أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ابراهيم الحيدري - النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت















المزيد.....

النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت


ابراهيم الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 19:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تعريف بالنظرية النقدية
أول نظرية أعطت للنقد والنقد الذاتي أهمية كبيرة من حيث النظرية والممارسة. وهي أول نظرية اجتماعية- فلسفية وجهت نقدها للعقل الشمولي وتخليصه من براثن الهيمنة التي فرضتها الفلسفة وعلم الاجتماع الوضعي والامبيريقي وحولته الى عقل أداتي في خدمة الدولة البرجوازية والأنظمة الشمولية. وقد
تجاوز النقد عندها الى جميع فروع المعرفة الإنسانية - الاجتماعية والطبيعية.
تعريف يمدرسة فرانكفورت
تكونت من مجموعة من الأساتذة والمفكرين وعلماء الاجتماع من اليسار الألماني المتحرر من أية وصاية سياسية الذين اتفقوا على تأسيس معهد للبحث الاجتماعي في جامعة فرانكفورت يتخذ من النظرية النقدية منهجا علميا واضح المعالم يقف امام النظريات الاجتماعية الوضعية والفلسفة التقليدية التي سيطرت على الفكر الغربي. وبتأسيس مدرسة فرانكفورت تأسس معهد البحث الاجتماعي في جامعة فرانكفورت عام .1923
صعوبة التعريف
ان التعريف بالنظرية النقدية وبفكر وفلسفة مدرسة فرانكفورت النقدية وروادها الأوائل بعجالة أمر ليس بهين لصعوبة المواضيع التي تطرحها وتعقيدها وكذلك لصعوبة اللغة الألمانية الفلسفية وترجمتها الى اللغات الاخرى. كما ان مدرسة فرانكفورت أصبحت اليوم أساساً لأغلب النظريات والاتجاهات النقدية لما بعد الحداثة، وخاصة في الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والانثروبولوجيا وحتى في الأدب والفن والموسيقى، محاولين قدر الامكان توضيح مبادئها الرئيسية والعلاقات المعقدة لأفكار روادها الأوائل وتوضيح نتائجها على تطور التفكير الاجتماعي والحركات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الغرب.
ما هو النقد ؟
النقد هو" فن الحكم "، أي الفصل بين الحقائق واستخلاص الصحيح من الخطأ. فهو أداة تحكيم عقلانية هدفها تهيئة الوعي وأعادة الاعتبار للذات الإنسانية. والنقد هو محاولة جادة لفهم العالم وتغيره عن طريق الكشف عن مكامن القوة والضعف في النفس الإنسانية وتطوير عقل نقدي واع يرسخ ثقافة التساؤل والابداع. أما محرك النقد فهو الشك بالحقيقة الكلية والجزئية وان الشك يعكس بدوره معرفة أخرى، شرط ان يكون النقد داخليا وعقلانيا ويهتم بالموضوع وليس بالشكل. إذن النقد هو جدل العقل للنظر الى الأمور بحكمة وعقلانية.
وقد ارتبط النقد بعصر التنوير(عصر التحرر والتقدم والعقلانية..الخ) ويعود مفهوم التنوير الى عامنوئيل كانت الذي قال :
" بان عصرنا هو عصر النقد، وان كل شيء ينبغي ان يخضع للفحص النقدي بهدف قبوله او رفضه، وبالتالي اصدار حكم عقلاني على ذلك."
النقد والحرية
ان ممارسة النقد تحتاج الى الحرية لأن جوهر النقد هو الحرية. ومن أجل تحرر الذات من أسرها المجتمعي علينا اجراء نقد مركب:
1- نقد الذات
2- نقد التراث-الذي يقوم على النقل وليس على العقل
3- نقد الوافد الجديد، الحداثي وما بعد الحداثي
أما النقد الذاتي فهدفه معرفة الذات ومحاكمتها لمعرفة مواطن القوة والضعف ومن ثم تقييم وتقويم الذات لمواجهة السلبيات وإعادة بنائها من جديد على أسس عقلانية.
الأصول الفكرية للنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت
تمتد النظرية النقدية في أصولها الفكرية الى عصر التنوير والفلسفة الألمانية المثالية الموضوعية وخاصة عمانوئيل كانت وهيغل والهيغليون الشباب حيث تمرد الهيغليون الشباب على الجانب التأملي المحافظ في فلسفة هيغل المثالية، التي تفتحت، في ذات الوقت، عن المنهج الديالكتيكي الهيغلي. وكان على رأسهم كارل ماركس وبونو بوير ولودفيغ فيورباخ وغيرهم، الذين اطلق عليهم «الهيغليون الشباب» الذين اسسوا عام 1841 «حوليات الأدب والفن»، وأرسوا دعائم فلسفة اجتماعية جديدة رفضت الفكر الفلسفي التقليدي، مثلما رفضوا النظام الاجتماعي القائم ومؤسساته.
أسس النظرية النقدية
من الممكن ايجاز أسس النظرية النقدية في ثلاث نقاط هي :

أولا- تأسيس نظرية نقدية للمجتمع
ان ما قامت به النظرية النقدية هو محاولة لصياغة نظرية نقدية جديدة وعلم اجتماع نقدي له مفاهيمه الخاصة وميدانه المحدد، كبديل للفلسفة التقليدية وعلم الاجتماع الوضعي والامبيريقية التي مارست انواعاً من السلطة التي هدفت الى تقويض طوعي في تاريخ الفلسفة وعلم الاجتماع، الذي أجبر النظرية على التراجع. وعلى النظرية النقدية ان تستغني عن المماثلة والأحكام المسبقة والقاطعة وان تكون موضوعية.
ان هدف النقد هو اتخاذ موقف سلبي يهدف أساساً الى توجيه المعرفة الذاتية نحو المجتمع ونحو مصلحة عقلانية ايجابية، وهو ما مكنها من ان تكون فلسفة اجتماعية هدفها نقد المجتمع وتعريته من خلال نقد النظام القائم والكشف عن جوانب الخلل فيه ورفضه إذا كان سلبياً. وبمعنى آخر تعرية المجتمع الصناعي- البرجوازي وعقلانيته التكنولوجية وما يرتبط بها من أيديولوجية.
ثانيا- ديالكتيك النظرية والممارسة
كان المحور الاساسي للمناقشات الحادة يدور حول تفسير ماركس للعلاقة بين النظرية والممارسة(الوحدة بين النظرية والتطبيق). وقد تبلور مفهوم جديد للنظرية باعتبارها مرشدة للعمل وتوجيه الفعل الاجتماعي. اما الممارسة فهي نوع من السلوك الذي ينبثق من الداخل, أي من نفسه وليس خارجيا, أي من خلال التفاعل والصراع في حياة البشر. وهو سلوك لا يخضع للضغط او المراقبة من قبل الاخرين.
وهكذا ظهر معيار جديد للممارسة يربط الممارسة بالنظرية في وحدة ديالكتيكية, وبمعنى آخر يجب ان تطعم الممارسة بادراك نظري دوما ومن منطلق نقدي. وان تكون في الاخير هدفا لكل فعالية ثورية.
ماركس ركز على الوحدة بين النظرية والتطبيق عن طريق وعي الجماهير وتحريكهم للثورة وتحقيق دولة البوليتاريا.(بمعني ان النظرية ترشد العمل والعمل يجب ان يعي الواقع).
ثالثا- من نقد الفكر الى نقد المجتمع
انطلق رواد مدرسة فرانكفورت النقدية في نقدهم الفلسفي والاجتماعي من رفضهم للنظام الاجتماعي القائم وايديولوجيته. ولم يكتفوا بنقد الأفكار والنظريات وانما انتقلوا من نقد الأفكار الى نقد المجتمع ومؤسساته وخاصة الصناعية الرأسمالية وكذلك وسائل الاتصال التي تدعم ذلك والمجتمع الاستهلاكي الذي يمتلخ الافراد من جذورهم ويجعلهم يلهثون وراء بريق المدنية الزائف. وتجاوز النقد الادبي الى النقد الاجتماعي والثقافي والفلسفي والفني.
الرواد الأوائل
تمثلت النظرية النقدية بعدد من المفكرين الاجتماعيين الذين ينتمي الغالبية منهم الى «اليسار الأوروبي» بعامة والألماني بخاصة، الذين سبقوا غيرهم في اثارة كثير من التساؤلات المعرفية التي تدعو الى الشك والقلق والجدل، عن طريق نقدهم الفلسفي والاجتماعي والسياسي ورفضهم للنظام الاجتماعي القائم وكذلك ايديولوجيته.
ارتبط اسم النظرية النقدية بمؤسسها ماكس هوركهايمر وزميله ثيودور ادورنو كما ارتبط اسمهما بمعهد البحث الاجتماعي بجامعة غوته بفرانكفورت، الذي اتخذ في ما بعد اسم «مدرسة فرانكفورت».
تمثلت مدرسة فرانكفورت باتجاهات فلسفية واجتماعية وثقافية مختلفة تلتقي جميعا في نقدها للمجتمع ويمكننا ايجازها بما يلي:
1ـ ماكس هوركهايمر (1895 ـ 1973)
تمثل بالمنهج النقدي الجدلي الذي يهدف الى توحيد النظرية بالممارسة العملية وتقديم نظرية نقدية للمجتمع تستطيع الوقوف امام فكرة التسلط والعنف وتسعى الى جعل الفكر النقدي ليبراليا وغير ليبرالي في الوقت ذاته، وان لا تخجل من الصراع الاجتماعي الواقعي وان لا تبخل عن أية مهادنة، مع أية سلطة، ما دامت تهدف الى الاستقلالية وإلى تحقيق سلطة الانسان على حياته الذاتية، مثلما هي على الطبيعة.
2- تيودور أدورنو (1903 ـ 1969)
عالم اجتماع وفيلسوف وموسيقار وناقد فني كبير ويعتبر فيلسوف القرن العشرين لأعماله الفلسفية الرصينة.
- اشتهر كتابه ديالكتيك عصر التنوير، بالمشاركة مع هوركهايمر1947 وكتاب الجدل السلبي الذي صدر عام 1966 بحث فيه أسباب استلاب الفرد في المجتمع الصناعي الشمولي، مؤكدا على النقد السلبي هو نقد أيديولوجي. والسلب هو تحول العقل البشري الى أداة تستغلها الطبقة العاملة. ومن مؤلفاته الأخرى علم اجتماع الموسيقى وغيرها
3- هربرت ماركوزة (1898 ـ 1981)
تمثل في رفض المجتمع القمعي القائم والثورة عليه من خلال تأكيده على الدور الحاسم والثوري للعقل في حياة الانسان وعدم النظر الى المجتمع من رؤية أحادية الجانب. من اهم مؤلفاته الانسان ذو البعد الواحد والعقل والثورة والماركسية السوفيتية 1958 وكان اول من انتقد من اليسار الأوربي التطبيق السوفيتي للماركسة وبين مخاطرها على مستقبل الاشتراكية في العالم. كما أشار الى وجود حركات تحرر داخل الحزب الشيوعي. وهو ما تحقق عام 1980. كما اشتهر فيما بعد كاحد ابرز مثيري الحركات الطلابية في المانيا وفرنسا وامريكا. كما اصبحت مفاهيمه السوسيولوجية ( مفهوم الرفض كطريق للثورة) رموزا وشعارات سياسية استخدمت في مظاهرات الشباب والطلبة في نهاية الستينات من القرن الماضي.
4 – اريش فروم 1900-1980
وهو الاتجاه النفسي-ـ التحليلي الذي يتمثل بآراء ارش فروم والفرويديين الجدد، وهو اتجاه يقوم على مقدمات ماركسية في التحليل النفسي. ومن اهم كتبه الخوف من الحرية.
5- فالتر بنيامين 1898-1940
اشتهر بالنقد الفني والأدبي وعلم الجمال ودمج النقد الاجتماعي بالمثالية الألمانية والمادية الديالكتيكية والأفكار الصوفية. ومن أهم كتبه: شارل بودلير وإعادة انتاج العمل الفني تقنيا. كما طور مفهوم الهالة التي تضفي على العمل الفني جماليته.
هرب من الحكم النازي الى فرنسا فانتحر على الحدود الفرنسية الاسبانية خوفا من القاء الغستابو القبض عليه.
6 - يورغن هابرماس (1929)
يعتبر هابرماس آخر وأهم رواد مدرسة فرنكفورت. أهتم بدراسة المجتمعات الرأسمالية المتأخرة(ما بعد الصناعية) ذات الايديولوجية التكنوقراطية كما صاغها في نظريته النقدية التواصلية التي تضع حلولا عقلانية لمواجهة تحديات الرأسمالية والعولمة وما بعد الحداثة.
من اهم مؤلفاته النظرية النقدية التواصلية التي هدف فيها الى بناء عالم عقلاني انساني ومنظم عن طريق الديمقراطية التعددية التي تقوم على التفاهم والتواصل والحوار العقلاني المستمر للتحرر من العقل الأداتي الذي يسيطر على العقل الأوربي.
كما انتقد رواد ما بعد الحداثة على موقفهم السلبي من العقل، الذي تدين له الحداثة والعقلانية والتقدم والتنوير.
نشأة النظرية النقـدية وتطورها
هناك عوامل ذاتية وموضوعية دفعت الى نشوء النظرية النقدية وهي:-
آثار الحرب العالمية الاولى:
اضافة الى الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية الوخيمة التي خلفتها الحرب العالمية الاولى من مآسي دامية وقتل وخراب ودمار وازمات حادة, فان آثارا حاسمة حدثت كنتائج مباشرة للحرب وهي :
1- قيام أول دولة اشتراكية في روسيا تسلمت فيها البروليتاريا مقاليد الحكم بيدها واصبحت حقيقة واقعة عام 1917
وكان في مقدمة واجبات الاتحاد السوفيتي هي المحافظة على بقاءه اولا ثم تحقيق الاشتراكية ثانيا.
هذه الحقيقة اثارت نقاشا حادا وواسعا بين اليسار الالماني الذي انقسم الى مؤيد للدولة الاشتراكية الجديدة أو ناقد لها اوغير مؤيد مكترث بها. انطلاقا من قضية أساسية هي ان بناء الانسان أولا ثم بناء الدولة!
2- قيام جمهورية فايمار عام 1919 -1933
قامت جمهورية فايمار بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين بعد عزل القيصر الالماني. وكان هدف الجمهورية الفتية الاول هو تحقيق الاشتراكية. وقد وضعت اول دستور ديمقراطي واعادت وضع الاقتصاد الألماني الى قوته. غير ان جمهورية فايمار الفتية لم تستمر حيث سقطت عام 1933 بعد صعود هتلر الى الحكم.
3- فشل الحركات العمالية في اوربا وتحولها عن اهدافها الطبقية، بعد ان تحولت نقابات العمال الى شركات مساهمة.
ندوة احياء الماركسية وتأسيس المعهد
في ماي من عام 1924 التقى عشرون مفكرا في احد فنادق فرانكفورت (تيرنغر بانهوف) وعقدوا اول ندوة " حول الماركسية ". وكان من بين المشاركين في الندوة كارل كورش وجورج لوكاش وفردريك بولاك وفلكس فايل وكارل اوغست فتنوغل وهوركهايمر. وبدأت الندوة بنقاش الموضيع التالية:
- الماركسية والفلسفة
- الاستقلالية النسبية للعلوم الاجتماعية
- أزمة علم الاجتماع وارتباطها بأزمة المجتمع البرجوازي
- وأزمة المجتمع الرأسمالي.
وهناك تبلورت فكرة تأسيس معهد للبحث الاجتماعي في جامعة فرانكفورت وقد تعهدوا على وضع اللبنات الأولى لنظرية نقدية تقف امام النظريات الاجتماعية التقليدية والوضعية التي سيطرت وما تزال تسيطر على الفكر في الجامعات الألمانية.
التاريخ والوعي الطبقي 1922 وتجديد الماركسية
اثار الكتاب ضجة واسعة بين اليسار الجديد بسبب تجديده للفكر الماركسي ونقده للديالكتيك المادي لانجلز الذي اعطى أهمية كبيرة لدور الحزب والطليعة حيث ربط لوكاش بين نظرية لينين في دور الطليعة القائد (الحزب) ونظرية روزا لوكسمبورغ لدور الوعي الجماهيري, او الدور الحقيقي للطبقة الثورية التي تمتلك الوعي الحقيقي.(كانت روزا لكسمبرغ أول من انتقد سياسة ستالين في تحريفها للماركسية).
قهوة ماركس
كانت " قهوة ماركس" في فرانكفورت قد بدأت باستقطاب اليسار الالماني وبصورة خاصة اعضاء مدرسة فرانكفورت بحيث كونت حلقة وصل بين المعهد في فرنكفورت ومعهد ماركس وانجلز في موسكو. وفي قهوة ماركس بدأ أسم هوركهايمر الذي كان من اشد انصار روزا لوكسمبورغ حينذاك, يلمع كواحد من ابرز رواد المقهى الفعالين . وبخاصة في نقده للمركزية البولشفية ونظرتهم النقدية الى ستالين الذي اضفى هالة على المادية التاريخية وحولها الى دكما(عقيدة) من القدسية. واعلن بانه لا يوجد الآن أي قائد اشتراكي يمكن اتباعه بعد اغتيال لوكسمبورغ في برلين عام 1919.
كما قامت هناك زمالة قوية بين ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو, تلك الزمالة الفكرية والعملية التي استمرت حتى وفاتهم, والتي كونت في الحقيقة حجر الاساس للنظرية النقدية.
التأسيس الفعلي للمعهد
لقد تحققت فكرة تأسيس معهد البحث الاجتماعي في جامعة فرانكفورت واصبح حقيقة واقعة عام 1923. وقد أرخ هوركهايمر تأسيس المعهد بعام 1923 في رسالة كتبها الى مارتن جوي يقول فيها:
" لم يكن للفلسفة الماركسية مكان في الجامعات الالمانية حتى ذلك الحين... وقد بدأ المشروع بمجموعة صغيرة ذات اهتمامات علمية مختلفة, توحدت من خلال قناعاتها باهتمام مشترك هو بناء نظرية نقدية في العلوم الاجتماعية ،حيث كان من الضروري التعبير عما هو سلبي, والتأكيد على الربط الجدلي بين النظرية والممارسة العملية, وان اهم ما يوحدهم, هو اتفاقهم على نقدهم للمجتمع القائم.."
وفي نفس العام عين غرينبورغ أول ماركسي يتقلد كرسي الاستاذية في تاريخ الجامعات الألمانية ويعلن اعترافه الصريح باتباعه المنهج الماركسي الجدلي كبديل للمنهج الوضعي والتاريخي المتبع في الجامعات الألمانية.
اهداف المعهد وبرنامجه
في مقدمة اهداف المعهد القيام بدراسات ميدانية نقدية تربط النظرية بالممارسة العملية بطريقة ديالكتيكية والاسترشاد بالفلسفة الماركسية ودراسة ميول العمال الاشتراكية التي اخذت بالضعف لمعرفة القوى المؤثرة في البنية الاجتماعية التي تقرر العوامل التي يعيش فيها الناس, اذا كانت تلك العوامل اقتصادية او نفسية او ذات طبيعة اجتماعية.
العلاقة الجدلية بين البناء الفوقي والتحتي
رأت الماركسية حتى الان, بان البناء الاقتصادي ( التحتي: طريقة وأسلوب وادوات ما ينتج) هو الذي يقرر البناء الفوقي ( الدولة والدين والقانون..الخ) وان وعي الناس هو انعكاس للبناء الاقتصادي.
لقد وجدوا بان أستقلالية البناء الفوقي عن البناء التحتي جعلت علاقات القوة اكثر صلابة وتسلطا على الوعي الفردي. ويجب ان تكون العلاقة ديالكتيكية.
نشاطات المعهد الرئيسية
قام المعهد بعدة نشاطات من اهمها :
1- اصدر المعهد مجلة البحث الاجتماعي 1931 "Zeitschrift fuer Sozialforschung " التي عبرت عن الرؤية النقدية الجديدة التي تبناها اعضاء المعهد.
2- اجراء بحوث اجتماعية (ميدانية) حول الطبقة العاملة وفئات الموظفين في المانيا والدول الاوربية الاخرى وبصورة خاصة الدول الصناعية منها, وجمع الاحصائيات والمعلومات والمصادر اللازمة للبحوث.
3- تاسيس فرع للمعهد في جنيف بسويسرا كانت مهمته جمع المعلومات والاحصائيات اللازمة لدراسة وضعية الطبقة العاملة في اوربا والعالم. وقد اقام المعهد علاقات وثيقة مع منظمة العمل الدولية في جنيف للحصول على المعلومات والوثائق المطلوبة حول الطبقة العاملة في اوربا والعالم.
4- الاهتمام بالبحوث الامبيريقية النقدية التي تعتمد على الاحصائيات العلمية الموثقة التي تربط المعرفة بالممارسة الصحيحة.
5- مشروع لدراسة "العائلة والسلطة" عكس وجهة النظر النقدية للانسان الحديث, وربطت بين الاقتصاد وعلم التاريخ ونظرية المجتمع والتحليل النفسي معا.
في المنفى
في منتصف الثلاثينات اضطر اغلب أعضاء مدرسة فرانكفورت الى الهرب الى فرنسا وبريطانيا ومنهما الى أمريكا. وهناك استطاعوا نشر أهم واغلب أفكارهم في النظرية النقدية.
تقييم ونقد
1- ان اغلب أعضاء مدرسة فرانكفورت ينحدرون من أصل بورجوازية، بالرغم من تعاطفهم مع الحركات الاشتراكية
2- لم يلتزموا مشروعا سياسيا كما عمل غرامشي
3- بالغوا في نقدهم للعقلانية الأداتية
4- لم ينزلوا عن ابراجهم العاجية دون الاكتراث بما يحدث في الشارع من ثورة الطلاب، ولكنها ولدت أفكار وشعارات ثورة الطلاب والشباب لعام 1968
5- أول من طور النظرية النقدية الجدلية والنقد الذاتي وجدلية العلاقة بين النظرية والممارسة وفضح تناقضات المجتمع الرأسمالي ومؤسساته. ومع اختلاف اتجاهاتهم العلمية، فانهم متفقون على نقدهم للمجتمع الصناعي الشمولي وما يفرزه من تناقضات، وبخاصة ثقافتة البرجوازية.
__________________________________
محاضرة ألقيت في المقهى الثقافي بلندن في 27.10.2013



#ابراهيم_الحيدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الوردي.. جمع بين رصانة الفكر وبساطة الأسلوب فأحبه الناس
- أدب ما بعد الحداثة
- على الوردي والتغير الاجتماعي في العراق
- تحديات العولمة وخيار الحداثة
- سؤال النهضة والحداثة 2-2
- الشخصية العراقية
- سؤال النهضة والحداثة (1/2)
- النظرية الجمالية عند تيودور أدورنو
- العنف ضد المرأة
- يجب ان لا يكون التسامح واجبا ؟
- هاينريش هاينه روح الشعر الألماني
- هل اصبح العرف العشائري بديلا للقانون؟
- النزعة التنويرية في فكر المعتزلة
- عمانوئيل كانت : مبدأ التنوير ، - كن شجاعا واستخدم عقلك بنفسك ...
- النظام الأبوي/البطريركي وتشكيل الشخصية العربية
- خطر تنامي القبيلة والطائفة في العراق
- البداوة المقنعة
- الاختلافات والفروق البايولوجية والاجتماعية بين الرجل والمرأة
- الامزونيات الليبيات، اقاموا أول حكومة للنساء في العالم
- استلاب الانوثة


المزيد.....




- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...
- النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يعبر عن رفضه المطلق للأحكام ا ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ابراهيم الحيدري - النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت