أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - لن أبيع لحمي -1-














المزيد.....

لن أبيع لحمي -1-


كريمة مكي

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 20:44
المحور: الادب والفن
    




لن أبيع لحمي!


ما رأيت وجها حزينا إلا و أفرغ أمامي كيس أحزانه...أيكون حزني الساكن خلف الابتسام هو ما يغريهم بالبوح لي إن دمعا أو بالكلام؟



عندما اتصلت بمدام سعاد صاحبة شركة الخدمات لترسل لي معينة لآخر الأسبوع لم أكن أتصور أنها سترسل طالبة في المرحلة الثالثة لتعينني على شؤون المنزل. كنت أعرف أن هناك طالبات يعملن في البيوت لتغطية مصاريفهن كما يعمل الطلبة الذكور في حظائر البناء لكن أن تكون المعينة المنزلية طالبة في المرحلة الثالثة و تستعد لتقديم رسالة الدكتوراه فهذا أمر جديد عليّ بعض الشيء.
استقبلتها صباحا قبل الخروج... فتاة نحيفة قمحية اللون دافئة الملامح رغم شيء من الاضطراب يلوح على محياها.
بابتسامة صغيرة و بعيون متوجسة بادرتني معتذرة بأدب جم: صباح الخير مدام ..أنا آسفة على التأخير فقد أخطأت العنوان و دخلت العمارة المجاورة و الحمد لله أن الحارس دلّني على الشقة.
قلت لها: لا بأس فما يزال أمامي نصف ساعة قبل الخروج. و على قهوة التعارف سألتها : مدام سعاد عددت لي خصالك و أعلمتني أنك مازلت طالبة فماذا تدرسين؟
- اقتصاد
- و في أي سنة أنت الآن؟
- في المرحلة الثالثة...
و بعد أن لاحظت شبه استغرابي استطردت: يبدو الأمر غريبا يا مدام أليس كذلك؟
- فعلا و قد تصورتك طالبة في المرحلة الأولى على أقصى تقدير.
- ومع ذلك فتلك هي الحقيقة...تصوري يا مدام أنني كلما قلت لمن أذهب لتنظيف بيوتهم أنني مجازة و أواصل دراستي العليا إلا و ألمح التعجب و عدم التصديق في العيون حتى صرت في أحيان كثيرة لا أذكر مستواي الدراسي أو أكتفي بالقول بأنني طالبة فقيرة في السنة الثالثة اقتصاد و تصرف و الحقيقة أنني في السنة الخامسة بطالة بعد التخرج ...
سألتها:- ولم تحصلي بعد على أي وظيفة؟
- أبدا، تصورت بالإجازة سأعمل فإذا بالعمل يتعذر، قمت ببعض التربصات فما طالني منها طائل... بعد كل تربص أحصل على شهادة إنهاء تربص أفرح بها و أضيفها لملف مطالبي الموزعة على القطاعين الخاص و العام ولكن لا أمل برز لي في الأفق...
- لهذا عدت لمواصلة المرحلة الثالثة؟
- نعم.. لما استعصى عليّ الحصول على الوظيفة عدت للجامعة علني أضيف شهادة أعلى صيتا لملفي... هذا الملف الذي كثرت شهائده و قلّ نفعه!

- و إلى جانب الدراسة تشتغلين ...(كدت أن أقول كمعينة فاستدركت- حتى لا أجرحها أو أحرجها رغم أني لا أرى الأمر معيبا بل انه لا يمكن إلا أن يبعث على الاحترام-)... تشتغلين مع مدام سعاد...
- كما ترين...منذ سنتين بدأت العمل في شركة مدام سعاد بعد أن صرت عالة على والد شاقي آن له أن يستريح و ما آن لي بعد أن أريحه...
- كان الله في عونك أنت إنسانة عظيمة ستنجحين دون شك في حياتك.
- زعمة ( أحقا)...لا أظن يا مدام... قالتها بألم من فقد الأمل في النجاح رغم ما حققه على الورق من نجاح.
- أؤكد لك...
- يبدو يا مدام أنك لا تعرفين معنى الحظ العاثر إذا ما تعثر بأحد...( بنبرة الأسى نطقتها)
- قلت لك ستنجحين و عندما أعود بعد قليل سأشرح لك لماذا أنت ستنجحين...
دعيني الآن أريك ما عليك فعله إلى أن أعود..أريدك أن تبدئي بترتيب الغرف و خاصة غرفة ابني لأن لي قريبة ستصل هذا المساء لتقيم معنا بضعة أيام و سأعطيها هذه الغرفة...أما الآن فإني سأوصل الأولاد ثم أعود بعد أن أقوم ببعض المشتريات... هيا يومك سعيد...
-إن شاء الله نهارك أسعد الأيام...
عدت بعد ساعتين أو أكثر...وجدتها تخيط لابني قميصه الرياضي و كم أخجلتني حركتها هذه فهي حركة روح صافية جميلة لا يمكن أن تأتيها إلا امرأة تنطوي على مخزون هائل من الحنان. كان ابني قبل الخروج يترجاني أن أخيط له قميص فريقه المفضل ليلعب به في المساء فأخذته من يده و ألقيته جانبا و أنا أستحثه على الخروج مهددة إياه ككل صباح بأنني سأتركه و أخرج.
وجدت أنها قد رتبت غرفة ابني ترتيبا فائقا حتى لكأني لأول مرة أدخلها فلم تكن يوما كذلك رغم ما مرﱠ-;- عليها من أيادي معينات و يديﱠ-;- الكسولتين بالطبع...
قلت لها بإعجاب حقيقي: ″-;-عندها حق مدام سعاد عندما تثني عليك...أنت امرأة على درجة عالية من التنظيم و الدقة ... شوفي يا سناء...( واضعة يدي على كتفها) الإتقان في أي فعل نقوم به و لو كان في ترتيب غرفة هو أساس النجاح في الحياة″-;-.
أومأت برأسها كالموافقة و كأنها في سرها تقول:" ليس ذلك كذلك في كل الأحوال..."
ألم تكن منذ قليل تتحدث عن الحظ العاثر إذا ما أمسك بتلابيب منكود.
سألتها بتودد: هل أنت مرتبطة؟
أجابت باقتضاب: لا.
قلت: كنت سأغبطه و الآن سأقول يا بخت من ستكونين من نصيبه...
ابتسمت ابتسامة الأسى و تنهدت نصف تنهيدة سرعان ما قبرتها احتراما لمسافة الاحترام التي مازالت إلى الآن تباعدنا و تخشى هي أن تقطعها رغم توددي.
-يتبع-



#كريمة_مكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدم النساء
- أيدُ الجراح كيَدُ الإلاه؟!
- دنياك ليست في الحواسيب
- ألا فاهدأ...
- و لكل حاكم...امرأة يخشاها
- اللهم زدنا عشقا...
- في الحب تستوي النساء.
- كيدُها و كيدُ الهوى...
- العاشقة تحرّر الرهينة
- كلمة آخر الحكّام لأهل الصحافة و الإعلام...
- مومس في الفصل (الأخيرة).
- مومس في الفصل (قبل الأخيرة)
- إلى العفيف الأخضر...إلى قارئي الأوحد.
- مومس في الفصل 16
- مومس في الفصل (15)
- جدتي الأبية...ماتت صبيّة!!
- هو حكم أغبى الثورات...
- ضُعنا يا تونس... و ضيّعناكِ!
- ارحمي يا تونس قتلاك !!
- مومس في الفصل (14)


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - لن أبيع لحمي -1-