تتويج رئيس اقليم كردستان انتصار للعراق الجديد

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 11:39
المحور: القضية الكردية
    

بانتخاب السيد مسعود بارزاني رئيسا لاقليم كردستان الفدرالي من قبل المجلس الوطني الكردستاني – البرلمان – ( في 4 6 2005 ) تكون العملية الديموقراطية قد قطعت شوطا جديدا على طريق استكمال تنفيذ بنود قانون الحكم الانتقالي ( الدستور المؤقت ) وملأت بذلك فراغا دستوريا عبر الوسائل الشرعية طال انتظاره ولذلك لا يمكن فصل الخطوة هذه عن مجمل الانجازات التي تتحقق يوما بعد يوم منذ اتمام عملية الانتخابات التشريعية على صعيد العراق ومن ضمنه اقليم كردستان الفدرالي .
واذا كان انتخاب السيد بارزاني رئيسا للاقليم يستجيب في جانب منه لمتطلبات تطبيع الاوضاع في العراق , وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي ,وتحقيق المصالحة وترسيخ الاتحاد الاختياري بين مكوناته القومية والدينية والمذهبية , ويؤشر لحتمية بناء العراق الفدرالي المنشود فان الجانب المهم الأخر فيه هو تجسيد احد اهم اسس مبدا حق تقرير المصير واستجابة لارادة الكرد والقوميات الكردستانية الاخرى من تركمان وكلدان وآشور وعرب , التي جسدها مشروع دستور كردستان الفدرالي ونال الاجماع الشعبي والشرعي – القانوني عبر البرلمان وكان مطروحا للنقاش منذ ما قبل التحرير وتبودل حوله الراي بعد ذلك مع اعضاء مجلس الحكم المنحل وممثلي القوى الوطنية والديموقراطية العراقية .
لقد شكل انتخاب السيد جلال الطالباني رئيسا للعراق كمرشح كردي للاستحقاق الرئاسي ضمن مجلس ( الترويكا الشيعية الكردية السنية ) او اتحاد جناحي العراق ( العربي والكردي ) بمبادرة واضحة من السيد مسعود بارزاني تعبيرا عن مبدا ( التوافقية ) بين المكونات العراقية المعمول بها منذ انبلاج فجر العراق الجديد والتي ستسري كمنظومة سياسية – قانونية مصادق عليها من المجلس الوطني العراقي باغلبيته البرلمانية على تشكيل الحكومة والمؤسسات والادارات المختلفة , وفي الوقت ذاته تاكيدا على مبدأ الشراكة في السلطة والتعايش بين القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية , وضمانا لوحدة العراق الفدرالي والى درجة معينة تبديدا لبعض المخاوف المستاصلة في الوعي الجمعي الكردستاني من شرور شوفينية القومية السائدة طوال تاريخ الانظمة والحكومات العراقية منذ ثمانين عاما .
اما انتخاب السيد بارزاني فهو بالاضافة الى كونه كما سبق ذكره تجسيد لتطبيق دستور اقليم كردستان وانجاز تاريخي يحصل لاول مرة فانه في الوقت ذاته نتاج اجماع كردستاني عام وشامل وصورة عن حقيقة وخصوصية الفدرالية في تطبيقاتها الكردستانية الحديثة وسيضفي عليها الصفات الكاريزمية لشخصية الرئيس مسعود وما يحمله من شرعية ثورية وتاريخية ودستورية والمرشحة بكل ثقلها لمواجهة التحديات الراهنة وخاصة في مجال ازالة آثار التعريب والتهجير واعادة كركوك الى حضنها الكردستاني , وترسيخ وحدة المجتمع والادارات , وتحقيق التنمية والرخاء وتطوير النظام الفدرالي الكردستاني على الاسس الديموقراطية وسيادة القانون وتعزيز حقوق المراة , والاستجابة لمطامح الجيل الشاب , وتحقيق طموحات القوميات الكردستانية على قاعدة العدل والمساواة وحق تقرير المصير, والقيام بدور اكثر في انجاح العملية الديموقراطية في عموم العراق , واعادة صياغة علاقات الصداقة السليمة بين العرب والكرد على الصعيدين العراقي والاقليمي , ودعم نضال الشعب الكردي في اجزاء كردستان الاخرى .
انتخاب بارزاني رئيسا لاقليم كردستان الفدرالي سيدشن نموذجا متقدما بشان الحل الديموقراطي السلمي العادل للمسالة القومية في مناطق الازمات القومية بالشرق الاوسط يكمن في التراث المميز للنظام الفدرالي المتطور المعمول به في كردستان العراق منذ اكثر من عقد والذي يحمل تجربة طويلة سابقة غنية باشكال متعددة رغم مرارتها ووأدها من قبل نظام البعث المنهار في معظم المراحل( من تجارب اللامركزية والادارة المحلية والحكم الذاتي ) لا يقل عمرها عن نصف قرن , من شانها التاثير الايجابي لتحقيق الحل السلمي عبر الحوار للقضية القومية الكردية في الجوار ولجم التيارات العنفية الراديكالية في الحركة الكردية , وسحب الذرائع من القوى الشوفينية العنصرية اللتان تلتقيان في عملية الحاق الاذى بالشعوب والاوطان , وتتسببان في تعميق الازمة واضافة تعقيدات جديدة تحول دون التوصل الى الحل السياسي المناسب للقضية القومية الكردية , من جهة اخرى سيستاثر الحدث بقبول وارتياح متوازنين من الكرد والعرب في آن واحد لان شخصية الرئيس الكردستاني تطمئن الجميع ونهجه يضمن وحدة العراق الفدرالي والحق الكردي المشروع في تقرير مصيره .
امام هذا الحدث الكبير فان شعب كردستان العراق يتوسم خيرا برئيسه الشرعي المنتخب ويواصل فرحته العارمة بتحقيق هذا الانجاز كما ان الكرد في اجزاء كردستان الاخرى المجاورة للعراق وبلدان الشتات يباركون الاشقاء ورئيسهم ويشيدون بالفدرالية الكردستانية ذات الطراز الجديد التي ستكون مصدر الهام في تعايش الشعوب والاقوام وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة برمتها , فهنيئا لشعوب العراق الفدرالي الديموقراطي الحر.

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل