أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - مفهوم الله في المسيحية














المزيد.....

مفهوم الله في المسيحية


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 10:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كشف العقل البشري في القديم عن وجود الله عن طريق المخلوقات التي لابُد لها من خالق أظهرها للوجود. فالمخلوقات كانت العلامة والرمز لحقيقة الله. ويعد الإنسان الموّكل من جميع المخلوقات، بالكشف عن الله وعن سرّه، وإزالة الغموض عنه وعن وجوده وعن علاقته بالكون والكائنات. وبعد الجولة التي قطعها الإنسان بحثاً عن القدرة الأعلى والأسمى منه الذي سماه الله الخالق، إنتقل نقلة أخرى في تعقله لله وفي تصوّره له. وحينما اطمأن عقله بوصوله الى هذه الغاية القصوى، بدأت عنده النزعة القلقة عن حقيقته وسرّه ومحاولة الاقتراب منه، وازالة كل الحُجب عنه، فسماه (الله) أو الحقيقة المطلقة أو بأسماء مختلفة تختلف بحسب الثقافات والأماكن الجغرافية. فالله هو الخالق المتفرّد بالعظمة والجلال، والمُبدع للأشياء كلها وما فيها من أجناس وكائنات حيّة كما يوضحه بولس في رسالته الى أهل رومية: "لأن ما يُعرف عن الله بيّن لهم، فقد أبانه الله لهم. فمنذ خلق العالم لا يزال ما لا يظهر من صفاته، أي قدرته الآلهية وألوهته، ظاهرا للبصائر في مخلوقاته" روم 1/9 و 20. ويتجسّد هذا المفهوم في العهد القديم حيث يكشف الله عن ذاته: إلها خالقاً ومخلصاً، يختار شعبه ويُقيم معه عهداً خلاصيّاً أبدياً ويكشف له عن أسمه ورسالته: "فقال موسى: ها أنا سائر إلى بني اسرائيل، فأقول لهم: إله آبائكم أرسلني إليكم. فإن قالوا لي ما اسمه؟ فقال الله لموسى: أنا هو الكائن. وقال: وكذا قل لبني اسرائيل الكائن أرسلني إليكم" خروج 3: 13ـ 14.
وكانت رحلة البحث عن الله من أمتع وأصعب الرحلات في تاريخ الانسانية، إذ لم يكن من السهل الإمساك بالخيط الأول من خيوط هذه الرحلة التي ابتدأت في شخص ابراهيم قبل 40 قرنا من الزمان، والتي توسعت تدريجيا وشملت عائلة(يعقوب ـ اسرائيل)، ثم توسعت أكثر لتشمل شعب اسرائيل، وتوسعت أكثر لتشمل سائر الشعوب البشرية كي يعيش جميع الناس حياة النعمة البنوية الجديدة في شخص يسوع المسيح. حيث صار الله إنسانا: "الكلمة صار بشرا وحلّ بيننا". أي أن الذات الآلهية حلت في اللحم والدم(الانسان ـ الإله ... الإله ـ الانسان). أو أن الله الواحد ـ الثالوث المقدس الأبدي، دخل في تاريخنا البشري بحريّته ومحبته ليتألم من أجلنا تعبيراً عن عهد الله من أجل الخطأة والمتألمين، وأصبح شخصاً إلهياً إنسانياً كاملا في يسوع المسيح، الذي جاء ليرفعنا معه في قيامته.
وإحترمت المسيحية اسم الله إحتراماً كبيراً، وإستخدمته بلياقة في العبادة والتسبيح، وهو أسم خاص لأنه يحمل حقيقة شخصه، ويتسم بسمة متميزة. وتقول المسيحية، أن الله ظهر شخصيّا في تاريخنا البشري في شخص يسوع المسيح، الذي قال عن نفسه: "أنا هو الطريق والحق والحياة" يوحنا 6/14. وهو(الله) الخالق، سيّد التاريخ وسيد الحياة، الكائن الشخصيّ المُحب، الذي يعتني بالإنسان كما يعتني بطيّور السماء وزنابق الحقل؛ جاء ليقترب من الانسان بثقة ومحبة، وأظهر حبه كما يظهر الأب لأبنه، ويثق به ثقة الصديق لصديقه. ولهذا تدعوه المسيحية (أبّا)، ولا تنحصر أبوّته في كونه خالقاً، بل هو أب في علاقته بابنه الوحيد، منذ الأزل، ونعرف أبعاد هذه الأبوّة الآلهية من خلال الأبوّة البشرية.
فالله في المسيحية، هو على غرار العهد القديم، الأله الوحيد الذي له وحده يجب السجود: "يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس فقال له يسوع: أن تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك هذه هي الوصية الاولى والعظمى والثانية مثلها: أن تحب قريبك كنفسك؛ بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء" متى 22/36 ـ 40. ولكنه ليس إله القدرة والتسلط والانتقام، وانما هو إله العطاء والمحبة، الذي أحب البشر الى درجة أنه بذل ابنه الوحيد ذبيحة حيّة من أجلهم: "فانه هكذا أحب الله العالم حتى انه بذل ابنه الوحيد كي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" يوحنا 3/ 16.
صبري المقدسي
وتعتقد المسيحية بأن الله هو الأب الروحي لكل البشر، الذي يترك التسعة والتسعين ويبحث عن الخروف الضائع: "هكذا يكون الفرح في السماء بخاطىء واحد يتوب أكثر من الفرح بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون الى التوبة". انجيل متي 18:12ـ 14. وقد تجسد في شخص المسيح يسوع ليُقيم في مؤمنيه: "إن أحبني أحد يحفظ كلمتي وإليه نأتي وعنده نجعل مقامنا" يوحنا 14 / 23. ويعني أن يُقيم هو فينا وأن نقيم نحن فيه، وأن يثبت هو فينا وأن نثبت نحن فيه. وقد جاء ليدعونا الى الكمال: "كونوا كاملين كما ان أباكم السماوي هو كامل" مت 5: 48 مع انه يعلم ضعفنا ومحدوديتنا، ومع ذلك يدعونا الى التشبه بمثال المحبة، الذي أظهره لنا يسوع المسيح ببذل ذاته حتى الموت من أجلنا، ومن أجل كل البشر.



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقائد المسيحية
- أساسيات الإيمان المسيحي
- تعاليم يسوع أجوبة مستفيضة عن الحقيقة والحياة ومعناها
- ميلاد المسيح تجسيد حقيقي لروح الأخوّة والمحبة والفرح والسلام
- خلق الانسان بحسب الألواح السومرية(قراءة جديدة للألواح السومر ...
- السومريون وانجازاتهم الحضارية والعلمية
- السومريون: اصلهم وجذورهم
- الرموز لغة صورية حية
- الصلاة: سلاح ذو حدين
- الثقوب السوداء: مكانس كونية تحير العلماء الى اليوم
- الاحلام: رسائل رمزية باطنية تحمل معان مستقبلية
- الفضاء والانسان
- مفهوم الله في الاديان والثقافات العالمية المختلفة
- قصص الخلق في الديانات والثقافات المختلفة
- حقائق كونية فلكية
- الجاذبية الثقالية: سبب الوجود والاستقرار في الكون العملاق
- شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية
- المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
- كيف ولدت التقاويم
- البهائية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - مفهوم الله في المسيحية