أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماجد احمد الزاملي - الحرية الفردية















المزيد.....

الحرية الفردية


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 23:26
المحور: حقوق الانسان
    


الحرية الفردية
ماجد احمد الزاملي
يعتبر التاريخ الإنساني تاريخ صراع من أجل الحرية الفردية والجماعية، فمنذ العصور القديمة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مرورا بعصر الأنوار ومختلف الثورات العالمية، فان البشرية تناضل من أجل الحق في احترام الحريات وحكم الشعب نفسه بنفسه. لكن واقع الحال غير ذلك فالذين يباشرون السلطة ليسوا دوماً على اتفاق مع المحكومين، وأن حكم الفرد نفسه بنفسه لم يكن سوى حكم الفرد بمشيئة المجموع، وأن إرادة الشعب، كما تجلت في الواقع لم تكن سوى إرادة القسم الأكثر عدداً أو الأكثر نشاطاً من سائر أقسام الشعب، إي إنها إرادة الغالبية، أو ارادة أولئك الذين يوفقون في إقامة أنفسهم مقامها. ومن ثم فإن تقييد السلطة، خشية استبداد الأكثرية بالأقلية، لم يفقد شيئاً من أهميته، وإن كان القابضون على زمام السلطة مسؤولين أمام الشعب . وفي ظل دولة القانون لا يجوز لأي متضرر أن يتولى بنفسه إنزال العقاب بمن أضر به أو اعتدى على حقوقه، كما أنه لا يحق لجماعة من الناس الاعتداء على الآخرين بدعوى انتهاكهم لقيم المجتمع، أو تحت أي غطاء آخر، لأن من يعتمدون هذا الأسلوب البعيد عن السلوك المدني المتحضرلايحترمون القانون، ويفتحون الباب للعنف والغوغاء والتسيب والفوضى التي من شأنها أن تدمر المجتمع وتقوض دعائمه، بينما يكون من المفروض في حالة حصول أي انتهاك فعلا، أن يتم إعادة الأمور إلى نصابها في إطار القانون وليس خارجه، وذلك بترك المجال للجهة المختصة وهي القضاء الذي له وحده صلاحية البت في كل قضية تعرض عليه، طبقا للمقتضيات القانونية. إن الديمقراطية هي حكم الأغلبية وضمان حقوق الأقلية. في المجتمعات المتخلفة بوجه عام، حيث لا يزال العرف والعادة والتقليد ونفوذ الكهنة و"رجال الدين" أقوى من القانون، يكره معظم الناس تدخل الدولة في تنظيم شؤون حياتهم، لا لأن قوة العرف والعادة وسلطة رجال الدين أخف وطأة على حرية الأفراد واستقلالهم من سلطة القانون، بل لأنهم لا يرون في الدولة سوى خصم للأمة أو عدو للمجتمع، على أنه علاقة تداخل بين المجتمع والدولة التي لم تصبح بعد دولة سياسية، أي دولة وطنية تعبر عن الكلية الاجتماعية. في هذه المجتمعات لا يزال اللجوء إلى القضاء، مثلاً، سبباً من أسباب العداوة والشقاق، ينظر إليه على أنه استعانة بقوة خارجية ظالمة. طغيان الأكثرية واستبدادها بالأقلية، على الصعيد السياسي، يقابلة نوع من طغيان اجتماعي على حرية الفرد أكثر عنفاً من كثير من ضروب الطغيان السياسي. وهو طغيان مبعثه قوة العرف والعادة وسطوة القيم السائدة، واستهجان أكثرية المجتمع كلَّ جديد في الفكر والعمل، ووصمه بالانحراف والخروج على الجماعة. فلم تتعلم غالبية الشعوب المتأخرة أن سلطة الدولة منبثقة من إرادة الشعب. في مثل هذه المجتمعات يمكن أن يكون القانون ملاذاً للأفراد من طغيان المجتمع، وحامياً لحريتهم واستقلالهم، من دون أن نستبعد إمكانية تدخل الدولة في حياة الأفراد الشخصية وتقييد حريتهم. وليس هنالك اتفاق بين المهتمين بهذا الشأن على حدود تدخل الدولة في ما يعده الأفراد شؤونهم الخاصة أو مجال حريتهم الشخصية. والمرجع الأخير في هذه المسألة يفترض أن يكون السلطة التشريعية المعبرة عن الإرادة العامة تعبيراً صحيحاً وفق مبدأ التمثيل النسبي، ووفق قواعد ومبادئ عقلية وأخلاقية واضحة، لا وفقاً للأهواء الشخصية. إن حرية الفكر وحرية الرأي وحرية الاعتقاد وحرية التعبير ، أصبحت من البديهيات في البلدان المتقدمة، بينما لا يزال المواطنون في دول العالم الثالث يعتقدون مجرد التفكير بالحرية هو خروج على العرف والعادات والتقاليد والأيديولوجيات السياسية. والسلطات السياسية قي بلداننا لم تفعل سوى إعادة إنتاج الاستبداد الاجتماعي والاستبداد الديني في الحقل السياسي؛ والسلطة السياسية في بلدان العالم الثالث ونتيجة كبحها طموحات شعوبها المتطلعة للحرية تحولت إلى مصدر لإنتاج التعصب والتطرف في المجتمع، واصبحت حرية الفرد محاصرة بين استبداد المجتمع واستبداد السلطات السياسية. هذا وان مفهوم الحريات المدنية الرسمي يعود إلى العهد الأعظم عام 1215 والتي استندت بدورها إلى الوثائق الموجودة من قبل. كلما ظهرت الحضارات، منحت للمواطنين بعض من أهم حقوقهم المدنية من خلال الدساتير المكتوبة. عندما وجدت أن تلك المنح في وقت لاحق غير كافية، ظهرت حركات الحقوق المدنية باعتبارها وسيلة للمطالبة بقدر أكبر من المساواة والحماية لجميع المواطنين، والدعوة إلى تشريع قوانين جديدة لتقييد آثارها الحالية. بطبيعة الحال لا يمكن التمتع بالحرية ما لم يكن ثمة قانون يحمي ممارستها. ونعتقد أنه من الصعوبة بمكان حسم هذا التعارض المقيم بين العقل والهوى. في حياة أي فرد، على الإطلاق، منطقة لا يحق لأي سلطة أن تتدخل فيها، بما في ذلك سلطة المجتمع والدولة، إذ ليس من مصلحة مباشرة للمجتمع والدولة في التدخل فيها، ما لم يصدر عنها ما يضر بالآخرين، ونفترض أنه لا يصدر عنها شيء من هذا القبيل. هذه المنطقة التي نطلق عليها اسم دائرة الحياة الشخصية، الخاصة والذاتية، هي موطن حرية الفرد الذاتية؛ وبحسب اتساع هذه المنطقة أو ضيقها تقاس حرية الفرد الذاتية التي هي أساس حريته السياسية أو المدنية. ويمكن القول، بعبارة أخرى، إنه جملة الفاعليات الإرادية، الواعية والهادفة، التي ينتج بها الإنسان ذاتَه في العالم وفي التاريخ، والتي يستعيد بها موضوعية العالم والتاريخ في ذاته، لكي يعيد إنتاجها في العالم وفي التاريخ مرة أخرى. وليس لهذه العملية أن تجري بفعل ما يسميه الناس "العقل" بمعزل عن العواطف والمشاعر والرغبات.كيانها نتيجة للتناقضات والتباينات في المصالح والأفكار والتي تضعها أمام الأزمات التي تعصف بها وتهز أركانها وقد تقودها الى الحرب،وهذا يعني ان تكون هذه المجتمعات ضعيفة وسهلة الانفراط والوقوع في الطريق المسدود الذي لا ينفتح أمام العدل والسلام والاستقرار التي هي أماني وأحلام البشرية. عندما نتساءل عن المفهوم القانوني للحرية، نتساءل في الحقيقة عن سلطة تقرير الإنسان لمصيره بنفسه دون تدخّل أو إكراه. والإنسان الذي نعنيه هنا هو ذلك الإنسان المواطن الذي له موقع مؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية. ليس لاحد أن يدعي أن لمصلحته الخاصة قيمة ومشروعية تفوق ما لغيرها من المصالح، ويكون مع ذلك على حق فإذا كان للمصالح قيمة ومشروعية ، وقد تدعي الفئات أو الطبقات السائدة أن مصلحتها موافقة أو مطابفة للمصلحة العامة، وأن آراءها وأفكارها وتصوراتها مطابقة للحقيقة؛ فتضفي على هذه وتلك قيمة ومشروعية مطلقتين. أن الطبقة الاجتماعية الصاعدة التي تتوافر لها الشروط اللازمة لقيادة التغيير الاجتماعي تقدم نفسها دوماً على أنها تمثل المصلحة العامة والخير العام، وعلى أنها تسعى إلى تحرير المجتمع كله، وأن نجاحها في قيادة التغيير الاجتماعي مشروط باعتراف الفئات الاجتماعية لها بهذا التمثيل وبهذه الوظيفة التحريرية. وتتلخص كامل إشكالية الحرية في معرفة إلى أيّ حدّ يمكن اعتبار حرية المواطن مهمّة لانشراحه الشخصي حتى أنها تستدعي حماية اجتماعية قصوى. فالإشكال القانوني المتعلق بالحرية بسيط وهو مرتبط بطبيعة الحياة الاجتماعية. فهذه الأخيرة تتكون من عنصرين متلازمين لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، ولكنهما في الآن نفسه متناقضان تناقضا جوهريا. فمن جهة يتكوّن المجتمع من أفراد ويحاول كل فرد أن ينمي فرديته. ومن جهة أخرى يكوّن المجتمع كلاّ متماسكا لا يمكن للفرد العيش خارجه ولا بدّ من المحافظة على نظامه وعلى استقراره. فالمجتمع يقوم على توازن غير مستقر بين هذين العنصرين. فإذا اختلّ التوازن لفائدة النظام والسلطة نتج التسلط وإذا اختل التوازن لفائدة الفرد نتجت الفوضى . "وعلى ذلك لا تكفي حماية الفرد من طغيان الحاكم، بل تجب حمايته أيضاً من طغيان الشعور السائد والرأي العام، ومن ميل المجتمع إلى فرض أفكاره وعاداته، بوسائل أخرى غير العقوبات المدنية، ووضع هذه العادات والأفكار في مقام القواعد العامة للسلوك، فيعوق المجتمع بذلك نمو الشخصية الفردية التي لا تتفق مع أساليبه في الحياة، بل يحاول، إذا أمكنه، أن يمنع تكوينها، ويجبر جميع الأشخاص على أن يشكلوا أنفسهم وفقاً لمثله ومبادئه. ميدان الاختلاف، هو ميدان الحرية، ويقابله ميدان الاتفاق الذي هو ميدان القانون. لعل المعيار الأساسي لحرية العمل هو نفسه المعيار الأساسي لحرية الفكر، أي عدم المساس بحرية الآخرين أو الإضرار بمصالحهم أو التسبب بأي أذى لأي منهم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. بل إن هذا المعيار الصق بالعمل منه بالفكر. فإذا كان لا يجوز مساءلة الفرد أو محاسبته أو معاقبته على آرائه وأفكاره وعواطفه وتصوراته، في أي حال من الأحوال، فإن هذا الإطلاق لا ينطبق على أعماله. وإذا كانت مسؤولية الفرد عن أفكاره وآرائه ومعتقداته مسؤولية أدبية فحسب، فإن مسؤوليته عن أعماله هي مسؤولية أدبية وقانونية. فكل عمل يمس حرية الأخرين أو يلحق بهم أي نوع من الضرر أو الأذى أو يهدد مصالحهم المشروعة يستوجب تدخل القانون أو تدخل الهيئة الاجتماعية، وكذلك كل عمل يمس الأملاك العامة ويهدد النظام العام بلا مسوغ مقبول ومشروع، أو يتعارض مع القيم الإنسانية ومع منظومة الأخلاق التي تعارفت عليها البشرية المتمدينة، مما يندرج في باب الجناية أو الجريمة في القوانين الديمقراطية. وفى الحقيقة فإن الحرية تنحصر عمليا فى الأفراد لا فى المؤسسات التى لا تتمتع إلا بحرية اعتبارية وشخصية اعتبارية، ذلك لأن اتخاذ القرارات و ممارسة الأفعال فى المؤسسات كالدول والشركات والجمعيات و النقابات والأحزاب و المنظمات لا يمكن أن يتم إلا عبر عقول أفرادها ، وهؤلاء الأفراد الذين يملكون سلطة اتخاذ القرارت الخاصة بتلك المؤسسات فى صراعاتها وتحالفاتها مع الأفراد و المؤسسات الأخرى، و هؤلاء الأفراد الذين يعملون وفق تلك القرارت، و يمكنهم بالتالى استخدام ما تملكه تلك المؤسسات من قوة مادية فى الفعل، ومن ثم التأثير فى الأفراد الآخرين سواء كانوا منتمين لتلك المؤسسات أو لا ينتمون إليها.
والدفاع عن الحريات الفردية يجد مرجعيته وسنده في تراث الفكر الإنساني، وفي قيم الإسلام، وفي المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، و منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي جاء في مادته الأولى: «يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء» والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي نص في الفقرة الأولى من مادته التاسعة على أن: «لكل فرد حق في الحرية و في الأمان على شخصه . و لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا . و لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون و طبقا للإجراء المقرر فيه. إن الديمقراطيات الغربية كنظام للحكم والتي تأخذ بها كثير من الدول في العصر الحديث، وخاصة من دول أوربا والتي نادت بمبادئها الثورة الفرنسية، وتتميز بنزعة فردية تقوم على أساس احترام حريات الأفراد، وذلك لأن الثورة الفرنسية تأثرت بالمذهب الفردي الحر الذي ظهر قبل الثورة، ويقصد به ذلك المذهب الذي يقرر لكل فرد حقوقا تسبق وجود الدولة، ومن ثم فإن حماية تلك الحقوق هي هدف الدولة وهذا نتيجة تدخلها والسلطة المطلقة للطبقة الحاكمة وذلك عبر مختلف العصور، سواء في العصور الوسطى، حيث انفرد بممارستها الحكام الإقطاعيون، وعصر النهضة التي انفرد بها الحكام والأباطرة ثم استمرت بعد ذلك حتى قيام الثورة الفرنسية، وكان من نتائج تلك السلطة المطلقة، أن أهدرت حقوق وحريات الأفراد.
الحريات الفردية لا تعتبر تهديدا للاستقرار الاجتماعي أو استفزازا للمشاعر الدينية للأغلبية الصامتة المقهورة. ذلك أنه من التخلف الفكري و من الجهل بالدين أن يعتبر البعض الدعوة إلى حرية الضمير و المعتقد، كما دعت إليها كل الشرائع السماوية حيت لا إكراه في الدين، تهديدا لقيم المجتمع و حربا على العقيدة في حين أنه لا يجد حرجا في التعايش مع الاستبداد و الفقر و الجهل و المرض و الأمية و هي آفات مدمرة للإنسان و المجتمعات. ان عملية الضبط الاجتماعي وتنظيم الحريات والمصالح عبر وجود قواعد واحكام هو ما أطلق عليه اسم القانون ,ويرادف مصطلحات أخرى أيضا التي تطابق في معانيها كلمة القانون وتبحث عن غاية واحدة وهي التنظيم الاجتماعي.لذلك يعد(القانون من أهم وسائل الضبط الاجتماعي بل هو الوسيلة الأساسية التي يعتمد عليها المجتمع المنظم في ضبط سلوك أفراده). فالقانون يقوم بدور أساسي في حفظ لحمة المجتمع والحفاظ على استقراره وتماسكه عن طريق توفير العدالة والأمن والحرية،عبر الالتزام بالنظام والقواعد التي تأمر بها السلطة العليا.
الفرد يجب أن يتمتع بحريته، والجماعة يجب أن تطمئن إلى قيام هذه الحرية وإلى قيام العدالة الاجتماعية في الوقت نفسه. أن الحرية الفردية لم تصبح عقيدة مقررة من تلقاء نفسها، أو منذ أن عرفها تاريخ الإنسانية، بل تقررت بعد قرون من النضال حدثت أثناءها ثورات كثيرة كانت كل واحدة منها تنتهي إلى كسب جديد للحرية الفردية.في المواثيق الدولية تقسيماً موحداً للحريات العامة، وذلك بتقسيمها على حقوق وحريات مدنية وسياسية، وحقوق وحريات اقتصادية واجتماعية وثقافية، ووضع كل قسم من هذه الاقسام في العهدين الدولين عام 1966، فقد تضمن العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الحق في الحياة، والحرية، والسلامة الشخصية، والحق في المعاملة الإنسانية للمتهمين والمحكومين، والحق في التنقل، وحرمة الحياة الخاصة، وحرية الفكر والضمير والديانة، والحق في الاجتماعات السلمية، والحق في إنشاء الجماعات والنقابات أو الانضمام إليها، وحقوق أخرى. أما العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد تضمن الحق في العمل، وحق التمتع بشروط اعمال صالحة، وحق تشكيل النقابات والانضمام إليها، والحق في الإضراب، والحق في الضمان الاجتماعي، وحماية الأسرة، والحق في مستوى معيشي مناسب، والحق في الصحة البدنية والعقلية، والحق في الثقافة والتعليم، وحرية البحث العلمي، وحماية الإنتاج العلمي. ان الحرية بمفهومها الواسع الفردي والمجتمعي هي المصدر الذي يطلق العنان للفرد كفرد او للفرد ضمن المجتمع للابداع الانساني الخلاق لانتاج قيم حضارية واجتماعية وانسانية اكثر تطورا ورقيا من تلك التي تسود المجتمع وتنظم كافة علاقاته وتتحكم به والتي هي بالتأكيد حصيلة تراكمية لابداعات الافراد عبر المراحل التاريخية السابقة لتتواصل من خلالها مع ما ينتج من القيم الجديدة في المستقبل، وإن عملية قمع وكبح الحريات او تقييدها بأي شكل من الاشكال ولاي سبب من الاسباب تعني قمع وكبح وعرقلة وتقييد تطور وتقدم المجتمعات والرقي وبالتالي توقف مسيرة التطور الاجتماعي، لذلك ولكي يستمر تطور المجتمعات بدون أدنى توقف لابد من أن يكون هناك إطلاق للحريات الفردية والمجتمعية باوسع مدياتها لكي يستمر الأبداع الخلاق للأنسان.
أما القانون فهو الضابط الذي ينظم عمل فعل الأبداع الأنساني وإبقائه على مساره الصحيح، أي بمعنى آخر إبقاء الحريات الفردية والمجتمعية ضمن حدود يكون فعلها في الأبداع إيجابيا و بالتالي منعها من أن تتحول الى اداة هدامة تهدم ذاتها وفعلها الأنساني وأن تتحول الى فعل وعمل معرقل للتقدم والتطور وتعود بالحضارة الى الوراء.. ولكن ليس مهماً بهذا القدر او ذاك لأن نتحدث عن الحرية واهميتها في حياة الفرد والمجتمع كحافز لانتاج القيم الحضارية المتطورة لأجل دفع المجتمع وحضارته الى الامام. و ليس الضروري ان نبحث وأن نجتهد من اجل صياغة نصوص ومواد قانونية لاجل السيطرة على سلوكيات الافراد في المجتمع وتنظيمها وبالتالي على السلوك العام للمجتمع نفسه من اجل الارتقاء به الى مستوى حضاري يعكس الحالة المثالية للتحضر للمجتمع الأنساني... إن ما يجعل الحرية مثمرة وايجابية ومنتجة للقيم الحضارية الراقية ومصدرا ملهما للابداع الخلاق للانسان، وما يجعل القانون والشرائع المختلفة ضوابط ايجابية مفيدة ذات جدوى للاحتفاظ بسلوكيات الفرد والمجتمع في سياقاتها الصحيحة وعلى مساراتها الطبيعية باتجاه الوصول الى مجتمع متحضر منتج للقيم الحضارية المتطورة والسلوكيات الانسانية المستقيمة والرفيعة والاخلاقية التي لاتبعث على الخوف والرعب والتعصب والعنصرية والحقد والكراهية والاقتتال والحروب، لابد من ان يكون لعنصر الثقافة بكل اشكالها والوانها دور كبير ورئيسي لتهذيب سلوك من يمارس الحرية ومن يطبق القانون لانتاج المجتمع الانساني المتحضر.لأن الفرد غير الواعي قد يحول الحرية الى مجرد سلوكيات عبثية غير منضبطة تسبب ضررا المجتمع وبالتالي قد يتطبع سلوك المجتمع بسلوك مثل هكذا افراد ومن ثم ينتج مجتمع خال من التحضر والتمدن، لانه هناك علاقة تبادلية بين سلوك الفرد وسلوك المجتمع اي ان احدهما ينتج الاخر جزئيا او كليا، وكما هو الحال عندما يكون الفرد مثقفاً ويمارس حريته فأنه يؤثر ايجابا في المجتمع وينتج قيما وسلوكيات متحضرة يتطبع بها سلوك المجتمع وبالنتيجة انتاج مجتمع مثقف متحضر. الأمة التي ترعى الفكر وحريته فانها تصل الى درجة من الرقي, إن حرية الفكر تعني انتشار الوعي, وتعني فتح آفاق المعرفة, المجتمعات المغلقة مصيرها التخلف, لان الذين يرون سيادة معرفتهم وفهمهم ويغلقون على الناس اسلوب التفكير فتثور في وجوههم . والرأسمالية ارتهنت نشأتها بأفول العصور الوسطى التي كانت مظلمة في أوروبا. الدولة في الفلسفة الليبرالية لا تتدخل في الملكيات، وقصارى ما يمكن أن تفعله هو ربطها بواجبات والتزامات، كالضرائب والجمارك وحقوق للطبقة العاملة. على أن الدولة في الليبرالية مؤسسة ضرورية لا غنى عنها، ليس بوصفها غاية وإنما بوصفها وسيلة لتحقيق غاية أبعد تتمركز أخيرا حول الفرد، وهي تحقيق الأمن: النظام والقانون في الداخل، ودفع الأعداء الأجانب من الخارج؛ وذلك ضمانا للأجواء الصالحة للممارسة الحرية.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثير ألإرهاب على اقتصاديات الدول
- الجريمة الدولية
- الشركات العابرة الحدود الوطنية
- حقوق الانسان وإعادة النظر في الاتفاقيات الدولية وميثاق الامم ...
- الدبلوماسية وتأثيرها في العلاقات الدولية
- جماعات الضغط وتأثيرها على رسم السياسة العامة للدولة
- مسؤولية القاضي الجنائي على تطبيق العقوبة
- أجهزة المحكمة الجنائية الدولية واجراءات التقاضي أمامها
- الدولة الاسلامية دولة مدنية وليست دولة ثيوقراطية
- الاسباب الكامنة وراء حالة التردي التي نعيشها
- الضمان الاجتماعي
- التكييف القانوني للجريمتين الدولية والسياسية
- الادارة الاستراتيجية
- منظمات المجتمع المدني صمام أمان للديمقراطية
- ألإمبراطورية ألامريكية إلى أين
- لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه
- التصدي للازمات وادارتها
- ألإرهاب السياسي
- الارهاب الدولي
- إشكالية مكافحة ألإرهاب


المزيد.....




- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...
- بعثة فلسطين بالأمم المتحدة: نيلنا العضوية الكاملة يحمي مسار ...
- فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف العملية الإسر ...
- اعتقال 40 فلسطينيا بالضفة وعشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
- مفوض الأونروا: موظفونا الذين اعتقلتهم إسرائيل تحدثوا عن فظائ ...
- القاهرة الإخبارية: مئات الشاحنات تستعد للدخول إلى غزة لإغاثة ...
- ممثل أبو مازن بالأمم المتحدة: الشعب الفلسطيني ضحية قرارات دو ...
- -لازاريني- يحذر من الرضوخ لطلب الاحتلال حل -الأونروا- + فيدي ...
- بن غفير يطالب بإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل -اكتظاظ السجون-! ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماجد احمد الزاملي - الحرية الفردية