أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد دلا - الخط الأحمر الأوبامي















المزيد.....

الخط الأحمر الأوبامي


عماد دلا

الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 02:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخط الأحمر الأوبامي
لا يمكننا فهم تردد العالم " وربما إصراره على عدم التدخل " وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ إجراء عقابي ضد نظام العصابات في سوريا رغم تجاوزه لكل الخطوط الحمر إلا إذا فهمنا الاعتبارات التي انطلقت منها تلك التحذيرات وتلك الخطوط , وهذا يستوجب الإضاءة على مفهوم الخط الأحمر بشكل عام , فالخطوط الحمراء متنوعة ومختلفة باختلاف و تنوع واضعيها , لكنها تنقسم بشكل أساسي إلى قسمين , خطوط حمراء زجرية و خطوط حمراء قانونية .
الخطوط الحمراء الزجرية هي تلك التي يفرضها صاحب القوة والإرادة والسلطة على جهة أخرى لأسباب مختلفة ومتعددة , و فضاؤها غير محدد فهي توضع للأفراد كما توضع للتجمعات والمؤسسات والمنظمات ..وصولا إلى الدول , و بونها واسع يمتد من القول للأخت إن الخروج من البيت بمفردها خط أحمر ولا ينتهي عند القول بأن أمن دولة معتدية تحتل أراضي الغير خط أحمر .... أما الخطوط الحمراء القانونية فهي تلك الخطوط المفروضة بقوة القانون و بونها واسع أيضا و تطال الدول كما تطال الأفراد و التجمعات وذلك تبعا للجهة التي تفرض القانون و تبعا للجهات التي تخضع " أو المفترض أن تخضع " له قانوناً .... و الخطوط الحمراء متداخلة ومتشابكة و متغيرة حسب الزمان و المكان و الظروف الموضوعية و الاعتبارية , فما هو خط أحمر زجري هنا قد يكون خط أحمر قانوني هناك , وما هو خط أحمر زجري اليوم قد يكون خط أحمر قانوني غداً والعكس صحيح ... فدوافع ومنابع الخطوط الحمراء متعددة ومتنوعة لكنها بشكل عام نابعة من مصلحة أو ثقافة أو قيم و أخلاق واضع الخطوط , لذلك نجدها مختلفة من أسرة لأخرى ومن مجتمع لآخر ومن دولة لدولة أخرى , لكن عندما يتعلق الأمر بحياة الناس وحقوقهم و بالأخطار التي تهددهم فإن البشرية جمعاء تجتمع وتتوحد في تحديد هذه الخطوط , وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه المنظمات الدولية و قوانينها .
الفرق الأساسي بين الخطوط الحمراء الزجرية و الخطوط الحمراء القانونية يتمثل في الإجماع والمعرفة والنتيجة , فالخطوط الحمراء القانونية غالبا ما يكون عليها موافقة و إجماع أوسع واشمل من الخطوط الحمراء الزجرية كما أنها معروفة للجميع ولا تستوجب التذكير الدائم بها على عكس الخطوط الحمراء الزجرية التي تستوجب الإعلان عنها والتذكير بها و التحذير الدائم من تجاوزها , كما أن النتيجة المترتبة على تجاوز هذه الخطوط متباينة , ففي حين أن تجاوز الخطوط الحمراء القانونية يستوجب العقاب حكما وقانونا و التملص من العقاب يبدو شبه مستحيل لمن تجاوزها , فإن تجاوز الخطوط الحمراء الزجرية قد لا يؤدي بالضرورة الى معاقبة متجاوزيها ..... و كمثال تبسيطي عن الخطوط الحمراء سنطرح موضوع التدخين مثلا , فقول الأب للابن أن التدخين خط أحمر يعتبر خط أحمر زجري , بينما منع التدخين في الأماكن العامة من قبل الدولة يعتبر خط أحمر قانوني .
في حقيقة الأمر كل الخطوط الحمر التي حُذّر نظام العصابات من تجاوزها كانت خطوط حمراء قانونية , حتى أردوغان الذي بدا أن خطه الأحمر زجري و أنه لن يسمح بحماة ثانية هو في الحقيقة خط أحمر قانوني لكون القانون الدولي والمنظمات الدولية على مختلف أنواعها الحقوقية والقانونية تحرم أساسا ارتكاب مجازر بحق السكان و تحيل مرتكبيها للمحاكم الدولية , و رغم أن سجل نظام العصابات حتى من قبل انطلاق الثورة السورية بل منذ نشأته مليء بتجاوز الخطوط الحمراء القانونية وبتدميرها والدوس عليها إلا أنه كان دائما يفلت من العقاب الواجب أخلاقيا وقانونيا , و للدقة هو لم يكن يفلت من العقاب بل يمكن القول أن معاقبته لم تكن مطروحة بشكل جاد يوماً , ولم يوجد في هذا العالم من يود معاقبته بل على العكس وجد دائما من يكافئه على تلك التجاوزات و الجرائم رغم التهديدات و التحذيرات الصوتية الإعلامية التي كانت بمثابة مكافئة إضافية له, من حيث كونها شكلت غطاء مقاوما ممانعا لهذه العصابة الفاسدة .
الخط الأحمر الأوبامي و موقف المجتمع الدولي عموما أنطلق من اعتبار مجافي للحقيقة وهو أن ما يحدث في سوريا هو حرب بين طرفين ، و واقع الحال أنها حرب من نظام العصابات على شعب أعزل "على الأقل خلال الستة أشهر الأولى من عمر الثورة وهذا ما أعترف به رئيس العصابة شخصيا" , وعلى مدار ستة أشهر من المذابح والمجازر و الاعتقالات لم يتحرك العالم لوقف الكارثة أو للدفاع عن حقوق الإنسان في التظاهر والاجتماع والتعبير عن الرأي و مطالبته بحقوقه المكفولة دستوريا وقانونيا , بقي العالم صامتا و لم يتحرك حتى بالحد الأدنى للدفاع عن هيبة خطوطه الحمراء القانونية المعتمدة و تركها تداس بكل عار من قبل نظام وقّع على كثير من المعاهدات الدولية وصادق على بعضها ولم يلتزم إلا بالاعتداء على مضمونها وبنودها بما فيه الحق الأساسي وهو حق الحياة .
الثورة السورية تُركت لتذهب أو قيدت لتكون حيث يريد المجتمع الدولي و نظام العصابات ,وتنفس العالم الصعداء بعد أن أصبحت اعتباراته الكاذبة حقيقة واقعة وصار بمقدور السيد أوباما أن يضع خطوطاً حمراء حربية لا معنى لها سوى الترخيص العلني بالقتل , نعم هو كذلك وهذا ليس تجنياً على سيد البيت الأبيض ,فأنت عندما تذهب بعيدا لتذكّر بخط أحمر قانوني ناءٍ على أطراف دائرة الجريمة فهذا يعني أنك تُصرح بمسح كل الخطوط التي بداخلها
لم يكن نظام العصابات يحلم بأكثر من هذا الخط الأوبامي ولم يكن مطلوب من سيد البيت الأبيض أكثر من ذلك الاقتصاد والتحديد في الكلام فذهب في كلامه مذهب الشرع والقانون في ذكر المحرّم و الممنوع و ترك المحلّل والمباح والمسموح لعدم إمكانية الإحاطة بها جميعها , وبدل التصريح باستخدام كل صنوف الأسلحة المسموحة دوليا في حالة الحرب وتعداد أنواعها وصنوفها وأحجامها من الحربات والسكاكين إلى الطائرات والبراميل و الصواريخ البالستية مروروا بكل أنواع الأسلحة التقليدية اكتفى السيد اوباما بالتذكير بخط أحمر قانوني معروف وبديهي ولا يمكن فهم ذكره بتلك المرحلة و التأكيد عليه مراراً على أنه زجر و ردع بقدر ما هو تشجيع وتصريح "عندما يذكّر الأب الابن مرارا وتكرار بأن التدخين ممنوع في الأماكن العامة ,هو في العمق لا يردعه عن التدخين بل يمنحه رخصة للتدخين في باقي الأماكن و يشجعه على ذلك" .
النكهة الخاصة المخزية في الخط الأحمر الأوبامي أنه جاء ليحذر من استخدام الكيماوي باعتبارها من أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا فيما دمر نظام العصابات في حربه على الشعب كل ما يمكن تدميره متجاوزا بحجم الدمار ما يمكن إحداثه بأسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا , حرب نظام العصابات الفريدة في التاريخ دمرت حتى الأسس التي قام عليها تصنيف الأسلحة المحرمة دوليا , فالقانونيون والحقوقيون والخبراء الذين صنفوا الأسلحة و حرموا بعضها ليس لهم ود مع سلاح وخصومة مع سلاح آخر , فأصل التحريم يستند إلى الآثار المترتبة على استخدام هذا السلاح دون غيره , وحيث أن تحريم أسلحة الدمار الشامل ترجع إلى أن القدرة التدميرية لهذه الأسلحة واسع وشامل ومخيف و يمتد أثره زمنيا ومكانيا ليطال مقومات الحياة عامة و حياة المدنيين خصوصا فإن استخدام نظام العصابات للأسلحة التقليدية بهذا الشكل الهمجي الذي ليس فقط يطال حياة المدنيين بل هو أساسا يستهدف المدنيين ومقومات حياتهم وسبل عيشهم يعتبر جريمة حرب و جريمة ضد الإنسانية , وبهذا المعنى وهذا الواقع و استنادا إلى أصل التحريم تغدو كل أسلحة نظام العصابات في عداد أسلحة الدمار الشامل وتستوجب الوقف والمنع والعقاب .
بقي أن نذكر أن نظام العصابات قبل أن يتجاوز الخط الأحمر الأوبامي تجاوز الكثير من الخطوط الحمر المعروفة و استخدم العديد من الأسلحة التي لا تصنف كأسلحة دمار شامل لكنها محرمة دوليا لأسباب مبيّنة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومنها القنابل العنقودية و بعض أنواع الذخائر المتفجرة والألغام الفردية وكلها استخدمت عداك عن الأسلحة التقليدية و أعمال السلب والنهب والاغتصاب وحرق المحاصيل وتدمير البنى التحتية وقطع الخدمات والاعتقال و التهجير والتعذيب حتى الموت .... إنها حرب بلا خطوط وبلا ألوان , إنها حرب التدمير الشامل يا سيد أوباما , إنها حرب التدمير الشامل أيها العالم المتحضر .



#عماد_دلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية و الرأي العام العالمي
- هيئة التنسيق الوطنية و اللاءات المعكوسة
- لا للمجالس ..... نعم للمجالس
- من الشيراتون إلى سميراميس والفحوى إنقاذ الرئيس
- تحت سقف الوطن
- طب العيون والحول السياسي
- احذروا من 5 حزيران جديد
- أدونيس_دعنا نتقاسم النصوص
- الأحجية العددية في الثورة السورية
- الدساتير العربية والمادة المفقودة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد دلا - الخط الأحمر الأوبامي