أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح ميرولي - بين حذاء ابي.. وخطوة ارمسترونغ














المزيد.....

بين حذاء ابي.. وخطوة ارمسترونغ


صالح ميرولي

الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 20:08
المحور: الادب والفن
    


في سنة 1969 كنت شابا عمره 17 سنه .. منفتح على الحياة ..مزهو بها.. وكانت متابعة الاخبار والانجازات العلميه واحده من اهم اهتماماتي . وفي تموز من تلك السنة خطا اول انسان الخطوة الاولى على سطح القمر.. وكما تعرفون هو الاميركي (نيل ارمسترونغ) وكان الناس المتنورون فرحين بهذا الانجاز العظيم .. لانه ملك وانجاز لللبشرية عموما .. وكنت انا الشاب الواعد واحد من هؤلاء.. اتذكر انني جئت الى البيت فرحا متصورا انني احمل بشرى عظيمة سوف يحضنني اهلي واحدا واحدا عليها .. ولكن تأتي الرياح بمالاتشتهي السفن ...كان ابي رحمة الله عليه جالسا في باحة الدار المفتوحة الى السماء بكامل اناقته ..من الجراوية الكوردية الى الحذاء الكوردي الهرسيني* الشهير( الكلاش)*.مزهوا كأنه طاووس. فما ان سمعني ازف البشرى القمرية الارمسترونغية حتى انتفض كمن لدغته حيه وقال لي ( ماذا قلت ياابن الكلب ؟!)ومسكني من اذني بقوه.. عندها احسست انني اقترفت جرما كبيرا.. فحاولت تلطيف الخبر .. بأن قلت هم يقولون ذلك كمن يحاول القاء تبعة الجرم الكبير على الاخر ...لكن ذلك لم يجد نفعا .. فلقد اخذ مني الكلاش الكوردي اغلى ما عندي من عنفوان وكرامة وكبرياء .. ولازالت ترن في اذني جملة (اصدقاء السوء الشيوعيون الملحدون .. خربوا مخك .. ايها الكافر الزنديق ..) .
كانت ضربات ابي تتناسب طرديا مع احساسه بأنه كان يقدم شهادة حسن سلوك وايمان لله تعالى..ولم يثنه عن اداء مهمته الايمانية تلك على احسن وجه, وتقديم فروض الطاعه للرب عز وتعالى غير احساسه بالتعب من جهه .. وبأني اصبحت جثة هامدة من جهة اخرى.,كذلك الحاجز البشري الذي حال بيني وبينه من امي واخوتي.. لينهيها ببصقة كبيرة ليؤكد للرب الجليل براءته من ابن منحرف كافر زنديق مثلي..
اما انا فلقد انتقلت الى عالم اثيري جميل فتخيلتني ممسكا بيد ارمسترونغ ونحن نخطو خطواتنا القمرية بزهو الاطفال ومرحهم..وكل خطوة ارضية ثوابها سبعون خطوة قمرية في سموها وارتفاعها.. لكنني وفي غمرة الفرحة الغامرة تلك لاحظت شيئا غريبا .. افسد كثيرا في مصداقية المشهد الجميل والاحتفالية التأريخية تلك ..
حيث ان ارمسترونغ كان محتذيا لحذاء ابي الهرسيني ..فكيف يستوي ارتداء بدلة رائد فضاء بحذاء هرسيني .. والشئ الاخر هو وجود علمين مغروزين على ارض القمر بكل اناقه وعنفوان.. واحد اميركي بنجماته الخمسون او الستون لاادري . والثاني ابيض ملطخ ببقع دم وفي الوسط وياللعجب, فردتي كلاش ابي !. وهذا مااغرقني في حالة هستيرية من الضحك ..مما حدا بارمسترونغ الذي يعرف ان وقائع الاحتفال تنقل اولا بأول الى الارض, لخلع فردة من الحذاء وملاحقتي والامساك بي ليمارس نفس دور الاب الصارم.. انقلبت ضحكتي الى بكاءوحشرجة وتوسل بالعفو والرحمة من ارمسترونغ ..او ابي .. لااعرف .. لكون الارسال التلفزيوني قد شابه بعدها شئ من التشويش..
وعلى اثر تلك اللغة الجميلة من الرفسات والراشديات والعضات والتفلات الابوية الحميمة التي لم يكن ابي يتقن غيرها, نمت محموما لمدة ثلاثة ايام ..بعدها التأمت جراحي الجسدية بسرعة الضوء . لكن النفسية منها بدات تستوطنني وتأبى الرحيل. والى الان وعمري 60 سنه كلما يذكر ارمسترونغ او الكلاش الهرسيني امامي .. اضع يدي فوق رأسي بشكل لاارادي محتميا بهما متذكرا ذلك اليوم المفرح للبشرية والحزين لي .
في السنوات التي تلت, كرهت القمر بكل مابه من خير اوشر.. وكرهت تشبيه الحبيبة به من قبل الشعراء والمطربين.. واكثر ما كرهت بارمسترونغ ترجمة اسمه للعربية او الكوردية التي تجعلني اتذكر ذراع ويد ابي الفولاذيه.!!
رحم الله ابي لآنه بعد سنوات ليست بالقليله ..وبعد ما اخذت رياح العلم تداعب عقله الامي قليلا .. كنت احس انه كان يريد الاعتذار لي وذلك من طريقة معاملته الاستثنائية وغير المبررة احيانا. ولكن كبرياؤه وعزة نفسه كانت لاتسمح بذلك ... ابي كان معذورا مثل الاكثرية من ابناء جيله ولم يكن سهلا عليه تقبل احداث علمية مثل هذه لانها كانت بمثابة كفر له .
رحمة الله على ابي الذي سوف لن التقيه.. لان مثواه الجنة.. وانا مثواي النار . حيث هناك سأبحث عن ارمسترونغ هذا لآخذ حقي منه لما سببه لي من عقد نفسية ومعاناة اليمة بخطوته القمرية تلك , وذلك بضربه على جمجمة رأسه بعضام قدمي التي آمل انها لم تحترق بعد بالكامل. وبأمكانها اداء المهمة على اكمل وجه!
هوامش :
الحذاء الكوردي او الكلاش : حذاء جبلي بأمتياز يصنع يدويا ومواده الاساسيه شعر الماعز وجلود معينه من الابقار والعجول.
هرسين : مدينه كورديه معروفه بجودة صناعتها للكلاش الكوردي .



#صالح_ميرولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح ميرولي - بين حذاء ابي.. وخطوة ارمسترونغ