أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - توفيق عبد الصادق - قراءة في كتاب :الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية




قراءة في كتاب :الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية


توفيق عبد الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 21:45
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    




تأتي اهمية كتاب الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية للكاتب البريطاني فريد هاليداي ، أستاذ مادّة العلاقات الدولية في كلية لندن للعلوم الاقتصادية ، الصادر في طبعة جديدة عام 2008 لدار الساقي بلبنان . في ظل التطورات و التحولات السياسية التي تعيشها المنطقة العربية وما تعرفه منطقة الشرق الاوسط خاصة من صراعات وتحالفات لإعادة تشكيل المنظومة الاقليمية بين ايران وتركيا وإسرائيل في اطار توازنات دولية جديدة بين امريكا من جهة و روسيا و الصين من حهة ثانية . والواقع أن هذا المؤلَّف الكلاسيكي أصبح مرجعا ضروريا للطلاب والأكاديميين ومختلف الراغبين في تعزيز فهمهم لشبه الجزيرة العربية. وهو يحافظ على صحته في أيامنا هذه على الرغم من أنه صدر للمرة الأولى في سبعينيات القرن العشرين. وذلك راجع بالدرجة الاولى لمقاربته الجديدة والمعمقة في تحليله السياسي لمنظومة المنطقة الداخلية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية ، وتأسيسه لجيل من الدراسات والكتابات بعيدة عن النزعة الشوفينية التي تتحدث عن الانقسام بين الشرق والغرب، والتي تحاول إخفاء الانقسام الحقيقي بين المتسلطين والفقراء في الشرق والغرب.
ينطلق الكتاب في تحليله لشبه الجزيرة العرب لفترة ما بعد الاستعمار وحتى حدود كتابته مطلع السبعينات من القرن الماضي . من مقاربة نقدية لمختلف الكتابات الامبريالية عبر تركيزه على البنية المادية بمستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لفهم أعمق لبنية مجتمعات المنطقة ، وهي التي تحولت من منطقة ذات أهمية ثانوية بالنسبة للرأسمالية العالمية إلى مسرح للتنافس والسيطرة الإستراتيجية ، نتيجة بروز متغير جيوسياسي تمثل في بداية أفول نجم القوى الاستعمارية الأوربية فرنسا وبريطانيا لصالح قوى صاعدة أفرزتها نتائج الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفياتي سابقا، والثاني بروز النفط كمتغير جيواقتصادي ادمج المنطقة في السوق العالمية وعزز نمو الطبقات الحاكمة المحلية من جهة، كما وفر الأرضية لنهوض الحركة الثورية كمشروع بديل سعى إلى الافلاث من السيطرة الامبريالية ومن سلطة البنيان التقليدي للمجتمع القبلي من جهة ثانية . وقد عبر الكاتب عن هذه المقاربة انسجاما مع فهمه الماركسي من خلال الأطروحة المتمثلة في التطور اللامتوازي والمشترك للنظام الرأسمالي ، فالرأسمالية هنا أدمجت شبه الجزيرة العربية في السوق العالمي وفي نفس الوقت كبحت الولادة الطبيعية لطبقة برجوازية وطنية مهمتها القطع مع نمط الإنتاج العشائري الإقطاعي وتحقيق الاستقلال الوطني ، مما جعل الطبقة السياسية مرتبطة ورهينة لحسابات ومصالح الغرب على الرغم من التناقض الثانوي بينهما بسبب أرباح النفط وإسرائيل ، في الوقت الذي كانت فيه الحركة الثورية تهدف إلى هدم هذا النظام ككل بعد أزمة الحركة القومية العربية عقب نكسة 1967 . حيث شكل صعود الحركات الثورية اليسارية في جنوب الجزيرة العربية كاليمن وعمان ، والتي مارست أشكالا متعددة من العمل وصل بها إلى إعلان ثورات مسلحة للاستيلاء على السلطة والإمساك بموارد النفط وإقامة أنظمة اشتراكية في تلك المناطق ، الجديد الأبرز في التناول السياسي لحركات فكرية وسياسية غيبت عمدا من قبل الكتابات الاستشراقية التي اهتمت بالصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية ، بل إن الكاتب وجد نفسه جزءا من واقع المنطقة وهو الذي عايش تلك الفترة ميدانيا وكان متعاطفا مع نشاط تلك الحركات .
انتقل بعد ذلك في دراسته إلى محاولة البحث عن إجابة لسؤال شكل الهاجس الأساسي للقوى الإقليمية والدولية والنخب الحاكمة ، وان كان لم يكشف عنه وهو كيف تتم السيطرة على الموارد النفطية المكتشفة في دويلات وإمارات العائلة وكيف تجرى المحافظة على استمرار تدفق هذه الموارد؟ فالنظرة الاستعمارية منعت تشكل سلطة سياسية توحد بين القوى الاجتماعية وتسمح لاحقا بتشكل قوى محلية تتوسل بالوطنية سبيلا لاستقلال سيكون مطلبه الأول استعادة موارد النفط من طرف مجتمعات المنطقة ، فقد استفاد الاستعمار ولا سيما البريطاني من كون المنطقة خلال النصف الأول من القرن العشرين وما بعده بسنوات،كانت بعيدة عن التطور السياسي ونهوض قوى استقلالية تطرح تصوراتها لطبيعة السلطة، إذ كانت تتحكم فيها مجموعات قبلية وعشائرية متصارعة على الموارد والسلطة. استغلها الاستعمار في تعميق تجزئة المنطقة مما ممكنه من تنصيب ودعم أنظمة تسمح له بالهيمنة وتمكنه من إدارة صراعات متتالية بين القوى المحلية بما يسمح من إدامة سلطته، وذلك بعدما أعطى تلك القوى من فتات الثروات ما يجعلها أسيرة السلطة المهيمنة. هذا النهج استمر مع الولايات المتحدة الأمريكية وبذكاء وخبت سياسي وإن اتخذ أشكالا متفاوتة بين بلد وآخر. الكاتب في هذه النقطة من الدراسة سلط الضوء على أطروحة مهمة هيمنت على الدراسات والكتابات ورسمت معالم الصراع الفكري والسياسي للمنطقة لعدة عقود ، وهي مسالة الوحدة العربية فهو يقول رغم هيمنة مشاعر الانتماء العربي والتطلع لوحدة الأقطار العربية ، فان المفهوم استعمل كسلاح إيديولوجي وديماغوجي لخدمة الطبقات الحاكمة سواء في صراعاتها الداخلية أو الخارجية ، فمجتمع شبه الجزيرة العربية لايشكل مجتمع متجانس عرقيا دينيا وطبقيا وليس صحيحا أن المستعمر هو السبب بل انه استغل واقعا موجود أصلا . وهو ما يفسره الصراع السياسي والعسكري لمعسكرين عربيين احدهما وصف بالثوري والتقدمي تزعمته مصر عبد الناصر و الأخر بالمحافظ والرجعي بزعامة السعودية ، انعكاسا وتفاعلا مع الانقسام الدولي إبان الحرب الباردة ، إلى جانب نمو القوى الراديكالية التي سعت للتغيير السياسي والاجتماعي، وهي قوى تكونت وتأثرت بعاملين أساسيين الأول، يتصل بصعود الحركة القومية العربية عبر المشروع الناصري ثم لاحقا مع سيطرة أحزاب البعث في المشرق، والثاني صعود اليسار الماركسي ذي النزعة الماوية والغيفارية الذي رفع شعارات ثورية ترجمها لاحقا بثورات مسلحة في اليمن الجنوبي وظفار بعمان ، فقد استطاعت الحركة الثورية في اليمن الجنوبي أن تطرد الاستعمار البريطاني وتقيم سلطة ثورية في البلاد، فيما انتشرت ثورة ظفار في عمان واحتلت موقعا مهما في التطلعات الثورية في مجمل مناطق الخليج. وفي المعسكر الأخر استشعرت الأنظمة القائمة وخصوصا منها المملكة العربية السعودية أخطار الحركات الثورية على نظامها السياسي من جهة وعلى ثرواتها النفطية من جهة أخرى. واعتبرت إيران أن الخطر إياه يتهددها ويمس في الصميم جوهر السياسة الإيرانية بقيادة الشاه آنذاك الذي كان يرى في منطقة الخليج المدى الحيوي لإيران، في وقت كانت مطالبه صريحة في ضم أجزاء من هذه المنطقة إلى إيران. لذا تشكل حلف موضوعي من اكبر قوتين محافظتين في المنطقة جمعتهما الأخطار المشتركة من هذا الحريق الناشب. في موازاة هذا الحلف كانت القوى الدولية المعنية بالنفط العربي تعمل على خطين، خط تكتيل القوى المناهضة للناصرية واليسار من خلال استثارة مصالح الجماعات التي نصبتها في السلطة، وخط العمل المباشر على إجهاض حركات التمرد في أكثر من مكان في شبه الجزيرة العربية، حيث شكلت هزيمة حزيران 1967 بداية الانحدار والنهاية في مسار الحركات الثورية خصوصا الناصرية، تحت وطأة الهزيمة اجبر عبد الناصر على تخفيف لهجة خطابه القومي وسلك سياسة براغماتية متوافقة مع الوضع المستجد، فتصالح مع النظام السعودي وسحب جيوشه من اليمن وقطع الدعم عن حركات معارضة كثيرة. وبالنسبة لحركات اليسار الماركسي فقد واجه عقبتين رئيستين كانت كافية للعصف بمشروعه السياسي يقول الكاتب ، أولهما سيطرة القومية العربية القائمة على مبدأ وحدة الطبقات على حركة التحرر في صراعها مع الامبريالية والصهيونية والنظم الإقطاعية الرجعية ، وهذا موقف غير صحيح أظهرت التحالفات في العالم فشله في تحرير البلدان والشعوب من الهيمنة الامبريالية ، فمن غير الممكن لأي حركة معادية للاستعمار أو ديمقراطية نابعة في العالم العربي أن تكون بقيادة البرجوازية العربية أو بقيادة الدول التبعية فكلاهما تخلقان ديكتاتورية الطبقة الجديدة ، فرغم أن هناك فروقات مابين الاستعمار والطبقات الحاكمة فان هناك التقاء في المصالح تزداد قوة وتظهر بوضوح عندما تتحدى أي حركة ثورية حقيقة مصالح هذه الفئات ، ثانيها غياب انفصال نظري عن الدين ومعالجة دوره السياسي ، فالإسلام الذي يحتفظ بحيوية باهرة لم يستخدم كأساس إيديولوجي لتحرير الشعوب العربية ، بل مثل شكل من أشكال استمرار الاستعباد ، فقد استغلته الطبقات الحاكمة ومعها القوى الامبريالية لسد الطريق على تحرر الشعوب والفكر الاشتراكي ، فالحقيقة يقول هاليداي أن تهمة الإلحاد في البلاد العربية قادرة على تدمير أي عمل سياسي ثوري .


٭باحث في العلوم السياسية – المغرب -



#توفيق_عبد_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتقال الديمقراطي ، الانتخابات ، التعددية الحزبية : عناوين ...
- البندقية التي لا ثقافة خلفها تَقْتُلُ وَ لاتُحَررْ
- الحراك الشعبي وحركية المعطلين بالمغرب: نحو إدراك الفرصة السي ...


المزيد.....






- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - توفيق عبد الصادق - قراءة في كتاب :الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية