أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد التوزاني - نحو مقاربة سوسيومجالية للتنمية بالمغرب














المزيد.....

نحو مقاربة سوسيومجالية للتنمية بالمغرب


حميد التوزاني

الحوار المتمدن-العدد: 4325 - 2014 / 1 / 4 - 04:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد أدت "لبرلة" الدول إلى تناسل عدد من المشاكل المركبة والمعقدة، سيما المشاكل المرتبطة بما هو اجتماعي التي تعد الوجه الفاضح لأزمة الدولة الليبرالية الحديثة، حيث عرفت تنظيمات الدول الغربية ما بعد الحرب العالمية الثانية صيغة تدبير قاصرة عن ملء الفجوات الوظائفية المستحدثة والوصاية عليها، هذا ما استدعى بالضرورة تقوية بناء هذه الدول الديمقراطية، وذلك عبر استحضار مفهوم فلسفي مرتبط بعصر النهضة الأوروبية ألا وهو مفهوم "المجتمع المدني" حيث كان هذا الاستحضار يسير نحو إيجاد تطبيقات متقدمة ومتطورة للفكرة في علاقتها بتبلور مفهوم الحكامة الذي يحيل على التدبير الأمثل لشؤون الدولة، وبالتالي عرفت هذه المرحلة إعادة تبلور مفهوم المجتمع المدني من جديد في دلالاته وأبعاده الراهنين خصوصا ما بعد انهيار الثنائية القطبية، إذ ظهر مفهوم المجتمع المدني كجزء مركزي يؤسس لبناء الدولة الحديثة وكذلك كشرط يضمن الانتقال الديمقراطي السلس والسريع.
وبطبيعة الحال لم يكن المغرب في معزل عن هذه التحولات، خصوصا مع بداية العهد الجديد حيث تم إطلاق عدة مبادرات أهمها "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" والتي جاءت كمساهمة للإجابة عن سؤال المشكل الاجتماعي بالمغرب، إلا أن نتائج هذه التجربة لم تكن كفيلة بتحسين مستوى العيش والحد من الفقر والهشاشة بكلا المجالين الحضري والقروي، رغم أن مرحلتها الأولى 2005-2010 حققت ما يفوق عن 22 ألف مشروع لصالح ما يزيد عن 5.2 مليون مستفيد، وقد تميزت مرحلتها الثانية 2011 -2015 بإعطاء دفعة جديدة وقوية تتمثل في توسيع مجال التدخلات وأهمية الإمكانيات المرصودة وتوسيع الاستهداف ليشمل 702 جماعة قروية و 532 حيا حضريا، إضافة إلى برنامج خاص بالتأهيل الترابي، إلا أننا نقف أمام محدودية نتائجها في حال مقارنتها بواقع التنمية السوسيومجالية المأزوم بالمغرب، ويمكن أن نصوغ عدة حجج في سياق استدلالنا عن عمق أزمة المجتمع والمجال المغربيين، ونبدأ بالمجال الجبلي الذي عرف خلال الاستعمار الفرنسي بالمغرب غير النافع، والمتداول حاليا بعبارة المغرب العميق أو المغرب الخلفي، تتعدد العبارات وتجتمع حول فصل المغربين، مغرب التنمية ومغرب الفقر، ومما لا شك فيه أن أهم سمات المغرب الجبلي العميق وعورة الولوجية وهيمنة الملكيات المجهرية، هذا ما ساهم في طرح النشاط السياحي كبديل تنموي، لكن انطلاقا من مرجعية نفعية خالصة إذ يمكن الافتراض أنها تعتبر المواطن القروي كتراث سياحي وليس كفاعل السياحي، والدليل هو تطابق المجالات السياحية ومجالات الفقر بالمغرب، ويمكن أن نلخص تفسير هذا الخلل باعتبار مركزي في قيمة النشاط السياحي وهو تحقيق الاغتراب، حيث أن السائح الأجنبي يميل للمجالات العذراء والمجتمعات التقليدية والبدائية حبا في الاستكشاف، هذا يطرح فكرة خفية وهي أن هناك نمط معين من سياحة المجال الجبلي لا يحتاج لتهيئة سياحية شاملة، لا يحتاج لشق الطرق ولا حاجة له في خلق سياحة تضامنية ومسؤولة، بل نمط يقوم على كل ما هو تراثي وإن كان الحفاظ على ذلك التراث يعبر عن مشكلة عيش للساكنة المحلية، بمعنى أنها سياحة تقدم الفتات للمواطن القروي وتغرقه في تقليدانيته وعزلته. وعلى مستوى ثاني يمكننا الإشارة إلى مخطط المغرب الأخضر الحاضر الغائب بكثير من المجالات العميقة، إذا نسجل وبأمانة انخراط فلاحين المجالات الخصبة في مقتضيات هذا المخطط مقابل غياب فلاحين المجال الجبلي عن الحلم الفلاحي الجميل.
ولا يمكننا بطبيعة الحال الاقتصار في تحليلنا لواقع التنمية على أزمة التنمية بالمجال القروي المغربي، لذلك نستحضر أزمة التنمية في بعدها الحضري، والتي تتعمق وتتعقد بالأقطاب الحضرية الداخلية كقطب فاس الذي يعرف بطئ وتيرة التنمية مقارنة بمدن الساحل سواء الشمالي أو الغربي، ويمكننا استحضار مؤشرا هاما يكشف عن راهن التنمية الاجتماعية الحضرية، وهو واقع ظاهرة "الباعة المتجولين" التي عرفت انتعاشا استثنائيا رافق رياح التغيير السلمي، فانطلاقا من الملاحظة الميدانية يمكن الجزم بتضاعف عدد الباعة المتجولين وكذلك تضاعف مساحات الملك العام المحتل، كما يمكننا إدراج موضوع بالغ الأهمية بالنسبة للمغرب وهو واقع الصناعة التقليدية وهنا أختار مرة ثانية مدينة فاس كحالة لنقد هذا الواقع، فانطلاقا من مقابلتي لعدد من الحرفيين يمكن أن نفترض أن الحرفي البسيط غير محمي قانونيا وأنه معرض في أي وقت للطرد من العمل وقطع مورد عيشه، كما أن القطاع يعرف اختلالات عدة لا يسع الوقت لذكرها.
وبالتالي يمكن أن نخلص لافتراض شامل جامع لهذه المشاكل، وهو غياب مقاربة سوسيومجالية للتنمية، انطلاقا من المحددات التالية:
- استمرار التعامل بانتقائية مع المجال، الساحل مقابل الداخل، إلا أن هذا ما يمليه الضغط الحضري والهيمنة الاقتصادية للشريط الساحلي.
* مما يتطلب البحث في خلق وظائف لمجالات الداخل والعمل على اكتشاف الموارد الكامنة وتثبيت الساكنة من خلال تسريع وتيرة التنمية.
- تبني فكرة التنمية الشاملة المشتتة للجهود.
* مما يستلزم تعويضها بالعمل وفق أولوية مورد العيش وهيكلة الأنشطة المدرة للدخل، مما سينعكس إيجابا عن التعليم والصحة وغيرهما، وذلك من خلال دمقرطة التدخل الذي يروم تطوير الاقتصاد الاجتماعي، والتركيز على المجالات العميقة الأكثر فقرا.
- غياب تخطيط ثقافي يفضي لهدم البنيات المناقضة لفكر التنمية، وإعادة بناء بنيات ثقافية أخلاقية باستطاعتها استيعاب فكر التنمية في بعده الأخلاقي.
* هذا ما يستوجب البحث في تنزيل تخطيط استراتيجي ثقافي بعيد المدى يحقق المطلب الفكري.
الحل إذن هو اعتماد مقاربة سوسيومجالية لن تتأتى بطبيعة الحال إلا بإحلال النمط الجهوي المتقدم المأمول الكفيل ببلورة التنمية العادلة.



#حميد_التوزاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياحة، غنى المفهوم وتجدد الأنماط
- الانتقال الديموغرافي بين التطابق، التقارب والاختلاف، قراءة ف ...
- التنمية البيئية المستدامة، مقاربة المفهوم وتجليات الواقع وال ...
- المرأة بين الذات المقيدة والذات المحررة


المزيد.....




- رئيسة المكسيك تكشف ما قالته لترامب عندما عرض إرسال قوات أمري ...
- لواء مصري يكشف بالتفاصيل حقيقة الأنباء عن إنشاء قاعدة عسكرية ...
- نتنياهو يطالب قطر -بالكف عن اللعب على الجانبين- في مفاوضات غ ...
- والد أحمد الشرع يهدد إسرائيل: سنقاتلكم بأظافرنا ونعرف متى نض ...
- مؤسسة -هند رجب- تكشف هوية الضابط الإسرائيلي المسؤول عن قتل ا ...
- السفارة الروسية لدى السويد تدين الحملة المعادية لموسكو في وس ...
- تحطم طائرة فوق منازل في سيمي فالي بولاية كاليفورنيا الأمريكي ...
- الخارجية السودانية تتهم -قوات الدعم السريع- بقتل 300 مدني غر ...
- الجزيرة ترصد أوضاع الأطفال داخل مستشفى الرنتيسي بغزة
- على وقع تظاهرات مستمرة.. هذه أبرز مطالب الأحزاب في بنغلاديش ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد التوزاني - نحو مقاربة سوسيومجالية للتنمية بالمغرب