أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير صقر - استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير . والأمية السياسية (5) عرض لتجربة تنموية أجهضها الأمن فى قرى برج نور الحمُّص بالدقهلية .. هل يصلح محو الأمية الشاملة كمدخل لمشروع تنموى أوسع.. فى جزء من الوطن؟















المزيد.....


استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير . والأمية السياسية (5) عرض لتجربة تنموية أجهضها الأمن فى قرى برج نور الحمُّص بالدقهلية .. هل يصلح محو الأمية الشاملة كمدخل لمشروع تنموى أوسع.. فى جزء من الوطن؟


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 4304 - 2013 / 12 / 13 - 00:29
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


" مكافحة الأمية ليست غاية فى حد ذاتها ؛ بل هى جزء متكامل من حملة واسعة للقضاء على جميع الظروف التى تعوق تقدم ورخاء الفرد وتؤخر تقدم المجتمع "
وليم جراى
عالم التربية المعروف

تقديم:

لأن الأمية قضية سياسية بالأساس وليست فنية فإن القضاء عليها يتطلب قرارات سياسية تتناول جميع جوانبها .. وإجراءات عملية جادة ومخلصة لتطبيقها. ولأن البلطجة أيضا قضية سياسية أساسها انهيار التعليم وانعدام أو ندرة فرص العمل المنتج .. فلا يمكن استئصالها إلا بمواجهة سياسية كذلك توقف انهيار التعليم وتخلق فرص عمل مناسبة للعاطلين .
وإذا كانت إرادة من يحكمون المجتمع تستهدف مكافحة الأمية والبلطجة فلا يحتاج الأمر إلا لوضع السياسات واتخاذ القرارات وحشد الوسائل والأدوات وتحديد الزمن اللازم لإنجاز المهمة.
أما لو كان الحكام يتفننون فى الإبقاء عليهما واستخدامهما فى جر الشعب خلفهم كالقطيع فلا يمكن أخذ ما يطلقونه من تصريحات عن مكافحتهما مأخذ الجد؛ لأن القضاء عليهما كظواهر سياسية اجتماعية لا يعنى سوى استئصال أسبابهما العميقة لا مواجهتهما بإجراءات جزئية أو أمنية توهم البسطاء بجدية العلاج بينما واقع الحال ينفى ذلك.
وفى حالة المبادرة من جانب البعض بتنفيذ برامج ومشروعات تجذب الأميين وتعرّى وتفضح موقف الحكام منها فمصيرها الإجهاض والهدم .. كما حدث فى قرى برج نور الحمص مركز أجا بمحافظة الدقهلية عام 1979 .
إن الظواهر المماثلة التى تشمل المجتمع بكامله تتطلب علاجا يغطى نفس المساحة ؛ ولذا فالتجارب البحثية والعملية التى تطَبَق فى جزء محدود من المجتمع كـ ( بروفة ) للعلاج ونموذج لما يجب اتباعه فى حالة تعميمها يلزم أن تتم بحرص بالغ خصوصا فى مثل مجتمعاتنا لأن التعامل مع الظواهر السياسية الاجتماعية يختلف عن التعامل مع غيرها من الظواهر.
فتحويل نصف المجتمع المصرى لعاملين فى تسويق منتجات مجتمعات أخرى (على أرصفة الشوارع أو شاشات المواقع الإلكترونية ) ظاهرة ترتبط عضويا بانهيار التعليم والصناعة وندرة فرص العمل وتختلف عن انشغاله بإنتاج الحاجات الضرورية للشعب. فالشعوب المنتجة للسلع تختلف عن التى تستهلكها على مستوى التحضر وامتلاك الإرادة المستقلة والهيبة الدولية والتمتع بالحياة؛ ومن ثم وجب التفريق بين مجتمع تقاتل أغلبيته لكى " تاكل عيش" وبين آخر يقاتل من أجل بناء مستقبله وامتلاك إرادته.
محو الأمية الشاملة ضمن مشروع التنمية القاعدية:
ما بين عامى 1975 و 1980 شرع جهاز تنظيم الأسرة والسكان بالقاهرة فى التحضير وتطبيق تجربة ميدانية للتنمية القاعدية فى أربعة من قرى برج نور الحمص مركز أجا بمحافظة الدقهلية؛ تستهدف تقليص معدل الإنجاب بين سكانها كان من بينها مشروع لمحو الأمية .
تقول مقدمة كتاب المعلم ( أقرأ- أعرف- أتقدم ) فى مشروع محو الأمية :
[ يقوم جهاز تنظيم الأسرة والسكان ببحث تجريبى يستهدف التأثير فى المشكلة السكانية بأبعادها المختلفة ، مستخدما أسلوبا جديدا أسماه بعملية التنمية القاعدية الشاملة ؛ والتى تعنى القيام بعدد من المشروعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى جزء صغير من الريف المصرى ( قرى وحدة محلية )؛ تلك المشروعات التى ضمتها خطة موحدة وُضِعت بعد إجراء مسح اقتصادى اجتماعى صحى لتلك القرى ؛ واجتُهِد فيها أن تعود الفائدة المتوقَّعة إلى أكثر الناس فقرا وتخلفا وإنجابا للنسل فى محاولة لرفع مستواهم الاقتصادى والاجتماعى والثقافى بما يغير من سلوكهم الإنجابي.
وقد نبع ذلك التصور الخاص بعملية التنمية القاعدية الشاملة فى مواجهة موقف تقليدى يتعامل مع المشكلة السكانية بواسطة وسائل منع الحمل المختلفة ، إن ذلك الرأى الجديد والسياسة التى يقترحها الجهاز بناء عليه للتأثير فى المشكلة السكانية بكل أبعادها يرى فى ذلك البحث التجريبى أملا معقودا لإنقاذ المجتمع المصرى من انفجار سكانى وشيك . ورغم أنه يسمى تلك التجربة العملية بحثا تجريبيا إلا أنه فى الواقع يطرحها معولا على نجاحها. وأيا كانت التقديرات حول ذلك التصور الجديد وبالتالى حول تلك السياسة المقترحة.. ورغم الأمانى المرجوة منه والآمال المعقودة عليه .. بناء على استبعاد نقيضه ( الخاص بحل المشكلة السكانية بوسائل منع الحمل التقليدية) ؛ فإن مثل تلك التجربة جديرة بأن يوليها المهتمون بأوضاع المجتمع المصرى اهتماما خاصا من الناحية النظرية والعملية من أجل تقييمها علميا حتى لا تتكرر أخطاء سبق الوقوع فيها وانحرافات كان يجب تفاديها من أجل النهوض بمستوى شعبنا الكادح.
إن المشروعات الثقافية التى تتضمنها تلك التجربة تولى محو الأمية اهتماما كبيرا نابعا من إدراك دوره فى استنهاض أوضاع الريف ؛ حيث أن الأمية – وهى أحد مظاهر تخلفه – تلعب دورا بيّنا فى مفاقمة أوضاعه وترديها باستمرار .
ولما كان ذلك النهوض يرتبط بتقليل حجم الأمية فيه ضمن سياق أوسع من تنشيطه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ؛ فإن مشروعات محو الأمية بمعناها الواسع فى تلك التجربة تكتسب نفس الأهمية من الجهة المقابلة التى تكتسبها الأمية فى تأثيرها السلبى فى أوضاع الريف وسكانه. وأيا كان الرأى بإمكانية محو الأمية فى مصر ؛ من عدمه.. وسواء كان ذلك ضمن مشروع شامل لتطبيق بعض المشروعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو بمفرده؛ فإن هذه المحاولة التجريبية - التى لا تخلو من الأخطاء المحتملة – جديرة بأن يسهم القارئ فى تقييمها ونقدها ، كذلك تقييم المنظور الذى وُضِعت فيه ( منظور التنمية الريفية الشاملة فى جزء صغير من ريف مصر).
وعموما فإن رؤيتنا لعملية محو الأمية - على تواضعها – قد تعرفت على عدد من التجارب المختلفة ودراستها، والالتقاء ببعض المختصين بالمجالس القومية المتخصصة؛ والجهاز العربى لمحو الأمية وتعليم الكبار بجامعة الدول العربية ؛ واللجنة المسكونية لمحو الأمية .. واستفادت قدر الإمكان من تباين وجهات النظر المطروحة حول ذلك الموضوع من حيث استبانة أسباب الأمية وتقدير أثرها على أوضاع السكان بكل فئاتهم ؛ وعلى عملية الإنتاج المادى والفكرى ؛ وبقية أوضاع المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية ، وكذلك تحديد كيفية علاجها.]
وحيث أنجز عمليات المسح الاقتصادى والاجتماعى والصحى عدد من الأكاديميين منهم ( الدكاترة نادر فرجانى " الذى أدار المشروع لمدة أربع سنوات " ، وعبد الباسط عبد المعطى ، محمد أبو مندور ، محمود منصور ، حسن أبو بكر ،ونبيل فهمى ، حلمى نوار ) وعشرات من باحثى وباحثات المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، ومن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ( الأساتذة السيد يس ، محمد السيد سعيد ، عبد العليم محمد ، طه عبد العليم )، ومن جامعة المنصورة أساتذة قسم الصحة العامة ، ومن باحثات جهاز تنظيم الأسرة (ثريا عبد الجواد ، هدى زكريا ، ومنيرة حسين ، وليلى كفافى ، وناهد سعدون ) بالإضافة إلى فريق التنمية الثقافية .

فريق التنمية الثقافية وتجربتا المسرح ومحو الأمية:

تشكل من الأساتذة ( عز الدين نجيب ، حسن شعبان ، عباس أحمد ، د.حسن الخولى) ، ووضع كتابى المعلم و الدارس بشير صقر ود. المنسى قنديل .. وشارك فى إعداده حسن شعبان ، د. حسن الخولى ومحمود الشهاوى وعز الدين نجيب ومحمود الهندى وتولى المخرج عباس أحمد النشاط المسرحى، بينما شاركت الأستاذة أمان صقر فى العمل التنفيذى.
-واستهدف مشروع محو الأمية – كما حددت دراسة د. عبد الباسط عبد المعطى - 1162 أميا فى 4 قرى هى (برج نور الحمص – البهو فريك – بقطارس – شبرا البهو) يشكلون 30 % من جملة الأميين فيها ؛ منهم 387 ذكور و 775 إناث ؛ يحتاجون إلى حوالى 60 فصلا ومثلهم من المعلمين والمعلمات ، ويستغرق المشروع عامين فى 4 دورات دراسية مدة الدورة 6 شهور.
-بدأ الفريق عمله فى عام 1978 بالالتقاء مع عدد من الهيئات العاملة فى مجال محو الأمية (كما ذكرنا ) أسفرت عن رؤية نقدية لوجهة نظر اللجنة المسكونية ( سبق التعرض لها فى الحلقة الثانية من الدراسة الحالية ) وتضمنت موقفا نقديا واضحا من الرؤية التقليدية لقضية الأمية وبالتالى مما تبنته من تجارب ، كما تضمنت تصورا لكيفية التطبيق الميدانى استنادا لمفهوم الفريق .
- بعدها انتقل عدد من أعضاء الفريق للإقامة بالقرية الرئيسية بالموقع ( برج نور الحمص ) وتردد عليهم بقية الأعضاء بشكل منتظم حيث جاب الجميع القرى الأربع واختلطوا بسكانها فى استطلاع مباشر لأوضاعهم وأفكارهم ولرغبة شبابها وفتياتها فى العمل كمعلمين وتحسُّس مدى الإقبال على فصول محو الأمية من الأهالى رجالا ونساء .. وللحقيقة كانت المؤشرات مشجعة جدا.
- وعلى محور مواز قام المخرج عباس أحمد بالتجول بين جمهور مراكز الشباب والمقاهى وأماكن التجمعات ليتعرف على إمكانية تكوين فرق مسرحية من السكان .

الحصيلة الأولية .. فرقتان مسرحيتان ودورة تدريبية لمعلمى ومعلمات محو الأمية :

-كان عباس أحمد سباقا فى الوصول إلى هدفه وأسفرت جولاته عن تكوين فرقتين مسرحيتين لا واحدة حيث بدأ العمل فور تشكيلهما وبخبرة المخرج تم ارتجال بعض نصوص مسرحية و" ذاع صيت " الفرقتين فى قرى الموقع والقرى المحيطة.
- أما فى نشاط محو الأمية فقد عُقد اجتماع موسع فى القرية الرئيسية مع الشباب والفتيات المرشحين من القرى الأربعة حضره 250 شابا وفتاة من خريجى المدارس المتوسطة والجامعات ، وحيث أثار هذا العدد الكبير استغرابنا لتجاوزه ما توقعناه فقد أرجعنا ذلك لتفشى البطالة فى القرى وللرغبة فى العمل بأجر ، ولذلك رأينا أن نصارحهم بأن العمل فى مشروع محو الأمية يجب أن يكون تطوعيا و دون مقابل ؛ وأن احتمالات تقديم مكافآت نقدية أو عينية محدودة وفى هذه الحالة لن يكون أساسه التعاقد بينهم وبين القائمين على المشروع ( أى أجر مقابل عمل ) بل سيكون دافعه هو إجادة العمل ونجاح التجربة ؛ بعدها تم رفع الجلسة لدقائق؛ وباستئنافها كان عدد الحاضرين قد هبط إلى 70 فردا أختير منهم 54 مرشحا ومرشحة -لدخول الدورة التدريبية - بعد إجراء حوارات شخصية مع كل منهم .
- فى الدورة التدريبية ألقيت محاضرات ودارت حوارات متنوعة حول فكرة المشروع وثقافة الفلاحين والاقتصاد الزراعى وعلم النفس ومفاهيم محو الأمية ودور المعلم ؛ وطريقة الحوار التى تربط الحرف بالكلمة بالمشكلة التى يعانى منها الدارس، إضافة إلى الكتب والأدوات المستخدمة فى الفصول.. إلخ ؛ ونوعية الدارسين وعددهم فى الفصل وتجانسهم وكل ما يتعلق بالعملية من الوجهة الفنية. وكانت الاستجابة فى معظمها إيجابية ، ولم يبق سوى طبع الكتب واستكمال الأدوات والوسائل وافتتاح الفصول.
- وقد تم التركيز على دور المعلم وثقافته ومحوريته فى العملية برمتها واقتناعه بما يقوم به ليس كمعلم أو كمثقف فقط بل كقدوة للدارسين فى طريقة التفكير والسلوك والممارسة وفى التفانى والإخلاص ، وهو ما يعنى أننا ( لسنا إزاء موظف و وظيفه ) بل ( إزاء قيادة ومهمة سامية ) ؛ وهذا ما دعانا للإصرار على أن يكون متطوعا وليس موظفا ليحفزه ذلك على توسيع ثقافته ورفع قدراته التكنيكية وغيرها ليستطيع فهم إمكانيات الدارس وخصاله الشخصية ليتمكن من أداء دوره بكفاءة عالية ، ولكى يتمكن من الابتكار فى حل المشاكل التى تصادفه ، هذا وقد تضمن كتاب المعلم كلمة له .. كتبها حسن شعبان عضو الفريق نصها : [ اللقاء الأول له أهميته الشديدة ، والانطباعات التى يخرج بها الدارس من هذا اللقاء لها أثرها الكبير فى استمراره فى الحضور من عدمه ، وعلى المعلم أن يُتِم فى هذا اللقاء عمليات التعارف بين المعلم والدارسين .. ويبدأ بتقديم نفسه إليهم .
إن الأمى يجب أن يدرك من اللحظة الأولى أن شيئا جديدا قد يحدث فى حياته ، وعلى المعلم أن يشرح له مفهومنا عن تعليم الكبار وضرورته، وأن يُشعِر الأمى أن له قيمة وله دور ؛ وأن لديه من الإمكانيات والمواهب والعزيمة ما يؤهله لأداء هذا الدور وأثره فى تغيير حياته إلى أفضل ، وهذا هو سر الاهتمام به والرغبة الصادقة فى مساعدته.
إذا أدرك الأمى أن هناك شيئا جديدا يعرفه أو يتعلمه فسوف يأتى إليك مرة أخرى ، فاحرص دائما على أن يخرج بانطباع أن هناك دائما شيئا جديدا سوف يضاف إلى رصيده.
احذر أن تتعامل معه على أنه جاهل لا يعرف أى شئ .. بل أَشعِرْه دائما أن لديه ما يقوله ؛ وشجعه على أن يقوله.
احرص على ألا تحرجه وتشعره بجهله .. ولكن احرص على إفهامه حجم هذه المشكلة وأثرها على حياته .. باختصار المطلوب تعبئتَه ضدها من أجل التخلص منها .. لا على أنها عورة يجب أن يداريها.]

يناير 1979 فريق التنمية الثقافية

كتـــاب المعلم :

عنوان الكتاب " أقرأ – أفهم – أتقدم " ، ويتكون من 64 صفحة ؛ تتضمن 36 درسا منها 15 درسا للمراجعة والمطالعة.
وقد التزم الكتاب بإبراز أهمية التجربة كأداة لرفع وعى الدارسين ، وبمناقشة مفهومنا عن قضية الأمية والكفاح ضدها والتفرقة بينه وبين بقية مفاهيم الأمية ..محددا أن استئصالها بجميع جوانبها ( أبجديا ووظيفيا وثقافيا ) من جذورها لن يتم فى ظل الأوضاع السياسية الراهنة ؛ كما أوضح أنه يضرب المثال بهذا المشروع ليكون بمثابة الحقل الإرشادى الذى يتطلب :
أولا : قطعة أرض خصبة .
ثانيا : فلاحا ماهرا.
ثالثا : بذورا جيدة عالية الإنتاج .
وعلى غرار هذا المثال فى مجال الزراعة نختار فى مجال محو الأمية :
أولا :مجموعة من الأميين محبين للتعلم راغبين فى تطوير أوضاعهم.
ثانيا : ومعلما ماهرا واعيا بمهمته مُصرّا على النجاح فيها.
ثالثا : وعددا من الأدوات والوسائل - وهى بمثابة البذور فى حقل الزراعة - (طريقة الحوار ؛ كتاب الدارس والمعلم ؛ الكراسة ؛ البروجكتور؛ المسجل ؛ الأشعار والقصص القصيرة والصور). و ترك الكتاب للمعلم الحرية فى كيفية بدء الدرس دون إلزامه بترتيب محدد للوسائل المستخدمة أو بضرورة استخدامها كلها. كما شمل الكتاب تقسيم الدروس إلى 4 أقسام ؛ ثلاثة منها مستقلة ؛ أما الرابع فيتخلل بقية الدروس.

أقسام كتابى المعلم والدارس :

ملاحظة :

يقوم كتاب المعلم بإبراز الأهداف التعليمية ودليل المناقشة ( الحوار ) فى كل درس على حدة باستثناء القسم الأول ( الدروس التسعة الأولى ) حيث ترك الحرية للمعلم لاختيار موضوع الحوار فى بعضها. وقد التزم الكتابان بألا تزيد الحروف فى كل درس عن حرفين ، ويلاحظ ذلك مثلا فى الدروس التسعة الأولى التى تتضمن 10 حروف .
القسم الأول: يحتوى 9 دروس لدراسة 10 حروف ( أ- ب – م – خ – د – ج – س – ل – و – ى ) علاوة على أنواع المد الثلاثة ، ويتضمن معظم أفراد الأسرة، ويدور الحوار حول الفرد والأسرة والزواج والإنجاب - استجابة لهدف المشروع فى رفع الوعى عموما والإنجابى بالذات - فضلا عن موضوع السد العالى وأسباب بنائه وآثاره الإيجابية والسلبية ؛ كما تبدأ دراسة الحساب من الدرس السادس.
القسم الثانى : ويحتوى 12 درسا من ( 10 – 21 ) لدراسة بقية حروف الهجاء الـ 18 ، ويدور الحوار فيه حول مختلف جوانب الحياة التى يعيشها الدارس وهو ما يجعله خصبا وثريا .
القسم الثالث : ويحتوى 15 درسا من ( 22- 36 ) ويضم عددا من القصص القصيرة والموضوعات الحيوية التى تستدعى الحوار حول كثير من القضايا الهامة ويستخدم فى المراجعة وتجويد القراءة.
القسم الرابع : ويتخلل الأقسام الثلاثة ويضم كذلك دروس الحساب.

توضيحات ضرورية :

1- رغم بدء الدروس بحرفى الألف والباء إلا أن الكتاب لم يلتزم بالترتيب المعروف للحروف .
2- التركيز المستمر فى الحوار وفى نصوص الموضوعات على أسباب المشكلات والظواهر وربطها بالنتائج ؛ مع ترك الحلول لتُسْتنبط من ثنايا الحوار.
3- استخدام الطريقة الصوتية التحليلية التركيبية فى تعلم الأبجدية .
4- تقسيم الدارسين إلى ( كاملى الأمية وناقصى الأمية )، والالتزام بتجانس الفصول من حيث المستوى التعليمى والمعرفى – والسن – والجنس , و ألا يزيد الفصل عن 20 دارسا ليتمكن المعلم من التعرف على الدارسين وإمكاناتهم الحقيقية وللإسراع فى خلق الصلة المباشرة بينما.
5- تكوين الكلمات والجُمل من الحروف التى تمت دراستها فقط .
إن استهداف ضرب المثال فى مجال محو الأمية لبدء تجارب مشابهة فى بقية المجالات الاجتماعية والاقتصادية ؛ حيث أن تحقيق التقدم والنهوض بمستوى الدارسين يشكل حافزا للتقدم فى المجالات الأخرى ، ويعلن لكثير من المتابعين والمتماسين مع التجربة أن العمل الجماعى يمكن أن يكسر حالة الإحباط المخيمة على المجتمع وينهض به ككل وليس بالأميين فقط ، ويخلق ثقافة شعبية إيجابية عنوانها المبادرة والاعتماد على الذات لتغيير كثير من مفردات الحياة وينفى أيضا كثيرا من القيم الراكدة والمتخلفة.

كتاب الدارس :

وهنا نسوق مثالا عمليا لأحد الدروس للتعريف بالطريقة المقترح استخدامها .

الدرس العاشر : عنوان الدرس ( ناس – نار – نور )

لتعليم حرف النون

1- تعرض عدة صور بالفانوس السحرى ( البروجكتور ) تُظهِر عددا من الأشخاص من فئات اجتماعية مختلفة .. يمارسون أعمالهم اليومية أو حياتهم بشكل طبيعى.
2- الاستماع من المسجل لقصة قصيرة أو قصيدة شعر ( لا تستغرق أكثر من 4 دقائق ).
3- تبدأ المناقشة بعد ذلك على أساس دليل المناقشة التالى :
• هل الناس شكل واحد أو جنس واحد؟
• إلام ينقسم الناس..؟ :
- تقسيم عنصرى : أبيض اللون – أسود اللون .
- تقسيم دينى : مسلم - مسيحى – يهودى .
- تقسيم إقليمى : صعيدى - بحيرى .
- تقسيم اجتماعى : غنى – فقير & مستغِل – مستغَل & ظالم – مظلوم.
• ما الذى يحدد تفضيل شخص على آخر؟ أو مجموعة من الناس على مجموعة أخرى..؟ هل هو المركز الاجتماعى أم الثروة أم الأصل أم الشكل أم اللون أم العمل الذى يخدم الذات أم العمل الذى يخدم المجموع..؟
• كيف يحصل الناس على حقوقهم ؟ هل بالتعاون والترابط وإنكار الذات ؟ أم بالأنانية والتباعد وحب النفس على حساب الغير..؟
• هل كل الناس مصالحهم متفقة ..؟ أم أن هناك مصالح متعارضة.. ولم ؟
• هل زيادة أعداد الناس هى السبب فى ارتفاع الأسعار وأزمة المواصلات..؟ أم أن هناك أسبابا أخرى .. وما هى..؟
• متى عرف الإنسان النار ؟ وما الدور الذى لعبته فى تطوره ؟ ومتى اكتشف المعادن؟
• ما دور النار فى اختراع الآلة البخارية ..؟ وفى تطور البشرية ..؟
• النار كضوء وحرارة..؟
• كيف يمكن الحصول على الطاقة ..؟ وما هى صورها ..؟ وهل يمكن تحويل إحدى صورها إلى صورة أخرى ؟.. ( الكهربية إلى حركية مثلا .. مع ضرب أمثلة )
4- يمكن بعدها مناقشة قصيدة قبل سماع المسجل للتعرف على حدود الدارس الفكرية والثقافية ، ثم تستأنف بعد سماع المسجل لإدراك المدى الذى وصلت إليه أفكارهم ومدى استفادتهم من ذلك.
5- تعرَض صورة الحرف ( من الخشب أو الكارتون ) منفصلة على السبورة .. ثم تعرض كلمة ناس .. وتُكتب على السبورة .
6- تبدأ القراءة من كتاب الدارس الذى يجب أن يكون مغلقا طوال الفترة السابقة، ويتناول المعلم كتابة بعض الجمل على السبورة ويستدعى بعض الدارسين لكتابتها .. وهكذا.
7- إبراز أن معرفة الإنسان للنار تمت بالمصادفة ( حريق بالغابة وأثناء اصطدام حجر بآخر.)
8- أشكال الطاقة ( كهربية ، ميكانيكية ، ضوئية ، حرارية .. إلخ )

مفاجأة ..قبيل افتتاح الفصول :

بعد الانتهاء من طباعة كتابى الدارس والمعلم لم يبق سوى توفير بقية الأدوات والأجهزة التى ستستخدم فى الدروس ، وتوفير الفصول لتبدأ عملية محو الأمية فى القرى الأربعة . أما النشاط المسرحى فقد شرعت الفرقتان فى المزيد من مسرحيات مرتجلة يشرف عليها مخرج الفرقة مع استمرار التدريب والعروض الأولية دون أدوات تُذكر.. بينما اقترح بعض أعضائها استخدام مسرحيات مكتوبة سلفا .. هذا من ناحية.
-ومن ناحية أخرى لاحظ فريق التنمية الثقافية نوعا من التلكؤ والتباطؤ من إدارة تنظيم الأسرة والسكان- الذى تُطبق التجربة باسمه وتحت مظلته وبتمويله - فى توفير مستلزمات مشروعى النشاط المسرحى ومحو الأمية التى تمثل مقدمة أو مدخلا لبقية المشروعات الاقتصادية والاجتماعية المعدة سلفا.
لم تطُل هذه الفترة حتى فوجئنا فى مارس 1979 بالقبض على كل من حسن شعبان وعباس أحمد وبلغنا بعد عدة أيام أنهما متهمان بمعارضة زيارة السادات للقدس .. بعدها أعلن جهاز تنظيم الأسرة عن إنهاء المشروع وإغلاق أبوابه ومصادرة كتابى محو الأمية ومنع وصولهما لأهالى الموقع.

حول أسباب إنهاء المشروع :

بالحوار مع عدد ممن شاركوا فى المشروع منذ لحظاته الأولى أفادوا بالآتى :
1- ذكر البعض أن السبب يتلخص فى موقف بعض التجار الكبار الموجودين فى موقع التجربة من المشروع برمته عندما شعروا بالخطر من نشاط فريق التنفيذ فى القرى الأربعة وصِلتُهم التى - بدا توطّدها – مع السكان وبالنغمة الجديدة التى بدأت تظهر فى حديث الأهالى ، علاوة على احتدام حديث مباشر بين أحد أعضاء الفريق وأحد هؤلاء التجار أسفر عن تحريض التاجر المذكور للأمن ضد المشروع والقائمين على تنفيذه وساعد على ذلك الميول السياسية المعروفة عن عدد من أعضاء الفريق التى تجلت فى القبض على بعضهم.
2- بينما يرى تقدير آخر أن السبب الرئيسى هو ما تضمنه كتاب محو الأمية من ميول يسارية استنفرت أجهزة الأمن مما دفعها لمطالبة قيادة جهاز تنظيم الأسرة والسكان بإلغاء المشروع.
3- ويرى بعض آخر أن الأسباب تدور حول المعطيات التالية:
• الصلة التى توطدت بين فريق التنمية الثقافية وسكان القرى ، وإقامة بعضهم الدائمة فى القرية الرئيسية وتواجدهم المستمر( اليومى) فى منازل الفلاحين البسطاء الذين انجذبوا لأعضاء الفريق خصوصا وأن بينهم سيدات يجدن التعامل مع الفلاحات وسهلن لبقية أعضاء الفريق دخول بيوتهم؛ وما أعقبه من عقد الدورة التدريبية لمعلمى ومعلمات محو الأمية التى أسهمت فى توثيق العلاقة بسكان القرى من ناحية وترويج عدد من الأفكار الشعبية الجديدة البعيدة عن القاموس الدارج للفلاحين وفى أوساط المتعلمين. فضلا عن النشاط الملموس لفرقتى المسرح فى أوساط شباب الفلاحين والطلاب . وهو ما دفع أحد المسئولين خلال لقائه مع اثنين من قادة المشروع ( د. عبد الباسط عبد المعطى ، أ. سيد يس ) للقول : " انتم رايحين تعملوا ثورة فى برج نور الحمص..؟ " ومطالبته لهما باستبعاد حسن شعبان عضو فريق التنمية الثقافية من عملية التنفيذ ؛ ورفضهما لذلك.
• تزامن الخطوات التنفيذية لمشروعى محو الأمية والمسرح مع الضجة العربية الرافضة التى لاحقت زيارة السادات للقدس؛ وكون المشروع بدا متجها عكس التيار الرسمى للدولة مما دفع أجهزة الأمن لاعتقال كل من حسن شعبان وعباس أحمد بتهمة معارضة الزيارة ومن ثم إيجاد مبرر لوقف المشروع، ولو كان اعتقالهما بسبب معارضة الزيارة لما أفرج عنهما بعد شهر من الاعتقال ودون محاكمة.
• مساهمة المشروع فى خلق مسافة كانت تتسع باستمرار بين العاملين فيه وبين قيادة جهاز تنظيم الأسرة وهو ما ساعد على الاستجابة لمطلب أجهزة الأمن بوقف المشروع برمته وليس نشاط محو الأمية والمسرح فقط.
ولو كان مشروع محو الأمية قد اتخذ نفس الطريق الذى تتخذه كل المشروعات المتبنية للمفهوم التقليدى لقضية الأمية لما ثار حوله كل هذا الضجيج والجلبة؛ لأنه كان سينضم إلى " زفّة " محو الأمية التى يقودها الحزب الوطنى واللجنة القومية للقضاء على الأمية التى اخترعت كتاتيب الأنصارى فيما بعد وبالتالى لن يبدو ناشزا عما تريده أجهزة الأمن .
تلك هى التجربة الأولى لمحو الأمية بالمنظور غير التقليدى التى لم تكتمل فماذا عن التجربة الثانية..؟ هذا ما سنتحدث عنه فى الحلقة القادمة.

الأربعاء 11 ديسمبر 2013 بشير صقر

لجنة التضامن الفلاحى - مصر



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. و الأمية السياسية (4) ...
- استنهاض الثقافة الجادة .. وبعث التنوير.. والأمية السياسية ( ...
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية (2) ...
- استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية فى م ...
- حيث لا وقت نبدده فى المماحكات.. لنضع النقاط على الحروف .. عن ...
- مأساة بعض شباب منظمات المجتمع المدنى فى مصر: قراءة فى مسودة ...
- استيعاب - المضللين - من أعضاء جماعة الإخوان .. الوهم الأشد خ ...
- لو افترضنا جدلا ..
- عن الجيش المصرى .. والثنائية المفتعلة ( ثورة أم انقلاب..؟ )
- طريقان لا ثالث لهما .. التطهير وإعادة البناء.. أو المصالحة و ...
- حائط الصد الأخير.. وحديث عن النخب
- لكى تعود مصر .. ونعود فراعنة مرة أخرى : جففوا منابع التمويل ...
- مدخل لحل مشكلةالإسكان فى الريف المصرى والمناطق الزراعية المس ...
- شواهد مزعجة تعترض مستقبل الثورة المصرية : هل يتكرر سيناريو ث ...
- ( ثورة جديدة ونداءات مريبة بالمصالحة)
- مصالحة .. أم محاصصة جديدة برعاية الجيش المصرى
- ثورة جديدة - ونداءات مريبة بالمصالحة
- الجوع .. وأوهام الأمن الغذائى فى مصر
- تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم: بقايا الإ ...
- مرة ثالثة عن عزلة اليسار وانقسامه .. بعيدا عن المواعظ ولحاقا ...


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بشير صقر - استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير . والأمية السياسية (5) عرض لتجربة تنموية أجهضها الأمن فى قرى برج نور الحمُّص بالدقهلية .. هل يصلح محو الأمية الشاملة كمدخل لمشروع تنموى أوسع.. فى جزء من الوطن؟