث عن أسطورة "الجنية ليليث"، وهي أسطورة سامية عرفت في بلاد الرافدين باسم "الشيطانة"، وهي امراة تقتل الأطفال بالليل وهم نيام ونجد في كل الثقافات هذا النموذج، بحيث نجدها في الأساطير البابليةو العبريةوالآشورية، وهي تلك الأنثى التي حرمت من الأطفال فقررت الانتقام من الأطفال بسلبهم حقهم في الحياة.
فعند الآشوريين مثلا: هناك ما يسمى "بالشيطانة لاما تسو" التي تقتل الأطفال الصغار... ربما وهم في أرحام أمهاتهم.
وجاء ذكر ليليث في الميثولوجيات السومرية والبابلية والآشورية والكنعانية، كما في العهد القديم والتلمود، وتروي الأسطورة أنها المرأة الأولى التي خلقها الله من التراب على غرار آدم بالطريقة نفسها التي خلق منها آدم، لكنها رفضت الخضوع الأعمى للرجل وسئمت الجنة، فتمردت واختارت الهروب وكان جزاؤها النفي إلى الأرض، ثم خلق من ضلع آدم المرأة الثانية، حواء لتكون خاضعة وليست مساوية له. ومما يؤكد أن ليليث كانت زوجة لآدم، ماجاء في مدخل إلى التوراة ″-;---;--أن آدم كانت له عشيقة من الجن اسمها ليليث، كان يأتيها لمدة (130 سنة)، وأنجب منها أولاد كثيرين″-;---;-- . وحتى في (كتاب الزوهر)، حيث تؤكد الأسطورة على أنها الزوجة الأولى لآدم قبل حواء وتختلف الروايات بالحديث عن ليليث، وأنها لم ترضى بسيطرة آدم عليها فهربت منه وأصبحت معشوقة الشيطان، وكانت (تلد له في اليوم 100 طفل)، فاشتكى آدم لله لما فعلته ليليث فأرسل إليها بثلاث ملائكة لإرجاعها، ولكنها رفضت الرجوع فتوعدها بقتل (100 طفل من أطفالها كل يوم)، ومنذ ذلك اليوم تعهدت ليليث أن تقتل أبناء البشر .
وفي هذا الجانب تعددت الآراء والمعلومات التاريخية عن أسطورة "الجنية ليليث"، لكنها عرفت بصورتها السلبية. أما عند اليهود، فكانوا يرون أن ليليث هي جنية لها جناحان كالطير، وهي شبيهة نوعا ما بالعنقاء في تصورهم.
ويمكن القول إن أسطورة "ليليث" تنتمي إلى أصول تاريخية قديمة، ترجع إلى بابل القديمة، بحيث كان السومريين، كما ترتبط بأكبر أساطير الخلق، وسميت بالثعبان الأكبر، القوة الكونية للخلود الأنثوي، وقد اكتشفت نقوش في الآثار البابلية، توضح أصول "ليليث".
تعني "ليليث" في اللغة العبرية "العتمة"، ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة تطلق عليها الأساطير تسمية جنية الليل المجنحة، واعتبرها السومريون والبابليون والآشوريون والكنعانيون والفرس والعرب آلهة وغاوية وقاتلة للأطفال، وبالرجوع للتفسيرات العبرية، كانت ليليث وفق سفر التكوين الزوجة الأولى لآدم .
فانطلاقا من هذه الأسطورة وما تداول حولها نشأت الصورة الأولى لليث باعتبارها آلهة الجن، بحيث يصورها التلموديون على شكل أنثى متبرجة ومغرية ذات شعر طويل، تغوي الرجال وتهدد الأطفال، وعلى هذا النحو، قسمت صورة الأنثى منذ عشرات آلاف السنين إلى حواء وليليث، حيث تقدس البطريركية صورة حواء وتلعن صورة ليليث وتحرمها.
وعليه فإن حواء ترمز لخضوع المرأة والسلبية الجنسية وللأمومة المضحية، وتربية الأولاد وخدمتهم، وهو مجرد جانب واحد من الأنوثة. أما ليليث، فترمز للمساواة والفاعلية الجنسية ورفض الإنجاب والأمومة، فمن خلال مضمون هذه الأسطورة نجد في كل من حواء وليليث وجهين من الوجود الأنثوي منفصلان عن بعضهما ومتنافران على الأغلب، نمطين مختلفين من النساء: القديسة والعاهرة.
فشخصية ليليث أظهرتها الأسطورة بصورة سيئة، فقصة ليليث هي أسطورة، والأسطورة ليست قصة حقيقية، بل تعبر عن ماهو رمزي وتعبر عن القناعات التي كانت سائدة ومتداولة في عصرما.
ترمز الصورة الأسطورية لليليث إلى الجزء المحرم من النفس الأنثوية، فليليث تعتز باستقلاليتها وفاعليتها الجنسية ورفض رفضا باتا الأمومة، وفي التوراة نجدها ترمز "للعنة"، ″-;---;-- ملعونة أنت إلى يوم الدين بالألم تلدين″-;---;--.
وفي هذا الجانب لا يفوتنا الحديث عن ليليث في المتخيل الشعبي اليهودي، بحيث نجد اليهود يلجؤون إلى استعمال مجموعة من التعاويذ التي توضع تحت وسادة المولود لحمايته من الجنية ليليث، خاصة في الأسابيع الأولى من ولادته، بحيث يقول حاييم الزعفراني في كتابه ألف سنة من يهود المغرب، ″-;---;-- أنه عندما تشير الساعة إلى الثانية عشرة ليلا، تقفل الأبواب والنوافذ، ويستعمل أثناء القيام بهذه الطقوس، سيف قديم أو سكين غليظة لتمرر على جدران ومنافذ الغرفة المحكمة السد، والتي توجد بها ″-;---;--النفيسة″-;---;--، ثم بعد ذلك توضع الأداة المعدنية تحت وسادة المولود المسند إلى أمه″-;---;-- .
وتمارس كل هذه الطقوس لحماية المولود من ليليث التي ترمز للأذى والشر وسلب الأطفال حياتهم، فهذه المعتقدات استمرت لفترات طويلة، بحيث كانت الأمهات يعملن على حماية أطفالهن الذكور بشكل خاص بالتعاويذ ضد ليليث، فكانوا يرسمون دائرة حول السرير في وسطها النجمة الخماسية ويكتب فيها أسماء الملائكة الثلاث وآدم وحواء، وكثير من التعاويذ في الأركان الأربعة للغرفة لحمايته.
فلليث حسب ما ورد رمز للتمرد والإغواء، وأنها في المتخيل الشعبي ترمز للهواء والحرارة التي تصيب النساء عند الولادة، فتقتلهم والمولود الجديد فهي تمثل قوة معادية للطبيعة.
وفي مقابل ذلك نجد في الثقافة العربية حضور شخصية ما يسمى "بأم الصبيان"، فهي تختلف في الاسم فقط، لكنها تقوم بنفس الوظيفة التي تقوم بها ليليث وهي ترمز للشر والأذى، بحيث حسب ما يروى أن أم الصبيان تحضر في الأوقات التي يكون فيها الوليد وحيدا في الغرفة دون أمه فتأخذه وتضع مكانه ابنها المريض، فيبقى الطفل مريضا إلى أن يموت.



#فاطمة_الفدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسايس...تجليات المكان في رقصة أحواش
- مذكرات امرأة لا مبالية
- زوبعة الكلمات
- شذرات من المغرب الأقصى
- تسونامي الثورات العربية
- دور الإعلام في خلق تنمية مجتمعية.
- المقاربة الجندرية... التربية الدور والإشكالات
- رمزية الموت في الفكر اليهودي
- عاشوراء... الطقوس والعادات
- الثقافة الشعبية المغربية ... عادات وتقاليد تقاوم النسيان
- عندما تسقط الاقنعة
- ضياع أمة


المزيد.....




- -يديعوت أحرونوت- تتساءل: هل تحالف نتنياهو مع غالانت؟
- نظرية السباغيتي الكونية: ماذا سيحدث لو اقتربنا من ثقب أسود؟ ...
- إسبانيا ترفض استقبال سفينة محملة بالأسلحة متجهة إلى إسرائيل ...
- شاهد: لقطات جديدة لحادث مرعب يُظهر لحظات سبقت تدلي شاحنة من ...
- مقال: الفيزيائيون على بعد خطوة واحدة من -إثبات وجود الرب-
- تحذيرات في إسرائيل من تدهور العلاقات و-انفجار الشعب المصري- ...
- الصحف الغربية تعلق على زيارة بوتين إلى الصين
- -واينت-: سقوط صاروخ بالخطأ من مقاتلة حربية إسرائيلية على مست ...
- هنغاريا تستخدم حق النقض ضد قرار مجلس أوروبا الاعتراف بخطة زي ...
- بيسكوف: إجراءات حماية بوتين بعد محاولة اغتيال فيتسو تظل عند ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الفدادي - أسطورة الجنية ليليث في الثقافة الشعبية اليهودية المغربية