أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح ميرولي - أنا وابني














المزيد.....

أنا وابني


صالح ميرولي

الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 13:46
المحور: الادب والفن
    


شاءت الظروف ان اتغرب عن بلدي وبيئتي لأستقر في بلدٍ وبيئةٍ مختلفةٍ اختلافاً جذرياً عما كنت اعيشه في طفولتي وشبابي..تزوجت في هذه البيئة الجديدة ،وحبيت بزهرتين بنت وولد..بيئتنا الجديدة تتعامل في رياض الاطفال والمدارس مع الاطفال بأسلوبٍ حكيم غايته بناء انسان المستقبل اقرب للسوية منه الى الانحراف والسلبية وخصوصاً في واحدة من اهم المسائل خطورة وحيوية ، الا وهي مسألة الجنس ..واكاد لاابالغ ان قلت بأن الاطفال هنا وقبل تجاوزهم العقد الاول من عمرهم يتخرجون وواحدهم ملم إلماماً كاملاً بأمور الجنس كإبن عشرين في مجتمعنا المحافظ ، الذي يحظر الحديث من قريب او بعيد في هذه المسألة بدواعي العيب والحرام.
ابني ذو السبعة اعوام واحد من هؤلاء الاطفال ، وممن استجمع كل قواي العقلية والذهنية عندما احاوره وانتقي الكلمات بشكل دقيق فأسئلته التي هي اكبر من عمره محيرة ومربكة ولاتخلو من اسئلة وجودية مبكرة فهو يسأل في الجنس والحب وكذلك في الحياة والموت .
وكنت قد احسنت صنعاًاني اتفقت مع زوجتي على ابعاد الاطفال ما امكن من خرافات الشبح والطنطل والسعلوةوالساحرة التي تطير بعصا المكنسة ، والعقاب يوم القيامة وعذابات القبر ، لا بل حتى الكلام عن الله والدين ما امكن وارجائها لمرحلة عمرية انضج. ولقد نجحنا نوعاً ما بهذا المسعى وابلينا بلاءً حسناً ، لذا ارى ان ابني وابنتي مقارنة بطفولتنا اكثر سوية منا بمراحل.
لابني هذا الذي ارى فيه نفسي بالنسخة المحسنة غرفته الخاصة به والتي لايسمح لأحد بدخولها دون طرق الباب والاستئذان كما مكتوب بورقة ملصقة على باب الغرفة ، ولا تتعجبوا ان قلت لكم انه بالمقابل لايدخل غرفتنا انا وامه دون الاستئذان ايضاً فهو يعرف تماماً اننا قد نكون في لحظة حب وانسجام .
يسألني احياناً وبمكر شديد ان احضن امه واقبلها، فنمتثل ونؤدي المهمة بأحسن ما يمكن ، فينتشفي مزهواً ويغرق في الضحك فنغرق جميعنا معه.
بالأمس القريب بادرني بسؤال تصعب الاجابة عليه ، حيث طلب مني ان اشرح له كيف يتم انجاب الاطفال مستبقاً ذلك بأنه لايريد سماع قصة اللقلق الذي يرمي لنا الاطفال من المدخنه ليقطع علي الطريق !
فأجيبه بأن الاب والام يقبلان بعضهما بحب خالص فتتكون بذرة الجنين منهما فتنتقل الى بطن الام عن طريق الفم فيتكون الجنين ويبقى في بطن امه تسعة اشهر ثم بعد ذلك وبعملية جراحية يتم اخراج الطفل من بطن امه. فيبادرني بعد تحريك سبابته الغضة بأن معلوماتي ضعيفة وليست دقيقة..(فالمعلمة قالت لنا شيئاً مختلفاً !!) ، فلا اعترض على ما يقول لكنني اتهرب بحضنه والدوران به املاً في تغيير الموضوع . الحقيقة انني سعيد جداً بأن ابني اكثر سوية مني واقل امتلاكاً ان لم يكن عديمها للعقد والامراض النفسية التي امتلك.
كان لي زميل في الصف الرابع الاعدادي صعقني يوماً لانه كان يعتقد ان الله يوزع الاطفال على الناس وهم نيام ! وعندما شرحت له بشكل بسيط شيئاً عن الجماع ، نظر الي شزراً وزاماً شفتيه وقال : عيب ..تأدب ! وعمر صديقي هذا آنذاك ستة عشر عاماً.
اما تجربتي المبكرة مع الجنس ومصائبه فتعود الى سن السابعة من عمري.
ابي الذي كان يعمل حمالاً هو المعيل الوحيد لاسرتنا المتكونة من خمسة اولاد وبنت واحدة . وبالكاد كنا نعيش عيشة الكفاف على ما يحصل عليه ابي من كده وعرقه..كنا نسكن في غرفة واحدة في بيت قديم بحي شعبي ببغداد ..الغرفة هي للطبخ والاستحمام والنوم في آنٍ واحد ، وكانت في بيت من سبع غرف تسكن في كل واحدة منها عائلة فقيرة مثلنا وتشترك جميع العوائل بباحة مفتوحة للسماء وصنبور مياه اصفر يتيم ومرحاض شرقي كان مأوى للصراصير والديدان وابو بريص وغيرها كثير .
في ليلة شتوية من ذاك الزمن الغابر الاغبر..وحيث اشتدت بي الرغبة في التبول ..افقت على اصوات لم اعهدها قبلاً ، همسات ووشوشات وممانعة وانين مكبوت ..( اعذروني فمهما يكن فأنا ولعقدي النفسية والتخلف الذي اعيش لااستطيع وصف المشهد المرعب لآنهما ابي وامي )..رأيت شبح ابي على ضوء المصباح النفطي الخافت جاثياً على امي التي كانت تمانع ممانعة الراغب الخائف من ان يستفيق احدنا !
تملكني الرعب وطار برج عقلي ..فأنا لم اشاهد ابي يقترب يوماً من امي او ان يمسك بيدها او يضحكان معاً فتلك بنظري كانت من الكبائر فكيف بموقف (لا اخلاقي ) كهذا.. فما كان مني الا ان اصرخ وبصوت مخنوق اقرب لصراخ المفجوع بعزيز : عطشااااااااااااان!
بقيت لسنواتٍ بعدها وانا انظر بأحتقار لأبي ومعتقد جازماً ان ابي سيدخل النار التي وعد الله بها كل الكفرة والمنحرفين .



#صالح_ميرولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرة ايام هزت العالم
- الكروان..والسجان
- القراءة الخلدونية
- بين حذاء ابي.. وخطوة ارمسترونغ


المزيد.....




- ملك الأردن يؤكد أهمية ترجمة مخرجات مؤتمر الاستجابة الإنسانية ...
- الحلقة 164 من مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة المؤسس عثم ...
- Salah Addin 28 عرض مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة ...
- أقوى أفلام كرتون مدبلجة .. تنزيل تردد قناة سبونج بوب نايل سا ...
- -القلب يعشق كل جميل-: أم كلثوم تغنّي فرحة الحج بلغة البسطاء ...
- ظهور خاص لبيلا حديد في كليب فنان عربي (فيديو)
- وفاة الملحن المصري الشاب أمير جادو
- -فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م ...
- فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل ...
- “فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا ...


المزيد.....

- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح ميرولي - أنا وابني