أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفتاح السنون - المسرح في ضيافة السياسة: في منجزات حكومة بن كيران















المزيد.....

المسرح في ضيافة السياسة: في منجزات حكومة بن كيران


الفتاح السنون

الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 01:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المسرح في ضيافة السياسة: في منجزات حكومة بن كيران


إن المشاهد للمسرحية المغربية وحركة أحداثها وطريقة لعب شخوصها على الخشبة ليقف مشدوها أمام جودة حبكتها وما يميزها من الدقة والرهافة. لكن ما أن تنظر بالعقل-لا بالعين – لان العين خادعة كما يقول الغزالي فديكارت، حتى تبدأ مساحيق التجميل في الانكشاف ومواد الطلاء في الانقشاع. بالرؤية العقلية هذه تأخذ الحقائق في التهاوي، مما يكشف عن حقيقة مفادها أن الدولة في المغرب – كما في باقي الدول العربية- ليست كتلة واحدة أو على درجة الانسجام الذي توهمنا به، بل على العكس من ذلك يمكننا على، الأقل، اكتشاف كتلتين أو قارتين متعارضتين على المستوى العميق، وإن كانتا تبدوان منسجمتان على المستوى السطحي، وبهذا يمكننا رؤية المجتمع المغربي، وكذلك العربي، ينقسم إلى كتلة أو قارة الدولة أو النظام وكتلة الشعب. إذن ما الفرق بينهما وما طبيعة العلاقة التي تؤسس لاستراتيجيات وتكتيك شخوصهما على نفس الخشبة؟
نقصد بكتلة الدولة أو النظام كل أولئك المنخرطون في أسلاك الدولة، من الموظفين البسطاء إلى أعلى المؤسسات السياسية والتي على رأسها المؤسسة الملكية. إنها كل المكونات التي تسخر من طرف الدولة للحفاظ على الوضع القائم، تنطلق من المقدمين والشيوخ وموظف الجماعة ورجل التعليم إلى الجمعيات غير الحكومية والنقابات ثم الأحزاب والاجهزة العسكرية والمؤسسة الملكية، وغيرها من العناصر التي تدخل ضمن تشكيلة الدولة بشكل أو بآخر. فكل هؤلاء يستفيدون من الدولة ، وإن كانت أشكال الاستفادة تختلف من طرف إلى آخر. وبالتالي فهم يدافعون عن النظام القائم بشكل مباشر أو غير مباشر، مع وجود استثناءات طبعا، لكن نسبتها تبقى ضعيفة جدا وحتى إن وجدت فإن نسبة مهمة منها ترفع شعارات شعبية فقط من أجل السمسرة والمساومة. لكن ما المقصود بكتلة أو قارة الشعب ؟
إنها لتتمثل في أولئك العوام المقصيون والمهمشون داخل الدولة، أولئك المفقرين والمهمشين والمجهلين، الذين تنحصر مطالبهم في جغرافية المطالب الاجتماعية دون السياسية، فكل ما يهمهم هو الحفاظ على بقائهم – وليس على وجودهم ، لان الوجود يحمل معاني أنطولوجية وإستيطيقية جمالية ونفسية ...- والمتمثلة في في الأكل والشرب والاحتماء من شر البرد وقر المطر...هؤلاء قد يجوز لنا وصفهم بأنصاف المواطنين، إذا ما وظفنا المفهوم الذي كان سائدا إبان الحضارة الإغريقية والرومانية، لان أنصاف المواطنين هم أولئك الذين لا هم مواطنون ولا هم عبيد. إنهم في منزلة بين المنزلتين بلغة المعتزلة.
العلاقة بينهما إذن هي علاقة صراع واستغلال، حيث أن الكتلة الأولى لا يهمها إلا الحفاظ على وجودها من دون اكتراث للعوام الجهلة. فمكونات الدولة تعمل على الدفاع عن مصلحتها، كل حسب الوسائل والآليات التي يوفرها له موقعه ووضعه، ابتداء من موظف الجماعة ورجل التعليم الذين يتجهان إلى نهج سياسة الاحتجاج كلما مست مصالحهم، كما أنهم ينضوون تحت نقابات تضطلع بدور الدفاع عن حقوق منخرطيها، بل والدفاع عن مطالب رؤسائها بالدرجة الأولى، لان مجرد إلقاء نظرة خاطفة على هرمية هذه النقابات التي طالما ادعت أن لها أهدافا حقوقية واجتماعية لموظفي الدولة، أي أن شعارها هو الديمقراطية، إلا أنها – ويا للأسف- هي ذاتها غير ديمقراطية. ذلك أن مالكوها يعدون ملاكها الحقيقيون، فهي ليست مؤسسة أو منظمة يتم انتخابها بشكل ديمقراطي وإنما هي مجرد آلية للسمسرة على حساب منخرطيها. وكذلك الحال بالنسبة للجمعيات المدنية التي تعتبر بدورها، في أغلبها مع استثناءات نادرة، ليس كما هو معلن رسميا، ذات دور اجتماعي وحقوقي يتمثل في في تأطير المجتمع المدني ومصاحبته في اهتماماته، ولا في القيام بدور الوسيط الاجتماعي بين الدولة والمجتمع (قارة الشعب)قصد تنشئته على قيم المواطنة والديمقراطية والعدالة..
بل ما هي إلا خلايا صغرى تم تأسيسها من طرف أشخاص، يمتلكون سلطة ما داخل المجتمع ، أكانت سلطة معرفية أم اقتصادية أم اجتماعية...وأغلب مؤسسي هذه الجمعيات لا ينظرون إليها على أنها مؤسسات مدنية غايتها خدمة المواطنين وإنما هي ورشات في ملكية رؤسائها، غايتها التحايل على المواطنين واستغلال حقهم المهضوم. هذا على مستوى المؤسسات المدنية غير الحكومية، أما بالنسبة للمؤسسات الحكومية فهي لا تختلف عنها كثيرا، ولعل هذا ما يتضح في الأحزاب السياسية التي تحولت من كونها أحزابا للدفاع عن حقوق المواطنين إلى مجرد مؤسسة لنخبة سياسية معينة تتفاوض بها مع النظام أو الدولة للحصول على بعض المطالب الانتهازية، وبذلك فإن نخبة الحزب هي التي تستفيد وتقرر، إنها أهل الحل والعقد، أما باقي المنخرطين في الحزب ليس لهم إلا أن يشاهدوا أو يصادقوا. فحتى شكل انتخاب رؤساء الأحزاب غير ديمقراطية، ومن المنطقي أن تكون النتائج المبنية على مقدمات فاسدة هي بدورها فاسدة. مما يعني أن الأحزاب ذاتها هي أحزاب النخبة وليست أحزابا للجميع، وهكذا دواليك بالنسبة لأغلبية المؤسسات في الدولة، وما دام أن ما يميز المنضوون تحت هذه المؤسسات هو سلطتهم المعرفية أولا، فإن هذه المعرفة هي آلية إستراتيجية للدفاع عن مصالحهم بطرق قانونية، بينما أولئك المنضوون تحت ما سميناه بكتلة العوام فهم غير ممتلكين لهذه السلطة مما يجعل حقوقهم عرضة للانتهاك والاستغلال، وكما هو معروف في أدبيات الدراسات القانونية، فإن القانون لا يحمل مغفليه. الجهل إذن، هو السر في تردي أوضاع الفقراء والمهمشين، فهم لا يفتقرون الى المال وإنما إلى سلطة المعرفة.
إن كل من ينتمون إلى كتلة الدولة يعملون على استغلال كتلة العوام أو الشعب بشكل قانوني. القانون أضحى أداة وآلية فعالة للابتزاز وليس آلة لإحقاق الحق، الأمر الذي دفع بالكتلة المثقفة – في غالبيتها وليس كلها لان هناك نسبة من الوطنيين الشرفاء الذين فضلوا الاقتيات على الخبز الحافي بدل استغلال الشعب- إلى البحث عن آلية الاستغلال ذات طابع ملطف. بل إن المر لا يتوقف عند هذا الحد، أي قيام النخبة بامتطاء القانون للابتزاز والاستغلال، بيد أن الدولة ذاتها وجدت أن هذه المؤسسات تخدم مصالحها ، وخصوصا منها مؤسسات المجتمع المدني، لان هذه المؤسسات ما هي إلا خلايا صغرى أدخلها النظام من أجل الزيادة في التحكم في المجتمع على المستويات الصغرى، إنها التجلي الأمثل لما سماه ميشيل فوكو بميكروفيزياء السلطة، بحيث أن المؤسسات الحكومية المتمثلة في الشرطة والأمن والأحزاب المخزنية وغيرها من الهيئات أضحت غير قادرة لوحدها على التحكم في الأوضاع، ومن ثمة أصبحت مؤسسات المجتمع المدني أداة فعالة في يد النظام من أجل تدجين المجتمع بغية إنتاج أو صناعة جيل هجين ووهن يؤمن بوجود دولة حقيقية متمثلة في مؤسساتها ولسنا أمام أقطاعات يقودها أشخاص.
هكذا إذن، تحالفت مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية على الشعب، وقامت بإبداع مجموعة من الإطارات والأوعية حيث يتم إنتاج بضاعة أو حشد بشري – وليس مجتمع- يسهل التحكم فيه وتوجيهه. ومن ثمة نخلص إلى وجود شرخ في بنية الشعب المغربي، فمن جهة هناك نظام مؤسساتي قائم بذاته لا ينظر إلا لمؤسساته وكيفية الحفاظ عليها، ومن جهة أخرى شعب مفقر ومجهًل لا يبحث إلا عن ضمان وجوده من دون أي اكتراث لما هو سياسي، فالمطالب السياسية لا تهمه أو على الأقل لا تدخل في أولوياته، بينما أن شغله الشاغل هو المطالب الاجتماعية المتمثلة في آليات الحفاظ على البقاء.
بهذا الشكل يتم ابتداع واصطناع الوحدة والتجانس واللحمة والجمال فوق التشقق والتصدع والخبث. إنها محاولة ماكرة لإيهام المواطنين أن هناك دولة مؤسساتية فعلية، تسهر على ضمان المساواة في الحقوق والواجبات. محاولة يائسة تريد أن تؤكد على الوحدة بين مكونات وفئات الشعب المغربي، معتمدة مختلف الوسائل، ومنه فإن الحكومات داخل الدولة، بما هي حكومة حاملة لبرنامج سياسي، غير ملتزمة ببرنامجها السياسي ولا مكترثة لمطالب الشعب، فكل ما يهمها بما هي جزء من كتلة الدولة هو الحفاظ على وجودها حتى ولو كلفها ذلك الإجهاز على مصالح الشعب. وقد تكون الحكومة الملتحية أصدق مثال على ذلك، حيث أنها سطرت مشروعا سياسيا عريضا، لكن بمجرد ما أن صعدت سدة الحكم حتى تبخر المشروع وانهار البنيان. وعدت بإصلاح المجتمع وبرفع رواتب الأعوان إلى 3000 درهم وبإصلاح نظام الضريبة وصندوق المقاصة ثم رفع نسبة التشغيل للأطر المعطلة، مع وعد لامع وبراق يتمثل في تحقيق نسبة نمو لا تحققها حتى الدول المتقدمة تصل إلى 7 في المائة، لكنها حينما جلست على منصة الحكم واستطابته تراجعت إلى 5 في المائة فقط، ومن ثمة أضحت هذه النسبة تتقلص أو ترتفع حسب مزاج الحكومة ، إلى أن استفقنا على دوي أزمة الاقتصاد المغربي بعد صدور تقرير البنك الدولي، وهي الآن تحاول إصلاحه على عاتق كتلة الشعب دون أن تمتلك الشجاعة الكافية على مواجهة كتلة الدولة، أي الطبقات الميسورة، التي تستغل ثروات الشعب بدون حسيب ولا رقيب، ومن حين لآخر تطلع علينا الحكومة ولحيتها أخذت في التقزم، بشعارات استنفذت : إننا في دولة الحق والقانون، متناسية أن القانون هو قانون الأقوياء – أي قانون كتلة الدولة – وليس قانون الشعب والمستضعفين كما يؤكد على ذلك الفيلسوف الألماني نيتشه، فليس الشعب هو الذي يصنع القانون لأنه يفتقر إلى سلطة المعرفة كما مر معنا، بل هناك جهات خاصة هي التي تعمل على انتخابه وإنتاجه وتوزيعه، بينما تكون المهمة الأخيرة للشعب هي المصادقة والتصفيق، مهمته تكمن في القول : نعم وليس في مناقشة بنود القانون. ومن يمتلك القانون هو بالتالي يمتلك الحقيقة، لان الحقيقة هي حقيقة المهيمن وليس المهيمن عليه.
ولما كان الشعب ملقى به تحت رحمة الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية والنفسية، فإن الحكومة تعمل على اصطناع أحداث وتلفيق الملفات لإزاحة أنظار المواطنين عن القضايا الجوهرية وتوجيههم إلى قضايا لا تغني ولا تثمن من جوع. لقد حاولت الدولة منذ عقود إزاحة اهتمامنا عن طريق استنبات قيم الخسة والرداءة، فعوض تربية المواطنين على قيم المواطنة والديمقراطية والكرامة... فهي تعمل على تنظيم بمهرجانات تخسر عليها الملايير من الدراهم لخلق الفرجة، وكأن الفرجة من أولويات الشعب. هكذا يتم استضافة عمال الفن بالملايير لبضعة دقائق أو لمجرد الوقوف على الخشبة ليراهم الجمهور ويحقق ما يسمى عند المتصوفة بلحظة "الشهود الإلهي". إنهم يتلاعبون بالقيم الإنسانية الحقيقية والنبيلة، فلم يعد الفن أداة للتحرر أو النقد ولا أداة الحكم والتربية على الذوق الجميل، بل هو الوسيلة الأنجع لاستنبات القبح والخبث وتكريس قيم العولمة الوضيعة، العولمة التي هي وليدة المجتمع البورجوازي الغربي الذي حقق الأولويات وانتقل إلى الكماليات، حقق مجتمع حقوق الإنسان – التي لا زالت مجرد حلم بالنسبة لنا – وانتقل إلى حقوق الحيوان، المجتمع الذي تجاوز حق المواطنة إلى المواطنة الكونية. إذن، أليس أن كل هذا يحيل على تفاوت حضاري يقارن بمئتي سنة أو أكثر كما حدده محمد أركون ؟
بل الأدهى من ذلك، حينما تفطن الشعب لهذه الهلوسات وبدأ يرفع شعار المطالب الاقتصادية والاجتماعية، فإن كتلة الدولة أوجدت حلا من نمط جديد، فاتجهت إلى اصطناع جماعات دينية وظيفتها إثارة قضايا شخصية ذاتية، من قبيل الإلحاد والكفر وغيرها، إنها تعمل على جر النقاش إلى قضايا ميتافيزيقية لا تدخل في أولويات الشعب. وهكذا نجد مؤسسات أو جماعات الكتلة الدينية التي قامت الدولة بانتخابها لتمرير خطاباتها. فهذا الشيخ النهاري أثار فتنة التكفير والتحريض على قتل الغزيوي بدون أن يحاسبه أحد على إثارة الفتنة، وهذه مؤسسة المجلس العلمي الأعلى أصدرت فتوى مفادها قتل المرتد، الامر الذي يستدعي التساؤل : هل كل فرد له الحق في تكفير فرد آخر ؟ وأليس أن مسالة المعتقد هي مسألة فردية وذاتية ولا يحق لأحد التدخل فيها أم أننا نعيش لحظة الوصاية، حيث كان رجل الدين يضطلع بوظيفة التوسط بين الإنسان وربه ؟ هل لا زالت الرؤية القروسطوية القائمة على عدم أهلية الانسان لاكتشاف الحقيقة بذاته وإنما عليه أن يستمدها من الوحي والكنيسة؟ وأليس أن الدين مبني على مبادئ التسامح والتعايش والأخوة والصفح والعفة في جين أن مؤسسات الدين تظهر لنا أن الدين هو دين الترهيب والتخويف والتعذيب؟
إن كل هذه الأحداث تؤكد لنا حقيقة أساسية مفادها أننا لسنا أمام فقهاء للدين وظيفتهم تعليم المؤمنين فرائض الصلاة وإتيان الخير واجتناب الشر والتسامح وإنما نحن أمام دعاة يسخرون الدين لخدمة أهداف سياسية محضة تتزيى بزي الدين كإيديولوجية وليس كإيمان ؟
لقد أضحينا نعيش فترات الانحطاط في التاريخ العربي الإسلامي، حيث كان الدين أداة فعالة لخدمة أغراض سياسية محضة. ولما تفطنت الدولة لقيمة الدين في الحشد والتجييش، بل والتخدير أيضا، أقدمت على هيكلة الخطاب الديني وإدماجه داخل حقل السياسة ( كتلة الدولة). وبذلك امتلكت ذرعا حقيقيا لمواجهة الشعب، فانسلت الدولة من المواجهة المباشرة مع الحركات الحداثية المطالبة بالعدالة والديمقراطية، وفوضت لجماعات الدولة المدنية مواجهتها. فلم يعد هم الدولة هو الحفاظ على الامن واستنبات قيم التعايش والتسامح بقدر ما أنها انخرطت بدورها في سياسة لاهوتية.
إنه لمن المؤسف حقا أن يتم وضع معايير ذات أبعاد سياسية لاختبار مدى تدين الأفراد، فهذا أستاذ الجديدة تم اتهامه بالالحاد فقط لأنه اختزل عبارة " صلى الله عليه وسلم" في حرف " ص" وأقر بعدم وجود نص قطعي بخصوص مسألة الحجاب، وهذا الأستاذ أحمد عصيد وصف بأنه "كافر" و " عدو الله" فقط لأنه تحفظ على تدريس رسالة النبي :" أسلم تسلم ..."، وهذه الطالبة فدوى الرجواني طبق عليها القصاص من طرف حمقى حراس الخطاب الديني فقط لأنها كتبت على موقعها الاجتماعي : " العلمانية هي الحل". إذن، أليس من المعقول أن نتساءل، أم أن السؤال في حد ذاته محرم ومجرم في الخطاب الديني ما دام انه عنصر مشاغبة وفضول فكري، عن طبيعة الخلفيات التي تثير كل هذه الفتن ؟
إن هدف كل هؤلاء هو إزاحة النقاش عن مجراه، فبدل تركيز النقاش حول مطالب الشعب الآنية المتمثلة في العدالة الاجتماعية، من قبيل الحق في التعليم المجاني والتطبيب والسكن...فإنه يتم إثارة قضايا هامشية، فما الذي ستنفعنا به قضايا من قبيل الإلحاد والكفر والإيمان وعدم الإيمان، لقد أثيرت منذ البدايات الأولى للبشرية ولا زالت تطرح ولا من طائل، بل الإشكال هو من يطرح هذه القضايا ؟
إنهم الطامحون إلى تأسيس دولة تيولوجية، لكن مسألة المعتقد هي مسألة ذاتية، ترتبط بالفرد في علاقته بربه، ويوم القيامة سيعاقب لوحده وليس بمعية المجتمع. لكن مجرد أن تخرج عن الذات، بمعنى بمجرد ما أن يتم إقامة علاقة، فإننا نكون في حقل السياسة. فالدين هو عنصر الإيمان وليس عنصرا للمزايدات السياسية والتوظيفات الإيديولوجية، ومن أجل الإيمان لسنا في حاجة إلى مؤسسات سياسة الخطاب الديني من قبيل : الزوايا ودور القرآن، دار الحديث الحسنية ولا إلى الرابطة المحمدية للعلماء أو المجلس العلمي الأعلى ولا إلى الدعاة أو المرشدين الدينيين...
لقد تفطنت الدولة لقيمة الخطاب الديني ولذلك لجأت إلى إعادة إدماجه في الحقل السياسي، وقد أسلفنا بأن هناك تشققا حاصلا بين كتلة الدولة وكتلة الشعب، وما دام أن الخطاب الديني يهم العامة أو الشعب، فإن إدماجه داخل مؤسسات الدولة كان بهدف إعادة رتق التصدع وردم الهوة بين كتلة الدولة، بما هي نظام سياسي نخبوي، وكتلة الشعب الأمي والفقير، كما من أجل تغيير بؤرة اهتمام المواطنين، من مطالب مادية اجتماعية، يشكل إثارتها للنقاش خطرا على الدولة إلى قضايا لاهوتية خاضت فيها الشعوب السابقة، العربية الغربية على السواء، من دون طائل. وعلى اعتبار أن الشعب لا يبحث إلا عن آليات البقاء مهما بلغت ضآلتها وهزالتها.
هكذا وجدت الدولة ضالتها في الخطاب الديني وحراسه، فأضحت تضرب الواحد بالآخر، وأصبحت تلعب على أوتار مكونات الشعب المغربي، فحينما ترى أن التيارات العلمانية خرجت عن القطيع فإنها تدفعها إلى صراعات مفبركة ضد التيارات الإسلامية، وهكذا يبقى الصراع مستمرا والنظام قائما والشعب مفقرا ومجوعا. وهكذا تختتم المسرحية المغربية، في كل مناسبة، على خطاب سياسي مكتوب بلغة دينية، وهو ينشد معزوفة رديئة : عليكم طاعة أولوا الأمر ...



#الفتاح_السنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح في ضيافة السياسة: في منجزات حكومة بن كيران


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفتاح السنون - المسرح في ضيافة السياسة: في منجزات حكومة بن كيران