أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير صقر - استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. ومحو الأمية السياسية ( 6 ) عرض لتجربة الثقافة الجماهيرية بالجيزة فى محو الأمية















المزيد.....



استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. ومحو الأمية السياسية ( 6 ) عرض لتجربة الثقافة الجماهيرية بالجيزة فى محو الأمية


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 23:09
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


اجتهدنا فى الحلقات السابقة من هذه الدراسة فى الإجابة عن السؤال الأهم: لماذا فشلت تجارب محو الأمية السابقة التى اتخذت من المفهوم التقليدى لقضية الأمية أساسا لها..؟ ذلك المفهوم الذى يُقصِرها على الجهل بالقراءة والكتابة .. أى اقتصار الأمى فى الاتصال بالمحيط الذى يعيش فيه على الطريقة الشفهية ، ويستهدف ذلك المفهوم إدماج الأمى فى الآلة الاجتماعية الراهنة ولا يسعى - فى أحسن الظروف – إلا إلى جعله ( مواطنا صالحا ).. أى صالحا للتعايش والتكيف – وليس الجنوح والتمرد والاحتجاج – مع جملة الأوضاع والسياسات والقوانين التى تضبط المجتمع وتُسيّره. وعرضنا تجربتين لذلك المفهوم طُبّقتا فى عهدى السادات ومبارك بالشرح والتفنيد .
-كما تعرضنا لمفهوم " اللجنة المسكونية لمحو الأمية " الذى يتجاوز المفهوم التقليدى حيث يرى فى الأمية قضية سياسية ويعتبر الدارس ( أمى أولا وكادح ثانيا ) وأبرزنا اختلافنا معه متمثلا فى أنه كادح بالدرجة الأولى وأمى بالدرجة الثانية وذلك لأن الكادح هو فرد من المجتمع يتعرض للاستغلال والغبن والقهر والتهميش وافتقاد الجانب الأعظم من حرياته وحقوقه الأساسية سواء فيما يتصل باعتماده على قوة عضلاته فقط فى الحصول على قوته ( أى ليس ماهرا أو مبدعا فى حرفة أو مهنة تتطلب المهارة ) أو فيما يتعلق بفهمه ( لحد أدنى ) لدوره فى المجتمع أو بممارسته له أو فى تحققه كمواطن يمتلك درجة من الفعالية ضمن أمثاله من الكادحين. وعليه فالدارس هو كادح بهذا المعنى ويأتى انعدام حصيلته التعليمية – أى أميته الأبجدية- كصفة تالية لكونه كادحا. باختصار فمفهوم اللجنة المسكونية جعل الأصل ( وهو الكدح ) فرعا وجعل الفرع ( وهو الأمية ) أصلا .. أى قلب المعادلة، ومن جانب آخر ارتد فى تطبيق مفهومه لنفس الطريقة التى ينتهجها المفهوم التقليدى مما أثر على إعداد المعلم وعلى دوره وحصيلته وإنتاجه.
-وفى الحلقتين السابقة والحالية نتعرض لمفهومنا الذى يعتبر الدارس ( كادحا بالأساس وأميا بالصفة ) ولجوانبه العملية التى من الطبيعى أن تنعكس على رؤيتنا للمعلم ( إعدادا وممارسة ) وللوسائل المستخدمة كالكتب وموضوعاتها التى تختلف مع كثير من المضامين الواردة فى كتب اللجنة المسكونية بل ولدور المعلم من وجهة نظرها رغم أننا معا نعتمد على مهمته المحورية فى كلا التجربتين ؛ كذلك تتعارض جذريا مع ما تضمنته الكتب التى أصدرتها الهيئات الحكومية التى تتبنى المفهوم التقليدى.
-من ناحية أخرى ناقشنا أسباب الأمية التى تتركز فى ( ضعف الالتزام والتسرب من المدارس الابتدائية والارتداد للأمية وهو ما يحتم (ضرورة إصلاح التعليم النظامى ) الذى يعتبر جزءا أصيلا من مكافحة الأمية فليس من المعقول أن نشرع تجفيف بحر الأمية بمشروعات قليلة جادة لا تنتقص منه إلا قطرات بينما التعليم النظامى يمده بسيول مستمرة من الأميين.
-ومن ناحية ثالثة ضرورة مكافحة جوانب الأمية الثلاث بمشروعات موازية ومتناغمة اقتصادية واجتماعية وثقافية.
-كذلك فإن لم تتم مركزة مكافحة الأمية إما بقرارات سياسية وإجراءات عملية حازمة ومخلصة وطويلة النفَس أو بإرادة شعبية قادرة على أن تزاحم بمنطقها وفعاليتها ونتائجها جملة المشروعات والعراقيل المناوئة والمعارضة وإجراءات مصرة على السير فى الطريق حتى نهايته؛ فإن الجهود المبعثرة هنا وهناك أو التى لا تغطى مساحة المجتمع و تكتفى بجزء منه - مهما كانت صحة المفهوم الذى تقوم على أساسه وأيا كان إخلاصها وجديتها – لن تجتث الأمية بمعناها الشامل من جذورها فى ظل التخلف الذى يشكل مجتمعاتنا. ولذا فإن جهودنا فى هذه الحالة لا تمثل أكثر من حقل إرشادى يجب النسج على منواله فى حياة الأمى والمجتمع بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأن الاحتفاظ بروح ( المثال والقدوة ) حية هو الذى يعيد تأجيجها فى الوقت المناسب .. بل ويحصد نتائجها فى زمن قياسى مقارنا بتوقف تلك الجهود.
- وأوضحنا أن إفساد التعليم وإهماله قد أسهم فى خلق ظاهرتى البلطجة وأولاد الشوارع وهو الوضع الأمثل والمناخ الأنسب لاستمرار نظام الحكم المحافظ - فى طبعاته المتنوعة التى تعادى الشعب- ويدعمه فى ذلك دفع القطاعات الشعبية الفقيرة - التى تجتاحها الظواهر الثلاث- لتحقيق أهدافه بشكل سلس ومتتابع كما يجرى منذ بداية السبعينات على أيدى الطبعات الثلاثة للنظام الحاكم ( باستمرار النهب والإفقار ، وتبديد الأمل ؛ والاستسلام لأعداء الوطن ، والتحالف معهم بعد ذلك ، ثم فى إعادة المجتمع والشعب للقرون الوسطى وتفكيك الدولة، والقضاء على الأمة المصرية ) وهى كما نرى حلقات متواصلة تكمل كل منها سابقتها وتضيف إليها.

المعلم .. إعداده ودوره فى المفاهيم الثلاثة وتطبيقاتها :

فى تجربتى اللجنة المسكونية والتنمية القاعدية بقرى برج نور الحمص وكما سيأتى فى تجربة الثقافة الجماهيرية بالجيزة كان للمعلم الحظ الأوفر فى عملية اختياره وإعداده ليكون قادرا على المهمة التى تعتمد عليه اعتمادا أساسيا؛ وفى تقديرنا ( أن محو الأمية هو معلم محو الأمية ) ، لذا سنتناول دوره فى المفاهيم الثلاثة والأبعاد السياسية والفكرية التى تقف خلفها:

1- ففى المفهوم التقليدى:

يتشابه دور المعلم من الناحية الأساسية مع دور الفلاح والعامل فى المجتمع ؛ حيث يُعتبَر أحد عناصر الإنتاج التعليمى وتلك هى وظيفة الثلاثة كلٌ فى مجاله منذ نشأت المجتمعات الطبقية القائمة على التمييز.
• وفى المجتمع الذى نعيش فيه تتكون عناصر الإنتاج من ( رأس المال ، والأرض ، والآلات ، وقوة العمل أى العمال ) حيث يمثل العمال الحلقة الأضعف فى العناصر الأربعة بمعنى أنه كلما تطورت تكنولوجيا الآلة كلما تم الاستغناء عن جزء من قوة العمل.
• وهو نفس ما حدث مع الفلاحين ( فنسبتهم لمجمل السكان فى أوربا كانت 65 % فى بداية القرن العشرين ، 45 % فى نهاية الحرب العالمية الثانية ، 3 % - 4 % فى نهاية القرن ) كذلك فى مصر كان الفلاحون ما يقرب من ثلثى السكان عام 1952 وتقلصوا حاليا إلى الثلث.
• ولأن المعلم فرد فى ذلك المجتمع و يبيع عمله مقابل أجر؛ ولأنه - فى مصر- يجرى إفساد التعليم تدريجيا فإن إهمال المعلم يمثل أحد عوامل إفساد التعليم ولذلك يجرى تهميش90 % على الأقل من المعلمين فى التعليم النظامى بظهور المدرسة الموازية ( الدروس الخصوصية ) حيث يحتكر هذه الدروس المتميزون من المعلمين فقط . ولأن منظومة التعليم النظامى – و مستواه – لا تستمر ثابتة على حالها بل تتدهور بشدة فتخرج لنا متعلمين غير مؤهلين ( شبه أميين وظيفيا ) وأميين سياسيا أى لا يجيدون سوى القراءة والكتابة وهو ما يُفصح عن السياسات و الأفكار التى تقف خلفها، فمن الطبيعى أن يكون التعليم غير النظامى ( محو الأمية ) أشد تدهورا .. وذلك ما صرح به الدكتور الأنصارى فى وثيقته الشهيرة. فلا تهتم بالمعلم بل تهمله ولا تسعى لتطويره لأن الهدف كما أسلفنا القول هو فى أفضل الأحوال دمج الأميين فى الآلة الاجتماعية القائمة لا أكثر . هذا فى زمن سابق أما فى العقود الأخيرة فإن محو الأمية بالمفهوم التقليدى بمعلميه لن يكون أكثر من جلبة وضجيج يستهدف إبعاد الأنظار عن فساد التعليم النظامى.

2- مفهوم اللجنة المسكونية :

ورغم أنه يرى أن الأمية عنده تختلف عما يشخصه المفهوم السابق ؛ لكنه لا يسعى إلا لتوسيع الخناق المضروب حول رقاب الأميين أكثر من حرصه على التخلص منه نهائيا وتحرير الأميين ليس من أميتهم كما أعلنت اللجنة فحسب بل وخلق المقدمات التى تؤهلهم لكسر جميع القيود المكبلة لهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .. لكنه لم يفعل.
باختصار تسعى اللجنة المسكونية لرفع كفاءة الدارس ليتسع دوره نسبيا ضمن النسق الاجتماعى الراهن وهو ما يهبط بأدائه إلى أرض المفهوم التقليدى ؛ ومن هنا تكون الحصيلة أقل كثيرا مما هو معول عليه من عملية التثقيف والتوعية التى تعتبرهما اللجنة المسكونية حجر الزاوية فى مفهومها؛ لذا ينعكس ذلك على إعداد المعلم وثقافته وقيمه ودوره.

3- مفهومنا :

والمعلم- فى إعداده وممارسته وتطويره من وجهة نظرنا - يبدأ معلما ويشرع فى التحول لمثقِّف للدارسين أيضا وينتهى إلى قدوة وقيادة لهم وممثلا لطموحاتهم فى مجتمع أفضل . ربما لا يكون أفضل الممثلين لكن هذا ما نصبوا إليه.وهو فى سعيه للوصول لهذا المستوى منوط به بذل جهود شاقة ودءوبة ويحتاج لدعوم متواصلة فى متابعة أدائه العملى وتقييمها ولفت انتباهه إلى جوانب القصور فى هذه المهمة.

محو الأمية سلاح ذو حدّين:

إن الأميين الذين لم تضِفْ لهم مشروعات محو الأمية إلا تعلم الأبجدية (القراءة والكتابة فقط ) يصيرون- فى مثل هذا المناخ الذى نعيشه- فريسة للكتب الصفراء التى تنتجها القوى والجماعات الفاشية والرجعية .. وساعتها سنتحسر على أميتهم الأبجدية الضائعة..لأنها كانت ستمنعهم من هذه الكتب لسبب بسيط هو أن إنقاذهم منها يتطلب محو أميتهم الثقافية والسياسية التى تحصنهم بسلاح نقدى وقدرة على الفرز والتمييز بين جملة الأفكار والقيم والثقافات المعادية للتقدم وبين غيرها.
وفى الحقيقة فذلك لا يقتصر على المشروعات القائمة على المفهوم التقليدى فحسب بل إن المشروعات المتبنية للمفهوم غير التقليدى عندما ترتد فى التطبيق إلى أرض المفهوم التقليدى ستلقى نفس المصير وهو بقاء الأمى على أميته الوظيفية والثقافية وبالتالى السياسية والمثال الأوضح لدينا هو ما جرى فى الانتخابات البرلمانية عام 2011 والرئاسية فى يونيو 2012 ) وهنا مكمن الخطر .
إن جرعة المضاد الحيوى ( المقررة لعلاج مرض ما ) إذا لم يتم تعاطيها كاملة دون نقصان تتحول إلى بيئة مواتية لظهور سلالات جديدة ومستحدثة لذات الميكروب الذى سبب المرض؛ وهذه السلالات تستطيع أن تتغلب على المضاد الحيوى الذى تعاطى المريض جرعته ناقصة ، بمعنى أن أى شئ جاد عندما يقدَمُ منقوصا سيؤدى حتما إلى نتائج معاكسة أو مخيبة لما تم استهدافه ؛ وذلك هو مصير أية نصائح شفهية أو أفكار نظرية صائبة ليست مشفوعة بتطبيق عملى صحيح .

تجربة الثقافة الجماهيرية بالجيزة عام 1981 :

أتيحت لهذه التجربة فرص أفضل مما أتيح لتجربة التنمية القاعدية ببرج نور الحمص خصوصا من زاوية الإعداد رغم أن الظروف السياسية التى لابستها كانت أقرب ما تكون للتجربة السابقة. فقد تم إعداد التصور العام لمشروع محو الأمية نظرا لوجود جو عام داخل الثقافة الجماهيرية موات للقيام به. وكانت إحدى الدلائل المؤيدة لذلك هو ما طالب به – بعد شهور – رئيسها الفنان حمدى غيث من إعداد مشروع لتنفيذه فى بيوت وقصور الثقافة بمحافظات مصر؛ وهو ما استجبنا له على الفور وقدمنا تصورنا عنه. لكننا لم نثمن بشكل دقيق حجم الرفض السياسى - من أعلى- الذى يستميت فى وقف مثل تلك المحاولات خصوصا وأن زيارة السادات للقدس - التى أعقبت انتفاضة الخبز عام 1977- كانت ما تزال ساخنة وفاقمها عقد اتفاقية الصلح مع إسرائيل عام 1979 مما أسفر عن سعار ضد كل ما هو شعبى و وطنى و قومى ومعاد للاستعمار وإسرائيل . فقد كانت تلك الحزمة من السنوات ( 1977 – 1981 ) بمثابة مفاصل عملية التحول الدرامى فى السياسة الداخلية على جميع المستويات والانحياز المطلق للمعسكر الغربى فى السياسة الخارجية حيث رابطت القوات العسكرية الأمريكية مع أخرى غربية فى منطقة الممرات بوسط سيناء لمراقبة تنفيذ الاتفاقية على الأرض. أو ربما قمنا بتثمين ذلك الرفض الرسمى لكن اندفاع الشباب ؛ والإحساس بغدر السادات وبضرورة مواجهته ؛ والألم مما أسفرت عنه حرب أكتوبر 1973 من نتائج سياسية مخيبة للآمال .. كان يبطّن نوايانا وعزمنا .
والأهم أن ذلك العزم لم يكن قاصرا على الكثيرين داخل الثقافة الجماهيرية بل تخطاهم إلى خارجها. فبمجرد الانتهاء من طباعة كتابى الدارس والمعلم .. واطلاع البعض عليهما .. تطوع كل من الشاعرين فؤاد قاعود ومحمود جمعة لكتابة الأشعار المتآلفة مع موضوعات الكتاب ، كما أسهم القصاص جار النبى الحلو بكتابة عدد من القصص القصيرة جدا ، وأسامة المهدى بتلحين بعض الأشعار وغنائها ، وعمر البرعى بنشر المقالات بمجلة الثقافة الجماهيرية " الثقافة الجديدة " والإعلام عن المشروع ودعم اقتراح الفنان حمدى غيث فى تنفيذ مشروع آخر لمحو الأمية على نطاق فروع الثقافة الجماهيرية . ليس هذا فحسب بل تطوع المصور الأسبانى جوردى استيفا بتصوير عدة أفلام فوتوغرافية فى ريف الجيزة وإعدادها لتكون شرائح تُعرض بالبروجكتور
حيث أرسلها لمدريد لتحميضها وطبعها دون مقابل؛ وسبقهم الفنانان التشكيليان حسن عبد الغنى وحسين رياض فى تنفيذ رسوم الكتاب، بينما تولى الشاعر محمد سيف مهمة متابعة معظم هؤلاء بدأب وإصرار.

كتاب المعلم :

ينص الكتاب فى مقدمته على : [يصدر هذا الكتاب بجهد متواضع يتلمس الطريق لأول مرة فى الثقافة الجماهيرية ، وإذا كان يحمل صفة المبادرة فهو فى نفس الوقت يتحمل كل تبعاتها ، ويسعى لأن يكتمل فى الطبعات القادمة ليكون فى صورة أفضل بعد أن يمر فى مصفاة النقد والتشذيب .. شأنه شأن كل تجربة أولى. ولقد سعى القائمون على إصداره أن يكون حلقة ضمن سلسلة "يرجون ألا تنتهى " من الأعمال تكافح فى دأب وصبر كل صنوف الأمية فى مصر.. وتعمل لإعداد الجمهور لتلقى المعارف الأرقى والفنون بترقية وسائل الاتصال والتذوق لديه.
ولعلنا لا نكون قد تجاوزنا حدود التجربة الأولى بسعينا نحو عقد المؤتمر العلمى الأول لمحو الأمية فى العام القادم الذى نطمح فى أن يضم كل العقول والإمكانيات الساعية قولا وفعلا للتصدى لداء الأمية ؛ لنرسى تقليدا جديرا بالتحقيق هو استخدام البحث العلمى فى تشخيص أمراضنا ومشاكلنا الثقافية والاجتماعية قبل التصدى العملى لها.]
ثم يتقدم نحو عرض موجز لمفاهيم قضية الأمية محددا التخوم بينها ؛ وينتقل إلى طرق محو الأمية وأسلوب العمل داخل الفصول ليقول : [ لسنا نرى أسلوبا بعينه هو النموذجى فاستخدام لوحة الحروف ( من الورق المقوى ) والسبورة من اختيار المعلم ، واستخدام البروجكتور - إذا ما توفر - لعرض بعض الصور التى تثير عددا من القضايا التى يحويها الدرس أو استخدام المسجل لإذاعة بعض الأشعار عن شكل الحرف وعن القضايا المثارة من زوايا مختلفة أو لإذاعة قصة قصيرة لا تستغرق أكثر من دقائق قليلة. هذه الوسائل كلها تخضع لتقدير المعلم وإن كنا نرى أن يستخدم منها ما يتعامل مع أكثر من حاسة كالنظر والسمع لأن ذلك يثير القضايا فى ذهنه من جوانب عديدة ، ويطرد الملل الذى يمكن أن يتسرب إليه ؛ بالإضافة إلى أن تباين الوسائل الإيضاحية يدفعه للحوار مع زملائه ومعلمه.]

ينقسم الكتاب إلى 4 أجزاء:

الجزء الأول : من الدرس 1- 9 لتعليم 11 حرفا
هى: ع ، م ، ل – أ ، ى ، و - ع ، ر ، ق ، س ، ن.
الكلمات هى : عمل ، علَـمْ ، عِـلْم – عرَق – رقم .
استخدام حروف المد الثلاثة - لتكوين كلمات جديدة : عامل ، عالم .
ثم تكوين أفعال : يعمل ، يعْلم ، يعرق ، يعول .
ثم تكوين جمل بسيطة : عمر عامل .
ثم جمل مركبة عمر يعمل ، ويعرق ، ليعول أم عمر.
البدء فى الحساب ودراسة الأرقام ( الدرس 8 ) حيث يتعلم حرف ( ر ) فى كلمة رقم.
فى الدرس التاسع : يدور الحوار حول موضوع كامل أكثر تركيبا مما سبقت دراسته .

مع ملاحظة الآتى :

- لا يتم تكوين كلمات ولا جُمل إلا من الحروف التى تمت دراستها أو تدرس فى نفس الدرس. - لا يزيد عدد الحروف عن حرفين فى الدرس.
- لا يتم الانتقال للدرس التالى إلا بعد هضم الدرس الحالى.
الجزء الثانى : من الدرس 10 – 25 ينتهى فيها من دراسة كل حروف الأبجدية.
ويبدأ بحرف الدال فى كلمة ( سد ) ، والموضوع محل الحوار أكثر تركيبا عما سبقه ، ويحتوى جوانب جغرافية وعلمية وتاريخية ؛ علاوة على علاقته بالنيل و بالزراعة والصناعة ومستقبل المواطنين فلاحين وغيرهم .
والأهداف التثقيفية والحوار بشأنها يدور حول سد أسوان ، ويبرز قيمة العمل والعلم اللذين يلعبان دورا أساسيا فى خلق الحضارة وتطوير الشعوب ، ويوضح أهمية الجهد البشرى فى التقدم.

الجزء الثالث:

من الدرس 26 – 28 للمراجعة .
وأحدها بدون عنوان ليقترح له الدارسون عنوانا .

الجزء الرابع :

- ليس مستقلا ؛ ويتخلل الأقسام الثلاثة كالتنوين والتشديد والألف المقصورة ، والهمزات ومواضعها والتاء بنوعيها ، وألـ بنوعيها ، والمثنى والجمع ، وأسماء الإشارة وغيرها.
- علاوة على دراسة الأرقام وبعض العمليات الحسابية البسيطة.
وكمثال لأحد الدروس وموضوعه وأهدافه التعليمية والتثقيفية التى يدور حولها الحوار نسوق المثال التالى :

الدرس العاشر : ســـد ، لتعليم حرف الدال؛ واللام الشمسية ؛ والهمزة المفردة ؛ وجمع المذكر.

الأهداف التثقيفية :

1- من بنى سد أسوان ؟.. ومتى ؟ ..... إجابة ترشيدية : عمال ومهندسون مصريون فى أوائل القرن العشرين .. وهو أقدم من السد العالى.
2- ما فائدة سد أسوان..؟ .... إجابة ترشيدية : توفير مياه النيل – استصلاح الأراضى – توليد الكهرباء – تحويل الرى الحوضى لرى دائم ( أى زراعة الأرض عدة مرات فى السنة بدلا من مرة واحدة ) - إنشاء المصانع – خفض منسوب الماء الأرضى لتحسين التربة الزراعية.
3- أين يقع السد ؟ ومن أين ينبع ..؟ .. وما هو خط سيره..؟ إجابة ترشيدية : جنوب مدينة أسوان – وينبع من أوغندا – ويمر بالحبشة والسودان ومصر، ويتفرع لفرعين عند القناطر الخيرية ، ويصب فى البحر المتوسط عند مدينتى دمياط ورشيد.
4- أليس للسد عيوب ..؟ وهل يمكن تلافيها ..؟ إجابة ترشيدية : فقدان جزء من الطمى ، وقلة السردين – وتُعالَج بإنشاء مصانع السماد وتربية الأسماك فى البحيرات .
5- هل عيوبه أكثر أم مزاياه ؟ ... إجابة ترشيدية : مزاياه أكثر ، ولا يوجد وضع جديد له فوائد وبلا عيوب.

الأدوات المستخدمة :

الحوار بين الدارسين والمعلم - كتاب الدارس – حروف الورق المقوى - السبورة – القلم والكراسة – المسجل – الصور( الشرائح ) والبروجكتور – الأشعار – القصص القصيرة – الأغانى.
أولا : كتاب الدارس :
يتضمن الموضوعات الكاملة التالية ضمن أقسامه التى سبقت الإشارة لها فى كتاب المعلم بدءا من الدرس التاسع ( الدرس الأخير فى الجزء الأول ) ثم تستمر حتى انتهاء دراسة الحروف فى الجزء الثانى ، ثم دروس المراجعة فى الجزء الثالث :
الأرض – الزراعة - الأسرة – الزواج – المرأة - الصناعة – السد – النيل – العمل – العلم –السوق – الجمعية الزراعية – المدرسة - الماء والمطر – المالك – المستأجر – الطعام –الحق – الحرية – الفقر – الظلم – الوعى .

ثانيا : الأشعار :

وهى نوعان:
أ – أشعار فؤاد قاعود : وتشبه ألفيّة ابن مالك حيث خُصص لكل حرفٍ مقطعٌ شعري من 4 أبيات للحركات الأربعة (الفتح – الضم – الكسر – السكون) وهكذا .. وقد تم تسجيلها استعدادا لإذاعتها.. نعرض منها الآتى :

• حرف الألف :

آن الأَوان .. والأَمل له فى الشعور إحساس
إِنْ عزمنا صح على رصف الطريق بحماس
أُولى العقول اللى يبنوا .. للوطن بأساس
بأْس البلد يقوَى .. لما يقوَى بأْس الناس

• حرف الحاء:

حَاذر .. من اللى يواجْهك.. بابتسام على طول
حِب.. اللى يقدر يراجعك.. لو خالفت أصول
حُرّ اللسان والكيان .. نسمع له.. لما يقول
أحْسن هدية من المولى.. صديق معقول
• حرف الضاد :
ضَاوى يا جسم الأجير.. والأكل عدس وفول
ضِيق الصدور لو يفور.. يفضى لأمر مهول
ضُوء الحقيقة.. يعيد اللى اتعوج.. معدول
إضْمن حدود العدالة .. تبلغ المأمول

• حرف الطاء :

طَاب الهوى واستوى.. والرّك ع النية
طِبّ المحب العليل .. رقة.. وحنية
طُول ما اللى بين بعضنا معروف وأخوِيّة
قطْع الوصال بالفصال أسبابه إيه هية ..؟

• حرف الياء :

يَا بالع السُحت .. أكل السحت طلابه
يِيجى ختام العمل .. من جنس أسبابه
يُوم القصاص لا مناص.. جىْ لك بأنيابه
أيْمن على الخير .. عسير ع الشر وصْحابه
ب- أشعار محمود جمعة : وقد أعد لكل حركة مقطعا شعريا كاملا وليس بيتا واحدا نعرض منها :

• حرف العين - عين فتحة :

عَلمنى يا عالم .. دانا ياما علّمتك
من مرضعك قايم .. بـ اديّا سنّدتك
عَدّيت على غيطانى وسألت .. جاوبتك:
الخضرة دى بذرة.. والأرض ترعَاها
أرويها تتفتح .. رز وخُضار ..تطرح
تاكل و تتفرع .. تملا الحياة جسمَك

عِ كسرة :

عِينى على فرع مال .. واختال على ناسُه
ع الموج ركب للمال.. وساق الكِبر على ناسُه
عِينه اعْتلَت وحدها .. والموج صحيح عوّام
رفع الخسيس أعوام .. ورجع ف يوم داسُه
عُ ضمة :
عُمرك بليل ونهار .. ونهار وليل.. محسوب
والعُمر مهما طال .. فيه العمل .. محسوب
واللى انظلم يا خال .. مظلوم بكيد جهله
واللى نَصَفْ مظلوم .. عالم .. ودا المطلوب

عْ سكون :

تعْرف.. تموت عايش ..
تجْهل .. تعيش ميت
النجمة فى العالى .. فى الغيمة بـتْناغِش
والغيمة حين تتقل .. يبقى المطر .. نبّت
تسْقع .. تولّع نار .. تِدْفا حيطان الدار
بس الأساس بايش .. م الرشْح متفتّت

• حرف الألف – أَ .. فتحة:

أَبدأ .. وانا عارف .. لَفالِف .. خبرة الماضى
أَزرع .. وقبل الغرس ..أَشق الأرض
حضّانة .. تحضُن بذرتى .. ولادى
أَرويها بالنيل .. تنسقى تكبر
أَحصُد .. ووقت الحصاد .. أَحسِب
والحِسْبة تتكعْبل .. لما أشوف خصمى
وقت الحساب .. قاضى
......

ألف فتحة أَ
أَزرع .. أحصد.. أَ
أَغزل أنسج .. أَ
أَبنى واشيّد .. أَ
أَصهر واصنع .. أَ
أَحب الشعب .. وبلدى .. واحب
أَخطى الصعب
أَكبر أَشِب
أَفك الخط
واخط السطر
المعنى محطة .. العلم القطر
ينوّر لينا .. ويعدّينا
بـ يْوَعّينا .. وِعينا معاه
ألف فتحة .. أَ

....
ألف كسرة إِ
إِعرف .. إِفهم .. إِ
إِسمك .. راح تمضيه
إِقرا .. حتعرف إِيه
إِللى حتمضى عليه
واكتب للأحباب
سِرّك .. خبّى عليه
واطلع للحرية ..
واقرا كتاب .. وكتاب
إِفرد عِلْمك غِيّة ..
حتضُمَ الأحباب
والجاهل ح تْدلّه
ويومها .. تشد ايديه
ألف كسرة .. إِ

،،،،،،
ألف سكون.. أْ
لأْ للعتمة .. ولأْ
لأْ للجهل ولأْ
لأ للظلم وبحر الهم .. لأّه يا عم
بحر النور .. العلم ضياء
يكسح عتمة.. ليل الداء
تشفى الناس من داء الهم
بنور العلم حتتزوق (1)
لأ للعتمة .. ولأ للجهل ولأ للظلم
ولأه .. ولأ

،،،،،،
(1) تُنطق القاف ألفا فى هذه الكلمة.

وهذه الأشعار وما تتضمنه من أفكار وصِلات بالحرف الذى تجرى دراسته يلعب دورا فى ترقية معارف وأذواق الدارسين ويزيد متعتهم ، ويشيع جوا محببا من الألفة بينهم.

ثالثا : القصص القصيرة :

للقصاص جار النبى الحلو ، والقصة التالية تتصل مباشرة بالدروس الثلاثة الأولى المتضمنة حروف ( ع ، م ، ل )، وتبلغ كلمات القصة 120 كلمة تقريبا ، وتستغرق 3-4 دقائق لقراءة متأنية وعنوانها .. ( العلم ) وتتضمن شخصيات تأتى تباعا فى موضوعات الكتاب :
العَلَـــم
.. علم مرفوع ويعلو فوق البلاد ، لكل بلد علم، ولكل وطن علم ، وفى هذه المدرسة علم. عَ.. لَ.. مْ . لو عندى علم ...؟ هكذا قال فريد ومضى حزينا ، قالت أمه : لماذا أنت حزينٌ يا فريد..؟ .. فلم يرد. جلست الأم بجلبابها الأسود على كرسى خشب صغير .. رأت النافذة المكسورة والتراب على الأبواب ، لم تقم لتنظفها .. لماذا تنظفها .. وصاحب الدار يريد أن يطردهم منها ..؟.. ؛ وهو الذى لم يكتب لهم عقد إيجار ، وهو الذى كان غلبانا ثم تاجر فى الخيش والعلب الصفيح .. وصار غنيا .
كان فريد الصغير سعيدا وأم فريد سعيدة وأخوات فريد سعيدات ؛ كانوا كلهم سعداء لهذا المنزل الصغير المتهدم ذى الإيجار البسيط . وتعود فريد أن يمر على المدرسة الابتدائية ويجلس فى ظل شجيراتها حزينا لأنه لم يتعلم..؛ ثم ينظر طويلا للعلم . للعلم ثلاثة ألوان .. أسود .. وأبيض .. وأحمر؛ وللمدرسة علم .. لكل بلد علم.
حين يمتلك الإنسان شيئا عزيزا عليه .. يضع عليه علما ..
لمّا عاد فريد عصر يوم ( صافى ) .. كانت أمه تكوّم عفش الدار كله فوق عربة كارو.. ؛ سألها فريد : إلى أين يا أمى ..؟ ؛ ردت بفرح : عمك أبو عمر أجّر لنا دارا صغيرة بمطْرحين وسطح وسلم خشبى بأجر صغير . تقافز فريد بفرح وقال : سألعب أمام الدار .. وسيكون السطح لى .. والشمس لى ؛ وسمع صوت العصافير تغنى .. وسمع الهواء يصفّر بنغم .. ورأى الفرح فى عينى أمه.
كانت الدار صغيرة جميلة .. ورتبت الأم السرير والكنبة الخشب ، وكانت شمس الأصيل تحُط برفق على الأشياء .. حين صعد فريد .. فوق سطح الدار.. ورشق عليه علما صغيرا جميلا .. كان يرفرف .. وفريد يبتسم.

رابعا : الأغانى :

وهى بعض الأشعار الصالحة للتلحين والغناء التى أعدها فؤاد قاعود ومحمود جمعة ؛ ولحنها وغناها أسامة المهدى ، وتذاع على الدارسين إما منفردة أو مع قصة أو مقطع شعرى.
خامسا : الصور( الشرائح ) المعروضة بالبروجكتور:
صورها الفنان الأسبانى جوردى ستيفا فى قريتين من قرى الجيزة ( البراجيل و طموه ) وتتضمن مشاهد من حياة الفلاحين وعملهم فى المنازل والحقول ، و تعرَض بالفانوس السحرى أو البروجكتور ، وتصلح مادة للحوار مع موضوعات الكتاب .

الدورة التدريبية للمعلمين والمعلمات :

عقدت الدورة التدريبية الأولى لمعلمى ومعلمات محو الأمية بقصر ثقافة الطفل بالعجوزة التابع لمديرية ثقافة الجيزة فى الفترة من20 إلى 28 يونيو 1981وأشرف عليها بشير صقر وشارك فى الإعداد لها وإدارتها الزميلان سميح منسى وآيات ريان وتضمنت المحاضرات التالية:
1- ثقافة الفلاحين .. د. حسن الخولى .
2- نفسية الكبار - تعليمهم وطرق قيادتهم .. د. قدرى حفنى .
3- تجارب التنمية الثقافية فى الريف المصرى .. أ. عز الدين نجيب .
4- التنمية الريفية وعلاقتها باقتصاديات الريف.. د. محمود منصور.
5- تجارب محو الأمية فى الريف المصرى . أ. بشير صقر .
6- دور الإعلام فى تكوين ثقافة الجماهير .. د. حسن الخولى .
7- دور السينما فى تكوين ثقافة الجماهير .. الناقد السينمائى كمال رمزى .
8- دور المسرح فى تكوين ثقافة الجماهير .. الكاتب المسرحى مهدى الحسينى.
9- دور الأدب فى تكوين الوجدان الشعبى .. أ. أحمد الحوتى.
هذا وقد دارت حوارات مطولة بين المعلمين والمعلمات وبين المحاضرين كانت مؤشرا على نجاح اختياراتنا لكليهما ومشجعا على استمرار النشاط.

التطبيق:

تم توزيع الكتابين على بيوت الثقافة فى بعض قرى شمال وجنوب الجيزة وبولاق الدكرور بمدينة الجيزة وعلى عدد من النشطاء المهتمين بقضية الأمية وبعض الجمعيات الأهلية . واستمرت هذه المحاولات العملية مستخدمة كتابى الدارس والمعلم فقط بسبب عدم رصد ميزانية للأدوات والوسائل المساعدة .. والأدوات الكتابية للدارسين حتى توقفت فى شهر أكتوبر 1982.. لكن التجربة على قصر عمرها فى التنفيذ قد وصلت أخبارها لمناطق وهيئات متعددة دفعت الكثيرين لطلب الكتب وتفاصيل المشروع لتطبيقها أو لاستخدامها دراسيا وأكاديميا.

الحصاد ومحاولة لتحسس الأسباب:

لما كان التشخيص الخاطئ لقضية الأمية يستتبعه علاج خاطئ بالضرورة ؛ فإن التشخيص الصائب لها لا يفضى لعلاج صحيح وناجع تلقائيا ، لأن تحويله إلى حيز التطبيق الدقيق والمحكم هو حجر الزاوية وهو العملية الحاسمة ليس فى علاج الأمية فحسب بل فى علاج أية قضية أخرى منذ بدء التاريخ الإنسانى. وبمتابعة كثير من المحاولات لتطبيق التشخيص غير التقليدى الذى نتبناه نجد أن النتائج التى أنجزتها متواضعة منسوبة لحجم الجهود المبذولة فى الإعداد والتنفيذ ، ويدفعنا ذلك للتساؤل : لماذا هزال النتائج وتواضعها..؟
وتأتى الإجابة عن السؤال بنوعين من الأسباب :

الأولى داخلية وتتصل بكيفية التطبيق ، والثانية بالعوامل الخارجية التى تنبع من الظروف المحيطة بالتجربة.
وفى الأسباب الداخلية نجد أن ضعف القدرة الجيدة على التطبيق والتفهم الحقيقى لأبعاد القضية وجوانبها ولمشاكل التنفيذ أو لتدنى الوسائل المستخدمة وغياب الكثير منها كأن تستخدم كتب العمال للصيادين أو كتب الفلاحين للبدو حيث لكل فئة من هؤلاء قاموسها ومشاكلها النوعية و بالتالى كتبها وموضوعاتها الخاصة إلخ. بمعنى أن ذلك كله ربما يكون المسئول عن تدنى الأداء و ضعفه من القائمين على التجربة من مشرفين ومعلمين.

أما فى الأسباب الخارجية :

1- فإما أن الظروف المحيطة بالأميين والمجتمع قد تغيرت وهو ما يستدعى تعديلا جزئيا فى التشخيص ومن ثم الاحتياج لنفس التعديل فى التطبيق.
2- أو أن تناول قضية محو الأمية فى الممارسة يتطلب العمل على محاور أخرى موازية ( اقتصاديا واجتماعيا ).
ودون أن نصادر على الحوار الذى يجب أن يدور فى هذا الشأن نشير إلى هذين العاملين اللذين يلزم أن يأخذا حقهما من البحث والتمحيص.
وبهذه المناسبة نلفت النظر إلى أن كثيرا من المثقفين والنخب السياسية والنشطاء يترفعون عن المشاركة فى مشروعات محو الأمية تفضيلا لغيرها عليها كالقضايا السياسية الكبرى .. ويدعم ذلك أن أغلبهم يتجمعون فى المدن بينما تتركز الأمية فى الريف .

خاتمة :

لقد ذكرنا فى وقت سابق أن ثورة المدن الكبرى فى 25 يناير 2011 إذا لم يتلق مركزها ( فى القاهرة والسويس والإسكندرية ) دعما حقيقيا من محيطها فى الريف فلن تستطيع تحقيق أهدافها وربما تتعرض للخطر ،وقد أكدت ثورة 30 يونيو 2013 ما سبق أن ذكرناه حيث أن أعداد القرويين المشاركين فى الثورة الأخيرة ضعيفة منسوبة إلى حجمهم الحقيقى فى المجتمع إذا ما قورنت ببقية فئات الشعب ، ولأن الريف لم يتخلص بعد من آثار غسيل المخ الذى قامت به قوى الإسلام السياسى طيلة الفترة من منتصف السبعينات وحتى الآن فسيظل ذلك الخطر قائما ، وعليه كان استنهاض الثقافة الجادة وشمولها كل أرجاء الوطن وبعث التنوير ومحو الأمية السياسية والثقافية هى السلاح الأهم والحصن المنيع من الأخطار التى تطاردنا من الخارج ومن بين صفوفنا وتحول دون دفعنا إلى كهوف القرون الوسطى أو إلى عهود الفساد والاستبداد.



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير . والأمية السياسية (5) ع ...
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. و الأمية السياسية (4) ...
- استنهاض الثقافة الجادة .. وبعث التنوير.. والأمية السياسية ( ...
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية (2) ...
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية فى م ...
- حيث لا وقت نبدده فى المماحكات.. لنضع النقاط على الحروف .. عن ...
- مأساة بعض شباب منظمات المجتمع المدنى فى مصر: قراءة فى مسودة ...
- استيعاب - المضللين - من أعضاء جماعة الإخوان .. الوهم الأشد خ ...
- لو افترضنا جدلا ..
- عن الجيش المصرى .. والثنائية المفتعلة ( ثورة أم انقلاب..؟ )
- طريقان لا ثالث لهما .. التطهير وإعادة البناء.. أو المصالحة و ...
- حائط الصد الأخير.. وحديث عن النخب
- لكى تعود مصر .. ونعود فراعنة مرة أخرى : جففوا منابع التمويل ...
- مدخل لحل مشكلةالإسكان فى الريف المصرى والمناطق الزراعية المس ...
- شواهد مزعجة تعترض مستقبل الثورة المصرية : هل يتكرر سيناريو ث ...
- ( ثورة جديدة ونداءات مريبة بالمصالحة)
- مصالحة .. أم محاصصة جديدة برعاية الجيش المصرى
- ثورة جديدة - ونداءات مريبة بالمصالحة
- الجوع .. وأوهام الأمن الغذائى فى مصر
- تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم: بقايا الإ ...


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير صقر - استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. ومحو الأمية السياسية ( 6 ) عرض لتجربة الثقافة الجماهيرية بالجيزة فى محو الأمية