جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4230 - 2013 / 9 / 29 - 01:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
... رغم أن الملائكة تصور في كل روايات الأديان بأنها كائنات غير منظورة ، إلا أن القرآن يسبغ عليها سمات وملامح " حسية " . وهكذا نقرأ في وصفهم أن لهم أجنحة : " الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله علي كل شئ قدير " ، (1:35 فاطر ) . ويحرص القرآن علي نفي صفة كانت العرب وصفت بها الملائكة ، فقالت أنهم إناث وأنهم " بنات الله " . ومن آيات نفي أنوثة الملائكة آية سورة الإسراء التي تقول : " أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما " ،
( 40:17 ) . ولكن ماذا تعني الآية بهذا النفي ؟ هل تعني أن طبيعة الملائكة مختلفة تعلو علي النوع الجنسي ، أم هي تعني أن تصور الملائكة كإناث يعني الحط من مقامهم لأن الأنوثة مقام أحط من مقام الذكورة ؟ جنح جل المفسرون ، اعتمادا علي سياق هذه الآية وآخري شبيهة ، لتفسير النفي علي أساس المفاضلة بين الأنوثة والذكورة ، وهكذا يشرح الزمخشري هذه الآية فيقول :
" ( أفأصفأكم ) خطاب للذين قالوا : ( الملائكة بنات الله ) ، والهمزة للإنكار ، يعني : أفخصكم ربكم علي وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد وهم البنون، ولم يجعل فيهم نصيبا لنفسه ، واتخذ أدونهموهي البنات ؟ وهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم وعادتكم ، فإن العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب ، ويكون أردأها وأدونها للسادات ، ( إنكم لتقولون قولا عظيما ) : بإضافتكم إليه الأولاد وهي خاصة بالأجسام ، ثم بأنكم تفضلون عليه أنفسكم ، حيث تجعلون له ما تكرهون ، ثم بأن تجعلوا الملائكة وهم أعلي خلق الله وأشرفهم أدون خلق الله وهم الإناث . " !
( الزمخشري ، الكشاف ، ج3 ، ص 521 ) . فتأملوا !!
#جابر_حسين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟