أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق عبد الصادق - موت الاستثناء الديمقراطي المغربي















المزيد.....

موت الاستثناء الديمقراطي المغربي


توفيق عبد الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4250 - 2013 / 10 / 19 - 20:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثارت طريقة وحصيلة تشكيل حكومة بنكيران في نسختها الثانية، الكثير من الجدل وفتحت باب التساؤلات المقلقة من قبل المهتمين والمتتبعين بل وحتى من قبل رجل الشارع العادي، حول الراهن السياسي التي تمر منه البلاد، كما أنها أعادت حسابات الكثيرين من باحثين ومختصين حول حقيقة تجربة "الاستثناء الديمقراطي المغربي" في التدبير السياسي للرجة الثورية التي مرت بها المنطقة العربية ومعها المغرب بعد 20 من فبراير.

نحن إذن أمام عملية لتقييم تجربة سياسية عمرها أزيد من سنتين ، انطلقت منذ احتجاجات المغاربة في 20 فبراير، وما أعقبها من مخرجات تدبيرية للشأن السياسي من طرف نظام الحكم وباقي الفاعلين الآخرين من أحزاب وحركات سياسية، هذه المخرجات التدبيرية بدأت بخطاب الملك في 9 مارس، وما تلاه من وضع لدستور فاتح يوليوز 2011، وانتخابات 25 نونبر والتي أفرزت حكومة عبد الإله بنكيران الأولى يوم 3 يناير من العام 2012، لتختتم هذه التجربة بتشكيل النسخة الثانية من حكومة بنكيران يوم 10 أكتوبر الجاري.

المقال يحاول الإجابة على مجموعة من التساؤلات والتي نعتقد حسب وجهة نظرنا، أنها قادرة على المساهمة في التفسير والفهم للواقع السياسي الذي نعيشه في الوقت الراهن. فهل ما نعيشه اليوم وفي ضوء هذا الكم من التراجع السياسي والحقوقي، والذي تجلى بصورة واضحة في النسخة الحكومية الثانية لبنكيران واعتقال علي أنوزلا وشباب حركة 20 من فبراير، يُعبّر عن التوازنات الجديدة للعلاقة بين النظام السياسي والحركة الاحتجاجية ؟ آم أن المسألة تُعّبر عن قدرة النظام على ضبط قواعد اللعبة السياسية وهو الذي أثبت في فترات تاريخية على قدراته وفعالية أساليبه بغض النظر على مستوى وقدرات منافسيه وخصومه السياسيين؟

لنرجع قليلا إلى الخلف
قبل سنوات قليلة من وصول محمد السادس للحكم وأثناء حكم الراحل الملك الحسن الثاني، شهد المغرب تجربة سياسية عرفت آو سميت بتجربة "التناوب التوافقي" أو كما يحلو للبعض تسميتها بتجربة "الانتقال الديمقراطي"، وذلك بدخول المعارضة أو جزء منها في الحقيقة إلى السلطة عبر حكومة الاتحاد الاشتراكي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي في العام 1998.
تجربة الاتحاد الاشتراكي الحكومية هذه جاءت في إطار توافق تم التمهيد له منذ بداية التسعينات، وقد عجلت مجموعة من المعطيات والظروف الداخلية منها والخارجية، بوضع عجلة التناوب على السكة لتبدأ الدوران دون انتظار، إذ أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم للمغرب في ذلك الوقت، لم يعد يسمح باستمرار أنماط التسيير السابقة والتي أجمع الكل على أنها أدخلت المغرب "غرفة الإنعاش"، آو"السكتة القلبية" كما وصفها الحسن الثاني، وان كان العديد من المهتمين والباحثين اعتبروا أن الهدف الحقيقي من تلك التجربة كان التحضير لعملية انتقال سلمي وسلس للعرش.
خلال هذه المرحلة والممتدة تقريباً حتى حدود العام2007، يمكننا التمييز بين طورين وهما غير منفصلين:
الطور الأول من هذه المرحلة والممتد من انتخابات 1997 حتى انتخابات 2002، المغرب سيشهد تغييراً ملموساً وإن بشكل نسبي في جميع المستويات، سياسياً وحقوقياً، كما أن الفترة عرفت تحسناً اقتصادياً عززته مجموعة من المؤشرات والأرقام، مما جعل المغرب وإن لحين يتجاوز سكتته القلبية، حيث استطاع النظام السياسي تحت قيادة محمد السادس تقديم نفسه بصورة جديدة للشعب، صورة الباحث والداعم للإصلاح بعيداً عن الصورة القاتمة المرسومة عنه أثناء سنوات الجمر والرصاص. الملك الشاب بدوره وعَبر عديد المبادرات والخطوات تمكن من نيل حب وثقة الكثير من المغاربة البسطاء، لدرجة وصفه ب "ملك الفقراء".
ليأتي الطور الثاني والمبتدأ بعد انتخابات 2002، والمستمر حتى نهاية هذه المرحلة في انتخابات 2007، هنا بدأت تلوح في الأفق مؤشرات ودلائل للرجوع نحو الخلف، و برز هذا المؤشر خاصة على المستوى السياسي، وتمثل بتعيين الملك لحكومة إدريس جطو، في تجاهل واضح لفوز الاتحاد الاشتراكي بالانتخابات وأحقيته بتشكيل الحكومة، وهذا ما جعل قادة الحزب ومعهم النخبة السياسية والحزبية تعتبره خروجاً على المنهجية الديمقراطية، هذا الخروج المنهجي إن صح التعبير لتوافقات النظام السياسية مع منافسيه الحزبيين الرسميين خاصة الاتحاد الاشتراكي، سيدفع البعض للقول إن النظام السياسي، شعر بتجاوز الخطر وأحس بأنه كسب تحدي تجديد الثقة وتثبيت سلطة الملك الشاب، وبالتالي لم يعد بحاجة لشركاء له في السلطة بالرغم من هامشية الدور المنوط بمؤسسة الحكومة والبرلمان مقارنة بدور ومحورية المؤسسة الملكية دستورياً وفعلياً في الحياة السياسية، مستندين إلى تجارب هذا النظام على طول تاريخه السياسي الممتد لقرون، حيث دائماً ما كانت تحكمه عقلية الهيمنة والسيطرة، ومحاربة وتكسير آية قوة سياسية منافسة ومنازعة لشرعيته وسلطته، وإن كان يُقدمُ على بعض التنازلات عندما يشعر بحالة من الضعف والعزلة، هذا الأمر كان يقع خاصة أثناء تفجر الانتفاضات الشعبية والهزات الاجتماعية والسياسية، من انتفاضات وتمردات الشعب المغربي الكثيرة.

استشعار الخطر الداهم
بعد الانتخابات لعام 2007، وأمام النسبة المهولة للرافضين والمقاطعين للعملية الانتخابية، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة حسب الأرقام الرسمية 34 بالمئة، وهو الرقم الذي حددته الجهات المحايدة بأنه لم يتجاوز قط 20 بالمئة، شعر النظام بحجم هذا الخطر الكامن في هذه الكتلة الحرجة من الجماهير الرافضة لسياساته، رغم شعاراته الإصلاحية المرفوعة، والتي بدأت تتقشع وتتكسر على أرض الواقع، فتم تنصيب حكومة عباس الفاسي المفتقدة لأي سند شعبي، ليزداد المشهد الحزبي والسياسي سوداوية مع تهافت الأحزاب خاصة أحزاب الكتلة ( الاستقلال- الاتحاد الاشتراكي- التقدم والاشتراكية)، للمشاركة في الحكومة مع الأحزاب المصنفة بأنها إدارية، هذه المشاركة وأمام ما عرفته من مهازل سياسية وحزبية، والمتمثلة باستعداد هذه الأحزاب على قبول أية مهمة ودور شريطة حصولها على المناصب الوزارية، جعلت الجماهير تدرك أن زمن ومصداقية العمل الحزبي قد ولى وما عليها إلى أن تعتمد على نفسها من أجل مواجهة المخططات التفقيرية المستهدفة لحياتها المعيشية، هذا الأمر تجلى بصورة جلية بانتفاضة مدينة صفرو عام 2007 ومدينة سيدي إفني في العام 2008.
النظام بدوره أدرك وهو الذي نهج سياسة إضعاف الأحزاب، آن ضعف الأحزاب وعدم قدرتها على تأطير الجماهير ولعبها دور الواقي له من المصادمة والمواجهة المباشرة مع الجماهير، بدوره خطر عليه، فهو لا يريد أحزابا قوية ومستقلة وذات برامج ولكنه أيضا لا يريد أحزاب ضعيفة وحبيسة مقراتها، من هنا سيسرع الخطى في إطلاق مشاريع والدعاية لمصالحة المواطن والشباب مع السياسة، وحثه للأحزاب على الانخراط في العمل الجماهيري وتشبيب هياكلها ودمقرطتها، وهي دعوة حق يراد بها باطل.
في خضم هذا السياق تأتي مبادرة صديق الملك "فؤاد علي الهمة" في تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في العام 2008، بهدف كسب عدة رهانات، أولها تجاوز هذه الأحزاب المتهالكة والتي لم تعد لها قيمة، وثانيها جذب واستقطاب عدة نخب سياسية واقتصادية وإدارية قادرة على خدمة النظام وتنفيذ سياساته، وثالثها جعل هذا الحزب ضابطا للحياة الحزبية والسياسية ( نتائجه الكبيرة والمفاجئة في الانتخابات الجماعية للعام 2009)، خاصة أمام تزايد قوة الأحزاب والجماعات الإسلامية، (حزب العدالة والتنمية - جماعة العدل والإحسان)، فهي المنافس الحقيقي للنظام في هذا الوقت نظرياً على الأقل، نظراً لشعبيتها وعذريتها السياسية، فالخطر اليساري الذي كان في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات، والذي حورب من طرف النظام بمساهمة الإسلاميين والذين أصبحوا الخطر الحالي لم يعد قائماً، رغم وجود أحزاب يسارية رافضة للعملية السياسية ولا زالت في وضعية المعارض للنظام، إلا أن شعبيتها محدودة ( النهج الديمقراطي – اليسار الاشتراكي الموحد- الطليعة الاشتراكي الديمقراطي).

الفرحة بالمولود الجديد لم تكتمل
هبت رياح الانتفاضات والثورات على المنطقة العربية، فانفجرت حركة الشعوب لوضع حد لاستغلالها وتفقيرها من طرف أنظمتها السلطوية، فسعت وانطلقت في الشروع ببناء وطن تسوده الحرية والديمقراطية والكرامة، رياح التغيير والمنطلقة من تونس في 10 دجنبر 2010، وصلت نسائمها وحطت رحالها بالمغرب يوم 20 من فبراير 2011، لتعم الاحتجاجات مجمل المدن والقرى، وتعم معها بشائر الفرح ببناء مغرب الحرية والديمقراطية والكرامة، ونحن الذين أخلفنا موعدنا مع التاريخ مرات ومرات، وأعيانا الصبر على واقع سياسي بئيس وواقع معيشي قاتم وقاهر، تارة بحكم شدة القمع المسلط وتارة بانخداعنا بالشعارات وتصديقنا للنوايا، لكن نشوة الفرح بهذا المولود الجديد سرعان ما تطايرت بدخوله غرفة الجراحة بعد خطاب 9 من مارس 2011، ليخرج في صورة المولود المشوه والذي اطلقوا عليه تسمية "الاستثناء الديمقراطي المغربي"، مع دستور فاتح يوليوز 2011 وحكومة بنكيران الأولى يوم 3 يناير 2012، ليتم دفنه يوم 10 أكتوبر 2013 بتنصيب حكومة بنكيران الثانية، بعد صراع مرير مع مرض السلطوية القاتل.

سقوط حزب العدالة والتنمية وموت الاستثناء
منذ فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية لعام 2011، وبعد تشكيل الحكومة بقيادة عبد الإله بنكيران، قام البعض بتوقع مصيراً مشابهاً لبنكيران وحزبه مع تجربة عبد الرحمان اليوسفي الحكومية وحزب الاتحاد الاشتراكي، باعتبارهما استعملا كورقة للتنفيس على أزمات نظام الحكم، في مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه، وإن اختلفت السياقات والشروط وصلابة ومناعة الحزبين، لكن الكثيرين لم يكن يتوقع هذا السقوط المروع والمفجع لحزب ظل يردد على مسامعنا وفي وجه خصومه بتفرده بسياسة تخليق الحياة العامة ومواجهة الفساد والتحكم، عبر التباهي بخطابه الأخلاقي، فعندما تتحالف مع حزب تنعتته بأشد النعوت القدحية وترميه بأغلظ تهم الفساد والاستبداد، وعندما يسال عبد الإله بنكيران أمين عام الحزب ورئيس الحكومة أيام قليلة قبل الإعلان على الحكومة الثانية، ويقول انه لا يعرف متى ستخرج للوجود وأنها في حكم الغيب، ليفاجئنا بتصريحه بعد يومين آو ثلاثة أن الحكومة ستنصب قبل يوم افتتاح الملك للدورة التشريعية بالبرلمان الجمعة 11 أكتوبر الجاري، وعندما يتم توزيع الحقائب الوزارية وكأنها غنائم حرب، وعندما يخرج قادة الحزب ويقولون أنهم لم يعلموا باستوزار بعض الأشخاص إلا يوم تنصيب الملك للحكومة يوم 10 أكتوبر الجاري، فماذا نسمي هذا إذا لم يكن سقوطاً أخلاقياً قبل أن يكون سياسياً لهذا الحزب، وماذا نسمي هذه الهيمنة والعودة القوية من طرف النظام لسياسة التحكم والهيمنة، وتكميم الأفواه وقمع للحريات، غير القول بموت هذه التجربة المسماة زوراً بالاستثناء الديمقراطي المغربي.



#توفيق_عبد_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخوان المسلمين يسقطون انفسهم
- المَكَاسبْ تُخَصَصْ و الخَسَائرْ تُعَمَمْ
- قراءة في كتاب :الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية
- الانتقال الديمقراطي ، الانتخابات ، التعددية الحزبية : عناوين ...
- البندقية التي لا ثقافة خلفها تَقْتُلُ وَ لاتُحَررْ
- الحراك الشعبي وحركية المعطلين بالمغرب: نحو إدراك الفرصة السي ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق عبد الصادق - موت الاستثناء الديمقراطي المغربي