أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - بدايات ظهور الإسلام – الهرطقات















المزيد.....



بدايات ظهور الإسلام – الهرطقات


سامي المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 18:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدايات ظهور الإسلام – الهرطقات


مقتبسه نصياً من خريطة المتاهة الكُبرى.. في تصريحات تخيّليّة لشخصياتها

. بدايات ظهور الإسلام..


39 – ورقة بن نوفل:


أنا "ورقة" ابن "نوفل" ابن "أسد" ابن "عبد العزّى" ابن "قصيّ".. أنا راعي النصارى في مكة.. حيث ماتزال الأفكار والكتب وبعض المخطوطات الدينيّة ناجية من إطهاد الكنيسة الرسوليّة التي تنادي بوحدة العقيدة المسيحيّة وتحرّم كل فكرٍ آخر - حتى لو كان صحيحاً - بحجة الهرطقة.. لم ينجو من إطهاد هؤلاء ذوي الفكر البيزنطي لا الآريوسيّة ولا النسطوريّة ولا اليعقوبيّة ولا الغنوصيّة ولا الكسائيّة إلا ما ندر.. ولكن.. لحسن حظنا نحن المقيمين عند أطراف الإمبراطوريّة البيزنطيّة نجونا حتى الآن.. نحن النصارى الأبيونيون وغيرنا.. كان معلمي "قس ابن ساعدة ابن حذافة الإياديّ" يقول: "هو الله الواحد المعبود، ليس بوالد ولا مولود".. فهل كان ليظل حياً لو جاهر بقوله هذا في القسطنطينيّة أو انطاكية أو الاسكندرية أو روما؟!.. نحن هنا في "مكة" مازلنا نحظى بنعمة تعدد الآراء والأفكار.. وحتّى تعدد الآلهة.. فها هو "هبل" (هـ بعل) وها هي "اللات" (إيلات) وغيرهم من الآلهة ماتزال تُعبد وأفكار أتباعهم الدينيّة ماتزال متداولة.. هناك في "القسطنطينيّة" كل ما هو مخالف للعقيدة المسيحيّة التي يعتبرونها صحيحة هو هرطقة!!!.. فمات الفكر والنقاش وساد القسر والتسليم.. وأيّ هرطقة أعظم من إيمانهم أن "مريم" هي أم الله!؟.. كل علم أو فلسفة أو شرح هناك – في القسطنطينيّة – لا يوافق عقيدتهم، هو هرطقة.. ومصيره الإتلاف والحرق.. فمات العلم وأُتلفت الكتب والمخطوطات وعمّ الجهل حتى بالقراءة والكتابة.. وبات رجالات الدين المسيحي هم المتعلمون الوحيدون.. وأيّ علم!!!.. أما هنا في "مكة" فلكل ملةٍ أفكارها.. ولكل جماعة كتبها.. ولكل قبيلة شاعرها.. اللغة مازالت مقروءة ومكتوبة وتُعلّق الدواوين على جدران الكعبة.. وهاك سوق عكاظ.. وتلك الأديان تتآلف وتتنافس.. ولكن.. ما الدين الصحيح؟.. ما الإله الحق؟.. ما الكتاب الذي لم يُحرّف؟.. بحثتُ مُطوّلاً في شبابي.. وكان "زيد بن عمرو بن نفيل" صاحبي في البحث.. وما أكثر ما قرأنا وسمعنا في مختلف المخطوطات والكتب وبمختلف اللغات.. بعدها تبيّن لي أن المسيح "عيسى" هو ليس "يسوع".. فـ "عيسى" لم يُصلب.. كيف عرفتُ هذا؟!.. من إحدى المخطوطات الناجية من الإتلاف.. هو "إنجيل العبرانيين".. كتاب النصارى الأبيونيّين (الفقراء).. "إنجيل عيسى ابن مريم".. إنجيلٌ كتبه أتباعه من النصارى الفقراء (الأبيونيّين) الذين سلّموا أمرهم لله بعد أن رُفع "عيسى".. فباتوا مُسلمين لمشيئة الله كما ابراهيم.. موحّدين، يرفضون الأصنام.. وهم كما أوصاهم "عيسى" قبل رفعه.. يداومون على الاغتسال بالماء للوضوء والتطهير، ويشددون على أعمال البر والاهتمام باليتامى، يُطعمون الجوعى ويشفقون على المساكين وإن كانوا هم أنفسهم فقراء، ويصومون طوال شهر رمضان، ويتحنثون (يعتزلون) في البراري.. هم أسلموا أمرهم لله حقاً.. فباتوا مسلمين يحيون على أمل يوم القيامة.. وممن اتبع ملتهم مثلي – إن جهاراً أو في الخفاء – كلاً من قس بن ساعدة الإياديّ وعبيد الله بن جحش وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله ابن جدعان وأسعد بن كريب الحميري وأبي أمية ابن المغيرة وعبد المطلب بن هاشم وأبو طالب بن عبد المطلب وأبي قبيس بن صرمة وأبي بكر ابن أبي قحافة وقثم ابن عبدالله ورباب البراء وأبو ذؤيب وميسرة وغيرهم كثيرين في الخفاء.. لماذا الخفاء؟!.. الخفاء بعد ما فعله ابن عمي عثمان ابن الحويرث.. فقد كان من ملتنا (النصرانيّة) ولكنّه ذهب إلى أرض الروم وأصبح تحت سلطة المسيحيّة الرسوليّة البيزنطيّة المؤمنة بالتثليث.. وحسُنت منزلته عند القيصر فعيّنه بطريركاً وملكاً على مكة.. وبات يقال له البطريق.. ولكن رفضه نصارى مكة ومات بالشام مسموماً.. نحن النصارى في مكة ونحن من يختار قساوستنا وأساقفتنا.. ولكننا علمنا الآن – بعد موت البطريرك عثمان ابن الحويرث – أن عين الإمبراطوريّة البيزنطيّة باتت مفتوحة علينا.. فهل نتركهم يحكموننا ويتحكّمون بنا وبأفكارنا؟!.. وينشرون عقيدتهم ويهرطقون عقائدنا!.. بتنا في خطر.. وباتت كتبنا ومخطوطاتنا مهددة بالإتلاف.. أما عن قس بن ساعدة فاختارني لأصبح قس أو اسقف النصارى في مكة حين سيموت.. ولكن نصحني أن أظلّ قسّاً أو اسقفاً ولكن في الخفاء خوفاً عليّ من تهمة الهرطقة.. وأما عن النصارى في مكة فباتوا نصارى في الخفاء.. يتحنّثون ويجتمعون ولكن في الخفاء في غار حراء.. وأما عن كتابنا وهو "إنجيل العبرانيين" (الإنجيل العبراني).. وبين يدي نسخة منه أحرص عليها كل الحرص خوفاً من تلفها أو إتلافها وضياعها.. وهي باللغة العبريّة (الآراميّة) الأعجميّة بالنسبة للعرب.. فقررتُ ترجمتها للغة العربيّة خوفاً من ضياعها أو تلفها أو إتلافها.. سأجعل ترجمتها العربيّة أقرب للشعر أو للنثر ليتناقلها العرب تلاوة.. ويحفظوها كما تُحفظ روائع القصائد.. ترجمتها مع المحافظة على الأسماء كما تنطق باللغة الأصليّة.. فهل سأترجم "إسرائيل" (إسرا إيل) إلى "اسرا الله"!.. وهل سأترجم "جبريل" (جبرا إيل) إلى "جبر الله"!!.. وهل سأترجم كل اسم مركّبٍ من "إيل" وكلمة أخرى إلى اسم يحوي اسم الله!!!.. هي ترجمة أمينة ميسّرة ومبسّطة إلى العربيّة ولكن بلغة شعريّة تضاهي أدب وبلاغة المُعلقات.. وأضفتُ على ترجمتي هذه كل ما أعرفه من قصص الأولين.. وبعض ما سمعته أو قرأته من التوراة السبعونيّة المكتوبة باللغة اليونانيّة وهي أيضاً أعجميّة بالنسبة للعرب.. وغيرها مما جمعتُ من قصص وعلوم وأساطير الأولين.. هو كتابي الذي أضعتُ عليه عمري وبصري.. وأنا "العليم الخبير" الذي قام بالترجمة (التعريب) والتفصيل والتفسير.. كتابٌ يُقرأ باللغة العربيّة سأخرجه من لدني أنا العليم الخبير.. "قرآن عربيّ".. قرآن عربيّ تيسيراً للذكر وتصديقاً على ما قبله من الكتب الأعجميّة اللغة.. فهل أحتفظ به لنفسي؟!.. وما فائدة القرآن إن لم يُقرأ ويُتلى ويُحفظ ويُتداول بين الحفظة فلا يَتلف أو يُتلف.. قررتُ تعليم قرآني للأقدر من تلاميذي عساه يكون رسولاً عربيّاً لما بين يدي.. أو نبيّاً للعرب الأميين بالكتب الأعجميّة.. وهل "صموئيل" ماسح وصانع الملوك – شاول (طالوت) وداود – بخيرٍ مني؟!.. وأما عن تلاميذي الذين سأختار منهم الرسول النبي.. وهم القلائل.. "قثم" و"أبو بكر" وغيرهما.. فلا يهمني فيهم النسب.. فنسب أغلب الأعراب يعود إلى "إسماعيل" ابن "ابراهيم" كما يزعمون.. وأنا ممن يزعمون بنسبي لـ "إسماعيل" رغم أنني لم أستطع التأكد من عودة نسبي لاسماعيل ابن ابراهيم.. في الحقيقة لم أصل بالعودة في نسبي إلى ما قبل "معد".. لم أتجاوز "معد"!.. وإن كان جدي الثالث هو "قصيّ" مُؤسس وزعيم "قريش" (سدنة الكعبة وسكان مكة وأصحاب دار الندوة).. "قصيّ" باني الكعبة (بعد بناء تبّع اليمني) في مكة.. "قصيّ" منظم شؤون مكّة ومُظهر الحجر الأسود بعد دفنه.. نحن أحفاد "قصيّ" سادة العرب وقادتهم.. فهل رفعني نسبي؟!.. لم يرفعني سوى إيماني وتديّني وعملي وعلمي.. فبتُّ قس ثم أسقف مكة – في الخفاء – وقائد النصارى الحنفاء.. فهل أبحث عن نسبٍ لرسولٍ أو نبيٍّ للعرب وتلاميذي المتحنثين معي في غار حراء من أنسابٍ مشرّفة كنسبي؟.. ولا يهمني في تلاميذي جاهٌ أو ثراء.. فذاك يأتي ويذهب.. لا بل ويمكن صناعته بالسلطة والدهاء.. ما يهمني فيهم رجاحة العقل وبلاغة الإلقاء.. وحُسن التدبّر بين العقلاء.. وهذا كلّه عندي ويمكنني تقويمه فيهم.. أما ما ينقصني وأبحث عنه بحقّ فيهم فهو فتوّة الشباب والعزم والإقدام.. كان أمامي خيارين اثنين.. صبيين فتيّين.. "قثم" و"أبو بكر".. فاخترتُ الأوّل.. وهو اليتيم الفقير كما "عيسى" وكما بتنا نحن الأبيونيّون (الفقراء) بعد رفع "عيسى".. وإن كان قد ولد بعد وفاة عبدالله ابن عبد المطلب بأكثر من ثلاث سنوات!.. أفليس "عيسى" ولد بلا أب؟!.. وإن كان غير ذي شأنٍ في مكّة.. أفليس ذلك خيراً لسريّة ما نفعل؟!.. لا أعين تراقب ولا ألسنة تتناقل أحاديث حول تعليمي له في غار حراء.. كل شيء يتم في الخفاء.. وفوق هذا كله هو يُنسب لقريشٍ ولـ "قصيّ".. زد على ذلك أنّ مربيته "بركة" الحبشيّة المكناة بـ "أم أيمن" هي نصرانيّة.. فتشرّب منها أفكار وأخلاق النصارى.. هو.. هو.. هو الرسول المنشود.. آهٍ كم استفدتُ منك يا "صموئيل" ومما فعلتَ مع داود.. هذا الفتى الغلام "قثم" هو النبيّ المحمود.. أرسلتُ لاستشارة من أعرف من الرهبان النصارى المهددين بتهمة الهرطقة قبلاً ومجدداً.. وطالبتهم بالدعم لخطتي وتدبيري بإظهار بشائر النبوّة في "قثم" الذي أصبح محمداً.. فأتاني ردّ الراهب "بحيرى" بالإيجاب بعد أن عاينه.. هو.. هو.. هو الرسول المنشود.. ولكنّ بالي لم يهدأ.. ماذا عن الراهب "عيصا" (عيسى).. وماذا عن باقي الطوائف والشيع المهددة بتهمة الهرطقة؟!.. هل سيدعمون خطتي وتدبيري ويعتصمون بحبل الله الذي أمدّه لهم؟!.. ماذا عن الرهبان النساطرة (النسطوريّة) المهددين بتهمة الهرطقة؟!.. هل سيدعمون خطتي وتدبيري؟!.. ماذا عن الراهب "نسطور"؟!.. هو أيضاً قدّم دعمه بأن قال.. هو.. هو.. هو الرسول المنشود.. وماذا عن الراهب "عدّاس النينوي"؟!.. هو أيضاً ساهم.. لا بل وحتّى "سلمان الفارسيّ" ساهم بالدعم.. ولكن ماذا لو افتضح أمرنا؟!.. وماذا لو استشفّ أو علم المسيحيين ذوي العقيدة الرسوليّة أنّ قرآني هذا يُعارض أفكارهم؟!.. وهو حقاً يعارضها.. مهما حاولتُ التلميح لا التصريح.. ومهما تجنّبتُ تبيان حقيقة كون "عيسى" ليس "يسوع".. ومهما حاولتُ اللعب على الألفاظ لإظهار حقيقة قصة "عيسى" المسيح.. فلن أستطيع أن أكذّب أو أحوّر ما أنقل عن "إنجيل العبرانيين".. وهل سأقرّ بأنه صُلب!؟.. وهل سأقر بأنه ابن الله؟!؟!.. هل سأشرك وأصبح من أتباع عقيدة التثليث؟!؟!؟!.. استغفرك يا الله.. يا إيل غفرانك.. لن أفعل.. وهم – المسيحيين أتباع عقيدة التثليث – سيعرفون، سيستشفون وسيظهر لهم ما استبطنتُ.. فإن افتضح أمرنا.. فهل سأخاطر بحياة تلميذي ورسولي محمد؟!.. وهل سأعرّضه لخطر تهمة الهرطقة؟!.. وهل سيضيع كل تدبيري ومجهودي هباءاً منثورا؟!.. لا بد من حل.. هي إذاً الأحرف السريّة.. تلك الرموز التي كان يستعملها المسيحيون القدماء أيام اطهادهم من قبل الوثنيين.. هي رموز مازالوا يعرفونها ويتداولونها سراً.. إذاً فلتكن لي ولمحمد غطاءاً يحمينا من تهمة الهرطقة.. هي حروف مثل ا ل م ر والتي تعني "المسيح صلب".. لا بأس فهذا المسيح هو "يسوع" وليس "عيسى".. ك هـ ي ع ص والتي تعني "المسيح إلهي".. أستغفرك يا الله.. حـم عسق والتي تعني "المسيح هو بن الله".. يا إيل غفرانك.. أنا ومحمد لا نؤمن بها.. ولن أكتب جهاراً حقيقة معناها في قرآني فأصبح من الكافرين.. ولكنّه المكر.. فلأستخدم أحرف المسيحيين لخداعهم.. فننجوا من هرطقتهم لنا.. هم مكروا وأنا أمكر.. وأنت يا الله خير الماكرين.. فهل ستغفر لي يا الله استخدامي لهذه الأحرف؟!.. وأنت العالم بنيّتي.. وإنما الأعمال بالنيّات.. وأنت الحافظ لكتابك (إنجيل العبرانيين).. أفليس بمكرك يا الله حُفظ كتابك من التلف والإتلاف؟!.. وأنا وسيلتك يا الله وأداتك يا إيل لحفظ كتابك وترجمته إلى قرآنك العربي.. فهل ستغفر لي مكري باستخدامي هذه الأحرف وأنت خير الماكرين؟!.. غفرانك يا إيل غفرانك.. وعسى أن ينجح تدبيري مع محمد.. وعسى أن تزول غمّة الهرطقة.. وها نحن صابرين.. ونعلم أنك يا الله معنا.. وأنك ستجعلنا فوق الذين كفروا وستحكم بيننا فيما اختلفنا.. طال الصبر.. وطالت الغمّة.. وها إنّ محمداً قد بات مُهيّئاً ليكون رسولاً.. ولكن.. أيّ رسولٍ بلا مالٍ ولا قوتٍ يكفيه عوز السؤال؟!.. وإن بدأ دعوته الآن.. فهل سيستطيع الوقوف في وجه من يعارضها من أثرياء مكّة ووجهائها؟!.. هو الإعداد.. وسأعدّه بما استطعت.. أما بالمكر فتم.. وأما بعلم الكتاب فتم.. وأما بحسن الخُلق والسيرة فتم.. وأما بالدعم من الرهبان مع الأنصار فتم.. وأما بالمال فما لم يأتي بالحَسب وبالدم فبصلة الرحم.. وإليك "خديجة" بنت العم.. وإن كانت أكبر بسنين.. لا ضير.. وإن كانت أرملة لاثنين.. لا ضير.. وإن كانت ذات بنات وذات بنين.. لا ضير.. تردد "محمد".. نحن له بدافعين.. عارض عمي "خويلد".. نحن له بمقنعين.. تسائلت "قريش" ومكّة.. هو أمر الله وأمر الرغبة وأمر الدين.. فزوجتهما.. زوّجتُ خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله وجمعتهما.. زوجتهما برضاهما.. زوجتهما أمام الشهود من معشر قريش وأقربائهما وأنسبائهما.. زوجتهما برابطٍ لا ينفكّ حتى موت أحدهما.. ودعوني لا أنكر هنا دور "أبو طالب" في تدبير هذا الزواج وما قبله وما يليه.. أبو طالب كفيل محمد وحاميه.. من بعد وصول الموت لأبيه وأبي أبيه.. أبو طالب الذي شاركني جزءاً من تدبيري، ما ظهر منه وما نخفيه.. فاستبشر بعد زواج محمد بقرب زوال كرب الاطهاد وغمّ هذا التيه.. واستبشر بمستقبلٍ عظيمٍ وشأنٍ خطيرٍ لابن أخيه.. ولو أنه كان يشتهي مجداً مرتقباً لأحد بنيه.. أفلم يكن خيراً لو نزل الوحي على "عليّ" البليغ ذو الفيه؟!.. ما تم قد تم.. عليٌّ أم أبا بكر أم قثم.. لا يهم.. فلكلٍ دوره المهم.. أم هل أخطأنا الخيار وأنزلنا الوحي على محمد وليس على آخر من الفريق؟!.. لا يهم، هم كأفراس رهان، واحد يسبق والآخرين يتبعون على الطريق.. وأما خياري الثاني "أبو بكر" فبات دوره التصديق.. الرسول يقول والآخر يُصدّق ما قال الصديق.. ولتكن لك حصّة يا أبا بكر الصدّيق.. وبعد أن تم توزيع الأدوار.. واقترب أفول نجمي مع بزوغ الأنوار.. وبعد الطواف حول الكعبة وبعد الدوار.. بات الإعلان والدعم أمام الملأ واجبي واتخذتُ القرار.. هو.. هو.. هو الرسول المُختار.. فليجتمع حوله الأنصار.. ولتروى عنه الأحاديث والأخبار.. ولتُتلى الآيات والأشعار.. ولن تظل الدعوة بعد الآن في الخفاء ولتغدو في الجهار.. ثم أدنيتُ رأسه منّي وقبّلتُ يافوخَه والدمع من مُقلتيّ انهمار.. يا الله.. يا إيل.. يا جبّار.. يا خالق السموات السبع والأرض والليل والنهار.. أفنيتُ في سبيلك وفي سبيل كتابك الأبصار.. فهلا منحتني في الحياة الآخرة نعمة الإقامة في بطنان جنّة - أو جنتين - تجري من تحتها الأنهار..


40 – قثم (محمد):


أنا "قثم" الملقب بـ محمد.. أنا ابن أبيه.. يقولون أن أبي هو "عبدالله" ابن "عبد المطلب" ابن "هاشم" ابن "عبد مناف" ابن "قصيّ".. ويقولون أن أبي "عبدالله" توفي قبل ولادتي بأكثر من ثلاث سنوات.. فكفلني جدي عبد المطلب وأنشأني أنا وعمي حمزة.. وكان جدي عبد المطلب يرفض عبادة الأصنام.. وكان موحداً ويتحنّث بغار حراء مع النصارى ومنهم ورقة بن نوفل.. فكان نصرانيّاً في الخفاء.. نصرانياً أبيونيّاً.. يشفق على المساكين ويُطعم الفقراء وحتى طيور السماء، فكان يُقال له: "مُطعم الطير" و "الفيّاض".. وقد كان يجتمع مع الأحبار والرهبان والقساوسة وحتى أنه اجتمع بأسقف نصرانيّ.. واذكر أنني حين كنتُ في السابعة من عمري أصابني رمد شديد فأخذني جدي ناحية عكاظ إلى راهب يعالج الأعين، فعالجني بطرق الطب التي مايزال النصارى يتداولونها.. أما عن مربيتي "بركة" الحبشيّة والمكناة "أم أيمن" فكانت أيضاً نصرانيّة.. وهي التي دربتني على الحياة والهداية.. وحين توفي جدي عبد المطلب وأنا بعمر ثمان سنوات كفلني عمي "أبو طالب" الذي كان على ملّة أبيه عبد المطلب.. هو أيضاً نصرانيّ في الخفاء.. يهتم بالفقراء والمساكين ويطعمهم.. وإن كان هو نفسه فقيراً كثير العيال قليل المال.. أما عن الفقر فكان دائي الأولّ.. أنا اليتيم الفقير.. أسرتني جملة: "طوبى للفقراء (الأبيونيين)".. قالها مرة معلمي ورقة بن نوفل عن أقوال المسيح "عيسى" ابن مريم.. معلمي "ورقة" القس ثم الأسقف في الخفاء.. تعرفتُ على معلمي "ورقة" عن طريق جدي عبد المطلب حين كانا يتحنثان معاً في الخفاء في غار حراء.. فبتُّ تلميذ "ورقة".. وكان من بين تلاميذ "ورقة" الكثير من الفقراء وأيضاً بعض الميسورين أو الأثرياء.. وكان من بين التلاميذ صديقي أبا بكر ابن أبي قحافة.. وأما أنا اليتيم الفقير الذي يكفلني عمي كثير العيال قليل المال.. فرأيتُ نفسي على حافة الفقر المدقع.. هنا في مكة.. حيث الجوع واليتامى والمساكين الغارقين في ديونهم المكبّلة بالربا.. ما يوصل بعضهم لعوز السؤال المذل طلباً للكلأ أو يوصلهم للوأد أو لدفع نسائهم أو بناتهم للبغاء.. "الأذلّة"، الأذلاء.. الذين كانوا أحياناً يُفضلون "الاعتفاد" (إغلاق الباب على النفس حتى الموت جوعاً).. بعد اليأس وانقطاع الأمل والرجاء.. هل سأصبح مثلهم؟!.. وأنا راعي الأغنام.. أصابتني الهلاوس والأوهام.. وبتُّ ممسوساً بنوباتٍ من البرد حين أنام.. فبات عمي أبا طالب يخاف عليّ.. ويقربني منه في نومي مستبدلاً بي ابنه "عليّ".. ولم يكن يطيق الابتعاد عني حين يلبي نداء الرحيل على ظهور القوافل.. وأخذني معه - رغم العناء الطويل - على طريق الشام بأمرٍ من ورقة بن نوفل.. هل هو الخوف أم التحسّب من أيّ شيء مرتقب أم بوحيٍ من ابن نوفل؟!.. وفي الطريق نزلنا عند صومعة الراهب بحيرى.. فتفحصني واستنطقني وأوصى عمي وفي عينيّ حيرة.. بعدها زاد اهتمام عمي وحرصه عليّ.. وازداد تعليم "ورقة" توجيهاً إليّ.. حفّظني.. وهيأني.. وعلّمني.. كي لا أظل بالكتاب أميّ.. كل شيء في الخفاء.. نتحنّث في غار حراء.. علمني الفصاحة والإلقاء.. والصبر وقتُ البلاء.. وحُسن التدبّر بين العقلاء.. وكيف أرعى المساكين والفقراء.. لكنّ فقري ظلّ هو الداء.. فأتاني الحظ بذاك الدواء.. أم هو تدبيرٌ أو دهاء؟!.. هل هي المشورة بين النصارى الحنفاء؟!.. عمي "أبو طالب" يتدخّل لأقود تجارة سيدتي فاستوضعني على خير مسار.. و"ميسرة" غلامٌ ينقل ما ينقل بين الرهبان، ولسيدته نقل الأخبار.. و"خديجة" تصغي لابن العم وما أرشد فإليّ أشار.. وها هي ذي بعثت بـ "نفيسة" إليّ دسيسة للاستفسار.. فإذا بي بتُّ مُسلّماً مستسلماً لما دبّر "ورقة" مع الأقدار.. فرحتُ وابتهجتُ ثم تفكّرتُ فاتخذتُ القرار.. إن كان زواجي من "خديجة" دواءاً لفقري القهّار، فنِعم القيد ونِعم السوار.. وتزوجنا.. والأسقف "ورقة" زوّجنا أو باركنا.. ونصارى مكة شهود لنا.. فجمّعنا وبإسم الله برباطٍ صُلبٍ لا ينحلّ ولا ينفكّ إلا بوفاتٍ لأحدنا.. وبعمر الخامسة والعشرين دُفنتُ هنا.. أما عن "الفقر" دائي الأوّل فباء.. وأما عن "النكاح" دائي الثاني فابتدأ بلا دماء.. فلا سروالٌ على الباب يُعلّق ولا هي بعذراء.. ولا ملك اليمين ولا جواري ولا سراري ولا إماء.. وهي تكبرني عمراً وتجارب، وما هي مِن فتيّات النساء.. ولها باعٌ في تربيتي، وكما أمي، فلها أبناء.. فهل قدري أن أستبدل داءاً بالداء!؟.. عادت نوباتٌ تمسسني بالبرد وتتركني مثل الصُرعاء.. نوباتي تشتد بنومي لتبشّرني أم تُنذرني أم هلوسة من فرط مُصابي أم هي من أحوالي هذاء؟!.. أخشى من وهمي على نفسي فأرى روحي منطلقة هاربةً بخلاء.. بردٌ ورجافٌ بفؤادي هاتوا لي غطاء.. هاتوا رقية هاتوا حرزاً هاتوا حُجباً رقّوني من عينٍ أو جنّ وإليّ بماء.. فلسوف أُجن.. قالوا إثبت.. قالوا إصبر.. فلربما خيرٌ للفقراء عليك نزل ومن العالي وبعون الله سيأتي المَن.. وأنا سأُجن.. هل ذا جبريلٌ ما أسمع أم إبليسٌ أم مَلَكٌ، أم "ورقة" من جِن؟!.. يا "ورقة" أحكمتَ نطاقي أم هي أخلاقي وأحلامي أو ما هو منها باقي؟!.. لا أعرف مَن ربط وثاقي.. لكن ما أعرف أن الطوق يشدّ خناقي.. مَن يخنقني مَن يحرقني مَن ساهم في إغراقي؟!.. عمي أم "ورقة" أم زوجي أم هي أحوالي وثرائي من بعد شفير الفقر وإملاقي؟!.. أم خوفي من الفقر القهّار يحاصرني أم حدبي على الأيتام على الفقراء وإشفاقي!؟.. والطوق ثقيل.. وأنا المنقاد.. أنا المقهور أنا المنقاد أنا المدفوع بوجه القهر أنا الباقي.. وبوجهي ليس شياطينٌ.. بل سيف المال مع العادات مع الأحلاف مع خطر قتالي وشقاقي.. يدعمني عمي ومَن خلفه.. يعضدني "ورقة" كما علمه.. ونصارى مكة وكل فقير مع أمله.. وأنا الواقف في أوّل صف أتلقّى الريح.. فهل أخذل كل البنيان؟ أم هل أستريح!.. أطلقها "ورقة" بقبلته على يافوخي.. ولكن لم يعلم ما أطلق.. ليست بمجرّد كلماتٍ أو آياتٍ بفمي تُنطق.. ولئن أعلن "ورقة" أني رسولاً لله، ولئن دبّر، ولئن حضّر، لم يقف مكاني بشالوخي.. ولم يعلم ماذا أطلق.. هي ليست قرآنٌ يُتلى أو فليُحرق.. هي حلم فقيرٍ معدومٍ أن يحيى بيسرٍ أو يُرزق.. أمل المقهور بأن يأتيه العون فلا يُسحق.. أو أن يُعتق.. حلمٌ بالجنة على السندس أو إستبرق.. وعدٌ بخلاص المظلومين، وإن كان الوعد مُعلّق.. والأخطر أنّ بوجه الحلم كما الأوهام مع الآمال كل العادات كما الأحلاف مع الأموال.. لا مُلكٌ بات يغيّرني لا جاهٌ لا شمسٌ بيميني لا ذهبٌ لا قمرٌ أشرق.. فهل أخذل مَن ضحّى بعمره كي ينصرني عسى حلمه أن يتحقق!.. أمّا مَن ناء لكثرة ظلمٍ فإلى الحبشة عدلاً يرجو.. علّه ينجو.. فأفادهم ما قد دبّر "ورقة" بالسرّ، بأحرفه لغزٌ مُغلق.. فهم الملك الحامي مكنون القول وقد دقق.. يا "ورقة" أعجزتَ بعلمك كلّ الشعراء وكلّ الكتب وما يلحق.. إعذرني يا "ورقة" إن زدتُ أو استحدثتُ فمن نبعك مائي رقرق.. يا "ورقة" يا خير معلّم، تلميذك ضاع وما مَن يهدي أو يُبرِق.. أنتَ العامود الأوّل والآخر والطيف الواقف مِن خلفي كي لا أُطرِق.. أفترتَ الوحي بفقدانك، يا جبريلي يا مَلَكي النازل من علياء الله، يا من وثَّق.. أفبعد الصمم وبعد ضياع البصر بحكم العمر، موتُ يَسرِق!.. ما عاد بمقدوري الخذلان ولا الإنكار لما أُطلِق.. رغم الفاقات ورغم النبذ ورغم الجور وما أُهرِق.. وأنا مُرهَق.. وأتاني بعدها عام الحزن، من حزني قلبي يتشقق.. وفقدتُ ثلاثة أعمدة كانت تدعم صُلب البنيان فهل أُسحق؟!.. عامودٌ قبل وهذا الثاني فلمن أشكي ولمن أرثي ولمن أشجاني تتفتق.. يا زوجاً يا أماً أخرى، طفلكِ مفطومٌ في الخمسين وها يعشق.. تباً لقيودك يا "ورقة"، تباً لقيودي وما تَخنق.. تباً لزواجي وما حقق.. من قهرٍ من كبتٍ مُغرِق.. أهٍ مِن دائي الثاني.. ومِن حرماني.. عذراً يا زوجي سأتزوّج وأفرّغ من بعدك عُقداً وسأتعشّق.. مثناً وثلاثاً لا أقلق.. حتى العذراء الطفلة فلألعق.. أهوائي في عقلي تنعق.. إنكح عذراءاً وتذوّق.. إنكح عذراء بعمر الزهر ولا تُشفق.. إنكح عذراء ومهما جرى، وإن حملَتْ حقداً قد يفضح أسرار الوحي الربّاني.. وأما في عام الحزن فعاموديني كسراني.. زوجٌ قبل وعمّي الحاني.. يا عماً يا جدّي الثاني، يا من آواني وربّاني، يا من قدّمني وحماني، سند الأيام.. يا نسراً ظلل أشجاني.. هل تتركني أذوي وحدي من دون سلام!.. وكيف أنام؟!.. من بعدكم يا عِمداني مَن لي في مكة غير الحلم الزائف.. فإذاً للطائف.. وذهبنا اثنين على أملي بإيجاد النصرة.. فإذا بالقوم كما الصخرة.. قذفوني جرحوني بحجرة.. فالعودة إذاً إلى أمّ قرى.. يا مكة ناديتُ حجيجك.. عاماً والتالي.. لا أحد يبالي.. حجاج البيت الحجريّ لا تحفل برسول العالي.. ويلٌ لضجيجك.. الحجّ ضجيج والطوف عجيج وأنا واقف لا رأفة بحالي.. تباً لكلامك يا "ورقة"، أفهذا مآلي!.. في الآخر وافتني البُشرى.. أوسٌ خزرج عرضوا النصرة.. فإلى يثرب أرض الهجرة.. أرسلتُ الكل.. وبقينا ثلاثة مختبئين هنا في الظل.. قد يغدر بي من شاء الغدر.. فإذاً للمكر.. في الليل الحالك غادرتُ ومعي بو بكر.. وتركنا سراجاً في بيتي وعليٌّ باقٍ بفراشي بغطائي قَر.. وأما نحن المحميين بليلٍ، فعلى ظهر النوق مضينا.. وأخذنا درباً لا يمضِ إلى غايتنا، ولآثارٍ لخفاف النوق خفينا.. وبجوف الغور تخفّينا.. حتى تأكدنا بئلا أحد يلاحقنا ولا من يتتبع آثاراً أو يقفينا.. ثم على ظهر النوق تابعنا رحيلاً لمدينة.. في الدرب مع الصدّيق أبا زوجي واتتني الفكرة.. القول بأن الله حمانا بقدرة.. أن تبعونا.. وعلى باب الغور أتونا.. فإذ بحمامة قد قبعت تخفي بيضاً وبأوهن بيتٍ مغزولٍ لعناكب ربضوا يحمونا.. كي يعلموا أنّا منصورين بعون الله، أفليس بهذا نُثبت ألا حزن لنا.. لأنّ الله هنا معنا.. قال الصدّيق: "وماذا عن النوق!.. إن سأل القوم عن الناقة من تحتك أو تحتي وكيف اختفتا! ألم يجدوها؟".. فقلتُ له: "يا صدّيقي وحموّي وخَلفي ومسند ظهري في ياسر أوقاتي وفي ضيقي، وافقني وصدّق، وإن سألوا آتي بالآية فأتلوها.. أفيعجز ربي على ناقة من صخرٍ صُمٍ يُخرجها أو يُخفيها!.. والله بواسع رحمته يخلق ويبيد عاداً وثمود بمن فيها.. من نوقٍ من طفلٍ غضٍ هو باريها هو يفنيها أو يطويها.. أنتَ الصدّيق لمن أسرى من مكة بإحدى لياليها.. أفلا تفعلها ثانية! ما مَن يشهد غيرك فيها".. أطرق صدّيقٌ إذ فكّر في الأمر.. لا شيء يضر.. صدّقني بأمورٍ أكبر.. أفلا يفعل في ما يَصغُر!.. في يثرب لاقَونا بهتافٍ يَشكُرُ ويُحمِّد.. والناقة من تحتي باتت ذات البركات فإذا ناخت قد إختارت للقومِ مكاناً للمسجِد.. وتصالحت الأقوام بفضلي وطوائف تحتكم لأمري والكل هنا لله سيعبد.. وإذا بكلامٍ يتردَّد.. أن سُرقت منّا أملاكٌ، أن نُهبت دورٌ ومتاجر في أرض المولِد.. أصوات نداءٍ لقتالٍ باتت تصعَد.. فقوافل مكة فيها المال ومنها غنيمة لمن هُجّر وعليها الرد.. ماذا أفعل ماذا آمر ماذا سأرد؟!.. يا "ورقة" هل أكسر قيداً آخر في تسليمك أو إسلامك؟!.. وهل أنهي آخر أحلامك!.. بسلام الدعوة والتبشير وما أسمعتني بكلامك.. لا رفع سلاح.. لا زهق مزيداً من أرواح.. لا سيفٌ لا قتلٌ لا دم.. هل أكسر قيداً آخر يا "ورقة"؟ أفلن أندم؟!.. جرّبتُ قيودك، آذتني.. نحنُ عربٌ، ودمائهمُ قد نادتني.. قد واتتني.. ها داحس والغبراء.. ها حرب بسوس وسيل دماء.. ها أوسٌ خزرج بقتال ذوي القربة قد باتوا خبراء.. ومَن يبغي صوناً للفقراء.. فإليه سلاحاً وعليه رجاء.. وها قيداً آخر قد حطّمت.. ولمَن قوتلوا بالقتل أذنت.. ولقد أمسيتُ ناهباً لقوافل مِن بعد أن مِن حُماتها كنتُ.. قتلاً، غزواً، أسراً في الشهر الحُرم أنا حللت.. ولجيش الغزو إلى بدرٍ أعددتُ وسرت.. وعُريشي جاهز لهروبي إن بي من طرف الله خُذلت.. هل حقّاً ربي ينصرني أم يتركني وعصابته فلا يُعبد بعد لأني قُتلت!.. نيران الحرب قد اشتعلتْ.. ومَن ذا سيُخمد ثأراً لثأرٍ إن النار للأهلون أكَلَتْ.. الجنة لمن أمسكه الموت والغنيمة لمن أفلتْ.. وها أنا قد غرقت بدماءٍ وبين جثثٍ في مياه بدر طافت.. وما بعد الحرب غير الحرب.. وما بعد القتل غير القتل.. وبعد النصر الهزيمة جاءت.. ومَن المهزوم غير أولاد العموم.. وكم مِن مجازر هنا وهناك والدماء تعوم.. حان وقتُ الصُلح.. فأخذتُ البيعة والنصح.. بسم الله الرحمن الرحيم أم بسمك اللهم.. ما الفرق يا قوم.. هو نفس الله وذات الظلم.. فهل هو رحمانٌ رحيم لأنه إله الفقراء الضعفاء.. وهو ليس برحيمٍ ولا رحمان عند الأقوياء الأغنياء.. وهم الأقوى اليوم.. إذاً بسمك اللهم (إيلوهيم).. هي هدنة لعشر سنين، خيرٌ، وما الهم.. نشحذ فيها الهمم.. وندعو فيها الأمم.. وها هو "خالد" قد أسلم.. سيفٌ كان علينا فإلينا انضم.. زال القهر وزال الغم.. وازداد العدد وكثر اللم.. إذاً فلنقض الصلح بأيّة فعلة ولا نهتم.. هم قتلوا أَم قطّاع طرق أَم، أَم؟!.. أَم مَن يعلم؟!.. لا فرق ولا أحفل فالحادث تم.. منا القتلى وعلى الأعداء سنلقي اللوم.. مهما فعلوا ومهما عرضوا فأنا حكمٌ وإليك الحُكم.. القوّة بنا والعدد هنا وسيفٌ مسلولٌ لله قد بات لنا وعليكم دم.. أأبا سفيانٌ ماذا لكم؟!.. وسندخل مكة.. سنرجع مكّة.. وسنحكم مَن هي للقرى أُم.. وعقدنا العزم.. وحشدنا القوم.. وزحفنا إلى أرض المولد لنحقق حلم.. وأقمنا نراقب ظِلّ الوجم.. فعاد أبو سفيان وأسلم.. وإلينا مكّة قد سلّم.. لكن يبقى في عينيه ما يشبه سُم.. فهل حقاً أسلم قلبه أَم لم!.. وهل أظهر حقاً وجه ندم!!.. أم أنه مكراً لم يعدم!!!.. هل يُبطن مكراً ودهاءاً في روحه أَم في ولده أَم في نسله أَم!!!!.. مَن ذا يعلم!!!!!.. ودخلنا مكة من دون دم.. وإلى الكعبة لتحطيم صنم.. ومسحنا كل المرسومات على الجدران بمياهٍ جُلبت من زمزم.. إلا مريم.. عذراء إلى صدرٍ مولوها تمسك وتضم.. وا "ورقة" قيدك لا يرحم.. فتّقتَ جراحي، لو تعلم.. حبي لكلامك ولدينك ولذاك العلم.. عذراءٌ تَجلس في سُكنى تحضن تهتم.. والطفلُ يتيمٌ بوقارٍ يجلس يحكم.. يأمر بشريعة تنير الأرض تزيل الظلم.. وعيوني تدمع أو كادت لحنيني لأم.. وخرجتُ من الكعبة كي أشهد أن الدنيا غدت نوراً لا عتم.. في مكة أرفل وأدور ولرائحة الأرض المبروكة ها أشتم.. اليوم اليوم.. اليوم أكملتُ لكم دينكم.. وها قد تم..



#سامي_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القران يؤكد وقاتلوهم في سبيل الله
- سوبر ماركت القرآن
- أثباتات ان القرآن بشري - الطقوس الرمضانية
- وجهة نظر
- الى متى يبقى الدين مذهبي التوجه
- الصراع في قريش - عائلة بني هاشم وبني أميه
- الشيعه و ولاية الفقيه
- صفحات في علي بن ابي طالب
- لاجنه ولا جهنم
- الطبقه الحاكمه في العراق
- زبد للانتخابات القادمه
- ثورة الحسين عام 2014
- الى متى دكك ولطم على الحسين كلمات ومعاني
- الكوادر البحريه في البصره
- المالكي وحزب الدعوه و المكون الشيعي الحاكم و البصره مثلاً
- قادة البصره
- لا تهملوا البصره
- العراقي ماله جاره
- لماذا تاخرت هذه التشريعات والقوانين
- مقتطفات اسلاميه


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف قاعدة -نيفاتيم- الصهيونية+في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - بدايات ظهور الإسلام – الهرطقات