|
دور الاقتصادر في مقارعة الاحتلال
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 4279 - 2013 / 11 / 18 - 10:12
المحور:
القضية الفلسطينية
لا يمكن ان تتغير سياسية ( الابرتهايد ) الاسرائيلية الاحتلالية الاستيطانية ، الا اذا اصبح احتلالها مكلفا لها ، و لقد واضحت الحياة عبر تجارب مباشرة ، لنضالات الشعوب و كتابات الكفاح الشعبي و دروس حروب التحرير ، ان القاعدة الاساسية لجعل المستمعر يضطر بالبدء في التفاوض لاجل الانسحاب ، هي فقط عندما يبدأ يدرك ان مشروعه الاستعماري الاستيطاني خاسر اقتصاديا وغير مجدي سياسيا ً. لقد استوطن ثلاثة ملاين فرنسي في الجزائر ، و اهتموا بمدينة قسنطينة اكثر من سواها في محاولة لجعلها فرنسية و اصبحت لهم مزارع للنبيذ و مصانع و مدارس و مثقفين ظهر منهم ( البيركامو ) ، و الامر ذاته في رودسيا التي اصبحت ( زمبابوي ) حسب مسمها الوطني،و كان زعيم المستوطنين ( ايان سميث ) قد اعلن عام 1965 الاستقلال عن بريطانيا ، فمقاومة الوطنين الافارقة و قاطعته الدول الديمقراطية ثم الامم المتحدة ، فاعلن تخليه عن السلطة ،وتم توقيع اتفاق الاستقلال، حيث تسلمها روبرت موجابي ، و تحررت زمبابوي ، و في جنوب افريقيا خرجت بريطانيا ، و اقام المستوطنون البيض دولة لهم تميزت بما اصبح يعرف سياسياً( الابرتهايد ) نظام الفصل العنصري ،واقام السود في جنوب افريقيا جبهتهم الوطنية التي قادها نيلسون مانديلا ضمنت من الشيوعيون الى القومين (ANc ) عرفت بااسم وكافة القوى الاجتماعية، وتابعت نضلاتها في صراع طويل مثابر حظي باحترام العالم ، حتى وصل السلطة ( دي كليرك ) الذي ادرك ان هذا النهج اوصل البلاد الى المقاطعة الدولية ، وان لا سبيل امامها سوى الاعتراف بحقوق السود ووقف سياسة الفصل العنصري ! رغم ان جنوب افريقيا دولة غنية بموادها الطبيعية من ذهب و الماس و غيره ، و انها تعاونت مع اسرائيل بانتاج القنبلة النووية و اجراء التجارب لها في جنوب افريقيا ، ذلك البلد الواسع و الكبير ، حتى استخدمت شركة الطيران الجنوب افريقي شعار لها ( زوروا العالم في بلد ) . بالتأكيد ليس الامرمجرد عملية اقتصادية على اهميتها و جدواها ، الا ان التفاف الجماهير حول قيادتها حسب برنامج نضالي واضح ومقنع ، و استعدادها للتضحية ، اسهم في التضامن العالمي ، حيث اتخذت القوى الديمقراطية في العالم تلك المعارك شعارات لها في مطالبة حكوماتها لتأيد تلك الشعوب من اجل الاستقلال ، وليس مثال فيتنام بعيد عن الاذهان ، مع ان التركيز استهدف الاشارة الى الاحتلال الاستيطاني . لقد تمترست اسرائيل في عداونيتها الى الدين ، حتى وصلت الى المطالبة بالاعتراف بها كدولة يهودية ، وهذا لا يغير من مضمون الوضع شيئاً ، فكل احتلال في التاريخ استند الى فكرة ذرائعية ، و هي تحاول ان تجعل من حالة الفوران العربي الرافض لانظمة الحكم القائمة و بالتأكيد بالتعاون مع دول الاستعمار السابق و اميركا ، لجعل الصراع ديني ، عبر تلك المجموعات الارهابية بالثوب الديني الاسلاموي ، بحيث تقام امارات اسلامية على طريقة حماس ، و هنا يتوفر مناخ الدولة الدينية ؟! و من ابرز تلك المؤشرات ، الاعتداءت هلى المذاهب المختلفة و محاولات تهجير المسيحيين عبر حرق كنائسهم ( مصر ) و ذبحهم ( سوريا و العراق ) ليتم نقلهم الى جغرافيا معينة و تقام دولة مسيحية و تصبح المنطقة العربية مجرد امارات دينية تعيش غيبوبة ( ميثولوجية ) لعدة عقود تكون فيها قد استقرت دولة اليهود كاكبر قوة اقتصادية و عسكرية بالمنطقة و قد انتهت القضية الفلسطينية كقضية وطنية . و اذ كانت عملية جعل الاحتلال مكلفاً ، و الاستيطان مرهقاً و الخسارة غير محمولة ، فان المعادلات تختلف ، و هنا يمكن ان تورد قضية العمال في اسرائيل و التي ظلت شوكة و نقطة ضعف وطني و نقابي منذ بدأت تلك العمالة عام 1969 . لن نبحث في مقولة ان تلك العمالة اسهمت في الاستيطان بحكم البطالة المستفحلة في الضفة و القطاع ، و لكن يجب عدم جعل تلك العمالة اداة لاستغلال قومي و طبقي ، و لابقاء العمال الفلسطينين يعشيون اوضاعاً تشابه احوال العبودية القديمة ، فهم محرومون من الحقوق القانونية في المقتطعان الضرائبية التي وصلت الى مليارات حسب مقاربة بسيطة تقول : لو كانت نسبة التسوية الضرائبية 11% و ان عدد العاملين في اسرائيل قبل 1994 كان 70 الف فقط سنوياً باجر شهري ثلاثة الاف شيكل ، فان المبلغ المتراكم في هذا الحساب فقط يفترض انه بلغ 6.5 مليار شيكل تلك الفترة ، الى جانب مبالغ اخرى ما زال ينتظر من يطالب بها ( نعمان كنفاني ) 30/7/2013 . علما ان الارقام اكبر بكثير عن المعدلة السابقة والواردة كمثال فقط،للاستغلال الذي يتعرض له العامل الفلسطيني . و بملاحظة ان نسب الاقتطاعات الضرائيبية من اجور العمال الفلسطينين بلغ 24.18% فان هذه المبالغ التي يجب ان يتم تحصيلها و التوجه لمنظمة العمل الدولية و الحركة العمالية لاسناد المطلب ، حتى تستخدم لاقامة استثمارات تواجه البطالة المتفاقمة باضطراد، و تفضح اساليب الاحتلال في استغلال العمال ، المحرومين امنيا من المبيت في اسرائيل، و الذين يكونوا مجبرين على العمل اكثر من 12 ساعة يومياً منذ الانطلاق مبكراً الى العمل و الاوقات التي تحتاجها العودة مرة اخرى عبر الحواجز و الاذلال بالتصاريح على المعبر ، اضافة الى وجود عمالة غير منظمة ، دون تصاريح تتعرض للاعتقال والاهانة والضرب . لقد اشارت اتفاقية باريس في البند الرابع الى ضرورة اقامة نظام ضمان اجتماعي ، و لم يتم تحقيق ذلك ، بل ان تعدد و انقسام الحركة العمالية الفلسطينية ساهم في اضعاف دورها و مسؤوليتها تجاه العمال المستعبدين للاحتلال ، كما و ان منظمة العمل الدولية قررت عام 1989 البدء في اقامة نظام ضمان اجتماعي و كلفت لجنة مختصة كان يرأسها خبير اسكتلندي و حضر معه الى فلسطين الدكتور سمير رضوان وزير المالية المصري بعد ثورة يناير ، و لكن الامر لم تتم متابعته ، ربما بسبب دخول اتفاق اوسلو و باريس على الخط و تحول النقابات الى هياكل ادارية للعلاقات العامة ، وتناسي الموضوع لاسباب مالية ، مع ان الاموال المترصدة بل والمنهوبة من العمال مستحقة !! و حتى يكون الاحتلال الاستطاني مكلفاً ، يجب عدم خلط الدبلوماسية بالعملية النضالية ، كما يجب ادراك اهمية النضال الجماهيري ، الذي استطاع ان يسقط حكم الاقلية في جنوب افريقيا رغم قدرتها الهائلة مالياً و عسكرياً ، و التجارب كثيرة ، و اشكال النضال متعددة ، وليست احادية على طريقة هل ستكون انتفاضة ثالثة ( يرغب بها الاسرائيليون ) ؟! بل ان الموقف الاوروبي لمقاطعة المستوطنات كان ولا يزال اثره يتفاعل مما يشير الى اهمية الاقتصاد في المعركة ، و التي تقتضي ان يقاطع الفلسطينيون ليس فقط البضائع بل العمل ، و المطالبة بحقوقهم لاستخدام الاموال لصالح توفير اعمال بديلة لهم ، و التوقف عن النزعات الاستهلاكية في مجتمع يعيش تحت الاحتلال ومن المفترض ان يناضل من اجل التحرر و الاستقلال الذي يحتاج الى ثمن حتى يتحقق ،والامر يحتاج الى عملية تعبوية مجتمعية لم تعد تستطيع التنظيمات الفلسطينية المتكلسة تاديتها ، بل اشراك اوسع القطاعات الشعبية القادرة على مواصلة العمل لضم كافة قطاعات شعبنا واعادة ثقته بامكانية النصر بعيد عن الاستناد الى السلطة التي تعمل كنظام واطار دبلوماسي بيروقراطي ، سحب معه منظمة التحرير ، و لا يمكن ان نأكل الكعكة و نحتفظ بها معاً .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم الاممية بين الشيوعية والاسلام
-
القضية الفلسطينية الى اين ؟!!
-
سوريا وروسيا والمتغيرات
-
الطبقة العاملة العربية وتحالفها مع الطبقة الوسطى
-
القومية العربية يجب ان تكون شعار المرحلة
-
عن روسيا والمتغيرات العالمية والاقليمية
-
لمصلحة من تدمر الشام
-
دمشق تحت القصف الامريكي
-
الفكر الثوري والتعدد
-
المفاوضات الفلسطينية والبعد العربي
-
العروبة هي الحل
-
لماذا تتعارض العروبة مع الاسلام
-
القضية الفلسطينية افاقها وسبل حلها
-
الديمقراطية هي الحل للازمة العربية
-
النكبة والسياق التاريخي
-
اي فكر يراد له التمرير
-
ستنجو العروبة وتفشل المشيخيات
-
عاش الاول من ايار
-
ايار والبطالة
-
كيري وزيارات المنطقة
المزيد.....
-
مصر: لأول مرة شركات المحمول تقدم خدمة الشريحة المدمجة eSIM..
...
-
وزير دفاع سوريا يكشف سبب انسحاب الجيش من حماة
-
في رحلة قد تكون الأخيرة لها خارج البلاد.. السيدة الأمريكية ا
...
-
الملايين يواجهون الجوع في السودان وبرنامج الأغذية يكثف جهوده
...
-
وزيرا خارجية أوكرانيا وبولندا يغادران القاعة.. خلال كلمة نظي
...
-
ماكرون يرفض الاستقالة ويتعهد بتسمية رئيس حكومة جديد
-
طهران تشيع رفات 100 جندي قتلوا في الحرب العراقية-الإيرانية خ
...
-
وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا يعقدون اجتماعا في بغداد
-
إسبانيا.. القبض على 7 أشخاص سرقوا أجهزة صراف آلي باستخدام شا
...
-
الجزائر: مجلس الأمة يدين -تدخل- البرلمان الأوروبي في الشؤون
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|