أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين النصيري - خصوصيات الأدب الشعبي















المزيد.....

خصوصيات الأدب الشعبي


نورالدين النصيري

الحوار المتمدن-العدد: 4313 - 2013 / 12 / 22 - 16:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الثقافة الشعبية المغربية وحدة شاملة تتميز بالتنوع و التغير،ويمكن اعتبارها شأنا انثروبولوجيا و ثقافيا تتعدد في الزمان و المكان,لاعتبارات تاريخية و دينية و سياسية و اجتماعية تخرج عن اللحظات الزمنية الانية، و ربما تحرجها في لحظات عديدة,وتتصل وحداتها بعضها على الرغم من التنوع الذي قد يظهر في الأول كنوع من الاختلاف,ولكنه الاختلاف المؤدي الر رحابة السعة و التسامح,فالتعدد الثقافي في نظري سبيل التسامح الثقافي,لأن العين لا تمل من كثرة الزخم,بل تمل من الرتابة و التكرار ،وإذا كنا نرى أن الدول المتقدمة أحرزت تقدما هائلا في العلم والتكولوجيا ومختلف مظاهر الحياة ،فإنه لا داعي من التشكيك"النظري" في قدرة الثقافة على رأب الصدع بين الخواء الاجتماعي لأي أمة،ومن ثم يمكننا أن نعتبر الثقافة الشعبية وطن كبير وجواز سفر يضم بين كليلته العديد من الأشياء التي تحدد ثقافة الانسان فردا و جماعة ..ومن بين هذه الأشياء نجد أن الثقافة تتجلى في العمران و الموسيقى واللباس وغيره كثير..وكل هذا دليل كبير على مدى ألق المجتمع وتقدمه ,فمن لا "ثقافة له,لا رؤية لديه",والادب الشعبي المغربي له خصوصيات تميزه ومن بينها
الشفاهية"
ان الأدب الشعبي خطاب شفهي يتميز بالروح الجماعية حسب ظروفها و مزاجها الثقافي,فهو انتاج مجهول ينتقل من جيل الى جيل,عن طريق المشافهة,كالأغنية الشعبية و الأمثال مثلا,وبهذا يصبح هذا الأدب انتاجا جماعيا شفاهيا,يتعرض لتعديلات و تنقيحات,فالشفاهية ليست مجرد انتاج للشفاه,بل كل ما يعكس و يكمن في الخيال الشعبي الساذج من ثمثل للأشياء و العالم و الموضوعات جمالا و قبحا وحبا و كرها.ان الشفاهية هي و سيلة لانتاج الالغاز و الامثال و الأحاجي و غيرها من الفنون الشعبية,بحيث يكون من المستطاع أن يضاف اليه أو يحذف منه أو يعاد ترتيب عناصره أثناء انتقاله من موطن ومن مجال الى مجال اخر,كما لا يقتصر مفهوم الشفهي على المنطوق و المسموع بل يزيد عليه وسائل اخرى للتواصل من ايماءات و اشارات و ملامح و أوضاع حركة الجسد كتعبيرات مصاحبة تسند التعبيرات اللفظية,وهذا موجود مثلا في الادب المسمى رسميا,خصوصا في فن المسرح و ما يرتبط به من ارشادات مسرحية.
ان ارتباط الأدب الشعبي بالشفاهية,لأنه معني أيضا بالحديث و الغناء و السماع,لأنه مرتبط اشد ارتباط بالذاكرة,وعندما يفقد من الذاكرة يضيع تماما,على نقيض الادب الرسمي المدون و الذي يسهل حفظه و ترتيبه,على اختلاف العصور و الامكنة,واعتماد الأدب الشعبي على الذاكرة يعرضه للنسيان أو الاضافات أو الاستبدالات المقصودة و الغير المقصودة مما يجعله دائما في طور التشكل,مما يطرح السؤال الاشكالي الكبير وهو تدوين هذه الكتابات,فهو فن شفهي تنتجه جماعة شعبية ,ولا يكتسب الأدب هذه الصفة الا اذا كان صادرا عن جماعة تتداول و تتناقله بين أعضائها الجماعية,باعتباره ملكا جماعيا و مشاعا ,ومعبرا عن قيمهم و مثلهم و رؤاهم المشتركة,انه رصيد مشترك شائع بين الأفلبية الثقافية,وهذه المشاركة هي التي تسمو بالنوع الشعبي الى درجة فنية الى الحد الذي تجعله بشكله المتداول فوق مستوى الفرد,لانه يشتمل مجمل الفنون الشعبية القولية,كالحكاية الشعبية و الاغاني الشعبية و الألغاز و النكات و النوادر والأمثال ,باعتبار هذا الأدب منبعا صدار عن وجدانها الجمعي.
الجماعية
ان الادب الشعبي أدب صادر عن جماعة بشرية تؤثر في طبيعته و خصائصه المميزة,وجماعية هذه الثقافة لا تتم بواسطة كل أبنائها,بل بقبول وتداول الجماعة,وتبنيها لهذا الادب هو مايعرضه لعمليات متداوالية من تعديل وحذف و اضافة بسبب الروايات المتعددة للنصوص نفسها,وهذه النتيجة هي أحد أسباب احتفاء باحثي الأدب الشعبي بالصور المتغيرة و الروايات المتعدة للنصوص نفسها بقصد الكشف عن البعد التاريخي للنص,ومهما تمايزت مكونات الأدب الشعبي فانها تظل وجها من وجوه العمل في حياة الجماعة البشرية,ومظهرا من مظاهر تحقيقها لوجودها.
فالادب الشعبي تعبير جمالي مجهول الهوية يتداوله الناس,وكل يضيف عليه بحسب أفكاره ومعتقداته,فهو الممثل للضمير الجمعي أو الاشعور الثقافي الذي ينتقل من جيل الى جيل,فعملية التداول تجعل هذا النوع من الأدب مجهول المؤلف فتنصهر شخصية المؤلف في الشخصية الجماعية,ربما كتغييب مقصود حتى تجهل شخصية المؤلف,لأن كل مؤد للأعمال الشفاهية,انما هو مبدعها في ان واحد,فالملحون مثلا يعاكس هذا الاتجاه عندما يقدم لنهاية قصيدته باسمه,عكس المرددات النسائية التي لا نعلم قائلها و أين ومتى,اخفاء للهوية بسب نسبية المجتمع النسبي الذي تنتمي اليه المرأة.ان الادب الشعبي لا يمكن أن يكون شعبيا الا اذا استقبلته الجماعة بأسرها و رددته,لكن مفهوم المؤلف الجماعي موجود في الفكر الحديث,فلوسيان كولدمان حاول بلورة المفهوم من خلال منظور ماركسي قائلا بأن الكاتب و الأديب لا يعبر عن ذاته بقدر ما يعبر عن وعي الجماعة(المنهج الاجتماعي).لأن الجماعة هي المتج الحصري لمواضيعه,فكل فرد يحس بأن الموضوع الذي يقدمه هذا الأدب يمسه بشكل مباشر وقبل أي فرد اخر.

العامية
يستخدم الادب الشعبي اللهجة المحلية العامية التي تحررت من الاعراب,ولهذا أطلق عليها صفي الدين الحلي اسم الادب العاطل,ووصف اعرابه بأنه لحن,وقوة لفظه وهن,فاللغة المستخدمة لغة سهلة يفهمها العوام,مشبعة بروح البساطة و الاستعمال اليومي,وقدرتها الكبيرة على التمتع بالحرية,لأنه ينطلق من لسان الانسان البسيط الساذج,و لهذا يوصف الأدب الشعبي عادة بالأدب التلقائي,وتعرف التلائية بأنها القدرة على الاستجابة باسلوب مباشر والتكيف مع وضعية معينة ,فالفعل التلقائي هو الذي يحدث بدون تفكير سابق واندفاعه بدون تحليل أو نقد,فالأدب الشعبي مساير للفطرة أكثر من الادب الرسمي الذي يعتمد على المنطق في حبك السرد و الربط بين الاحداث,ومن ثم برزت من بين الخصائص الاسلوبية لنصوص الادب الشعبي خصائص بعينها تتواق مع شفهيتها مثل شيوع التكرار,والميل الى تحوير الكلمات واعتماد منطق التصوير الفني الذي يزاوج بين التلميح و التصريح,فقد كتب شاكر النابلسي واصفا تضاريس العقل العربي في تفاعلاته مع اللغة المسموعة و اللغة المكتوبة ما يلي" تتسم العقلية الشفاهية بالحماسة و الانحياز للمشاعر التي تشدو بها الكلمات .....فالعقلية الشفاهية لا تعرف المقارنة بين جملة و جملة ,كما في الثقافات الكتابية ,التي تتسم بالتقدم و التراجع بعيدا عن الثاثيرات الصوتية".

الاعتقادية
ان الادب الشعبي ,أدب يتداخل فيه الديني و الشعبي و المقدس و الدنيوي ,فلا فرق هنا في الاعتقاد الشعبي بين الاستخدام و الاستشهاد بالاية القرانية و الحديث النبوي ,وبين الاستشهاد بالمثل الشعبي مثلا,فالكل مصدر سلطة لتتبع معايير السلوك الجماعي,ذلك ان الناس في كل المجتمعات التي تتحكم فيها الذهنية الشفوية,يزنون كل شيء بميزان الاعتقاد الشعبي ,باعتباره تصورات أنتجتها المخيلة الشعبية و احتلت عقول الناس,فأمسى التسليم بها من المسلمات ,ومن وجهة نظر الأنثروبولوجيا فان الاتقاد بسلطة و قوة الماثورات الشعبية على ذهنية الشعب,تعود بالدرجة الاولى الى بقايا أساطير واندثرت وبقي اثرها مستمرا عبر العصور.فالصراع بين الديني و المعتقد موجود في كثير من الاساطير و المعتقدات الشعبية,مثلا في اسطورة عيشة قنديشة,وكذلك في الحكايات التي يتم تداولها حول شخصية مولاي بوسلهام,فالاعتقاد الشعبي بقدرة هذا الولي الطائر بسلهامة و بركة الناس و التبرك به,فالسلهام هنا و سيلة لانتاج الكرامة,تسبقه لفظة مولاي لتعني الخضوع للفعل,فهو قادر على اشعال المرجة الزرقاء بالماء الأجاج,وفي كثير من المناطق الشعبية يرفض سكانها أن تتم الحكاية نهارا,فمن يحكيها يصاب بالصلع,فلهذا الثراث الاثر في تكوين الشخصية العربية,وفي هذا الاطار يقول المرحوم محمد عابد الجابري في كتابه "نحن و الثراث"," ان الانسان العربي بما في ذلك المثقف مؤطرا بثراثه الذي يحتويه احتواء كليا يفقده استقلاليته,كحكايات وخرافات وخيال,كطريقة في التعامل مع الاشياء كأسلوب في التفكيركمعارف وحقائق",فالجابري يقول ان الاعتقاد في هذا الثراث يبعدنا عن الروح النقدية ,فهو عندما يفكر ,يفكر بواسطة هذا الثراث, ومن خلاله,وعندما يقرا نصا من نصوص ثراثه يقرأه متذكرا لا مستكشفا و لا مستفهما".



#نورالدين_النصيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوتشيشية,ولاية,ومريد
- الخير و الشر,والفكر الضائع
- الثقافة الشعبية,رؤية خاصة لعالم متجدد
- سياقات ما بعد الحداثة,قراءة في المرتكزات
- صورة المرأة الأرملة في الأمثال المغربية
- واقع المرأة القروية بالمغرب,دراسة ميدانية


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين النصيري - خصوصيات الأدب الشعبي