|
حوار الحلفاء
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 01:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اطال كيري في كلمته امام معهد ( سابان ) وهو يستعرض تاريخ اميركا في ضمان امن اسرائيل ، وبدا وكانه يرد على رئيس وزراء اسرائيل الذي فهم عملية السلام و التفاوض الجارية ( بحياء ) مع الفلسطينين على انها مرتبطة بالامن ، و كان من ابرز تلك الردود ، قوله ان اميركا هي التي مكنت اسرائيل عام 1973 من رد الجيوش العربية و اعطائها المبادراة بفعل الدعم العسكري و اللوجستي، ثم عرض بدعم عسكري و استخباري و تقني غير مسبوق ، و خطة وضعها الجنرال الاميركي ( الن ) مع نخبة من 160 ضابط اميركي تضمن تفوق و امن اسرائيل ، ثم استند في فلسفته الى ان الدبلوماسية هي القاعدة الذهبية للامن ، مقدماً امثلة من مختلف التجارب العالمية . واضح ان اميركا حفاظاً على هيبتها تحاول استرضاء اسرائيل لتقبل ( باوسلو ) جديدة ، لتتمكن اميركا من المحافظة على حضورها ولو المعنوي في المنطقة ، حيث اشار كيري الى التجربة السورية ، و اكد ان الدبلوماسية ساعدت على منع الحروب و تورط اميركا في حرب تكرر التجربة العراقية و ترهقها اقتصادياً ، و قد اشار الى ان هناك من يعتقد اننا قد نغادر المنطقة او ان تفوذنا فيها و اهتمامنا اضعف من ذي قبل ، فهو مخطئ ، سنحافظ على حضورنا رغم الصعوبات ، و هنا فان كيري يوضح اهمية انهاء الملف الفلسطيني المعتمد على موافقة اسرائيل ، لتعيد اميركا هيبتها امام حلفائها بالمنطقة ، خاصة بعد بدء الحوار مع ايران و ربما الاتفاق معها ، و بعد ان توافقت مع روسيا في الموضوع السوري ، مما ازعج السعودية ، و اقلق بلدان الخليج ، و هو وضع قد يؤدي بهذه البلدان الى تحالفات اقليمية و دولية خارج النفوذ الاميركي . تدرك اسرائيل انها تعيش لحظة متغيرات عالمية و اقليمية عميقة ، و هي تشعر بذلك منذ فترة طويلة مما انعش اليمين بمختلف مشاربه العقائدية و الدينية، و هو الذي يملك قدرة التحدي لاميركا من حيث هو جزء من اليمين الاميركي و المحافظين الجدد فيها ، و ليس فقط مواقع الضغط الصهيوني ، و تدرك ايضاً انها تحتاج من القادم في الزمن لانهاء المسألة الفلسطينية ، لتتجه نحو عالم عربي اخر يتبلور ، يمتلك سوق استهلاكي واسع و قريب ، لكن ليس باي ثمن خاصة و هي تعيش افضل مراحل وجودها امنياً ، فلا تهديد عربي يذكر و لا جيوش تحيط بها خاصة بالخاصرة اللينة، فيما عرف الجبهة الشرقية ، وهذا الوضع يحسن قدراتها التفاوضية مع الفلسطينين و الامريكيين ، و ايضاً يدرك كيري ذلك الامر ، و يذكر لاسرائيل بان امنها تاريخياً كان اميركياً ،و لاحقاً في الافق الغير مضمون ، لا يمكن الا ان يكون امريكياً ، حتى في الدبلوماسية التي اصبحت سمة المرحلة ، فان اسرائيل تتعرض الى انتقادات اوروبية و دولية و قد تصل بالامور الى حد المقاطعة ،كما جرى مع جنوب افريقيا في ثمانينات القرن الماضي ، و لن تستطيع الصمود دون اميركا ، و لذلك عليها القبول بالدور الاميركي الذي يتحرك ضمن المصالح الامريكية و الاسرائيلية . لكل ما ذكر فان اميركا و اسرائيل تدخلان مرحلة الشد و الجذب ، لتتمكن كل منهما تحقيق ما تستطيع ضمن تحالفهما الاستراتيجي ، و في هذا السياق فان كيري لا يملك الا ان يطمئن الفلسطيني بان شيئاً يتحرك و عليهم مواصلة التفاوض ليأخذ وقته في التعامل مع اسرائيل ليحقق اتفاقاً امريكياً اسرائيلياً،يكون قاعدة التحرك نحو الفلسطينين و العالم العربي الذي تطمح اسرائيل منذ بن غوريون للهيمنة على هذا السوق الاستهلاكي الكبير . و يقف العالم العربي مشتتاً امام ما يجري ، مما يعيد الى الذاكرة حال هذا العالم عند بدء الحرب العالمية الاولى قبل ما يقرب المائة عام ، فالاحتراب الداخلي يمزق مختلف البلدان الرئيسية ، وبلدان الخليج تبحث لذاتها عن مكانة و دور ، بعد ان لم تنجح في الهيمنة على المقدرات العربية ،و بعد ان هدمت باموالها الامن القومي العربي ، تحت ذرائع واهية بدعمها الاسلام السياسي ، ذلك القرد الذي تمرد على سيده ، فاضاعوا اوطان و حقوق و مستقبل ، و يقفون اليوم حائرين امام التقارب الاميركي الايراني ، متوجسين امام الطموح الاردوغاني العثماني ، لتقف فلسطين في خندق الصمود و البسالة وحيدة بشعب ظل طيلة مائة عام يواجه مصيرة بملاين اللاجئين مع وطن يقضم تحت شعارات عربية استخدمته في صراعتها الذاتية و الداخلية . لا يمكن ان يكون الموقف الاسرائيلي في ظل هذه المعطيات ليناً ، و الامر ليس بمسميات قياداته ، فمثلاً بيرس ذاته منذ البداية و عبر حرب السويس وصناعة القنبلة الذرية و حرب حزيران و لبنان و سواها ، لكن ادراك اسرائيل طبيعة المتغيرات يجعلها تتعامل ما تقتضيه الحال ، و حيث هنا وقع اجتهاد مختلف مع حليفتها اميركا ، فهم يدخلون حاله تفاوض وصولاً الى قناعة مشتركة على اساس منها يتم التعاطي مع المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلة.وشمن الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين الطرفين والملزم بالتشاور عند اية منعطفات سياسية ، فالمفاوضات ليست حالة عبقرية ترتبط بقدرات ذاتية ، والاستقالات ليست ذا شان في هذا السياق طالما ان مبدا التفاوض قائم !، بل هي تعبير عن حالة توازن القوى على الارض ، و توافق المصالح ، يتم ترجمتها الى وثائق على طاولات دعيت بالمفاوضات بدل التوافقات ، و لعلها احياناً بدل الاملاءات ، فحين اردات فرنسا مغدرة الجزائر دعت الى الحوار في ( ايفيان) وحين اكرهت اميركا على الخروج من فيتنام دعت الى مفاوضات ( باريس ) ، و ليس في الامر غرابة ، انما الغرابة لدينا هي في التفاوض دون توازن، و من غير قدرات بل اعتماداً على الواسطه و قدراتها في التاثير ، و تتجمد نتائج تلك المفاوضات لحين انتهاء حوار الحلفاء على صيغة التعاطي مع المتغيرات في منطقة الشرق الاوسط و ليس فقط الحال الفلسطيني الذي هو جسر عبور للبدء في تنفيذ خطة تم اعتمادها تماماً كما تم اعتماد خطة سان ريمو التي اعادت صياغة المنطقة .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق ايران دشن مفهوم عالمي جديد
-
دور الاقتصادر في مقارعة الاحتلال
-
مفهوم الاممية بين الشيوعية والاسلام
-
القضية الفلسطينية الى اين ؟!!
-
سوريا وروسيا والمتغيرات
-
الطبقة العاملة العربية وتحالفها مع الطبقة الوسطى
-
القومية العربية يجب ان تكون شعار المرحلة
-
عن روسيا والمتغيرات العالمية والاقليمية
-
لمصلحة من تدمر الشام
-
دمشق تحت القصف الامريكي
-
الفكر الثوري والتعدد
-
المفاوضات الفلسطينية والبعد العربي
-
العروبة هي الحل
-
لماذا تتعارض العروبة مع الاسلام
-
القضية الفلسطينية افاقها وسبل حلها
-
الديمقراطية هي الحل للازمة العربية
-
النكبة والسياق التاريخي
-
اي فكر يراد له التمرير
-
ستنجو العروبة وتفشل المشيخيات
-
عاش الاول من ايار
المزيد.....
-
مصر: لأول مرة شركات المحمول تقدم خدمة الشريحة المدمجة eSIM..
...
-
وزير دفاع سوريا يكشف سبب انسحاب الجيش من حماة
-
في رحلة قد تكون الأخيرة لها خارج البلاد.. السيدة الأمريكية ا
...
-
الملايين يواجهون الجوع في السودان وبرنامج الأغذية يكثف جهوده
...
-
وزيرا خارجية أوكرانيا وبولندا يغادران القاعة.. خلال كلمة نظي
...
-
ماكرون يرفض الاستقالة ويتعهد بتسمية رئيس حكومة جديد
-
طهران تشيع رفات 100 جندي قتلوا في الحرب العراقية-الإيرانية خ
...
-
وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا يعقدون اجتماعا في بغداد
-
إسبانيا.. القبض على 7 أشخاص سرقوا أجهزة صراف آلي باستخدام شا
...
-
الجزائر: مجلس الأمة يدين -تدخل- البرلمان الأوروبي في الشؤون
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|