أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم















المزيد.....

الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 08:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم

على إحدى الصفحات على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" إعترضني مقال منشور فيه من التهافت ما لا يقبله عقل، فرددت عليه وإنطلق حوار مؤسف مليء بالمغالطات المنطقية والتلاعب بالألفاظ.
يقول المقال: "لمن يسأل: هل هناك دليل مادّي على وجود الله؟ إذًا نحن في حاجة لدليل مادّي وإلاّ نفينا وجود الله؟ أليس كذلك؟ طيّب... بنفس الأسلوب: هل هنالك دليل مادّي على عدم وجود إله؟ نحن في حاجة لدليل مادّي وإلاّ نفينا "عدم وجوده" (نفي عدم الوجود = وجود)؟ أليس كذلك؟ أرأيت؟ هذا ليس أبدا أسلوبًا منطقيًّا... فمن يقول: أنا في حالة إلحاد حتّى تثبت لي وجود خالق، يمكن إسكاته باستعمال نفس الأسلوب: أنا في حالة إيمان بوجود خالقٍ حتّى تثبت لي عدم وجوده... أليس من الأفضل طرح المسألة بشكل مغاير؟ بما أنّ كلّ حادثة لها سبب، و نعرف أنّا نواجه في الأشكال النوعية المتطوّرة نموّاً حقّاً، أي تكاملا في وجود المادة وزيادةً نوعيةً فيه، فمن حقّنا أن نتساءل: من أين جاءت هذه الزيادة؟ وكيف ظهرت هذه الإضافة الجديدة؟ هل جاءت من المادة نفسها؟ هل يكون الأدنى سبباً لما هو أعلى منه درجة؟ طبعًا لا... فالمنطق يفرض أنّ هذه الزيادة الجديدة التي تعبّر عنها المادة من خلال تطوّرها جاءت من مصدر يتمتّع بكلّ ما تحتويه تلك الزيادة الجديدة من حياة وإحساس وفكر... أليس كذلك؟"
وكان جوابي الأوّل على هذه التخاريف كما يلي: "إذن: نفي عدم وجود الغول = وجود الغول...؟ إستدلالك ساقط منطقيا يا هذا. فنفي وجود الشيء ليس دليلا إلا على موقف شخصي من ذلك الشيء. ثم أن فكرة وجود الله خرافة يدّعي المؤمنون صحتها وبالتالي ليس من واجب من ينفي الخرافة أن يقدم شيئا لأنه لم يزعم شيئا. المنطق يقول: البينة على من إدعى. فمن المدّعي هنا؟ المؤمن بالخرافة أم من ينفيها؟ المؤمن طبعا. لذلك فإدعاء وجود شيء ما يتطلب تقديم دليل وإلا أصبح الإدعاء كاذبا. وبما أنه لا أحد رآى الغول فعلى من يدعي وجوده تقديم الدليل. ضع ربّك في مكان الغول. إذن على المؤمن أن يقدم دليلا قاطعا منطقيا وماديا على وجود ربه، وإلا فربّه سيبقى مثل الغول مجرد خرافة."
أجابني صاحب المقال كما يلي: "جميل... سؤال مهمّ: إذا أثبتّ لك ماديّا أنّ الله موجود وتقتنع بذلك... ستؤمن بوجوده آنذاك؟ أرجوك إجابة واضحة: نعم أم لا؟" فأجبته أنّي أريد دليلا "منطقيا ومادّيّا وليس مادّيّا فقط ونصحته بتحاشى الإستدلالات المنطقيّة المعتادة المبنية على السّببية وغيرها من قبيل: "لا بد للكون من صانع أو خالق" أو "هل ترى عقلك؟" لأنها مغالطات منطقية مفضوحة ولا تثبت إلاّ عجز قائلها. فأجابني إجابة في نفس السّياق وإستعمل ما نصحته بالإبتعاد عنه. كان جوابه كالآتي: "رائع. إذًا أنت رافض لفكرة الإله، فقط لأنّك لم تتوصّل بعدُ إلى إقرارها مادّيا. أنت إنسان قرّر عدم توكيل غيره في البحث عن حقيقة الكون! أليس كذلك؟ إذًا سؤالك من الأساس مغلوط... ما يجب أن يطرح هو التّالي: لدينا مادّة موجودة متكاملة... هذه المادة شهدت (و تشهد) تطورا و زيادة مسمرّين... المنطق يفرض أنّ هذه الزيادة الجديدة التي تعبّر عنها المادة من خلال تطوّرها جاءت من مصدر يتمتّع بكلّ ما تحتويه تلك الزيادة الجديدة من حياة وإحساس وفكر... أليس كذلك؟ من أين جاءت هذه الزيادة إذًا؟ مستحيل أن تكون من المادة نفسها... ألا تلاحظ معي أنّ فرضيّة خالقٍ للكون تطرح نفسها هنا تلقائيًّا؟ ورجاءً رجاءً لا تخلط الأمور... ركّز مع طرحي (الخالق فقط!! لم أتكلّم لا عن إله يعبد!!)"
كان من الضروري أن أجيبه وأن أبيّن له أنّ كلّ ما قاله لا يعدو أن يكون سوى تلاعبا لا فائدة منه وإعادة لمنطق مغالط طالما فضح نفسه بنفسه. وقد كان جوابي كما يلي:
"طبّق نفس منطقك المتهافت على ربّك. هذا ما حذّرتك منه ولكنّك لا تعرف إلا الترديد الببغاوي لمغالطات فارغة تدّعي المنطق وهي الأبعد عنه. قلت لك أن تتحاشى الإستدلالات المبنية على السّببيّة، لماذا حسب رأيك؟ لأنّك عندما تنتهج منطقا معيّنا يجب أن تطبّقه في كل نواحي الموضوع وفي جميع جزئيّاته. طيّب، سأوضّح لك الأمر. ماهي الأطراف الموجودة في إستدلالك أنت؟
1) المادّة (أو الكون أو العالم أو ما تريد من الموجودات المادّيّة التي نلاحظها سواء بالعين المجرّدة أو بالآلات كالميكروسكوب والتلسكوب)،
2) الله (سواء سمّيته خالقا أو ربّا أو صانعا أو مسبّبا فهذا ليس مهما).
أنت طبّقت السّببيّة على المادّة فإستنتجت أنّها لا يمكن أن توجد من دون مسبّب، وإفترضت أنّ هذا المسبّب موجود وله القدرة على إحداث هذه المادة...
طيّب. طبّق نفس مبدأ السّببيّة على هذا المسبّب (الله). ألا يفترض وجود الله وجود كائن أقوى منه وقادر على إحداثه؟
إن كان جوابك بنعم فأنت تًعدم فكرة الألوهية وتعدم إستدلالك من أساسه. لماذا؟ لأنك ستجد نفسك أمام إله يجب تفسير وجوده وكيفيتها وإله أقوى منه يجب أن تفسّر وجوده وتعطي أدلة على قدرته على خلق الإله الأول وإله ثالث يجب أن تفسّر وجوده وتعطي أدلة على قدرته على خلق إله ثان كان سببا في خلق إله آخر، إلخ. أنت هنا أمام سلالات من الآلهة، وهذا ينفي وحدانية الله في المفهوم الإبراهيمي وفي معظم الديانات الأخرى وتعدّد الآلهة يتطلب تفسيرات أكبر فأكبر وأكثر تعقيدا من التفسير المطلوب لوجود إله واحد (هذا دون أن نذكّرك بأنّ تفسير وجود هذا الإله الوحيد شكّل ويشكّل معضلة لا حلّ لها لدى المؤمنين به فما بالك إذا تعددت الآلهة وإنتشرت، بحسب قانون السّببيّة، عموديّا). وهذا ينفي أيضا فكرة الله القدير القادر على كل شيء العالم بكل شيء، إلخ. فليس من المنطق أن يخلق إله مّا إلها آخرا أقوى منه، لأنّه سيحلّ مكانه. فبالضّرورة، الخالق سيخلق مخلوقا أقل منه في القدرات لكي يضمن ألاّ ينقلب عليه ويتمرّد وينهي وجوده فتصحّ فيه القولة "إنقلب السّحر على السّاحر". ثمّ أنّ أيّ إله لا يستطيع أن يخلق شيئا ويعطيه من القدرات ما لا يملكه هو نفسه، وبالتالي فالمخلوق سيكون بطبيعته ناقصا. إذن، فالنتيجة أنّ الرّبّ النهائي الذي يعبده المؤمن (والذي يمثّل عندنا في هذا التوضيح نهاية السلالة الإلهيّة) هو إله ناقص بالنسبة لربّه والذي هو أيضا ناقص بالنسبة للرّب الذي يليه في الترتيب تصاعديّا. النتيجة الثالثة: إثبات خطأ المقولة القرآنيّة "لم يلد ولم يولد" لأنّه (بغض النظر عن المعنى اللغوي لفعل الولادة في إرتباطه بالكائنات الحيّة التي نعرفها) هو نفسه نتيجة خلق، وبالتالي فإدعاؤه أنّه لا وجود لكائن آخر لا قبله ولا بعده أصبح كذبة.
أمّا إن كان جوابك بلا، فستجد نفسك قد حطّمت إستدلالك السابق بيديك. لماذا؟ لأنّك تدّعي أنّ العالم يخضع لمبدأ السّببيّة وتنفي أن يكون من تزعم أنّه خلق العالم هو أيضا خاضعا لنفس المبدأ. إذن، فأنت تستعمل مكيالين مختلفين لشيئين تدّعي أنّهما مرتبطان ببعضهما. وإستعمال مكيالين في المنطق دليل على عدم وجود حجّة وعلى محاولة يائسة للإقناع بالتلاعب بالمعطيات...
ها قد تحطّم إستدلالك من أساسه ومن الجهتين."
وهذا هو الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم.







#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين في التحليل النفسي
- كريستوفر هيتشنز يتحدّث عن -الإسلاموفاشيّة- أو -الفاشيّة الإس ...
- في تفاهة إستعمال المسلمين لحجّة العدد لإثبات صحّة الإسلام
- الإسلام والجهل المقدّس
- مركّب النّقص عند المسلمين والبحث عن مصداقيّة للإسلام لدى الأ ...
- عملا بمبدأ من فمك أدينك: هذا إعتراف أحد الدّعاة المسلمين بأن ...
- حديث عن الله والذّباب وأشياء أخرى
- التّكفير والقتل والإرهاب كوسيلة للإقناع في الموروث الإسلامي
- الرّأي المبين في تفاهة تجّار الدّين – -نوفل سلامة- أنموذجا
- نموذج من ثقافة المرأة-السّلعة في تفكير شيوخ النّكاح
- من إكتشافاتي الرّائعة على الموقع: الصديقة -منية زرّاع- من تو ...
- ردّ على تعليقات الزّائر صالح الوادعي على المقال -شذرات من وح ...
- أمثلة من فتاوى شيوخ النّكاح والإرهاب - ما حكم لعن الكفار من ...
- شذرات من وحي الخاطر - حول شروط نقد الإرهاب
- إزدواجية المعايير عند المسلمين
- عندما يصبح الحمار داعية والبغل دكتورا في كلّ العلوم
- ردود سريعة على تعليقات الأصدقاء حول المقال -ردّ موجز على الم ...
- ردّ موجز على المقال المتهافت -مالك بارودي اثبت لنا ان الله غ ...
- الدّر المكنون في مختارات من فتاوى الشّيخ صالح بن طالح عبد ال ...
- نفحات عطرة من سيرة وأحاديث رسول الإلحاد عبد الله القصيمي صلّ ...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - الدّليل على تفاهة إستعمال مبدأ السّببيّة لإثبات وجود الإله المزعوم