أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - ((مشروع الخراب الكبير)) من مناطق النفوذ إلى مناطق الأستثمار المباشر!















المزيد.....

((مشروع الخراب الكبير)) من مناطق النفوذ إلى مناطق الأستثمار المباشر!


نبيل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشروع الشرق الأوسط الكبير، هو ترتيبات جديدة للمنطقة ينسخ ترتيبات ((سايكس– بيكو))، التي صاغت المنطقة كمناطق نفوذ وفق نموذج ((الدولة الوطنية)), واللذي قادته بريطانيا العظمى وفرنسا بصورة أساسية, حيث كانتا تتصدران السيطرة والتحكم بالمنطقة, في عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى. بعد الحرب العالمية الثانية وبعد ما تعرضت له الدول المشاركة فيها من انهاك وما تكبدته من خسائر، وتنامي الوعي الوطني التحرري في الدول المتشكلة حديثاً، وبروز ((حركات التحرر الوطني)) مدعومة من المنظومة السوفييتة الأشتراكية, دخلت تحويرات جوهرية على هذا النموذج, تمثل في محاولة استكمال الأستقلال وتأكيد السيادة الوطنية. لكن القوى السياسية التي قادت تلك المرحلة لم تستطع النهوض بهذه المهمة بشكل ناجز, لأبتعادها عن المنهج الجذري الذي يحررها فعلياً على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي, حيث ظلت تابعة أقتصاديا وثقافيا للمراكز التي رسمت خرائط ((سايكس- بيكو)), مما أفقد دول المنطقة فرصتها التاريخية لبناء وتحديث مجتمعاتها بالشكل الحداثي الكامل فظلت في منطقة ((المابين)) نموذجا واضحا للحداثة الهشة، والذي تجلى سياسيا في صيغة حركة عدم الانحياز. وظلّ الأمر كذلك طيلة الحقبة التي اصطلح على تسميتها بالحرب الباردة، وعقب انتهاء هذه الحقبة برز دور الولايات المتحدة الأميركية, كقوة مهيمنة وحيدة في العالم, مما استتبع ضرورة صياغة ترتيبات جديدة وفق رؤية جديدة, تبلور بقيام نظام دولي جديد, ترافق مع السياسات الاقتصادية الجديدة التي اقترنت باسمي ريغان- تاتشر. حيث أطلق العنان للشركات الكبرى للأفلات من الأعباء المكلفة بتنازلها عن جزء من ارباحها لتمويل دول ((الرفاه))، فشرعت الرساميل بالتملص من حدود الدولة الوطنية، واللجوء إلى ما بات يُعرف ب((الملاذات الضريبية)) التي هي في حقيقتها ملاذات لاضريبية. والبحث عن مناطق أستثمار غير خاضعة لشروط دولة الرفاه التي تحققت وترسّخت عبر نضال طويل في الدول الصناعية المتقدمة.

للمرء أن يتمنى ما يتمنى, ولكن ليس عليه أن يتوقع إلاّ وفق الأستدلال العقلي. فتجار الدم وصعاليك الفكر ماضون، وبحزم, بفوضاهم الخلاقة, في تأثيث بلداننا لكي تصبح ((بيئة صالحة للأستثمار))! وفق الشروط التي تحقق للرساميل المهاجرة من المراكز الصناعية التقليدية, اقصى قدر من الأرباح على حساب البنى التحتية للمناطق التي تحلّ فيها, وباستنفاذ قوة العمل البشرية بشروط عمل تعود إلى بدايات صعود النظام الراسمالي, أي باستخلاص أقصى فائض من عمليات الأنتاج على حساب مستوى معيشة متدني وغير لائق بالحياة الحديثة للعاملين.

إن العالم اليوم في طريقه, بحكم سيطرة وسطوة الشركات الكبرى, إلى تقويض الدول الوطنية الرخوة في المناطق التي لم تشهد تحولات تنموية حقيقية, إنْ على المستوى الأقتصادي أو الأجتماعي وتخلف الوعي العلمي والثقافي الحديث للأفراد, مما يجعل هذه المناطق عرضة للأضطرابات والصراعات العنيفة, بعد أن تزعزعت أقتصاداتها المحلية الطبيعية بحكم ارتباطها بالأقتصاد الصناعي المتقدم. هذا الأمر خلّف قوة عمل معطلة ومتكدسة في المدن, وقد تحولت إلى جيوش احتياطية للصراعات والنزاعات الأهلية, مادام هناك من يموّل هذه النشاطات ويغذّيها مالياً وأيديولوجياً ويمدها بالسلاح والتدريب. إن النواة الصلبة لكل دولة بالمعنى الحديث هي المؤسسات المحتكرة لوسائل العنف, من جيش وشرطة وقوى أمنية, وعندما يتم منافسة هذه المؤسسات التقليدية, بجماعات مسلحة ومليشيات (أي ما يشبه خصصة مؤسسات العنف التقليدية) ممولة جيداً وتعمل بغطاء فكري وايديولوجي متعصب وضيق, فأن دولة بهذا الوضع ماضية بلا ريب إلى الأنهيار، وأعادة تشكيلها وصياغتها وفق رؤى جديدة. هي على الأغلب خلق كيانات ما دون الدولة, وبأيديولوجيات إثنية وعرقية ودينية ومذهبية ضيقة, تجعل من هذه الكيانات الجديدة في وضع أضعف بكثير من دولة وطنية مركزية متحكمة بكل النشاطات الأقتصادية والأجتماعية, مما يجعلها في وضع قابل للأحتواء والتحكم من قبل الشركات الكبرى, التي تمنّي نفسها باستثمار طويل الأمد في هذه المنطقة الثرية بالطاقة وبالقوى البشرية.

وهنا يكون العائق الأكبر لتحقيق هذا, هو مدى قوة وتماسك المؤسسات التقليدية للدولة, فكلما كانت قوية اكثر زادت فرص أستمرار الصراع لفترات زمنية طويلة. وقد كان الفرق واضحا في الحالة الليبية التي لم تستغرق زمنا طويلا, والحالة السورية حيث يمتد ويطول الصراع. وفي كل الحالات لا يحسم الأمر سوى تدخل عسكري خارجي. إنّ إطالة الصراع في سوريا كان نتيجة التوجس من هيمنة جماعات متطرفة وخارجة عن السيطرة في الحالات التي سبقتها. مما جعل الدول الكبرى تعزف عن حسم الأمر سريعاً, فأطالة الصراع يؤدي إلى نتيجة أكيدة, وهي أنهاك وأضعاف كافة أطراف الصراع, ويحولها إلى قوى ضعيفة ومنهكة حتى لو تسلمت السلطة في هذه البلدان, مما يسهّل السيطرة والتحكم بها لاحقاً. أما الأسراع حدّ التعجل في الحالة السورية مؤخراً, جاء نتيجة تطور غير محسوب وغير متحكم به في المنطقة, مما بدا وكأنه تهديد جدي وخطير لمشروع الشرق الأوسط الكبير الأميركي في المنطقة. هذا التطور تمثّل بتدخل مؤسسة عريقة وقوية, هي الجيش المصري, لانهاء سلطة ((الأخوان المسلمين)) بمصر, فلو تُركت أمور المنطقة لحالها فأن تأثير هذا التطور سيكون دافعا وحافزا قويا لدول المنطقة لأجهاض مشروع الشرق الأوسط الكبير. ((هكذا نفهم تلك الحركة الدؤوبة والرسل والرسائل التي باتت تنهال على مصر بعد تحركها الأخير ضد سلطة ((الاخوان المسلمين))، وهو التحرك الذي أربك الاستراتيجية الاميركية وأحرج ترتيباتها لتحقيق مشروع ((الشرق الاوسط الكبير)). وللمرء أنْ يتوقع عدم استسلام الادارة الاميركية لهذا التعثر الذي أصاب جهودها في المنطقة، وليس مستغربا أن تلجأ إلى سياسة البدائل المتاحة لهذه الخسارة التي منيت بها بمصر، والجبهة المرشحة لتعويض هذه الخسارة هي سوريا التي سيجري الضغط عليها ومحاولة احراز انجاز ما فيها، وهنا ستتجه نحو خيار الانخراط مباشرة عسكريا في الصراع الدائر هناك)) (1). والتطور الآخر كان احراز النظام السوري, مؤخرا, لمكاسب على الأرض باتجاه حسم الصراع لصالحه, وهذا ما يجعل مصممي مشروع الشرق الأوسط الكبير في مأزق حقيقي, فخسارة مصر ثم سوربا يمثل أخفاقا كاملا لمشروعهم, فكان لابد من التحرك سريعا والذهاب إلى قرار التدخل العسكري المباشر في الصراع السوري.

إن التعجل الأميركي والقرار الذي أعلنه أوباما أخيراً بتوجيه ضربة ((محدودة!)) للنظام السوري, وكأن قرارات الحرب خاضعة للتحكم والسيطرة, فكم من تدخل وتحرك محدود أفضى إلى صراع طويل وواسع, سيؤدي إلى تداعيات بالغة الخطورة في المنطقة من الصعب التنبؤ بعواقبها ونتائجها. بالكلمات التالية التي صفق لها البعض كثيرا, واحتفى بها الكثيرون وكأن تغيير الرؤساء في البلدان الكبرى سيؤدي إلى تغيير السياسات الأساسية والجوهرية وإغفال حسابات المصالح، في خطاب القاهرة الشهير للرئيس الأميركي أوباما بتاريخ الرابع من يونيو 2009 تحت عنوان (بداية جديدة)- (A New Beginning)، قال أوباما: ((أسمحو لي أيضا أن أتطرق إلى موضوع العراق. لقد اختلف الوضع هناك عن الوضع في أفغانستان حيث وقع القرار بحرب العراق بصفة اختيارية مما أثار خلافات شديدة سواء في بلدي أو في الخارج. ورغم اعتقادي بأن الشعب العراقي في نهاية المطاف هو الطرف الكاسب في معادلة التخلص من الطاغية صدام حسين إلا أنني أعتقد أيضا أن أحداث العراق قد ذكرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية لتسوية مشاكلنا كلما كان ذلك ممكنا. وفي الحقيقة فأننا نستذكر كلمات أحد كبار رؤساننا توماس جيفرسون الذي قال "أنني أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوتنا وأن تعلمنا هذه الحكمة درسا مفاده أن القوة ستزداد عظمة كلما قل استخدامها" ... اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح واقول ما يلي.. لا يمكن لأية دولة ولا ينبغي على أية دولة أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى. ))!!! ولكن الحكمة تفر, دائما, عندما تحضر المصلحة. فهل انصت الرئيس لصوت الحكمة؟ وهل التزم بما قاله ووعد به؟ إن وعود الرؤساء الأخلاقية, غالبا, ما يتم نقضها عند ممارسة السلطة. فالرئيس أوباما في يوم السبت 31/8/2013 قال إنه "سوف يسعى للحصول على تفويض من ممثلي الشعب الأميركي في الكونغرس قبل توجيه ضربة عسكرية لسوريا", وأوضح أوباما أن المسألة ستطرح للنقاش والتصويت في الكونغرس, قبل إقرار " ضربة لن تكون مفتوحة أو طويلة الأمد ولن تشارك بها قوات برية".

كلما نظرت إلى هذا العالم بصراعاته الدامية ومآسيه, وتأملت في أقوال وأفعال من يحكمونه ويديرون شؤون شعوبه بكثير من الأستخفاف واللامبالاة بمصائر البشر وآلامهم، تذكرت كلمات الشاعر سان جون بيرس: (( وكان الشرف يتهرّب من أنصع الجباه شهرة ))!
5/9/2013
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نبيل محمود, البحث عن البطل!, الحوار المتمدن العدد 4197– 27/8/2013 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=375198



#نبيل_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن البطل !
- مهارة انتاج الآثام !
- حديقة النجوم
- الرسالة المصرية
- رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..
- عصف الأشواق
- عَشَرات
- جدل الشوق والشقاء
- بعد البحر دخلنا الدغل
- ديمقراطية الميادين!
- صروح وجروح
- الموت السعيد!
- مأزق الربيع العربي
- شجرة التوت
- فائض القهر
- الخيول الحمر
- ما فضّ عشقكَ مثل شِعركَ
- بغداد
- أنتِ والمطرُ
- حُلُمٌ يمصّ حَلَمَةَ الليل


المزيد.....




- أسير إسرائيلي لدى حماس يوجه رسالة لحكومة نتنياهو وهو يبكي وي ...
- بسبب منع نشاطات مؤيدة لفلسطين.. طلاب أمريكيون يرفعون دعوى قض ...
- بلينكن يزور السعودية لمناقشة الوضع في غزة مع شركاء إقليميين ...
- العراق.. جريمة بشعة تهز محافظة نينوى والداخلية تكشف التفاصيل ...
- البرلمان العراقي يصوت على قانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي ...
- مصر.. شهادات تكشف تفاصيل صادمة عن حياة مواطن ارتكب جريمة هزت ...
- المرشحة لمنصب نائب الرئيس الأمريكي تثير جدلا بما ذكرته حول ت ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو روسيا إلى التراجع عن قرار نقل إدارة شر ...
- وزير الزراعة المصري يبحث برفقة سفير بيلاروس لدى القاهرة ملفا ...
- مظاهرات حاشدة في تل أبيب مناهضة للحكومة ومطالبة بانتخابات مب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - ((مشروع الخراب الكبير)) من مناطق النفوذ إلى مناطق الأستثمار المباشر!