أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان عيسى - دفاعا عن مانديلا















المزيد.....

دفاعا عن مانديلا


رمضان عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 08:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لولا ايماني بفناء الأشياء والكائنات التي تُولد لما استطعت أن أتصور وفاة مانديلا .
اننا نعرف مانديلا من خلال سيرة حياته الحاضرة ، ومن يقرأ مذكراته “رحلتي الطويلة من أجل الحرية” ، لا بد سيُعجب بصموده ، ويتعجَّب من تضحيته واستبساله في سبيل مبادئه ، ولأجل حريته وحرية شعبه ، حتى صار نجماً في أفق الحرية ، وزعيماً عالمياً في مدرسة النضال، ومنظِّراً عبقرياً في دستور حقوق الإنسان.
ان قصة كفاحه من أجل الحرية ، لهي رواية للمجد وأنشودة الإصرار والتحدي ، إنها الهام لكثير من المضْطَهَدين الذين سُلبوا حقوقهم، واضْطُهدوا في موطنهم ، وحرمهم الاستبداد من العيش الكريم ، فرأوا فيه مثلاً حياً أعلى ، وقدوةً حسنةً في الصبر والإصرار والاستمرار، ورفض الظلم، ومواصلة البذل والفداء، حتى نيل الحقوق.
من سجنه كان يرسل دعواته المتكررة لتنظيم حملات سلمية ومدنية ضد التمييز العنصري ورفضه الاستجابة إلى العنف ، وتمسك بالدعوة إلى اللاعنف والتسامح، وفيما بعد للمصالحة وإعادة بناء الدولة والمجتمع على قيم الحرية والمساواة وعدم الثأر أو الانتقام أو الكيدية أو روح الكراهية .
وأصبح رئيساً لجنوب أفريقيا حينما انتخب في 29 نيسان (ابريل) 1994، وبعد خمس سنوات (في العام 1999) قرّر الاعتزال والتقاعد الطوعي، فاسحاً المجال للتناوب على السلطة وللتداول السلمي للمسؤولية .
وفي وداعه أجمع قادة العالم على تميز مانديلا وتفرده في هذا الزمن بقيم ومميزات لا يمكن أن نجدها في انسان بمفرده ، حيث قال عنه باراك أوباما "لقد خسرنا احد الرجال الاكثر تأثيرا والاكثر شجاعة وأحد أطيب الاشخاص على هذه الارض". واضاف "بفضل عزة نفسه وارادته الصلبة للتضحية بحريته من اجل حرية الاخرين، قام بتغيير جنوب افريقيا واثر فينا جميعا".
فمانديلا كان ثوريا ومناضلا من اجل الحرية ولم يهزم الطغيان والعنصرية والفصل العنصري فقط ، وانما هزم ايضا القوة والغضب والحقد والعنف ومشاعر الانتقام.
وبعد كل ما قيل عن المناضل الشامخ حيا وميتا نرى بعض الدعاة المسلمين يأبون إلا أن يكشفوا الغطاء عن مزابل أفكارهم وآرائهم وفتاويهم حول الرجل ، فنرى الداعية السعودي عبدالرحمن البراك يتسائل في بيان عن سبب تمجيد الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، واصفًا إياه بـ "الكافر الهالك"، ومعتبرًا أن المترحم عليه "وقع في "ناقض من نواقض الإسلام" ويصبح "مرتداً" بحال إصراره على ذلك.

و"إن التمجيد الذي طفح به الإعلام العربي لهذا الهالك ما هو إلا لرضى أميركا وهيئة الأمم عنه ـ كما يظهر ـ، ولأنه عندهم نصراني، فلو كان مسلماً ما نال هذه الإشادة، وهذا التعظيم والتضخيم " ، وحذر " الإعلاميين من زلات اللسان والقلم؛ فهم مسؤولون عمّا يقولون ويكتبون".
فأولا نقول : لو سألنا عن الذين حاكموا سقراط واتهموه بتضليل الشباب الأثينيين بآراءه ، وحكموا عليه بتجرع السم حتى الموت ، أين هم من التاريخ ؟. فالجواب واضح ، لم يذكرهم التاريخ إلا بسوء ، وبقي سقراط منارة للمعرفة الانسانية .
وهكذا نسأل عن ناقدي مانديلا من المسلمين ، هل سيذكرهم التاريخ ، بالطبع لا ، وسيبقى مانديلا منارة للنضال من أجل الحرية ما دام هناك انسان .
ان تهجم البراك على مانديلا هو دعوة الى الشباب ألا يحلموا بأن يعيشوا بحرية في بلدهم ، وألا ينحو منحى مانديلا الثوري والانساني ، وألا يتعرفوا على القيم التي آمن بها وكانت الدافع وراء مسيرته الثورية .
ان فتوى البراك تُظهر حقده على من ينادي بالحرية والاخاء والمساواة بين الناس ، وتؤكد أن الاسلام لا يقبل الآخر، ولا يقبل بدولة مدنية للجميع ولا يقبل بحرية المعتقد للجميع ، ولا يقبل بالمساواة بين البشر بغض النظر عن اللون والدين والجنس .
وأيضا نرى الداعية الاسلامي عائض القرني الذي يأبى إلا أن يدلي بدلوه الذي يشتم منه التحسر على ان مانديلا ليس مسلما ، فيرسل خطابا لمانديلا يكيل فيه المديح تلو المديح ، حيث يقول : " أيها الرئيس العظيم: إن الإسلام دين عظيم، يحب العظماء، ويحترم المبدعين، ويحيي الشرفاء، وأنت أحدهم. إنه دين المساواة ، ... إنه دينٌ يرفض الظلم، ويحرم الاستبداد، ويلغي فوارق اللون والجنس واللغة" . ولكنه لم يضف الحرية في المعتقد ، وذلك لأنه لا يؤمن بحرية الاعتقاد للآخر ، لا في بلده ولا خارجها .
ويضيف : " أيها الرئيس العظيم: إن الـمُثل العليا التي تدعو لها سوف تجدها مجتمعة في الإسلام " .
ونرى أن مانديلا أعلن الصفح عن جلاديه ومن كانوا سببا لعذابات شعبه السنين الطوال . فهل في الاسلام معنى للصفح عن العدو ؟ .
ان قيم الحرية والعدالة والانسانية التي نادى بها مانديلا لا تفهمها أنت ولم تصل الى المنطقة العربية ، ولو وُلد مانديلا في بلد عربي فلن يكون مانديلا كما عرفه العالم كمناضل ثوري حرر بلاده من أشرس نظام عنصري . ولو كنت أنت في جنوب افريقيا العنصرية وبهذه العقلية فلن تفعل شيئا ولن تنادي بالحرية .
ويضيف القرني في رسالته :" أنا أخاطبك من مكة، من جوار الكعبة؛ حيث نزل القرآن ... وأشرقت شمس الرسالة، وكسر الصنم، وحطم الطاغوت، وأعلنت حقوق الإنسان، وألغي الاستبداد، ونشر العدل والسلام ".
ونسأل : هل حقا لا توجد أصناما حجرية ولا بشرية ولا حكم الطاغوت ، ويسود العدل والسلام وحقوق الانسان في بلادك الآن ؟
اذا قلت نعم ، فكيف يمكن لحقوق الانسان وللعدل أن يوجد في ظل الحكم الملكي الوراثي .
ثم كيف تضع نفسك ناصحا لعلَم من أعلام الحرية الذي حرر شعبه من العبودية ، وبعد أن اطمئن لمسيرة بلاده ، تخلى عن السلطة ، وتاريخك العربي والاسلامي – عذرا : فقط عبد الناصر في ظروف خاصة _ لا يشهد بمثل هكذا تصرف .
وفي الختام يقول القرني أنه سعيد بأن يهدي مانديلا كتابه (لا تحزن) الذي ربما يكون أحد الكتب التي تم سرقتها من كُتاب آخرين بعد تحويره وتسجيله باسمه ، حيث افتضح أمره حينما قضت لجنة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والاعلام بتغريم الشيخ عائض القرني مبلغ 330 ألف ريال سعودي، في القضية التي اقامتها ضده الكاتبة السعودية سلوى العضيدان واتهمته فيها بالاعتداء على حقوقها الفكرية.
وتشمل الغرامة 30 ألف ريال "حق عام"، و300 ألف ريال تعويضاً للكاتبة وسحب كتاب الشيخ القرني "لا تيأس" من الأسواق، ومنعه من التداول .
أخيرا نقول : ان قامة مانديلا عالية وشامخة ولن يضيره تفوهات العجزة القاصرون عصريا بعد أن رحل وهو مطمئن أنه قد تحقق حلمه لبلاده بالحرية والعيش مع كل الاجناس البشرية دون تمييز , وكان مبدأه كلنا بشر وممكن ان نعيش مع بعض لو فكرنا جميعا بقيمة كلمة الحرية .
كان مانديلا واثقا من شخصيته يعترف بأخطائه ، رجل بما تعنيه الرجولة من نزاهة وصدق وإخلاص لبلده , سياسي ذو حكمة وتجربة نضالية غنية , محام مكافح من أجل قضية شعبه ,كانت كلمة الحرية كلمة مقدسة عنده وحقق حلمه الذي صرح عنه : "أحلم ان اعيش حرا في بلدي".



#رمضان_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوي خطرة
- اشكالية العلم مع الميراث المقدس
- الاسلام لا يمكن الا أن يكون عنيفا
- معنى الثورة وأبعادها المصرية
- حفظ القرآن في الأرض أم في السماء ؟
- مدلولات النسيان عند نبي الاسلام
- من هو العدو ؟
- المادية الجدلية وعلم النفس
- لمن أكتب مقالاتي ؟
- العرب وخداع النفس
- بين ايمان - أُمي - وايمان الاخوان
- تاريخ الخوف من المجهول
- قراءة في كتاب - سقوط العالم الاسلامي -
- الوجه الآخر للعنف !!!
- ماذا وراء وصول مصر الى غرفة الانعاش ؟
- مصر في غرفة الانعاش
- كشف المستور وراء تجاهل الحنفاء قبل ظهور دعوة النبي محمد !!!
- الإسلام السياسي وصكوك الغفران
- هل كان حمورابي نبياً ؟
- عوامل القوة والضعف في المشروع الصهيوني


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان عيسى - دفاعا عن مانديلا