أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد التوزاني - الانتقال الديموغرافي بين التطابق، التقارب والاختلاف، قراءة في التجربة الأورومتوسطية















المزيد.....



الانتقال الديموغرافي بين التطابق، التقارب والاختلاف، قراءة في التجربة الأورومتوسطية


حميد التوزاني

الحوار المتمدن-العدد: 4250 - 2013 / 10 / 19 - 10:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


"منذ القرن الثامن عشر، الذي بدأ يتوفر العالم فيه على معطيات وتقديرات سكانية أكثر دقة، وسكان العالم يتزايدون بسرعة لم يعرف تاريخ البشرية مثيلا لها. بقد انتظر سكان العالم آلاف السنين، ليبلغ عددهم المليار الأول سنة 1830، بينما بلغ عددهم 5 ملايير سنة 1987 حسب مصادر منظمة الأمم المتحدة، أي بزيادة 4 ملايير نسمة في مدة تقل عن 160 سنة، وحري بنا أن "نشير إلى أن التطور الديموغرافي الذي بدأ يعرفه العالم في القرن العشرين، لم يكن متجانسا على سطح الأرض كله. ويختلف حسب اختلاف السكان حسب درجة تقدمهم الاقتصادي والاجتماعي. كما أن هذا النمو المذهل لم يقع في نفس الوقت على مجموع الكرة الأرضية، لقد مس في البداية سكان أوروبا واليابان منذ القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وبعد ذلك جاء دور دول الجنوب المتكونة من أمريكا اللاتينية، آسيا وإفريقيا، حيث عرفت تزايدا سريعا في عدد سكانها منذ النصف الثاني من هذا القرن، (قدر عدد السكان خلال السنة الأولى الميلادية بـ 252 مليون نسمة بنسبة نمو سالبة، لينتقل العدد إلى في سنة 1500 إلى 461 مليون بنسبة نمو 0.20%، وفي سنة 1900 بلغ العدد 1634 بنسبة نمو 0.87 %، وخلال سنة 1950 بلغ عدد سكان العالم 2530 بنسبة نمو 1.87 % وخلال سنة 1987 بلغ 4845 مليون نسمة وحاليا يفوق 7 مليارات) " .
كل هذه التحولات تبلورت في إطار نظرية الانتقال الديموغرافي، والتي تم إنباتها بأوربا مهد الثورة العلمية والثقافية الحديثة، هذا ما يطرح تساءلا جوهريا يدور حول ماهية هذا التحول الديموغرافي، وعن محركاته، فهل هو نتيجة طبيعة للتقدم العلمي والرقي السوسيوثقافي الذي عرفته أوروبا؟ أم هو مجرد خطوة استباقية وعفوية انبثقت عن النظرية المالتوسية؟ ثم أي موقع للدول المتخلفة في خضم هذه التحولات الكونية؟
للإجابة عن هذه الأسئلة نختار الحوض الأورومتوسطي كمجال للدراسة، ومعروف انه مجال خصب وغني بالتطابقات والتناقضات الديموغرافية، وسنحال بداية سبر أغوار التجربة الأوروبية وتحليلها بشكل يسمح بإصدار حكم عن جدوائية النظرية المالتوسية، كما يسمح باكتشاف خبايا تجربتي الضفة الشمالية والضفة الجنوبية، هذا سيمكن طبعا من رصد أوجه التشابه والاختلاف بين التجربتين، لنحصل في الأخير على معرفة علمية تسمح لنا بقبول تنميط التاريخ من خلال جعل نظرية الانتقال الديموغرافي قانون ديموغرافي حتمي، أو الحكم عليها بالموت واعتبراها كتراث علمي واجتماعي.
1- النظريات الديموغرافية والنظريات المرتبطة بها:
لم يكن مالتوس هو أول من نظر لمستقبل السكان واهتم بعلاقة النمو الديموغرافي والتنمية، بل سبقه لهذه الغاية مفكرين وفلاسفة أعرق الحضارت، "ففي كتابات الفلاسفة الصينيين نرى تأكيدا على أن تضخم عدد السكان تضخم يزيد عن حد معين يؤدي إلى انخفاض دخل الفرد الواحد، وبالتالي إلى انخفاض مستوى الحياة العامة للشعب، كما نجد في جمهورية أفلاطون نواة لنظرية العدد المثل للسكان، والأوضاع المثلى التي يجب أن تأخذ بها المدن (الدول) حتى توفر للمواطن حالة الخير الأعلى، فالحياة الخيرة في نظر فلاسفة اليونان لا تتم بتوفير الظروف الاقتصادية فحسب، بل تتعداها إلى أن يكون هناك عدد مناسب من السكان في كل مدينة بما يمكنها من الاكتفاء الذاتي ومن الدفاع عن نفسها.
ونجد عند أرسطو نواة للنظرية المالتوسية تكمن في تأكيده على ضرورة تحديد عدد الفقراء تجنبا للفقر، إذ أن زيادة عدد السكان بمعدل أكبر من معدل زيادة الأرض المستغلة تؤدي إلى خلافات اجتماعية، وتعوق الحكومة عن القيام بأعمالها، وتتحدد ساسته السكانية بالحد من المواليد عن طريق الإجهاض الصناعي أو تعريضهم للطبيعة وبقاء الأصلح منهم.
أما الرومان فقد طرحوا سياسة سكانية مغايرة للصينيين واليونانيين ترمي إلى زيادة عدد السكان، عن طريق تشجيع الزواج والحث على التكاثر، لأنهم رأوا في هذه الزيادة قوة حربية هائلة ووسيلة أساسية لبناء امبراطورية كبرى.
كما صاغ الكتاب المسيحيون في القرون الوسطى سياسات سكانية مبنية على أسس دينية وأخلاقية تهدف إلى تشجيع زيادة عدد السكان، فمنعوا الإجهاض ووأد الأطفال وعارضوا الطلاق وتعدد الزوجات" .
وبالمقابل "نجد عند "ابن خلدون" الخطوط العريضة للسياسات السكانية المعاصرة في إطارها التنموي، وذلك في كتاباته المستفيضة عن نظرية التغير الدوري في حالة السكان، وتفاعل هذا التغير مع العوامل الاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية. كما نرى في كتاباته حول التنمية والسكان تأكيدا على أن كثرة السكان مقترنة بكثرة العمران، وبزيادة الإنتاج، ووفرة الكسب، وبلوغ الرفاهية، وكذلك بالتفنن في الصنائع، والتعمق في العلوم، وقلة السكان في المقابل يتبعها إلى ذلك جميعا، فمتى كان العمران أكثر كانت الحضارة أكمل" .
"أما بالنسبة لـ"كارل ماركس" فقد ربط قوانين السكان بقوانين التي تحكم التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع ما، فهو لا يعتقد بوجود قانون عام ثابت للسكان، وإنما يؤكد أن لكل عصر ولكل مجتمع سياسات للسكان خاصة به تنتج عن الظروف الموضوعية لتلك الحقبة التاريخية.
واستنادا إلى ذلك رفض الماركسيون والاشتراكيون نظرية مالتوس في السكان، والقول بأن هناك حد أمثل لعدد السكان يجب بلوغه أو التقيد به، وهم يعتقدون بأن ما سمي بمشكلة تزايد السكان وما نجم عنها من بؤس وشقاء ما هو إلا نتيجة لسوء التنظيم الاجتماعي، والسياسات المرتبطة بتوزيع الدخل والأجر. إن العلاقة بين الإنسان والإنسان من تأتي المنظور الماركسي في مرتبة أكثر أهمية من تحديد بين العلاقة بين الإنسان والموارد الغذائية، إن الماركسية ترمي أولا وقبل كل شيء إلى تحقيق العدالة في التوزيع بين أفراد المجتمع في حدود الثروة الموجودة فعلا.
أما "دوركايم" فيربط مسائل السكان وتزايدهم وأعدادهم وخصائصهم بالنظرية الاجتماعية بشكل وثيق، فهو يربط بين حجم السكان وتقسيم العمل، ويوضح أن المجتمعات ذات الكثافة السكانية المحدودة تتسم بتقسيم بدائي للعمل في حين أن المجتمعات ذات الكثافات السكانية العالية تتصف بتقسيم واضح في العمل، وانطلاقا من ذلك، يصنف دوركايم المجتمعات إلى صنفين أساسيين: مجتمعات بدائية تتماسك تماسكا آليا ومجتمعات متقدمة تتماسك تماسكا عضويا، ولكل من هذين النوعين سماته الاجتماعية والاقتصادية والسكانية الخاصة به.
ويعتبر دوركايم أن العقل الجمعي هو أصل المعرفة وأساس المثل والقيم الاجتماعية (مصرف القيم) والتطور الاجتماعي، فالعقل الجمعي هو الذي يفتح أمام الجماعة آفاقا ومعايير جديدة، ويضع القوالب العمومية، ففكرة الزمان مثلا ليس إلا فكرة اجتماعية، وما الزمان إلا وسيلة اجتماعية أوجدها المجتمع للتعبير عن تسلسل الحوادث الاجتماعية، وتحديد وضعها الواحد بالنسبة للآخر، فالمجتمع أصل المعرفة والقيم وإليه ترجع جميع النظم الاجتماعية والقيم الخلاقية" .
وبالتالي يتجلى بوضح تباين الرؤى حول النمو الديموغرافي بين مؤيد ومعارض، وطبعا كانت هذه الأحكام السالفة لا تخرج عن منطق هذا الظرف أو ذاك، فإذا دعا أرسطو إلى تجنب زيادة السكان الفقراء فذلك يرج إلى الفكر الأثيني وظريفة المدينة الدولة، وبالمقابل نجد الرومان طرحوا سياسة تشجع على الزواج والتكاثر لاعتبارات معلومة وهي الصراع الحضاري والعسكري الذي يتطلب قوة حربية لن تتأتى إلا بزيادة ديموغرافية هامة. وإذا كان المنطق القطري النفعي طغى على صياغة نظريات السكان التاريخية، فقد جاء مالتوس بنظرية كونية تصبوا للتنمية وحفظ الوجود البشري رغم أنها غاية في التشائمية، تستمد جذورها الفكرية من مقولات رئيسية سابقة، "فقبل أن يموت مالتوس بأربعة أعوام نشر ميشيل توماس سادلر في عام 1830 مؤلفا ضخما في مجلدين تحت عنوان "قانون السكان"، وفي هذا المؤلف إشارة لأول مرة بأن مالتوس لم يبتكر نظرية السكان التي تنسب عادة إليه، بل سرقها من "تونسد" الذي كان يرى أن الزيادة السكانية في العالم ستكون محدودة بمقدار ما يوجد لدى البشر من طعام، وأنه لا محالة من وجود البؤس والرذيلة إذا زاد عدد السكان في الوقت الذي لا توجد فيه كميات وافرة من الطعام، كما تبين لكثير من الباحثين، أن ثمة تشابها كبيرا بين الأفكار التي طرحها مالتوس في موضوع السكان، وبين الأفكار التي ذكرها من قبله بمدة كافية ريتشارد كانتيلون وجيمس ستيوارت" ، إن نبش مصدر المالتوسية هو الكشف عن تجددها وتعدد روادها، رغم أنها تنسب لمالتوس لما عرفه مؤلفه "علم السكان ومشكلته الرئسية" من شهرة والذي صدر في 1798، وتتأسس نظرية مالتوس على حقيقتين:
* الحقيقة الأولى: أن الغداء ضروري لحياة الإنسان.
* الحقيقة الثانية: أن الشهوة الجنسية بين النوعين ضرورية أيضا وأنها ستبقى على ما هي عليه.
ثم أكد بعد ذلك أن قوة السكان في التزايد أعظم من قوة الأرض في إنتاج الغذاء للإنسان... والسكان إذ لم يعق نموهم عائق، يتزايدون حسب متوالية هندسية في الوقت الذي يتزايد فيه الغذاء حسب متوالية حسابية فقط" ، ولأن الإنسان لا يستطيع الحياة دون غذاء فأن هاتين القوتين غير المتعادلتين لابد أن يوجهها نحو التعادل. وانتهي إلى أن عدم المساواة الطبيعية بين قوة الإنسان في reالتناسل وقوة الأرض في الإنتاج، هذا ما اعتبره تهديدا حقيقيا لبقاء الشعوب التي يفترض أن يعيش جميع أفراده في راحة وأمن غذائي دون مواجهة ندرة ضروريا بقاء النوع البشري، وجدير بنا الذكر أن هذا المقال قد طغت عليه النظرة التشائمية، ولم يكن من السهل التوفيق بين ما نادى به وبين فكرة أن العالم يقع تحت سيطرة رءوف رحيم في عصر الإصلاح الديني بأوروبا، ولذلك فقد اتهم مالتوس بنشر كتاب ضد الدين، وكان اتهاما خطيرا خصوصا وأنه هو نفسه رجل دين، وقد دعاه ذلك إلى مراجعة مقاله والتعمق في دراسة السكان لمدة خمسة أعوام، وجمع معطيات ضخمة حللها وناقشها في الطبعة الثانية التي نشرها باسمه في عام 1803 ويعتبر عمله هذا مرجعا أساسيا في مسألة السكان، ويختزل هذا العمل ما يشاع عن مالتوس من تنبئه بأن اطراد زيادة السكان سيخلف نتائج مروعة في المستقبل البعيد أو القريب.
ويمكن أن نذهب إلى ما ذهب إليه مالتوس، ونفترض بأن السكان يتزايدون وفق متتالية هندسية هو افتراض صحيح نظريا أي من وجهة النظر الرياضية، إلا أن ذلك مستحيل التحقق واقعيا حيث لا يمكن التصور بأن السكان سيتضاعفون هندسيا إلى ما لا نهاية دون حسبان التغير السوسيوثقافي الذي تنبثق عن قناعات جديدة تبشر بسلوكيات ديموغرافية مختلفة عن سابقتها، ونفس الإشكال يطرح كذلك بالنسبة لزيادة الغذاء حسب متتالية حسابية حيث لا يمكننا توقع النمو الحتمي لإنتاج الغذاء، ولذلك فهذه الفكرة هي بمثابة حكم جاهز لم يأخذ بعين الاعتبارات اختلاف وتغير المؤهلات المجالية والمناخية، وبالتالي ليست هناك ضمانة للإقرار بارتفاع الإنتاج أو استقراره أو انخفاضه، كما لا يمكننا تحديد وتيرة نمو السكان بشكل دقيق لعدة اعتبارات أهمها المستجدات العلمية والثقافية، كما أنه لم يأخذ في الحسبان التطور العلمي ودوره في ابتكار وسائل منع الحمل لتقليل النمو السكاني، وقد تناول مالتوس في حديثه عن السكان ووسائل المعيشة الموارد الغذائية فقط دون اعتبار لبقية الجوانب المعيشية الأخرى التي تحدد مستوى معيشة السكان مثل استخدام الأساليب التكنولوجية والتنظيم الاجتماعي. وحكم بهذا الحجم يتطلب استحضار مختلف المعطيات المؤثرة وفق تزاوج منطقي بين الواقع والمستقبل.
"لقد اعتمدت مدارس فكرية عديدة الاتجاه المالتوسي في تحليل المسألة السكانية، كما برز معارضون أشداء لها، وقد شغل مالتوس علماء السكان لفترة طويلة، حتى اعتبرت بحوثه نقطة انطلاق لتأسيس علم السكان المعاصر، لشدة ما أثاره من تساؤلات حول قضايا السكان والنمو السكاني.
إن تأثر مالتوس بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري الذي ساد أوربا في تلك الفترة، منعه من معالجة المسائل السكانية برؤية مستقبلية متفائلة، حيث أغفل دور الاكتشافات العلمية في بناء الاقتصاد الاجتماعي، وأثر التطبيقات العلمية في توفير الموارد الغذائية. فالتقدم العلمي والتكنولوجي، وبصفة خاصة في مضمار البحث عن مصادر جديدة للتغذية، لا يتحدد بمتواليات رياضية وإنما بجهود إنسانية تبني أوضاعا اجتماعية تسمح بالاستخدام الأمثل للموارد البشرية، وتخلق وعيا علميا واجتماعيا يفجر الطاقات الكامنة في الطبيعة والإنسان" .
"وعند الحديث عن الجذور الاجتماعية للرؤية المالتوسية للسكان ينبغي التنويه إن مالتوس من الناحية الأيديولوجية والطبقية، كان يدافع عن مصالح رجال الإقطاع والدولة والكنيسة، في وقت كانت هذه المصالح تتعرض للاهتزاز الشديد بسبب الانتصارات التي أحرزتها الطبقة البورجوازية الصاعدة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية" .
إن تسليمنا بأحد هذه النظريات المتجاذبة والمتناقضة لا يمكن أن يكون إلا في إطار تصور متكامل الأبعاد، تصور يولي للمعطى السوسيوثقافي مكانة محورية في تفسير السلوك الديموغرافي.
" فالثقافة أولا هي مجموع أنساق رمزية تتصدرها اللغة وقواعد التزاوج والعلاقات الاقتصادية والفن والعلم والدين. كل هذه الأنساق تهدف إلى التعبير عن بعض أوجه الحقيقة الطبيعية والحقيقة الاجتماعية، وأكثر من ذلك إلى التعبير عن العلاقات التي ترتبط بها كل من هاتين الحقيقتين بالثانية، وتلك التي ترتبط ترتبط بها الأنساق الرمزية ذاتها بعضها ببعض.
إن الصيرورة التي تشهدها كل ثقافة تكون في وضعية تماس ثقافي أي صيرورة هدم البنية وإعادتها، هي في الواقع تتبع المبدأ ذاته في تطور أي نسق ثقافي. كل ثقافة هي صيرورة من البناء والهدم وإعادة البناء، وما يختلف هو أهمية كل مرحلة تبعا للوضعيات، وربما توجب استبدال كلمة ثقافة بكلمة تثقف للتأكيد على بعد الثقافة الديناميكي. وحري بنا أن نشير إلى أن دراسة مرحلة الهدم باعتبار أهميتها من الناحية العلمية، لا تقل أهمية لأنها ليس أقل ثراء في المد بالمعلومات من دراسة إعادة البناء، إنها تكشف عن أن نزع الثقافة ليست ظاهرة سلبية حتما تؤدي بالضرورة إلى تحلل الثقافة، فإذا كان نزع الثقافة "أثرا" للقاء بين الثقافات فإنه بإمكانه أيضا أن يفعل فعله بوصفه "سببا" في إعادة البناء الثقافي. يعارض هنا "باستيد" "ليفي ستروس" وتصوره لمفهوم البنية الذي يعتبره حاد الجمود، بدلا من البنية كان يلزم الحديث عن "البنينة" وهدم البنية وإعادة البناء، فالثقافة بناء تزامني يتكون كل لحظة عبر هذه الحركة الثلاثية" . فالهدم باختلاف عوامله يفضي لنزع الثقافة المحلية وفي بعض الحالات نصبح أمام هيمنة تعطل كل إعادة بناء ثقافي ذاتي، وفي أثناء هذا الهدم تظهر الإشارات الأولى لإعادة تركيب ثقافي هامة، ونشهد حينها تحولا ثقافيا نتاج لتثاقف المجتمعات فتنتهي هذه العملية لصناعة تمثلات وقيم اجتماعية، تؤثر بشكل كبير على مجرى الدينامية الاجتماعية كما تؤثر كذلك على الدينامية الديموغرافية، فتسرع التحول الديموغرافي أو تبطئه ويمكن أن نسوق هنا مثالا يتضمن المعطى الثقافي وكذا السياسي والوجودي بشكل عام، وهو حالة التحول الديموغرافي الذي يعد استثناء حيث كانت للعوامل الثقافية دورا رئيسا في ديموغرافية فلسطين.
فإذا كان الانتقال الديموغرافي بأوربا ظهر بشكل عفوي واستجابي للمستجدات العلمية والثقافية، وربما كذلك هو تماهيا مع النظرية الملتوسية وما عداها من تنظير لمستقبل السكان، فالواقع يختلف بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، حيث لم يطرح التحول الديموغرافي عن نفس المستجدات العلمية والثقافية والاقتصادية، فإذا كان الشمال صنع تحوله الديموغرافي فالجنوب مشكوك في قيامه بهذه المهام، حيث أنه ظهر كمجال هامشي أو ثانوي تابع لمراحل التحول، فنقل الثقافة ونقل المؤهلات العلمية التي حسنت كثيرا الوضع المعيشي إضافة إلى تحسن مستوى العيش من خلال تحديث وسائل الإنتاج، بمعنى أننا أمام سياسة استيراد ونقل مكنت من رسم معالم الانتقال الديموغرافي، لكنه رسم مشوه وغير متناسق كنظيره الشمالي، يعبر عن تطابق التجربة وتناقضها في الآن نفسه.
إن محاولة جرد هذه النظريات والتفصيل فيه هو محاولة لتحديد مرجعيات الانتقال الديموغرافي بشكل متكامل فالتحليل الدقيق يقتضي استحضار كل الاعتبارات، سواء الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، السياسية والعلمية.
2- مفهوم الانتقال الديموغرافي ومراحله:
1.2- في مفهوم الانتقال الديموغرافي:
"إلى غاية منتصف القرن 17 لم يكن عدد السكان في العالم يتزايد بأكثر من 0.4 % سنويا، وبقدوم القرن 18 تضاعف عدد السكان في العالم مرة واحدة، هذا ما جعل بحث الدارسين يصفون هذه التغيرات السكانية بأنها تعبير عن تحول ديموغرافي أو ثورة ديموغرافية، ولقد طرأت زيادة سكانية مفاجئة خلال النصف الأخير من القرن 18، ولم يكن مصدر هذه الزيادة ارتفاع معدلات المواليد فقط، بل أيضا انخفاض معدلات الوفيات. وفضلا عن ذلك استمرت هذه الزيادة السكانية في الارتفاع خلال القرنين 19 و20، وهو ما دفع بعض الباحثين إلى استخدام مصطلح التحول الديموغرافي للإشارة إلى الانتقال من مرحلة ارتفاع معدلات المواليد التي كان يقابلها ارتفاع معدلات الوفيات، إلى مرحلة انخفاض معدلات الوفيات وصولا إلى مرحلة انخفاض معدلات المواليد التي تنتهي بتحقيق نوع من التوازن النسبي بين نسب الميلاد ونسب الوفاة، ويمكن تفسير انخفاض معدلات الوفيات في ضوء التطورات التكنولوجية التي طرأت في مجال الزراعة" .
"إن مفهوم الانتقالية الديموغرافية يعني الانتقال من نظام ديموغرافي متوازن، يتميز بوفاة وخصوبة مرتفعتين معا إلى نظام عصري متوازن، يتميز بوفاة وخصوبة منخفضتين.
لقد تم بناء نظرية الانتقالية الديموغرافية على الوقائع والأحداث الأوروبية. وتحاول هذه النظرية أن تفرض منطقا وترتيبا زمنيا على هاته الأحداث، كما أنها تحاول أن تجد لها أسبابا اقتصادية واجتماعية. مما يمكن من التكهن بمستقبل بلدان العالم الثالث.
هذه النظرية تعالج تطور الظواهر الديموغرافية، وتشدد على التأثير الممارس من طرف مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية، خلا ل فترة الانتقال من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي." .
وقد وضع "وب" رسما بيانيا متناظرا لتعيين العناصر الطبيعية وعناصر الهجرة في التحول السكاني، والذي يمكن أن نستخلص منه ثمانية أنواع من التحول:
1- زيادة: الزيادة الطبيعية تزيد عن صافي الهجرة الخارجية.
2- زيادة: الزيادة الطبيعية تزيد عن صافي الهجرة الداخلية.
3- زيادة: صافي الهجرة الداخلية يزيد عن الزيادة الطبيعية.
4- زيادة: صافي الهجرة يزيد عن التناقص الطبيعي.
5- تناقص: التناقص الطبيعي يزيد عن صافي الهجرة الداخلية.
6- تناقص: التناقص الطبيعي يزيد عن صافي الهجرة الخارجية.
7- تناقص: صافي الهجرة الخارجية يزيد عن التناقص الطبيعي.
8- تناقص: صافي الهجرة الخارجية يزيد مع الزيادة الطبيعية."
1.2- مراحل الانتقال الديموغرافي:
لقد مكنت التقنيات الديموغرافية الحديثة من تقدير سكان العالم عبر مختلف الحقب الزمنية، ومتابعة النمو الديموغرافي السريع من بداية القرن العشرين خاصة بعد الوثبة السكانية من 1 إلى 2 مليار ما بين 1810 و1925، هذه القفزة كانت نتيجة التغيير في المعدلات الحيوية للسكان حيث عرفت معدلات الخصوبة والوفيات تحولات هامة، حيث تراجعت إلى مستويات متدنية جدا بعد أن كانت أرقامها عالية وارتبط هذا الانخفاض بشكل كبير بالثورة الصناعية وما تبعها من تحسين في الميدان الصحي، ارتفاع المستوى المعيشي وغياب المجاعات نتيجة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. هكذا تبلورت أربعة مراحل كبرى وهي:
المرحلة الأولى: وهي التي عرفها المجتمع ما قبل الصناعي بمعدلات وفيات ومواليد مرتفعة وغير متحكم فيها وتوازنها هذا أدى إلى نمو ضعيف. فالمواليد كانت مرتفعة وذلك مرده لغياب التخطيط العائلي، لتعويض وفيات الأطفال المرتفعة، بغية المساهمة في اقتصاد الأسرة، اعتبار الأطفال كرأسمال اقتصادي وكأحد أشكال التأمين في مرحلة الشيخوخة. وكانت الوفيات مرتفعة للحضور المكثف للأمراض المعدية منها الطاعون والحمى القرمزية، المجاعات والحروب، قلة المياه الصالحة للاستهلاك وانعدام النظافة اللذين ساهما في ظهور الكوليرا، والإسهال، في صيغة أوبئة التي رفعت من معدلات الوفيات خلال حقب زمنية وهو الذي ترجم بالتذبذب.
المرحلة الثانية: عرفت هذه المرحلة تراجع في معدلات الوفيات مع بقاء المواليد مرتفعة مما أدى إلى ارتفاع معدل النمو الطبيعي. ويعزى تراجع الوفيات إلى التحسن في إمدادات التغذية خلال القرن 18، التحسينات الكبيرة في مجال الصحة العمومية كاستعمال التلقيحات التي ساهمت في خفض وفيات الأطفال، التحسينات في إمدادات المياه، الصرف الصحي وتنامي المعرفة العلمية بأسباب المرض وترقية الوضع الاجتماعي للأمهات.
المرحلة الثالثة: اختصت هذه المرحلة باتجاه السكان نحو حالة التوازن وذلك بتراجع المواليد مع استمرارية انخفاض الوفيات مع ظهور الفارق بين المعدلين وهو ما ينافي معتقدات مالتوس بأن التغيرات في معدلات الوفيات هي السبب الأول في تغيرات السكان. ومرد انخفاض المواليد هو وعي الآباء في المناطق الريفية بأنهم غير ملزومون بإنجاب العدد الكبير من الأطفال للمساعدة في الاحتياجات ولضمان شيخوخة مريحة، ارتفاع استعمال الآلات الزراعية والصناعية الذي قلل من الحاجة إلى اليد العاملة في الريف، زيادة التحضر غير من القيم التقليدية المفروضة على الخصوبة وقيمة الأطفال في المجتمع الريفي، المعيشة الحضرية رفعت من تكلفة إعالة أبناء العائلة النووية، تحسن ظروف المرأة والانتشار الواسع لموانع الحمل ومعرفة كيفية استعمالها.
المرحلة الرابعة: وهي المرحلة الأخيرة والتي تعرف توازن معدلات الوفيات والولادات في مستويات ضعيفة، مع استقرار معدل نمو السكان، وهو وضع العديد من الدول حاليا كالولايات المتحدة، اليابان، السويد والمملكة المتحدة.
تعتبر هذه المراحل بمثابة منطق ديموغرافي تاريخي، حيث أن التجارب أبانت أن هذا التدرج المرحلي هو مسألة وقت، وهناك يقول أنه حتمية تاريخية ستعرفها جميع شعوب العالم الإشكال يكمن فقط في درجة التطور الاقتصادي والتغير الاجتماعي والثقافي.

2- نظرية الانتقال الديموغرافي والحتمية التاريخية - الضفة الشمالية:
عرفت بلدان هذه المنطقة الانتقال الديموغرافي بتواريخ ووتيرة مختلفة، فمنها من كانت سباقة وبوتيرة منتظمة ومنها من تداركت تأخرها بوتيرة سريعة، هذا ما أكده البحوث الديموغرافية الأوروبية التي انكبت على دراسة الوفيات والولادات والتي أبرزت اختلافات مجالية لا تخرج عن منطق نظرية الانتقال الديموغرافي، ولذلك يكن أن نقول أن أوروبا كانت على موعد مع هذه النقلة هذا ما يؤشر على حتمية تاريخية طبعت التجربة الأوروبية.
1.2- مراحل انخفاض معدلات الوفيات:
مرت دول أوروبا في مسار تراجع وفياتها بالمراحل التالية:
" أ/ نهاية القرن 18 وبداية 19:
خصت بداية تراجع الوفيات كل من فرنسا والبلدان الشمالية حيث تراوحت معدلات الوفيات الفرنسية للنصف الثاني من القرن 18 مابين 33 - 37 في الألف مقابل 25 - 29 في الألف بالبلدان الشمالية.
ب/ حوالي 1870 – 1880:
وهي المرحلة التي عرفت الموجة الثانية من انخفاض الوفيات والتي مست معظم الدول الأوروبية ليست فقط الغربية منها (فرنسا، انجلترا، بلجيكا، هولندا وسويسرا)، الشرقية (روسيا وبولونيا)، بل تعدت إلى أوروبا الجنوبية ولكن بتأخر ببضعة سنوات، أما مستويات بداية الانخفاض فكانت مختلفة، فجل البلدان عرفت معدلات في حدود 25 في الألف، عدا البعض منها كإيطاليا والنمسا اللتين قاربتا 30 في الألف، بالإضافة إلى أن وتيرة تراجع الوفيات لهذه البلدان خلال هذه هذه المرحلة كانت أسرع مقارنة بالمرحلة السابقة.
ج/ بداية القرن الـ 20:
وهي الفترة التي شهدت خلالها بعض الدول كإسبانيا، البرتغال ورومانيا، بداية تراجع الوفيات بوتيرة سريعة.


2.2- مراحل انخفاض المواليد:
على غرار مثيلتها الوفيات، فإن مواليد البلدان الصناعية لم تشهد تراجعا في نفس الوقت ولا ابتداء من نفس المستوى ويمكن تصنيف ذلك في أربع مراحل:
أ/ حيث عرفت خلالها ثلاثة بلدان تراجع مستمر في المواليد وهي فرنسا (1760)، وفلندا (1750) وتشيكوسلوفاكيا (1785)، كما تعتبر فرنسا البلد السباق في الاستعمال الواسع لوسائل تحديد المواليد داخل الزواج حيث وصلت معدلات المواليد إلى 26 في الألف عام 1850 بالرغم من الزواج القوي والمبكر نسبيا.
ب/ في هذه المرحلة شهد عدد كبير من البلدان أيضا انخفاض في المواليد، مع تأخر زمني بفارق 5 - 10 سنوات مقارنة بانخفاض الوفيات وهي السويد (1860)، النرويج، إنجلترا، سويسرا، النمسا، هولندا، بلجيكا، ألمانيا، بالإضافة إلى البلدان الجنوبية كإسبانيا وإيطاليا ليأتي بعدها دور الدنمارك حوالي 1890.
ج/ حوالي 1900، ظاهرة تراجع المواليد تعدت إلى كل من بولونيا، روسيا، أستراليا وزيلندا الجديدة.
د/ حوالي 1920 - 1925، ليأتي دور البلدان ذات النمط الزراعي كبلغاريا، رومانيا والبرتغال" .
"إن التطور الديموغرافي في أوروبا قد وضع حد لنظرية مالتوس التشاؤمية والتي تؤكد على تقلص موارد العيش. وانطلاقا من الدراسات الكثيرة التي أنجزت على اتجاه تطور النمو السكاني الذي يناقض نظرية مالتوس، تم تهيئ ما يسمى بنظرية الانتقالية الديموغرافية. لقد انبثقت هاته النظرية من معطيات التحولات الديموغرافية التي عرفتها أوروبا، والتي أصبحت تتميز بخصوبة منخفضة، ووفاة منخفضة كذلك كما سبق ذكره. إن هاته النظرية تبرهن وتعلل العلاقة العكسية الموجودة بين الخصوبة والتصنيع، وذلك عكس ما كان يتصور مالتوس" .

3- نظرية الانتقال الديموغرافي، واقع واقع وتطبيقات، حالة شمال إفريقيا والشرق الأوسط:
يمثل التحول الديموغرافي العقلاني الذي عرفته أوروبا في ظرف قرنين من الزمن، ثمرة ثورة ثقافية بدأت في القرن الثامن عشر مع عصر التنوير نتيجة لانتشار القراءة والكتابة بين الرجال والنساء، ثم بفضل تعميم وسائل منع الحمل والإجهاض والسياسات الصحية.
وإذا تأملنا في وضع الدول العربية سنجد تكرار هذه الثورة الثقافية ولو بشكل متأخر، لكن بشكل سريع لا يتجاوز أربعة عقود، والتي لا تعني شيئا في حياة الشعوب، حيث نشهد تحولا ديمغرافيا فجائيا (من نسبة ارتفاع عالية في الولادات والوفيات إلى انخفاض كبير في معدلات الخصوبة والوفيات). وحري لنا أن نشير إلى أن "المنطقة العربية عرفت بداية الانتقال الديموغرافي بصفة عامة سنوات 1950 - 1960 متبعة بذلك المنحى الكلاسيكي، ففي البداية كانت الوفيات مرتفعة جدا حيث قارب المعدل الخام للوفيات 25 في الألف، وأمل الحياة عند الولادة 40 سنة لتتراجع بعدها تراجعا سريعا، بينما المواليد التي كانت عالية جدا حوالي 50 في الألف أي ما يعادل 7 إلى 8 أطفال للمرأة الواحدة، تراجعت ببطء لغاية 1980 حيث لوحظ تسارع وتيرتها لتدخل المنطقة في مرحلة تباطؤ النمو، ويمكننا أن نطرح خمسة نماذج عند تحليل المنحنى الكلاسيكي مابين 1950 - 2005، وهي كالتالي:
أ- النموذج التقليدي: يجمع هذا النموذج كل من فلسطين واليمن، ويتميز بوفيات أعلى من 40 في الألف ونمو سريع أكثر من 3.2 % سنويا.
ب- النموذج المبكر والبطيء: يضم هذا النموذج مصر والعراق بمعدلات مواليد لا تزال 30 في الألف، ونمو فاق 3.2 % سنويا.
ج- النموذج الكلاسيكي غير المكتمل: يتطبيقات، حالة شمال إفريقيا والشرق الأوسط:
يمثل التحول الديموغرافي العقلاني الذي عرفته أوروبا في ظرف قرنين من الزمن، ثمرة ثورة ثقافية بدأت في القرن الثامن عشر مع عصر التنوير نتيجة لانتشار القراءة والكتابة بين الرجال والنساء، ثم بفضل تعميم وسائل منع الحمل والإجهاض والسياسات الصحية.
وإذا تأملنا في وضع الدول العربية سنشمل المغرب، الجزائر، ليبيا، عمان، سوريا والأردن، تراجعت المواليد منذ ما يقارب 25 سنة بشكل منتظم، وفي مطلع 2005 سجلت المواليد معدل 24 في الألف و2 % معدل نمو.
د- النموذج المتأخر السريع: عرفته إيران حيث انهارت فيه الخصوبة ما بين 1985 - 1990، بالإضافة إلى لبنان الذي سجل أضعف نمو طبيعي في المنطقة 1.3%.
ه- النموذج الشديد التقدم: يشمل كل من تونس، لبنان، تركيا، إسرائيل وإمارات الخليج (البحرين، الإمارات المتحدة، الكويت، قطر) حيث مواليدهم انخفضت ما دون 20 في الألف، والنمو تعدى 1% سنويا" .
وكسياق عام فـ "نسبة الخصوبة العربية كانت عالية جدا مابين 7 - 8 طفل بالنسبة لكل امرأة سنة 1970، وانطلق العد العكسي مابين 1985- 1990 بشكل مذهل، والنتيجة تحول ديموغرافي في ظرف وجيز لا يتعدى أربعة عقود فقط مقابل قرنين بأوروبا، ورغم قصر مدة الانتقال نجد تقاربا أن لم نقل تطابقا لما وقع في أوروبا.
ولعل تونس تجسد أبرز صورة حية لهذا المسار الديموغرافي، حيث انتقل معدل الولادة بالنسبة للمرأة التونسية (من 7.2 طفل إلى 2.05 ثم إلى 2.02 في عام 2011) والمغرب من (7.4 إلى 2.2 طفل)، (نفس التاريخ)، وفي لبنان (من 5.7 إلى 1.6 طفل) والبحرين (من 6.2 إلى 2.3 طفل) ومصر (من 7.1 إلى 3.25 طفل)، الجزائر (من 8.4 إلى 3.5 طفل)، سوريا (من 7.8 إلى 3.5 طفل)، الأردن (من 8 إلى 3.6 طفل) واليمن (من 8.7 إلى 5 أطفال)، (فلسطين 4.76 طفل للمرأة الواحدة سنة 2002)" .
إن تتبع المسار الكرونولوجي للانتقال الديموغرافي بالوطن العربي، لصيرورة ديموغرافية تشابه إلى حد كبير ذاك السلوك الديموغرافي الذي أنبتته الثورة العلمية والصناعية بأوروبا خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر وانتقل بالتدريج إلى العالم بأسره، وطبعا عرفت المنطقة العربية منذ أربعة عقود تحولات ثقافية وديموغرافية وأنتربولوجية شبيهة بتلك التي عرفتها أوربا، لذا لا يمكن أن نعتبر العالم العربي حالة استثنائية أو شاذة عن القاعدة أو السقوط في فخ تنميط العقلية العربية واعتبارها عقلية ماضوية محافظة ومستعصية عن التحول أو لا تستسيغ إحداث تغيير.


4- نظرية الانتقال الديموغرافي ومأزق المتغيرات الاقتصادية والسوسيوثقافية بالحوض المتوسطي:
إن نظرية الانتقال الديموغرافي المبنية على وقائع الضفة الشمالية، تحاول فرض منطق وترتيب زمني ومحاولة التنبؤ أو التكهن بمستقبل دول الضفة الجنوبية، ومحاولة الإسقاط هذه هي بالطبع محاولة غير علمية، بالنظر لعدة اعتبارات، أول مشكل يطرح هو عدم كفاية المعطيات والتشكيك في الموجودة منها، تميز بعض الدول بارتفاع الخصوبة وانخفاض الوفيات في حين يفرض منطق النظرية انخفاض كل منهما، التحضر لم يسهم في كثير من الحالات في خفض الخصوبة، نمو ديموغرافي ضخم يفوق ما كان خلال فترة الانتقال الأوروبية.
"ويطرح المشكل الاقتصادي بحدة نظرا لاعتباره من طرف العديد من الباحثين السبيل الوحيد لتخفيض الخصوبة وإتمام الانتقالية بشكل عام، كـ "انسلي ج.كول وإدغار هوفر، اللذان أصدرا سنة 1958 كتابا حول "التنمة الاقتصادية في الهند" وأوضحا العلاقة بين نوع الاقتصاد ومعدلات الوفيات وقد أقروا بوجود ثلاثة أنواع من التنمية الاقتصادية وثلاثة أنماط من النمو الديموغرافي وأن مواليد الوفيات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية" ، والجدول التالي يعبر عن هذا التصور:

كما تجب الإشارة إلى المعطى الديني - الثقافي، الذي يلعب أدوارا خفية في بلورة السلوك الديموغرافي بالبلدان العربية، التي مزجت منذ قرون بين الثقافي والديني لدرجة صعوبة أو استحالة الفرز بينهما، وفي هذا الإطار يتم التشبع بفكرة إكثار السواد وما فيه من خير.
فالانتقال الديموغرافي بأوروبا صاحبته ثورة علمية - ثقافية أسهمت في تغيير السلوك الديموغرافي من خلال تحسن الوضع الصحي والمعيشي والتطور السريع للمتعلمين، أما البلدان العربية فعاشت تحسن في الظروف الصحية والمعيشية وانتظرت مدة طويلة لإرساء قاعدة التعليم التي تعد مدخلا للتغير الثقافي الذي من شأنه التأثير على الدينامية الديموغرافية (الريع).


5- نظرية الانتقال الديموغرافي بين المرجعية الثقافية والتداعيات السياسية {الاستثناء الديموغرافي "الفلسطيني - الإسرائيلي" والخصوبة السياسية}

قد تنتشر ظاهرة الانتقال الديموغرافي باعتبارها ظاهرة كونية على مدى قرون أو عقود، ومن المرجح أن جميع المجتمعات ستتبنى هذه الطريقة، بوتيرة عالية أو منخفضة، فمعظم الدول العربية من المغرب إلى سلطنة عمان مرت بالطرق ذاتها، فبعد الكثير من التردد وحتى سنوات السبعينيات والثمانينيات، أصبح انخفاض معدل الخصوبة "العربية" حتميا، مع استثناءات قليلة، بشكل أساسي عندما تكون السياسة أو الأقليات تتداخل مع الديموغرافيا، سواء في العالم بشكل عام أو في البلدان العربية. هذا ما أوجد مفهوم "الخصوبة السياسية" ، فعندما يتوقف تأثير العوامل العادية المؤثرة على الخصوبة، كالتحضر، التصنيع، مستوى التعليم، فإن رفاهية الأسرة وإنجاب الأطفال يعتبر أمرا ثانويا بالمقارنة مع المصالح العليا للأمة. هذا صحيح، خصوصا في السياق الفلسطيني الإسرائيلي، حيث التحولات في الخصوبة والديموغرافيا لم تتبع الطريق الكلاسيكي.
إن الرأي القائل بأن ارتفاع معدلات الخصوبة والنمو السكاني السريع قد يصبح سلاحا في يد الأمم والدول المتصارعة، ينطبق أيضا على الجماعات الفرعية التي تناضل وتكافح من أجل الهيمنة داخل بلد ما. ممكن ذكر الحالة الإسرائيلية هنا: يهود/فلسطينيون، متدينون/علمانيون، شرقيون/غربيون... ولكن أيضا في العديد من البلدان العربية: سوريا، لبنان والعراق... إلا أن الحالة الفلسطينية الإسرائيلية حازت على اهتمام كبير وانصب العديد من الباحثين على دراستها، كالباحثة الفلسطينية روضة كنعانة (2002) وكذلك الباحثة الكندية جاكلين بورتوغيز (1998) التي تبين واقع الخصوبة السياسية.
يعارض بعض الباحثين هذا المفهوم للخصوبة السياسية. فكيف يمكن أن نصدق أن ما يعتبر المصلحة العليا للأمة أو الدولة، هو نقطة انطلاق محددة للسكان كافة، من أجل تعبئة الشباب لحروب طاحنة وللموت في سبيل الوطن، وفي الوقت نفسه الرفض بقبول أن هؤلاء الشباب أنفسهم قادرون على القيام بتربية الأطفال فوق أو تحت كل ما كان يعتبرونه في مرحلة ما من حجم مثالي لعائلاتهم... من أجل المصالح العليا لهذا الوطن الواحد."
تعتبر ديموغرافية فلسطين حالة فريدة من نوعها للبحث والتحليل، وتستمد هذه الخصوصية من الأحداث الوجودية التي عاشتها فلسطين، ولعل أبرزها نكبة 1948 وما سبقها وما رافقها من هجرة ونزوح، انتهتا بـ 50% من الفلسطينيين يعيشون في فلسطين التاريخية، و50% يعيشون خارج وطنهم، تحت مسمى "الشتات". وهذه الوضعية نجد مثيلتها بالنسبة للبنان حيث 50% يعيشون خارج الوطن.
إن الحديث عن ديموغرافية فلسطين يدعونا أولا، إلى إثارة مسألة حساسة تؤطر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي تلك المتعلقة بأعداد الفلسطينيين والتي تتميز بضعف دقتها وتخضع لتشكيك دائم من قبل الساسة الإسرائيليين، وفي هذا السياق يطرح سؤال هل يقترب مجموع السكان من 3 إلى 4 ملايين بالأراضي المحتلة؟ مما يطرح بدوره معركة أرقام مشبعة بتأثرات إديولوجية وثقافية، كما تتم مناقشة أعداد الفلسطينيين في الشتات لدراسة حق العودة وتداعياته، ففي عام 2000 قدر عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الخارج ما بين 3 ملايين من قبل مكتب الإحصاء الأمريكي إلى 5.2 مليون كحد أقصى من قبل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وخلصت التقديرات الرسمية من قبل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الرقم بـ 4.5 مليون نسمة، ويمكن أن نعزي هذا التضارب في الأرقام تضارب الغاية السياسية، ولعل عنونة يوسف كورباج لأحد مقالاته بعنوان "ديموغرافيا الفلسطينيين: بريق الأرقام الذي لا يحتمل" أصدق قول على تجدر معركة الأرقام التي تحتضن الصراع الثنائي بمختلف تجلياته بشكل جلي أو خفي.
وبالتالي فإن الواقع الفلسطيني يضعنا أمام مسألة معقدة وهي تلك المتعلقة بديموغرافيا "اللاجئين" وهو مفهوم يشير إلى فئات سكانية هاجرت قصرا، وبالتالي تشمل فئات تفتقر إلى الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأخرى عديمة الجنسية ومفقودة الهوية وبلا دولة، خلافا لمفهوم الهجرة الذي يحيل على حراك سكاني ينبني على جذب ومنفعة.
ويطرح مشكل اللاجئين عدة مخاوف أمنية، حيث يشار لهم في كثيرا من الأحيان كعدو من الداخل ويفرض عليه طوق وحصار، ويتم تمييزهم بشكل لا يسمح بالاندماج ولا حتى بأدنى ضروريات العيش والكرامة، ولعل أبرز مثال يخص هذا الشأن "مخيم نهر البارد" بلبنان، حيث يعيشون الفلسطينيون تحت حصار أمني شبيه بذاك المفروض من طرف إسرائيل على أهالي الضفة وغزة، والسبب على حد المعنيين بفرض الحصار، هو دواعي أمنية وقومية بل حتى حفظ لجوهر القضية الفلسطينية، وهل صون القضية يكون عبر إقصاء وعزل أصحابها ومصادرة حقوقهم الإنسانية. وما يزيد الأمر سوءا هو قصور إحصاءات اللجوء الصادرة عن الأونروا حيث تغطي فقط الذين تقدم لهم المساعدة وتقصي نازحي سنوات النكبة الأولى، وهنا يطرح مشكل تسجيل اللاجئين في علاقته بحق العودة.
وعلى مستوى أخر نجد التركيب العمري الفلسطيني يعبر عن زخم سكاني، يضمن قدرة هائلة على النمو مستقبلا حتى لو انخفضت معدلات الخصوبة بشكل حاد، وتسجل هذه الظاهرة بشكل خاص في قطاع غزة حيث 44% من السكان تقل أعمارهم عن 15 سنة، هذا ما يؤشر على إمكانية تصاعد العنف الناجم عن الزيادة في طفرة "أعداد الشباب".
وبالنسبة للخصوبة، وأقصد بشكل خاص نموذج الخصوبة السياسية باعتباره لازال يؤثر في السياق الفلسطيني - الإسرائيلي وكذا في البلدان المجاورة كما أسلفت الذكر، حيث لا تستسلم مستويات الخصوبة والخصائص لعوامل التحديث مثل التحضر والتصنيع والتعليم، بل تخضع لدوافع سياسية وثقافية ودينية، مما يجعل معركة الأرقام واقع لا مفر منه، وقد سجلت غزة أكبر نسبة خصوبة حيث قدرت سنة 2004 بـ 42% بعد أن كانت 23% سنة 1999، وتعتبر الانتفاضة الثانية في سنة 2000 بمثابة المرحلة الانتقالية التي انخفضت الخصوبة بشكل عام، وبالنسبة لخصوبة اللاجئين فهي تتأثر بالسياق العام في البلد المضيف حيث لا يمكن اعتبار اللاجئين جماعة جزئية منعزلة بل يتأثرون بالتوجيهات والسلوك الاجتماعي للبيئة المحيطة.
وبالنسبة للرغبة في إنجاب الأطفال فهو لازال مرتفعا حيث يبلغ أربعة أطفال للمرأة الواحدة هذا ما عبرت عنه 40% من العائلات الفلسطينية بالضفة الغربية و32% من عائلات غزة. وبالنسبة للزواج فنلاحظ أن التصور التقليدي لازال طاغيا رغم الانخفاض الشديد للأمية، حيث نجد زواج الأقارب منتشرا بحدة بنسبة 32% في قطاع غزة، و25% في الضفة الغربية، وبالنسبة لمتوسط سن الزواج نسجل فرق واضح كذلك بين الداخل والخارج حيث يبلغ أدنى معدل بغزة 20.7 سنة مقابل 25.3 سنة للاجئين في لبنان، وعلى مستوى معدلات العزوبة (30سنة) فـ 35% في لاجئي لبنان غير متزوجين مقابل 14% في قطاع غزة. وبالنسبة لاستعمال وسائل منع الحمل فانطلاقا من سنة 2004 أصبحت فلسطين دولة مشابهة لجيرانها حيث بلغت النسبة 50% بالضفة و43% بغزة.
أما بخصوص مستوى التعليم ففلسطين على عكس العديد من الدول العربية حيث يعتبر التعليم أكثر نخبوية، ونظرا لأسباب تاريخية ترتبط بوجود خدمات دولية "الأونوروا" والهجرة الواسعة كان التعليم أكثر انتشارا، ومن المرجح طبعا أن النساء الفلسطينيات المتعلمات أكثر وعيا سياسيا وأكثر وعيا بالديموغرافيا كاستراتيجية في إدارة الصراع، لذلك يلاحظ بروز نمط خصوبة شاد يتمثل في انخفاض الخصوبة بين الأميين وبين النساء الأقل تعليما، في حين أن هذه النسب ترتفع ولو بشكل طفيف لدى النساء اللواتي أنهين التعليم الثانوي أو الجامعي.
وبالتالي نخلص إلى أن الفلسطينيون في ازدياد إنما بوتيرة متباطئة في مواجهة الانفجار السكاني للإسرائيليين، حيث يضمن هؤلاء كل عناصر النمو السكاني من خصوبة وتركيبة عمرية شابة ومعدل وفيات ضعيفة، ودعم مالي يشجع الإنجاب وفتح مستوطنات جديدة بشكل مستمر تمنح للإسرائيلي حلول عقارية محفزة، وحري بنا أن نشير إلى أن ارتفاع معدلات الخصوبة تعرفه الأوساط المتدينة المتطرفة والتي هي نفسها تعمر المستوطنات ولعل أبرز دليل على مرجعية هؤلاء من حيث الخصوبة والسياسة تأيد 86% لليمين المتطرف.
ويظهر الخطر الديموغرافي الذي يتهدد فلسطين في الانخفاض الطفيف لمعدل الخصوبة والذي بلغ 4.18 طفل للمرأة الواحدة سنة 2000، مقابل 4.51 طفل بالنسبة للمستوطنين الذين يستفيدون من تحفيزات مادية هامة، ومن المتوقع أن تحافظ الخصوبة الاستيطانية على على مستواها الحالي أي في حدود 4.5%، ومن المتوقع أن المنظمات الصهيونية جهدا مضاعفا لتسريع وتيرة الاستيطان والحفاظ على نزعة الهجرة، على الرغم من انعدام الأمن وطبعا هذه بمثابة خطة عسكرية ثقافية لعكس الكفة الديموغرافية لصالح الصهاينة، ويتوقع أن تنتعش الهجرة الصافية التي تقدر بـ 5800 شخص وهذا المعدل شبيه بذاك المسجل قبل الانتفاضة الثانية، ومع معدل خصوبة ثابت سيزداد عدد المستوطنين في المناطق المحتلة ليصل إلى رقم خيالي وهو مليون نسمة في أفق سنة 2025.
وهناك فرضيية اخرى تقول أن الهجرة الوافدة ستتراجع إلى مستويات أدنى في حدود 1800 مهاجر سنويا، أما الخصوبة فستنخفض إلى النصف لتتساوى مع خصوبة ما خلف الخط الأخضر، وبذلك يقدر عدد المستوطنين 703000 نسمة في أفق 2025.
وهناك فرضية ثالثة تبشر بتراجع النزعة إلى الهجرة، مع المحافظة على معدل خصوبة مرتفع يضمن تضاعف عدد السكان بحيث يصل إلى 833000 نسمة سنة 2025، ومعنى ذلك أن النمو الطبيعي وحده سيسمح بتحقيق هذا الانتصار الديموغرافي، مما يطرح مجموعة تساؤلات مستقبلا، كلها تصب في اتجاه مواجهة هذا الاستيعاب والاحتواء الديموغرافي الذي خططت وتخطط له الإدارة الصهيونية.
لقد أصبحت معظم دول العالم قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المراحل الانتقالية المتقدمة، فلم يعد ممكنا التحصن بديموغرافيا تقليدية فعولمة الديموغرايفا وعلمنة الأفراد هما أول أعمال تيارات العولمة، هدا التقارب الديموغرافي أفضى لتقارب ثقافي ستكون له كلمة الفصل في صناعة وعي الشعوب العربية المقبلة، وهدا محور الموضوع القادم، حيث سأعرض تحليلا مفصلا لعلاقة الخصوبة بالتعليم والمجال من جهة، وبالوعي السياسي من جهة ثانية.


إسماعيل أحمد علي، أسس علم السكان وتطبيقاته الجغرافية. دار الثقافة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثانية، 1997،
كورباج يوسف، الرهان الديموغرافي في الصراع على هوية فلسطين، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 16، العدد 63 صيف 2005.
كورباج يوسف، هل تؤدي الثورة الديموغرافية إلى ثورة ديمقراطية؟ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموذجا ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سلسلة: دراسات (عمران، العدد 3: شتاء 2013)
كوش دنيس، مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، ترجمة منير السعيداني. المنظمة العربية للترجمة، بيروت الطبعة الأولى 2007



#حميد_التوزاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمية البيئية المستدامة، مقاربة المفهوم وتجليات الواقع وال ...
- المرأة بين الذات المقيدة والذات المحررة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد التوزاني - الانتقال الديموغرافي بين التطابق، التقارب والاختلاف، قراءة في التجربة الأورومتوسطية