أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - الدولة الإخوانية عمرها 500 عام!















المزيد.....

الدولة الإخوانية عمرها 500 عام!


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هكذا أطلق الفريق عبدالفتاح السيسي صيحته التي وصلت إلى عموم المصريين كمقولة عادية لم يلتفت الكثير لفحواها..قال وهو يُقسم بالله أنه سمع من الإخوان أنهم جاءوا لحُكم مصر 500 عام..وليست الغرابة في هذا الرقم الذي يُضاهي مدة حُكم أعظم دول العالم في التاريخ، ولكنه دلالة على طريقة تفكير القوم وكيفية رؤيتهم للأوضاع، فقد رأى الشعب المصري محاولات الجماعة للسيطرة على كافة مفاصل الدولة، وقد راهنوا على وزارات بعينها من أجل تشكيل عقلية جديدة للشعب المصري تأتمر بأمر المرشد وتخضع ذهنيته لأفكار سيد قطب ومجتمعه الكافر!

قلنا قبل ذلك أن الإخوان هي جماعة تراثية ماضوية تفكر بعقول الماضي ولا مكان للمستقبل بين أنسجتها الدماغية، جماعة تتشبع بحروب الماضي وكيفية نشوء الدول وسياسة الحكام في السيطرة، هذه العقلية كثيراً ما تكون منزوعة الإدراك، وقد رأينا هذا العجز عن الإدراك في إنكار تلك الجموع العظيمة والملايين المحتشدة في ميادين مصر، جميعها خرجت ضد جماعة الإخوان وثائرة على طريقة إدارتها للبلاد، والبعض منهم ثائر على الجماعة نفسها ككيان سرى وإرهابي غامض يحمل من الكذب أكثر مما يحمل من الصدق، ولا يرى بصيص الأمل إلا في قوة تُزيح هذا الخطر الذي يتهدد حياته ومستقبله.

لذلك كان من الطبيعي أن تحتشد جموع الشعب وراء الجيش الذي كان لديهم هو المنقد والقوة القادرة على إزاحة الجماعة وتحجيم خطرها على الأمن القومي، فإذ وبعد رحيل الجماعة يخرج علينا وزير الدفاع بهذه المقولة التي فضحت منهج الجماعة الماضوي ونواياها في أخونة مصر وجعلها إمارة ضمن التنظيم الدولي، وهي مقولة ذات دلالات تحمل في طياتها عُمق الأزمة لدى التراثيين بوجهِ عام، فالتُراثي يتعلق بالرواية أكثر من الحقائق الثابتة، لأن الحقائق لديه نسبية أما الرواية فهي معصومة مُطلقة، وهكذا عكسوا الحقائق وأبدلوها باطلاً بلباسٍ ديني يُخاطب مشاعر الناس ويعود بهم لبعض إشراقات الماضي.

أن تكون الجماعة على رأس السلطة 500 عام فهم بذلك يرون حُلم .."الدولة الإخوانية"..الذي سيُضاهي ملوك الدولة الأموية والعباسية وسلاطين الدولة العثمانية وأمراء وشجعان المماليك ، ولكن سيكون هذا الحلم يتزين بشكلٍ دائم بتكنولوجيا الحاضر وإبداعات المستقبل..هكذا يُفكرون ..بنفس الطريقة التي انتقدتها مراراً وتكراراً وهو أن يكون الماضي هو الأساس لبناء الحاضر، وهو تصور طفولي ساذج يعجز عن إيجاد صورة مستقبلية ولو بالجرافيت، فالتاريخ يستحيل أن يكون خطياً ولو انعدمت صورة المستقبل فلن يكون للحاضر قيمة، أما الماضي فهو الشاهد للدراسة وللاعتبار ولم يكن هو الأساس للبناء أو لتكرار النماذج والأفكار.

أثناء الكتابة عادت بي خواطري إبان تكوين الدولة التركية الشاهقة المسمّاة بالعُثمانية، وكيف كانت هذه الدولة عديمة القيمة والتأثير قبل غزوها لمصر ووضع قدم الأتراك على ضفاف النيل، وقتها غزا السلطان سليم الأول بلاد العرب.. فدحر المماليك من سوريا حتى مصر، وقد انتهى به المقال في صحراء العباسية وضرب جيوش طومان باي بالمدافع في المعركة الشهيرة.."بالريدانية"..حتى هرب طومان باي متنكراً لدى أعراب البحيرة ثم القبض عليه وإعدامه على باب زويلة..لم يفكر السلطان سليم كثيراً فشرع في بناء دولته بنفي أمراء وكُبراء المماليك والشعب الرافض للوجود التركي، ولكنه كان نفياً بطعم السياسة فلم يعدم أحداً منهم وسار بهم إلى تركيا ومعهم كبار الصناع والمَهرة في محاولة منه للارتقاء بدولته.

الشاهد في قصة طومان باي أن المقاومة ليست قاصرة على الجانب العسكري،وإلا أين كانت جهود المماليك في تطوير السلاح وزرع المعارف والوحدة بين المصريين، بل أين كان العثمانيين أنفسهم من العالَم الجديد والأمريكتين وأفريقيا الذين أصبحوا -منذ ذلك الحين- مستعمرات ودول أوروبية، أقل ما يُقال عن معارك المسلمين في سوريا ومصر- حينها- أنها كانت معارك على النفوذ والمال وليست للعلوم وللاكتشافات الجديدة، وهو الشاهد من وراء هذا المقال، أن الإخوان يبحثون عن النفوذ والسلطان كي يبنوا دولتهم المزعومة امتثالاً لرؤيتهم حول دور العثمانيين في التاريخ المسمى.."بالإسلامي"..بينما كان أجدادهم فقراء في معرفة العالَم ولم يساهموا في رؤية المستقبل.. وما غاب عن العالَم المتحضر من معارف كانت سبباً في وصول الأرض إلى ما هي عليه الآن من حضارة.

أزعم أن دولة العثمانيين لم تكن لها أن تدوم فيما لو تقدمت عصور الإصلاح والتنوير قرنين من الزمان، فشرط من شروط السيادة أن يسود العقل في تقدير الأمور وإعلاء حالات النقد ووضعها تحت المنظار، بينما ذلك يتطلب رؤية شاملة للتراث الذي يمثل لدى الإخوان أصلاً يُعتمد عليه في بناء المستقبل، وهم يتحججون لذلك بأن النقد يعني نقداً للدين ، وأن من يطالبهم بمراجعة التراث هو يطالبهم بالإلحاد، وهذا تصور ساذج لا ينم إلا عن رؤية سطحية فيما لو كانوا يعتقدون أن فهمهم للدين هو الدين نفسه، فكيف بهم يقبلون الخلاف ويتحزبون ويتفرقون في أمر الدين، بل ترى البعض يحذر من تكفير الفِرق وهو يعلم أن الخلاف في الأصول لا الفروع!

عموماً كان الشعب المصري يعرف الإخوان وهو على دراية تامة بأحوال الرجال منهم، ولكن أزعم أن هذا الشعب لا يزال عُرضة للتأثير من نفس الجانب الذي دخل منه الإخوان ..ألا وهو جانب التراث، فهو يقبل الإخوان إذا ما تحدثوا عن التراث، ولكنه لا يقبلهم إذا ما انتقلوا لمرحلة السيادة عليهم، وكأن الشعب المصري يحمل في جُعبته مخزوناً من العقل الجمعي والشعبي الرافض لجميع ملوك الأمويين والعباسيين والعثمانيين، ويرى أن تكرار تجربة الأُسَر والأحزاب لن تجر عليه سوى الويلات، وأنه يفضل أن تحكمه مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية على أن تحكمه الأحزاب والجماعات.

لذلك قلنا ومنذ زمن وبالتحديد وقت الترشح للانتخابات الرئاسية..أن الشعب المصري لن يقبل سوى بالرئيس التوافقي أو الرئيس الزعيم، سوى ذلك فسيثور على أول رئيس إذا ما افتقد لهذين الشرطين، فكان سقوط الإخوان حتمياً لتقدمهم بمرشحاً للرئاسة، ولم يكن هذا المرشح يتحصل على هذين الشرطين ، بل أقل ما يُقال عنه أنه رئيس.."مسخَرة"..كان حديث الشارع ببلاهته وضعف قواه العقلية والعصبية، وامتلأت قلوب المصريين حِنقاً عليه وكراهية بعد وضوح انتماؤه وائتماره بأمر الجماعة التي يكرهها ولا يريد لها السيطرة، فسارت الأمور في طريقين الأول هو طريق السلطة وتحضيرها .."للدولة الإخوانية".. التي ستدوم 500 عام..والثاني هو طريق الثورة والتجهيز لطرد الإخوان بعد عامٍ واحد من عمر هذه الدولة.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قناة الجزيرة ودورها في صناعة الإرهاب..
- لماذا لم أكن أرتاح للشيخ محمد حسان؟
- دين الله لا يحمله كذاب
- عقدة الاضطهاد عند الإخوان(3)
- عقدة الاضطهاد عند الإخوان(2)
- عقدة الاضطهاد عند الإخوان
- الإخوان والأمن القومي المصري دونت ميكس
- الأزمة الثقافية بعد رحيل الإخوان عن السُلطة
- درس في عدل عمر بن عبدالعزيز
- رسالة في ثنائية الإلحاد والسلفية
- رسالة في التفكير
- رسالة في الإعلام
- رسالة في السنة المُجردة
- رسالة في السياسة
- رسالة في الموسيقى
- رسالة في ثنائية القرآن والسنة
- رسالة في الخبر المتواتر
- الجيش في سيناء ولكن ليس لإسرائيل!
- المُحادّة لله وظاهرة التطرف
- نقد لفكرة(أستاذية العالم)عند جماعة الإخوان


المزيد.....




- اخترقت جدار منزل واستقرت في -غرفة نوم-.. شاهد مصير مركبة بعد ...
- مصر تعلن اعتزامها التدخل لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أ ...
- -القسام- تفجر عبوة -رعدية- بقوة إسرائيلية خاصة وتستهدف ناقلة ...
- قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس ال ...
- هولشتاين كيل يصعد للبوندسليغا للمرة الأولى في تاريخه
- البحرين تدعو للتدخل الفوري لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة ومن ...
- طلبت منه البلدية إخفاء قاربه خلف السياج.. فكان رده إبداعيا و ...
- استطلاع: نصف الأمريكيين يعتبرون الإنفاق على مساعدات أوكرانيا ...
- حاكم بيلغورود: 19 شخصا بينهم طفلان أصيبوا بالقصف الأوكراني ل ...
- مشاهد جديدة لسقوط حافلة ركاب في نهر ببطرسبورغ


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - الدولة الإخوانية عمرها 500 عام!