أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ابراهيم الحيدري - استلاب الانوثة















المزيد.....

استلاب الانوثة


ابراهيم الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 3289 - 2011 / 2 / 26 - 18:35
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في تعليق على مقالنا "هل الأنثى هي الأصل ؟" المنشور في الحوار المتمدن العدد 3260 بتاريخ28.1.2011 طرحت احدى السيدات سؤالا : اذا كانت الانثى هي الأصل فلماذا هذا الخضوع الذي حصل للمرأة ولماذا هذه السيطرة العمياء من قبل الرجل عليها ؟
وبدوري ساحاول الاجابة على هذه التساؤلات المشروعة بما يلي :
هناك حقيقة لا يمكن نكرانها هي ان المرأة منذ فجر الحضارات الاولى في التاريخ كانت ضحية المجتمع الأبوي /البطريركي- الذكوري الذي قنن قيما واعرافا وتقاليدا جعلت المرأة أدنى من الرجل درجة، وهو ما جعلها مضطهدة، ومن يضطهدها هو الرجل، مع ان الحياة لا تكتمل الا بهما.
ويأخذ الاضطهاد اشكالا ثلاثة وهي :
اولا – الاضطهاد النوعي الذي يقوم على تفوق الرجل على المرأة وهيمنته عليها من اجل تحقيق مصالحه الخاصة والعامة التي ادت الى طمس شخصية المرأة والتقليل من أهميتها ودورها الاجتماعي واستلاب شخصيتها في الاخير، مما سبب عدم التكامل والتكافل الاجتماعي بين الجنسين.
ثانيا – الاضطهاد الابوي-الذكوري، الذي يظهر في هيمنة الرجل على الانثى في العائلة والمجتمع والسلطة. ويتم التعبير عن هذه الهيمنة وهذا الاضطهاد بتسلط الذكر على الانثى والأب على الأم والأولاد، تسلطا لا عقلانيا يوجب خضوعهم وطاعتهم له طاعة عمياء، مثلما يسيطر الولد على البنت حتى لو كانت اكبر منه سنا وأرزن منه عقلا.
ثالثا - الاضطهاد القانوني الذي ينبثق من الاضطهاد الأبوي والذي ينعكس في القوانين الوضعية والعرفية التي تضطهد بدورها المرأة في حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يعيق تقدمها ومساواتها مع الرجل في الانسانية.
والواقع لم يكن اضطهاد المرأة واستلابها بسبب العامل البيولوجي او الديني او النفسي، وانما بسبب العوامل الاجتماعية والطبقية والقيم الذكورية التي نتجت عن مصالح الرجل في الهيمنة عليها والاستحواذ بها واخضاعها لمشيئته، وهو اساس عدم المساواة بين الجنسين والصراع الأزلي بينهما.
نعم الانثى هي الأصل ولكن..!
الانثى هي الأصل، لأنها تتقدم على الرجل بعطائها، ولأن الرجل نتيجة ذلك العطاء ولذلك وجد التنظيم القرابي مكانه أولا في احضان المرأة الأم. ففي المراحل التاريخية القديمة التي مرت بها المجتمعات الانسانية كانت الجماعات البشرية تعيش في علاقات جنسية متحررة وغير مقيدة بنظم اجتماعية، ولذلك لم يكن للأب فيها أي دور في العائلة، لأنه لم يكن من الممكن تقدير النسب إلا حسب الأم ولذلك اصبح الاطفال ينتسبون الى امهاتهم وليس الى ابيهم. وتقديرا لهذا الدور الذي حصلت عليه الأم في العائلة، فان الاناث، الأمهات هن اللواتي حصلن على الاحترام والتقديس، وهو الذي رفع الأنثى الى تبوء السلطة في المجتمع.
لكن التحول الى الحضارات العليا القديمة كان قد افقد المراة وبالتدريج ذلك الاحترام والتقديس وبالتالي فقدانها لكثير من حقوقها وسلطتها الدينية ومكانتها الاجتماعية. وقد مر هذا التحول بمراحل عديدة ارتبطت بعبادة القمر ثم ظهور الإله الذكر الذي تقاسم فيما بعد السلطة مع الاولاد، كما عند السومريين، وزواج الالهة الأم بالالهة الذكر بعد ان تضخمت قوته التي اكتسبها من قوة الشمس حيث حل الزواج الابوي بدلا من الزواج الامومي واصبح الاطفال ، منذ ذلك الوقت، ينتسبون الى ابيهم بدل أمهم. وبانهيار نظام الامومة ارتفعت مكانة الرجل وسيادة الثقافة الأبوية وانحسار دور المرأة وسيطرتها على المجتمع. وهو ما حدث في معظم المجتمعات التي سيطر فيها الرجل على ملكية وسائل الانتاج.
وتعود سيطرة النظام الابوي /البطريركي الى بدايات قيام الدولة الرومانية القديمة التي اجبرت المرأة على ان تفقد حقها الطبيعي بالتدريج عن طريق انتشار الزراعة واكتشاف المعادن وتطور نظام الملكية ونشوء المدن وبداية مرحلة حضارية جديدة في تاريخ تطور المجتمعات البشرية هي مرحلة " سلطة الاب "، التي فقدت فيها المرأة عصرها الذهبي ومكانتها الاجتماعية والدينية.
واذا استعادت المرأة الغربية منذ الثورة الصناعية بعض ما فقدته من حقوق بصورة عامة وخاصة بعد خروجها من المنزل الى العمل وفتح لها الطريق للمشاركة النسبية في العمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فيما بعد، فان المرأة العربية بقيت بعيدة عن التحولات البنيوية التى حدثت في القرن العشرين لانها بقيت محكومة بعلاقات اجتماعية متخلفة وانظمة استبدادية شمولية واعراف وتقاليد وعصبيات عشائرية، اضافة الى عدم تقدم المجتمعات العربية علميا وتقنيا واجتماعيا، مما جعل المراة تعاني اوضاعا اجتماعية متخلفة اتاحت للرجل ان يتعامل معها ضمن هذا الوضع الاجتماعي الأبوي المتسلط,
واذا كانت المجتمعات الصناعية المتقدمة، رأسمالية او ليبرالية او اشتراكية، هي مجتمعات أبوية، فان المجتمعات العربية اكثر أبوية واشد محاصرة وتهميشا للمرأة، وان الفوارق بين الجنسين اكثر عمقا وتأثيرا في المجتمع وفي شخصية الفرد وافكاره وسلوكه وقيمه الاجتماعية. كما ان هذه الوضعية السلبية التي وصلت اليها المراة اثرت وتؤثر في خلق تصور سلبي عن المرأة نفسها، وهو ما يقوي تصور الرجل عن نفسه بانه اعلى منها درجة، وهذا التصور يعيق في الحقيقة امكانية ممارسة المرأة لحريتها وتحقيق ذاتها وكذلك حرية الرجل وتحقيق ذاته في آن، لان الحرية لا يمكن تجزئتها ابدا.
وبالرغم من خروج المرأة من البيت اليوم ومشاركتها في التعليم والعمل واخذت العائلة الممتدة بالضعف وازدادت نسبة الخيارات امام المراة للمشاركة في العملية الانتاجية وتغيرت النظرة التقليدية اليها نسبيا بسبب ما حصلت عليه من حقوق مدنية، لم يظهر عليها تغير نوعي عميق وواضح في وعيها وفي ممارساتها اليومية، لا في العائلة ولا في الثقافة والمجتمع. وما زالت خاضعة لقدرها وهو ما يجعلها مضطرة الى الانسجام مع نمط الحياة والثقافة الابوية السائدة للحصول على الزوج والاطفال وكذلك حماية مؤسسة الزواج والعائلة من التفكك والانهيار. هذه التنازلات افقدت المرأة بالتدريج قوتها على التحمل وكذلك استقلاليتها لتتعود بالتالي على نمط الحياة التقليدي السائد.
والحقيقة، ان التسلط الأبوي والخضوع له انما يأتيان اولا من المرأة ذاتها ومن الأب"البطريركي" ثانيا، الذي يؤكد على القطيعة بين الاخلاص الاخلاقي وبين الالام التي على المرأة تحملها.
ان تغير وعي المرأة هو شرط اساسي في تغيير وضعيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وكذلك تغيير قابليتها على الرفض والمقاومة، وفي ذات الوقت، فان تحرر المراة ووعيها بمكانتها لا يكفيان من دون تغيير وعي الرجل وتحرره من قيد أسره وأبوته واستلابه.



#ابراهيم_الحيدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الأنثى هي الاصل ؟
- حنا بطاطو وتحليل الطبقات الاجتماعية في العراق
- العولمة والمرأة في مجتمع الخدمات الجديد


المزيد.....




- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ابراهيم الحيدري - استلاب الانوثة