أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة على تأويل الخطاب ( حوارات في جهود المفكر يحيى محمد الفلسفية والمنهاجية ) 11















المزيد.....


اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة على تأويل الخطاب ( حوارات في جهود المفكر يحيى محمد الفلسفية والمنهاجية ) 11


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 17:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اثريات
نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة على تأويل الخطاب
( حوارات في جهود المفكر يحيى محمد الفلسفية والمنهاجية )
11
[email protected]

الحضارة الاسلامية مارست الهيمنة، لكنها لم تتخل عن دعوتها الانقياد تحت طاعة حق
الله


الأوربيين منذ عصر النهضه واحياء التراث الادبي والفلسفي اليوناني اجروا عملية نقد للعقل اليوناني قبل بناء الموضوع الخارجي (للحضارة الغربية ) نحن ماذا نفعل كمجتمعات اسلامية هل نقوم باحياء التراث الفكري والسياسي والفلسفي للحضارة الاسلامية ونقدة قبل بناء الموضوع الخارجي ، ماهي الادوات للبناء ، باي ادوات ننقد العقل الاسلامي ؟ يحيى محمد يجيب على تساءلاتنا في حوار طويل ومتشعب : لا بد من النقد ابتداءاً ثم البناء، فسلطة تراثنا الاسلامي مازالت قوية جداً لا تدع مجالاً للترك والاهمال. وبالتالي فالنقد لا بد من ان يكون عبر العقل الاسلامي ذاته، وهو اشمل من العقل التراثي، حتى لا يقال انك تنقد العقل التراثي بعقل مثله، او تنقد التراث بالتراث.. كما لا يقال انك تنقد العقل التراثي بعقل اخر غير اسلامي. فحضور العقل الاسلامي في نقده لذاته ضرورة ملحة واصيلة. ا

فكرة الغلاة
-;- لماذا تم اسطره (الامامه) في الفكر الشيعي وتصعيده من الواقع إلى الميتا - واقع ؟

- كان للصراع السياسي الدور الكبير في هذا التصعيد خلال الخلافتين الاموية والعباسية، وفي هذه الفترة كان المغالون يركزون على وجود اشخاص معينيين يضفون عليهم الوصف المغالي، فهناك شريحة كبيرة من الاتباع تعتقد بان الامامة تتضمن ابعاداً مغالية وحاضرة في اشخاص مازالوا احياء، وهم بحاجة الى مثل هذا التصور امام الخصوم. فقد كانت الفكرة المغالية فاعلة ومؤثرة في الذهنية الشيعية، ولها دور في الصراع السياسي. لكن بعد ذهاب الائمة لم يعد للتوظيف السياسي مبرر، لذلك تمثل الدور الباقي من توظيف الامامة في الحفاظ على وحدة الكيان الشيعي من خلال الاكتفاء بالمحاججات الكلامية. ومع انه خلال فترة الائمة كانت هناك بعض المحاججات التي وظفت فيها هذه الفكرة، الا انه بعد غيابهم اصبح التوظيف لها مثالياً لا يستند الى واقع، طالما فقدت رصيدها السياسي بعد هذا الغياب، ولم يعد لها فائدة اكثر من الحفاظ على وحدة المجتمع الشيعي. وحديثاً اخذت هذه الاحتجاجات القائمة على التوظيف المذكور تفقد شيئاً من اعتبارها بعدما راجت فكرة ولاية الفقيه المطلقة. فمع هذه الفكرة الجديدة والتي انزلت الشيعة من البرج السماوي الى الارض، غابت الاسس التي كان يُعتمد عليها في الجدل مع الخصم لدى الكتب الكلامية. بمعنى انه اذا كان لعلم الكلام الشيعي دور التحكم في الفقه، كما يظهر حول القضايا السياسية، فان العكس اصبح السائد فيما بعد. فبفضل ولاية الفقيه المطلقة اصبح الفقه حاكماً على الكلام في هذه الناحية من دون عكس.
وبالتالي هناك مراحل ثلاث لتوظيف فكرة الامامة لدى الشيعة عبر التاريخ كالتالي:
- مرحلة التوظيف السياسي، وهي التي سادت خلال فترة حياة الائمة، اذ كان الغرض من فكرة الامامة هو الاستحواذ على السلطة السياسية. وكانت اولى الفرق التي سعت لهذا الدور هي الكيسانية.

- مرحلة الحفاظ على الكيان الشيعي، وهي التي سادت خلال فترة ذهاب الائمة في عصر ما يعرف بالغيبة، ففيها تم توظيف الفكرة السابقة للحفاظ على وحدة الكيان الشيعي فحسب، وكان السبيل لذلك هو المحاججات الكلامية بعد افراغها من التوظيف السياسي.

- مرحلة الالتفاف والنزول الى الواقع، وهي مرحلة حديثة استبدلت فيها الامامة السياسية بفكرة ولاية الفقيه عبر الالتفاف على الاولى.


تطور العصمة
-;- مسألة العصمة التي تشكل الحلقة الثانية من حيث الأهمية في الفكر الشيعي، على ضوئها تم تأسيس عصمة الأئمة ، كيف تطور هذا المفهوم في الفكر الشيعي وهل يشكل مصدر خلاف داخل الحقل الشيعي ؟

- عادة ان من ينسب العصمة للأئمة يتصف بالغلو. وقد كان اصحاب الائمة مختلفين حول هذا النحو من الوصف. فمنهم من يُتهم بالغلو والتفويض، كما منهم من يُتهم بالتقصير. وبالتالي فالنظريتان كانتا حاضريتين جنباً الى جنب. فمثلما كان هناك من يقول بعصمة الائمة وانهم يحملون العلم اللدني ولهم معاجز وكرامات، كان يخالفهم اخرون اذ يقولون بان الأئمة هم علماء ابرار ومن كمّل المؤمنين مع نفي العصمة، مثلما هو حال القميين وغيرهم، وكان من اهم الفرق الداعية لهذا الاتجاه فرقة تسمى (اليعفورية) نسبة إلى عبد الله بن أبي يعفور، وهو كوفي من أصحاب الإمام الصادق والمقرّبين إليه. كما كان ابن الجنيد – وهو استاذ الشيخ المفيد - يرى ان الأئمة يجتهدون ويعملون بالرأي، وذلك عندما وجد الأقوال المنقولة عنهم متضاربة. لكن مآل الحال هو انتصار نظرية الغلو والتفويض التي لم تنقطع الى يومنا هذا خلافاً لنظرية (العلماء الابرار)، ليس على صعيد الاعتقاد فحسب، بل حتى في الممارسات اليومية من الادعية والزيارات المتضمنة لهذا الغلو.
الولاية التكوينية
-;- ( الولاية التكوينية ) أتساءل كيف ظهرت في الحقل الشيعي ؟ من هي الفرق او العلماء القائلين بها ؟

- تعود فكرة الولاية التكوينية الى العرفاء، وهي متأثرة بالمنحى الفلسفي، اذ اُضفي على هذا المنحى ثوب ديني او مذهبي. فقد نفى الفلاسفة ان يكون تكوين العالم والتأثير فيه يأتي بطريق مباشر، فالتكوين الاساس للعالم مرهون بالعقول الفعالة، كالعقل الفعال الاخير لدى المشائين، والعقول العرضية لدى الاشراقيين، وفي كلا النظريتين هناك نفي لان يكون الله تعالى هو المباشر للتكوين، فلا بد من الوساطة. وهنا استبدل كل من عرفاء السنة والشيعة العقول المشار اليها بالشخصيات المقدسة لديهم، باعتبارها تمثل اعلى درجات الكمال، فاصبحت هذه الشخصيات عقولاً فعالة للانشاء والتكوين. فمثلما ادخل عرفاء السنة الحقيقة المحمدية كأول التعينات او المشيئة الالهية التي منها تكونت سائر الاشياء؛ قام عرفاء الشيعة بجعل اهل البيت ما يمثلون هذه المشيئة المرتبطة بخلق العالم وتكوينه، من امثال حيدر الاملي وصدر المتألهين الشيرازي، وحديثاً الامام الخميني الذي وظف لهذا الغرض رواية منسوبة لاحد الائمة تقول: (لنا مع الله حالات، هو هو ونحن نحن، وهو نحن ونحن هو). وعموم الفكرة تقول بان اهل البيت هم الذين خلقوا العالم والكون، ولهم الولاية التكوينية باطلاق. وقد صور الشيخ احمد الاحسائي بان الائمة يمثلون العلل الاربعة الارسطية المعروفة، فهم علة الخلائق وصورتها ومادتها وغايتها.

الاتجاه العقلي
-;- ما هو الاتجاه العقلي في الفكر الشيعي ؟ ما هو الاتجاه البياني في الفكر الشيعي ؟هل لهم استمر في الوجود لحد ألان ؟

- يتمثل الاتجاه العقلي في الفكر الشيعي بعلم الكلام الشيعي في صورته العقلية ضمن النظام المعياري، واهم ممثليه المفيد والمرتضى والطوسي والعلامة الحلي والمقداد السيوري وغيرهم. كما يتمثل بالتيار الفلسفي ضمن النظام الوجودي، مثلما هو الحال مع صدر المتألهين الشيرازي ونصير الدين الطوسي وملا هادي السبزواري والطباطبائي ومطهري والاشتياني وحسن زاده املي وغيرهم. اما الاتجاه البياني فهناك البيان الصرف ويتمثل بالاتجاه الاخباري، كما لدى المتقدمين ذوي النزعة التلقائية، ولدى المتأخرين اصحاب النزعة التنظيرية من امثال محمد امين الاسترابادي والحر العاملي ويوسف البحراني ونعمة الله الجزائري وحسين النوري وغيرهم.. كما يتمثل الاتجاه البياني بدائرة الفقه، اذ يغلب عليه النص والبيان حتى لدى من يعرفون بالعقليين في علم الكلام. وجميع هذه الاتجاهات مازالت حاضرة الى يومنا هذا، مع تفاوت نسبة الحضور فيما بينها. فلدى اصول الاعتقادات نجد الغلبة للاتجاه العقلي على البياني. اما لدى الفروع والفقه فالغلبة للبيان، سواء البيان الصرف كما لدى الاخبارية، او البيان النسبي كما لدى الفقهاء المجتهدين والمعبر عنهم بالاصوليين.

تنظير الحكم السياسي
-;- لماذا شكلت فكرة العصمة عائقاً أمام التنظير الفقهي للحكم السياسي؟

- ذلك ان شرط الحكم السياسي لدى الشيعة هو ان يكون الحاكم معصوماً، ولما كان الامام المعصوم غائباً طوال قرون عديدة؛ لذا اصبح الحكم السياسي معطلاً لديهم، وصار البديل عنه الانتظار والعمل بالتقية، حتى ظهرت فكرة ولاية الفقيه المطلقة لانقاذ الموقف.. وهنا اخذ لسان الفقه ينطلق في الحديث بعد صمته الطويل وهو يسمع للكلام بما يملي عليه، فيما صار الكلام ساكتاً لا ينطق بشيء!

حضارات العالم
-;- تتحدث عن ثلاث حضارات هي الحضارة اليونانية او الحضارة الفرعو – اليونانية والحضارة الإسلامية والحضارة الغربية ، ما هي الرؤية (الفلسفية والإشكالية ) التي قدمتها تلك الحضارات للعالم ؟

- اذا ما عرفنا بأن مباحث الفلسفة تنقسم الى ثلاثة، هي المعرفة والوجود والقيم، فان الاشكالية التي استقطبت اهتمام الحضارة الاولى تتعلق بالوجود. وبالتالي هناك رؤية فلسفية واضحة اتجاه هذا المبحث. اذ كان هم هذه الحضارة هو كشف اسرار الوجود بالمعنى الميتافيزيقي، وهو البحث عن الوجود العام لغرض كشف اسراره الميتافيزيقية الخفية. فمن الاشكالية الوجودية تعدى الزحف الى الاشكاليتين الاخريين، اي اشكالية المعرفة والقيم. في حين ذهبت الحضارة الغربية الحديثة الى الاهتمام بمبحث المعرفة، ومن ذلك نقد المعرفة ذاتها وتقويمها. واول ما ظهر هذا الاهتمام بداية ما يعرف بالنهضة خلال القرن السابع عشر الميلادي. وكان ديكارت وفرانسيس بيكون هما اول من ارسى دعائم هذا التوجه القائم على المبحث المذكور؛ بغية التوصل الى المعارف الدقيقة، وان اختلفا في الاتجاه. وقد امتد هذا الاختلاف لدى التصورات الفلسفية التالية، فبعضها كان يميل الى ما ارساه الفيلسوف الفرنسي ديكارت، فيما مال البعض الاخر الى الفيلسوف الانجليزي بيكون، في حين ظهرت محاولات للتوفيق بين الطرفين كالتي لجأ اليها عمانوئيل كانت في ثورته الفلسفية، وقد تاثر العلم المعاصر بهذه الثورة الحديثة كثيراً. وظلت الاشكالية الغربية مهتمة بمبحث المعرفة ومنها تم الزحف ليشمل الاشكاليتين الاخريين المتمثلين بالوجود والمعرفة، وكان الاهتمام الغالب في الوجود منصباً على جانبه الفيزيقي، وعلى ذلك اخذ العلم يتطور تحت التوجيه الفلسفي منذ القرن الماضي والى يومنا هذا. تبقى الحضارة الاسلامية، ويلاحظ ان ما هيمن عليها ليس مبحث الوجود كما في الحضارة الاولى، ولا مبحث المعرفة وما ارتبط بها من مبحث الوجود الفيزيقي كما في الحضارة الغربية، بل ما هيمن عليها هو مبحث القيم كما يتجلى في نظرية التكليف، فالفلسفة التي تستند اليها الحضارة الاسلامية هي فلسفة قيمية باعتبارها تستند الى المبادئ الدينية، واغلب ما يرد في هذه المبادئ هو ما يتعلق بالقيم او التكليف، ومنها تمّ التعدي الى الاشكاليتين الاخريين، اي المعرفة والوجود.وبالتالي فالفلسفة التي سادت لدى الحضارات الثلاث ليست متعارضة، بل يمكن ان يكون بعضها مكملاً للبعض الاخر على مستوى الاشكالية، لكن طبيعة ما انتجته كل واحدة منها على الصعيد الفلسفي قد تتعارض مع ما لدى غيرها.

وحدة الرؤية
-;- هل تشكل كل حضارة من تلك الحضارات ( وحدة متكاملة ، متماسكة ، أم هناك انساق حضارية متباينة ومتناقضة داخل البنية الحضارية لتلك الحضارات الثلاثة ؟

- بلا شك ليس هناك تكامل، بل هناك غلبة لبعض الانساق على البعض الاخر، وهو ما يضفي على كل حضارة اتجاهها وروحها وتوجهها. والا فكل حضارة قد تحمل في احشائها ما لدى الاخرى. فمثلاً احتضنت الحضارة الاسلامية الكثير مما لدى الحضارة اليونانية وغيرها من الحضارات القديمة، لكن كل ذلك لم يتغلب على جوهر ما كانت تفكر فيه هذه الحضارة. كذلك الحال فيما يتعلق بالحضارة الغربية الحديثة، فهي ليست مقطوعة الصلة عما قبلها، كما انها ليست ذات نسق واحد متسق، بل فيها التناقضات كما في غيرها، لكن ذلك لا يمنع من وجود الانساق الغالبة التي تضفي عليها لوناً من الروح العامة التي يمكن من خلالها ابراز الوصف المتعلق بها نسبياً.

نقطة انطلاق الحضارة الغربية
-;- في الحضارة الإسلامية ( الله ) حاضرا في الفكر والسياسية والاجتماع، مع الحضارة الغربية تم طرد (الإله ) من التاريخ الواقعي ، هل تشكل تلك الثيمة نقطة انطلاق الحضارة الغربية ؟

- لقد تم إبعاد الاله في الحضارة الغربية تدريجياً وليس دفعة واحدة. فحتى في العلم كان التدرج واضحاً، فعندما ظهرت نظرية كوبرنيك كان تفسيرها في بداية الامر بانها فرض لا يخالف المعتقد الكنسي وفلسفة ارسطو في ثبات الارض، فكل ما فعله هذا الفلكي هو انه افترض حركة الارض لتسهيل الحسابات الفلكية.. وحتى عندما اعترض غاليلو على هذا التفسير فانه مع ذلك احتفظ ببعض ما لدى الدين والاله من سلطة خارج نطاق العلم. فكان يستشهد بما قاله الكاردينال المؤرخ بارونيوس: غاية الروح القدس أن يعلّمنا كيف نذهب إلى السماء لا كيف تسير السماوات.بل اكثر من ذلك ان نيوتن رغم انه كان يوجب ان يقوم التفسير العلمي على الواقع الفيزيقي دون تجاوزه الا انه لجأ احياناً الى اقحام التفسير الميتافيزيقي وفقاً للاله وحكمته عندما كان يعجز عن التفسير العلمي.. لكن المآل ادى فيما بعد الى إبعاد الاله عن مختلف شؤون الحياة العامة رسمياً وان بقي يؤثر في الحياة بشكل غير رسمي. يبقى ان اول مؤسسة اجري فيها إبعاد الاله هي المؤسسة العلمية، ومن ثم انتقل هذا الإبعاد الى سائر المؤسسات السياسية والاجتماعية تأثراً بفلسفة الانوار خلال القرن الثامن عشر.

موقع العقل
-;- ما هو موقع العقل في تلك الحضارات الثلاث ؟

- ان طبيعة العقل مناطة بالاشكالية المهيمنة لدى كل حضارة من هذه الحضارات الثلاث. لهذا نعتبر بان لكل حضارة عقلها المميز مقارنة بما لدى غيرها. فالعقل اليوناني هو عقل وجودي ميتافيزيقي، والعقل الاسلامي هو عقل معياري ديني، اما العقل الغربي فهو عقل معرفي فيزيقي. مع اخذ اعتبار عدم وجود حواجز صلبة تمنع من تداخل هذه العقول الثلاثة، كما لا يعنى ذلك نفي العقلين الاخرين لكل حضارة، بل ما يعنينا هو الغلبة في الدور والتأثير.

الهيمنه طموح الحضارات
-;- تقول إن نمط الإشكالية بين الحضارات الثلاث يعكس اختلاف الطموح، طموح الحضارة الغربية الهيمنة والحضارة اليونانية الكمال المعرفي والحضارة الإسلامية بالانقياد تحت طاعة حق الله ، إنا أرى إن جميع الحضارات الكبرى في التاريخ بما فيها الحضارة الإسلامية كان طموحها الهيمنة والتبشير بحق الله بالقوة ؟

- لم تكن الحضارة الغربية الحديثة تعمل على التبشير الديني او الدعوة الى حق الله، بل انها اخذت تتنصل من هذا الحق لتقيم عوضاً عنه حقاً اخر يتعلق بمصلحة الانسان، بالمعنى الضيق القومي والوطني، وهو ما جعلها تطمح للهيمنة. ووفقاً لمنظور الاشكالية لدى الحضارات الثلاث فان الطموح فيها سيكون مختلفاً، حتى وان جرى ذلك تحت راية القوة والتبشير. فالحضارة الاسلامية قد مارست مثل غيرها هذا الدور، لكنها لم تتخل عن دعوتها الى ضرورة الانقياد تحت طاعة حق الله.


انتصار النظام المعياري
-;- نصل ومن خلال التنظيرات داخل النص ( مدخل الى فهم الإسلام ) ، إن النظام المعياري في الفكر الإسلامي حقق انتصاراً على النظام الوجودي ، ما هي الأسباب الكامنة خلف هذا الانتصار ؟ أم إن تنظيرات النظام الوجودي ( الفلسفة والعرفان والتصوف والعلوم الطبيعية ) كانت إنتاج نسخ مقلدة وغير أصيلة في الحضارة الإسلامية ؟

- يعود السبب الاساس هو ان النظام المعياري اكثر ارتباطاً بالدين من النظام الوجودي في حضارة تعنى بالواجب الديني.. كما ان للفقهاء سلطة روحية وعملية جعلت الشد اليهم ظاهرة تفوق غيرهم، وهم يقفون على الضد عادة من النظام الوجودي، والكثير منهم يكفر اصحاب ذلك النظام ويحرّم علومه.. فعلى الاقل كان من الصعب التوفيق بين ما ينحو اليه النظام الوجودي من حتمية صارمة، وبين نظرية التكليف التي يبشر بها الدين في علاقة العبد بربه، وهو ما جعل الانتصار حليف النظام المعياري دون الوجودي.

اسلمة المعرفة
-;- هناك مشاريع كثيرة في اسلمة المعرفة حيث يتم استرجاع بعض النظريات العلمية الى نص الخطاب أثبتت تلك العملية عقمها ، ما هي الاسباب الكامنة وراء هذه المشاريع ؟ هل هي عطالة العقل الاسلامي ؟ام تعود الى اسباب جوهرانية تتعلق بصراع بالهويات ؟

- لقد ظهرت اسلمة المعرفة في عصرنا الحديث نتيجة الاحساس بالنقص امام غلبة الاخر وتفوقه في مختلف المجالات. وكان ابطال هذا التوجه يحملون الراية القائلة: (هذه بضاعتنا ردت الينا). اذ لم يكن بالامكان انكار ما لدى الاخر من نتاج عظيم، ولا كان بالوسع منافسته في هذا الاطار، وبالتالي لم يبق الا الزعم بان ما لدى الاخر يمكن الكشف عنه بما لدينا من كتاب سماوي. وقد ساعد على ذلك مرونة النص الديني كما في القرآن الكريم. ولذلك ازداد الاهتمام بما يعبر عنه بالاعجاز العلمي في القرآن، واحياناً في الحديث النبوي ايضاً. ونشير الى انه ظهرت قديماً مثل هذه النزعة على نطاق ضيق، كالتي حملها العرفاء، الا ان اسبابها مختلفة، اذ يعتقد العرفاء ان لكل حرف من اللغة العربية معناه الوجودي؛ فكيف لا يكون القرآن حاملاً لجميع العلوم، وهو كلام الله؟!. وبالتالي فهم يبحثون عن التطابق بين كتاب الله التدويني وكتابه التكويني او الوجودي، ومن ذلك ما يذكره العارف الخميني من التناظر الحاصل بين الوجود والقرآن، اذ يمثل القرآن صفحة الوجود بأكمله.

العقل الاسلامي
-;- ان الأوربيين منذ عصر النهضه واحياء التراث الادبي والفلسفي اليوناني اجروا عملية نقد للعقل اليوناني قبل بناء الموضوع الخارجي (للحضارة الغربية ) نحن ماذا نفعل كمجتمعات اسلامية هل نقوم باحياء التراث الفكري والسياسي والفلسفي للحضارة الاسلامية ونقدة قبل بناء الموضوع الخارجي ؟ ماهي الادوات للبناء ؟ باي ادوات ننقد العقل الاسلامي ؟

- لا بد من النقد ابتداءاً ثم البناء، فسلطة تراثنا الاسلامي مازالت قوية جداً لا تدع مجالاً للترك والاهمال. وبالتالي فالنقد لا بد من ان يكون عبر العقل الاسلامي ذاته، وهو اشمل من العقل التراثي، حتى لا يقال انك تنقد العقل التراثي بعقل مثله، او تنقد التراث بالتراث.. كما لا يقال انك تنقد العقل التراثي بعقل اخر غير اسلامي. فحضور العقل الاسلامي في نقده لذاته ضرورة ملحة واصيلة.

مشاريع وايديولوجيات
-;- المشاريع التي انطلقت منذ عصر النهضة العربية ولحد الان لم تحقق أي شئ انه قرن من الهباء ؟ اين يكمن الخطاء ؟

- ربما يعود الى ان هذه المشاريع كانت مهمومة بالهم الايديولوجي ومتسرعة بالحلول العاجلة دون التدقيق في البحث الابستيمي، فهي متأثرة بالفكر الغربي، وهو ما جعلها تقدم حلولاً جاهزة دون ممارسة النقد وفق الاطر الابستيمية. وقد ساعد على فشل هذه المشاريع المعوقات المتعلقة بسلطة التراث المهيمنة على ذهنية المسلم، مع رسوخ وشيوع ظاهرة تقليد وإتباع الفقهاء ومن على شاكلتهم، لامتلاكهم رصيد الرمز الديني.. اضافة الى التأثير السياسي بفعل الحكومات المستبدة والتي لا تدع فرصة لحرية التفكير والنقد والابداع..

الحضارة الغربية
-;- الحضارة الغربية الحديثة ( رغم تحفظي على هذا المصطلح ) تتمحور حول السيادة المطلقة ، هذه الاستمرارية من عصر النهضة الاوربية ولحد الان قائمة على حجب اللغة الدينية من الظهور في الحقول اللغوية والسياسية والاقتصادية ، اولا حققت انفصال تام عن الحضارة اليونانية والحضارة الاسلامية ،حيث ظهر القانون الدستوري وحقوق الانسان البشري والدولة ، وانتقال (التكيف) من الانساق اللاهوتية الى الانساق البشرية هل تتفق مع تلك الاطروحة ؟

- تظل الحقوق البشرية مطلوبة على الدوام، وهي تحتاج الى نسق التفكير العلمي والعقلي بما يلبي حاجات البشر وتطوراتها، لكن ذلك لا ينافي بالضرورة الحقوق الالهية ضمن نسق التفكير اللاهوتي، او ما يعبر عنه بمسلك حق الطاعة، فيمكن ان يكون بينهما شيء من التداخل كالذي فصلنا الحديث عنه في كتاب (فهم الدين والواقع).


عجز الحضارة الاسلامية
-;- الحضارة الاسلامية منذ انطلاقتها الاولى كانت تعيد انتاج منتوجات حضارة الاخر ( اليوناني ، الاغريقي ، الحضارة الغربية ) وتشكلها على وفق اللغات الدينية والجمالية والاخلاقيه لماذا يستمر ذلك في النظام الثقافي والمعرفي للمجتمعات الاسلامية ؟ هل يوجد عجز في الانظمة المعرفية الاسلامية ؟

- لقد تأثرت الحضارة الاسلامية بالحضارة الاغريقية او اليونانية، وكانت الحضارة الغربية متأثرة بالحضارة الاسلامية دون عكس. فللحضارة الاسلامية اصالة عظيمة لا تنكر، مثلما ان للحضارة اليونانية اصالتها رغم تأثرها بالحضارات القديمة وعلى رأسها حضارة مصر الفرعونية. كذلك الحال مع الحضارة الغربية فهي اصيلة رغم تأثرها بما قبلها من حضارات، وبالتالي فبعضها جاء مكملاً للبعض الاخر. وما زال الباب مفتوحاً مع انفتاح العقل وقدرته على نقده لذاته. واعتقد ان ما يتطلب للعقل الاسلامي اليوم هو القيام بالمهمة الشاقة المتمثلة بنقده لذاته، ليصنع من جراء ذلك حالة تجديد الحضارة من دون توقف ولا جمود.



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة ع ...
- مجلة ثقافتنا ...... مشروع لدمج الثقافة العراقية بالحراك الفك ...
- القاتل التخيلي
- صديقي الودود انا شيوعي رغم التاريخ
- الحزب الاسلامي العراقي : الارث التاريخي ، صدام الهويات الاصو ...
- الاميركيون يسعون دوما الى عسكرة الحلول السياسية في العراق
- اعادة انتاج الحركات العلمانية مرتبط بتطور الحاضنة الفكرية وا ...
- احمد القبانجي : الاصلاح الديني معناه ايجاد قراءة بشرية للدين ...
- الباحث الكردي خالد سليمان : تعميم الفضاء المدني في المجتمع ا ...
- الايديولوجيا واليوتوبيا كمخيلة ثقافية
- الثقافة/ الهوية/ الثروة


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - اثريات ( فهم الدين ) نقض احتكار الراسمال المقدس او الهيمنة على تأويل الخطاب ( حوارات في جهود المفكر يحيى محمد الفلسفية والمنهاجية ) 11