أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لوزية بزار - البحث التاريخي في العالم العربي وفلسطين















المزيد.....

البحث التاريخي في العالم العربي وفلسطين


لوزية بزار

الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 14:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


البحث التاريخي في العالم العربي وفلسطين
لا يمكن حصر التاريخ في مفهوم لغوي وحتى اصطلاحي كونه متعدد العلاقات والمعاني، فيرتبط التاريخ بالزمان، المكان، الحدث أو مجموع الأحداث، والقائم على تأريخها أو روايتها. إذا كان التاريخ العام هو مجموع الأحوال التي عرفها الكون حتى اللحظة، فالتاريخ المحفوظ مجموع ما يعرفه المؤرخ حتى اللحظة، وهذا المؤرخ هو الممثل النظري للتاريخ، أي أن التاريخ الكوني غير التاريخ المحفوظ (1) . يقول العروي" مفهوم التاريخ هو دائما وأبداً غير التاريخ المفهوم" (2)، يُفهم مما سبق أن كاتب التاريخ له مقاصده في دراسة الظواهر وروايتها سواء كانت مسجلة أم شفوية ،تأريخها بعد انتقاء ما يرغب المؤرخ حفظه أو كشفه وحتى التوعية به، فهناك تاريخ صناعة وآخر حياة. وإذا اعتبر التاريخ دراسة للشواهد، يكون حينها صناعة ماضي وحاضر، أما إذا كان التاريخ ما مرَّ من أحداث يكون وقتها حياة لمجموعة بشرية في زمان ومكان محدد من الماضي. وما يجدر الاهتمام به هنا هو التاريخ كعلم، أي ما تمت صناعته من قبل مجموعة من الدارسين، المؤرخين لاحظوا ظاهرة أو مجموعة ظواهر، بحثوا فيها لمعاينتها وفق قواعدهم الفكرية والمنهجية في سبيل تحقيق هدف معين. والحديث هنا لا يتعلق بالمنهجية في كتابة التاريخ وإنما بالبحث المعرفي في الحقل التاريخي العربي والفلسطيني خاصة.
وفي صدد الحديث عن التاريخ العربي المعاصر، سيكون محور الحديث عن الوعي العربي بالمرحلة المعاصرة – من حيث هي حقبة زمنية محددة- وتسجيلها لمعاينة ومقارنة ونقد القضايا العربية السابقة وما نتج عنها مما هو راهن، فإذا كانت مرحلة الاستعمار وتجزئة الوطن العربي بعد انهيار وتفكك الدولة العثمانية، ولاحقا مرحلة ما بعد الاستعمار، فأصبحت تلك المرحلتين عناوين بارزة ومتكررة في البحث التاريخي العربي والفلسطيني المعاصر، وخاصة بعد أن خلّف الاستعمار المباشر وراءه النظام الصهيوني والذي ما زال المعضلة الأساسية التي يسعى البحث التاريخي الفلسطيني والعربي مناقشتها لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على القضومية العربية والوحدة وتاريخ الأمة العربية بحد ذاتها. وهناك إشكاليات أخرى في التاريخ العربي الفلسفي والسياسي والاجتماعي والإنساني بُحثت العلمانية/الدين، القومية /الوطنية أو القطرية، العربية والفلسطينية/ الصهيونية والغربية، الحرية/ السلطة... ، و تُروى عنها روايات تاريخية، تُؤرخ وتُصاغ في العالم العربي وفق منهجيات مختلفة وشواهد ووقائع عربية متعددة ومتراكمة. جاءت الإشكاليات السالفة الذكر عبر التطورات التاريخية لزمان الأزمات العربية المرتبطة بالمشروع الحداثي الأوروبي والمشروع الإمبريالي، ومكان الوطن العربي الجغرافي والسياسي والتاريخي، والوهن والفتور العربي الي أودى إلى ترسيخ فكرة المجتمع العربي المتواتر والمضطرب. هناك أسؤلة تدور حول من كتب التاريخ، وكيف وعلى ماذا اعتمد وبماذا تأثر؟ والسؤال الأهم، لماذا كتبه، وبصيغة أخرى كيف يُوظَّف التاريخ؟ -افتراضيا- فإذا كانت الرواية التاريخية العربية لمسألة الحرية وعلاقتها بالثورات العربية مُحفزة لتحريك الوعي الشبابي بحقوقه، ومن ثم علاقتها بالحرية باعتبارها المحفز الأساسي في الثورات العربية الحالية ضد الأنظمة العربية القمعية، كان دور رواي التاريخ العربي توعوي، تحرّز لما مضى من تاريخ مُستكين إلى تاريخ قوة وعزيمة. لذا يجدر بالمؤرخ أن يحقق مهمته، لوجود علاقة وثيقة بين التاريخ والوعي، الإنسانية، وبالحرية والفكر، مثلما دعا إليها العروي وكانت غائبة عن التاريخ الفلسفي المتصلة بالعالم العربي وخاصة القضية الفلسطينية، فقد كانت رواية تاريخ القضية الفلسطينية ردّ فعل على الرواية التاريخية الإسرائيلية، وليس فعل قام بذاته ولذاته. والرواية التاريخية والدينية الإسرائيلية استطاعت أن تؤسس قيمة معرفية كبيرة ساهمت في خلق رؤية ووعي بأهمية المشروع الصهيوني، بغض النظر عن الذي كتب التاريخ المنتصر أم المهزوم، كلاهما يُؤرخ الفلسطيني/ الإسرائيلي والصهيوني، الأهم مدى انجاز الوظيفة التاريخية من الرواية، هذه مقارنة ليس تعظيما للانجازات الصهيوينة، وإنما معارضة للوظيفة التاريخية العربية والفلسطينية المتجاهلة لمهمة التاريخ، فكان تاريخ الهزائم العربية المتتالية حافلا بالتغني بما أولَّه المنتصر الغربي عن نفسه ولنفسه وعن غيره، وكان سببا في عدم تجاوز تاريخ ذلك المنتصر في سبيل ولادة تاريخ عربي وفلسطيني جديد، ما سبق كان على صعيد التاريخ فلسفيا. فقد قال فالتر بنجامين" التاريخ الإنساني، رغم الانتفاضات الثورية التي قطعت استمراريته بشكل مؤقت، كان ولا يزال تاريخ المنتصرين"(3) .
على صعيد التاريخ السياسي، كانت القضية الأبرز في البحث التاريخي العربي والفلسطيني تدور حول القومية العربية من ناحية والعلاقة العربية الصهيوينة - التبعية والتحالف- من الأخرى، فالوجود الصهيوني في فلسطين كان الحدث الأكبر بعد الاستعمار في تأريخ الفترة الزمنية الحديثة للوضع العربي والفلسطيني، مع التركيز على نكبة الفلسطينيين عام 1948، يقول بيان نويهض الحوت" النكبة هي نقطة الارتكاز في القضية الفلسطينية: قبلها كانت فلسطين وسعبها وتاريخها وحضارتها، وبعدها تحول الوطن إلى قضية، وبقيت قضيته هي القضية التحررية الوحيدة المعلقة من قرن إلى قرن"(4) ، فقد إمتلأت رفوف المكتبات العربية والفلسطينية دراسات ومؤلفات تتمحور حول النكبة ولاحقا النكسة، اللجوء وحركات التحرر والآن أوسلو، وعلى الأغلب أن الرواية التاريخية حول القضية الفلسطينية هي رواية رسمية "نخبوية" وليس شعبية أو شفوية. مثلا، اعتبرت مذكرات محمد عزة دروزة وعارف العارف ومصطفى الدباغ والخالدي المكتبة التاريخية الشاملة للنكبة، وبقيت كذلك، إلى أن ظهرت مدرسة تاريخ إسرئيلية جديدة أطلق عليها المؤرخون الجدد، وأبرزهم بني موريس الذي شكك في الرواية الصهيونية الرسمية في روايتها عن أحداث 1948، مع أن دراسته كانت تبريرا للممارسات الصهيونية آنذاك. بينما إيلان بابيه الذي كشف عن التطهير العرقي أثناء تاريخه لنكبة 48، حالة أكدت أن التاريخ الإنساني ليس بحاجة إلى منتصر حتى يكتبه، بابيه من المؤرخين الجدد والذي رفض التزييف وفكك الرواية الإسرائيلية لتاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية واستكمل دوره العلمي التأريخي حتى بعد طرد الصهيوينة له(5) . إذن يمكن الفصل – فصل العروي للتاريخ - بين البحث التاريخي "صناعة" مثلما فعل الصهاينة والبحث التاريخي "علما" كما جسده بابيه. المؤرخون الفلسطينيون مارسوا وظيفة التاريخ الصناعي خلال اعتمادهم على التاريخ الرسمي لتأريخ الأحداث، وكذلك تأثروا بالمؤرخين الجدد والذين كشفوا عن اساليب جديدة للبحث التاريخي، أهمها الروايات الشفوية والشعبية للأحداث المعاصرة، بدأت هنا استخدام قسم جديد أو نوع جديد من التاريخ، يُدعى التاريخ الاجتماعي.
التاريخ الاجتماعي، تصنيف جديد على البحث التاريخي وقضاياه وخاصة في الأكاديمية الفلسطينية، والتاريخ الاجتماعي جاء للرد على التاريخ السياسي ونخبويته، ومن أبرز واضعيه في المدرسة التاريخية الفلسطينية كل بشارة دوماني وسليم تماري، دوماني حاول نقل حقل التاريخ إلى مستوى جديد من خلال دراسته المعنونة ب"إعادة اكتشاف فلسطين- التجار والفلاحين في منطقة جبل نابلس، 1700-1900"، تلك البنى الاجتماعية كانت مهملة داخل المنظومة التاريخية، دوماني من خلال دراسته هذه، وفر لها أهمية تاريخية للتطورات والديناميات في إطار العلاقات الاجتماعية الفاعلة في التحولات والبنى الاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني الذي تجاهله المؤرخون طوال العقود السابقة لصالح التاريخ السياسي النخبوي. فالتاريخ يجب أن يتجاوز السياسة وأحداثها، يقول ميشله "التاريخ هو معرفة الدقائق والخصائص والمميزات"(6) ، فالتاريخ الفلسطيني ليس فقط سياسة فهناك تاريخ اجتماعي واقتصادي والأهم الإنساني. والبحث التاريخي، يكون إنساني أو لا يكون حتى لو كان مغلوبا.
1. العروي، عبدالله. مفهوم التاريخ. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005. ص: 34.
2. المرجع السابق. ص: 440.
3. دراج، فيصل. "فالتر بنيامين ولاهوت التاريخ". الكرمل، عدد 86، 2006(55-71).
4. الحوت، بيان نويهض." الموؤرخون الفلسطينيون والنكبة". مجلة الدراسات الفلسطينية، مجلد 23، عدد 89 (شتاء 2012)، ص: 51.
5. حسن، جعفر." بعد المؤرخين الجدد..ظاهرة الروائيين الجدد في إسرائيل". الحوار المتمدن-العدد: 2307. نقلا عن: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=137279 . استرجع بتاريخ: 5/11/2013.
6. العروي، عبد الله. المرجع السابق. الجزء الثاني، ص: 233.




هذا الموضوع يتعلق بالبحث التاريخي العربي والفلسطيني والهدف من كتابة التاريخ، ودور المؤرخ فيه لطالما أنه صانع التاريخ



#لوزية_بزار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لوزية بزار - البحث التاريخي في العالم العربي وفلسطين