|
حاجز الصمت !
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 15:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حاجز الصمت ! عانى الشعب العراقي من كبت الحريات ومنع التعبير عن معارضته للأنظمة والحكومات المتعاقبة منذ ُ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 م ، ولم يلمس الحرية والديمقراطية ألا في فترات قصيرة جداً من هذا التأريخ ، فكانت الحقوق والحريات مهدورة بسبب عدم وجود دساتير دائمية ، تثبت هذه الحقوق وكذلك في الدساتير المؤقتة المتعددة التي تشير الى جزء صغير من هذه الحقوق والحريات ، وبدلاً من ذلك تعمل الأنظمة والحكومات الكتاتورية على أصدار قوانين الأحكام العرفية سيئة الصيت التي تم بموجبها محاكمة الأحرار من العراقيين ومنتسبي الأحزاب السرية والأحزاب العلنية (أن وجدت لفترة قصيرة ) وأصدار أحكام جائره بحقهم وبسبب أفكارهم أو بسبب التعبير عن مطالب الشعب في التظاهرات السلمية أو في الأحتجاجات والأعتصامات ، فكانت الحكومات تعبر عن جبروتها وانتهاك حقوق الأنسان، التي اقرتها الأمم المتحدة ضمن ميثاق الأمم المتحدة ،من خلال أجهزتها القمعية المجهزة بأحدث وسائل القمع ، لقد تعددت مسميات هذه الأجهزة منذُ كانت دائرة صغيرة الى دوائر كبيرة وبنايات ومنذُ كان أسمها الشرطة السرية الى أن أصبح أسمها الأمن ومديرية الأمن والأمن الخاص وأستخبارات الشرطة وأفواج مكافحة الشغب ....ألخ ،وقد عملت هذه الأجهزة على تجديد معلوماتها ودراسة طرق مكافحة مناضلي الشعب مع الأستفادة من الخبراء الأجانب أو أرسال عناصرها في بعثات الى الخارج للدراسة وخصوصاً في أنكلترا وأمريكا وألمانيا (الغربية) سابقاً وأستمر الأهتمام بهذه الأجهزة حتى بعد سقوط النظام السابق البائد ، لأن دوائر الأمن والشرطة وخصوصاً الأقسام السياسية تمتلك أرثاُ ضخماً في كيفية التعامل مع أبناء الشعب فيما أذا خرجوا عن طوع الحكومة . وبعد أن أصبح للبلاد دستور دائم والذي كُتب بعجالة تحت تأثيرات سياسية متعددة وبالرغم من الأعتراضات على هذا الدستور الذي لم يكن ألا نصف ديمقراطي بسبب تعظيم الطائفية والأثنية وضمان تدخل الدين من حيث التشريع وتسمية المرجعيات الدينية ألا أنه يحتوي على مواد تخص الحقوق والحريات (الباب الثاني من الدستور ) وتقرّها أضافة الى مواد دستورية تخص وتقر النظام الجمهوري النيابي( البرلماني) الديمقراطي الأتحادي والمؤسسات الدستورية (البرلمان ، المحكمة الأتحادية ، مجلس الأتحاد) ضمن السلطات الأتحادية ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) الباب الثالث من الدستور . ولكن مما يؤسف له هو عدم أمتثال السلطات لهذا الدستور وبقى النهج السابق حول خرق الدستور وعدم أحترامه فالمادة (13) من الدستور في) أولاً :-يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق ويكون ملزماً في أنحائه كافة وبدون أستثناء ). ونعود الى عنوان المقال ( حاجز الصمت ) ،وهو يعني الوقوف عند حاجز الصمت والمشاهدة وعدم التعبير بصوت عالي أو الأحتجاج عندما تحصل المخالفات الدستورية أو تلكؤ الحكومة في أدائها في نقص الخدمات وأنهاء الزراعة والصناعة والتطور التكنلوجي وكثير من المهام المعطلة أو التطاحن بين الكتل السياسية وسياسة المحاصصة والطائفية وأنتشار الفساد المالي والأداري في كل مفاصل الدولة مع عودة الرشا والمحسوبية والنفوذ ألى مستوى أعلى من القوانين والدستور وآخرها التدهور الأمني وقتل الآلاف من العراقيين فأصبح الشعب بكامله مستهدفاً من قبل قوى الأرهابيين والأرهاب ، فالأزمات السياسية وتطاحن الكتل المتنفذة أنتج الفوضى وعدم الأستقرار فالمواطن لايستطيع أن يعمل وينتج ويستمر في هذه الأجواء ، أجواء العنف والقتل . ولهذا يجب أن يتوقف التدهور الأمني وأن تنتهي الأستهانة بحقوق الأنسان من قبل الأجهزة الأمنية التي أقرت بأختراقها من قبل عناصر تعاونت ولازالت تتعاون مع أعداء الشعب والوطن . أن المسؤولية تقع على عاتق الكتل السياسية والمتنفذة في إيقاف سيل الدم ويجب أن تصارح جماهيرها والشعب العراقي عما يحصل وأن ترفع صوتها بالدفاع عن المواطن الذي يحتجز أو يعتقل بسبب خروجه في تظاهرة سلمية بالأضافة الى ذلك نقول الأنسان موقف والحزب موقف ومنظمات المجتمع المدني موقف وكل الفعاليات المدنية ويجب أن يُحدد هذا الموقف وأن يكون قائماً على الحق والعدالة وينفذ هذا الموقف بكافة الأنشطة والفعاليات المطلبية التي تعني مطالب الشعب في القضاء على الفساد وتوفير الخدمات وتشريع القوانين المعلقة والتي وضعت مشاريعها على الرفوف العالية وخاصة قانون الأحزاب . خرجت تظاهرات في مدن العراق ومنها البصرة ، والناصرية والديوانية والمثنى وبغداد ،ومدن اخرى تطالب الحكومة بأصلاح الأوضاع ومنها معالجة الوضع الأمني المتدهور ومكافحة الفساد وتوفير الكهرباء والخدمات ....ألخ وهذا يتطلب الأسراع في الأستجابة من قبل الحكومة وتنفيذ مطالب الشعب ، أن التظاهرات التي خرجت للأحتجاج على التدهور الأمني حيث أصبحت التفجيرات يومياً وقتل الناس في الشوارع وأستهداف كل شيئ من قبل الأرهابين والمليشيات ، وبالرغم من صغر حجم هذه التظاهرات فمنها يعد بالعشرات كما حصلت تظاهرة ساحة التحرير في بغداد ، ولكن تعتبر كبيرة بمعانيها وتحركها حيث أجتازت حاجز الخوف والصمت ، أن الحكومة وأجهزتها مطالبة بمحاسبة آولئك الذين أعتدوا بالضرب والأهانات على المتظاهرين بهدف منعهم من التجمع والتصدي لهم من قبل أجهزة الشرطة وأستخبارتها والفرقة الحادية عشرة من الجيش العراقي ، هذا يدلُ على مخالفة المواد الدستورية ، ولهذا فأن ما حصل في ساحة التحريرفي صباح يوم الجمعة في 2/8/2013 من الأعتداء والتجاوز وأستخدام الخدعة عندما أستد رجواعدد من ممثلي المتظاهرين بحجة كتابة مطاليبهم لأستحصال الموافقة الرسمية في التظاهر بعد مقابلة المسؤولين ولكن بدلاً من ذلك أعتقلوا في مركز شرطة باب المعظم وبعد التحقيق معهم حسب الطرق القديمة والأستفسار معهم الى أي حزب ينتمون وغيرها من الأسئلة الأستجوابية الأستفزازية ثم الطلب منهم على توقيع التعهدات بعدم تكرار ذلك ، تمّ أطلاق سراحهم بكفالة مالية بخمسمائة ألف دينار على أن يحضروا أمام القضاء في اليوم التالي للمحاكمة ، وأستمع القاضي الى دفاعهم حيث تعاطف معهم وأصدر قراره بأطلاق سراحهم دون قيد أوشرط لأن الأعتقال مخالفة للدستور والتظاهرة سلمية ، ولكن تصرف الأجهزة الأمنية حيال هذه التظاهرة سبب أحباط لدى المتظاهرين الذين كانوا يحملون الأعلام العراقية والزهور دليل على سلمية التظاهرة ، بالمقابل قامت الشرطة وجنودالفرقة 11من الجيش العراقي بضرب وأهانة المواطنين والتفاصيل كثيرة ، أن الفرقة لم يقتصر عملها الأعتداء على المتظاهرين ولكن تعدى ذلك الى الأعتداء على وسائل الأعلام والصحفيين الذين حضروا لتغطية التظاهره وأحتجاجات يقوم بها مواطنون أجتازوا حاجز الخوف والصمت ورفعوا صوتهم غاضباً بوجه الحكومة ، هذا الأجراء قامت به نفس الفرقة في شهر يناير عام 2011م، الأمر الذي أدى الى أدانة هذا العمل والأجراءات الأمنية من قبل مرصد الحريات الصحفية . كان يفترض من الشرطة والأستخبارت أن تعمل على مكافحة الأرهاب ومنع التدهور الأمني ، وألقاء القبض على السجناء الهاربين من سجني الكرخ والتاجي ، خصوصاً والأجواء تنبئ بخطورة الأوضاع الأمنية الي ستحصل بسبب المؤشر الذي قامت به السفارة الأمريكية وهو غلق السفارة في بغداد يوم الأحد مع تكرارذلك لاحقاً ، وذكرت السفارة بأن الأسباب أحترازية لأغراض الأمن والسلامة . لجنة الأمن والدفاع النيابية بينت أن غلق السفارة الأمريكية في بغداد بسبب أستلامها معلومات خطيرة عن تدهور الأوضاع الأمنية . كما دعا رئيس الوزراء السيد المالكي البلدان العربية الى التعاون لغرض مكافحة الأرهاب الذي أصبح منتشراً دولياً،أضافة الى ذلك أن أزدياد الهجمات الأرهابية بسبب التنسيق بين القاعدة وجبهة النصرة المتشددة في سوريا وبعد ذلك أعلنوا دولة العراق والشام الأسلامية ، كل هذا يحدث والحكومة تستمر بكبت الحريات التي أقرها الدستور ، ولم تصارح الشعب بما تفعله ولم تكشف كيفية أختراق أجهزتها الأمنية والأستخبارتية . أننا نستخلص أن الأوضاع أذا أستمرت بهذا الشكل فسوف تتشجع المليشيات المسلحة من الجانب الثاني نحو الأصطدام المسلح بدواعي الدفاع الطائفي ولهذا يتطلب من أبناء الشعب في تحمل المسؤولية والتعاون في مكافحة الأرهاب ، وأجتياز حاجز الخوف ورفع الصوت عالياً بوجه الأعتداءات والأساليب الأمنية القديمة . أن خروج التظاهرات السلمية المكونة من العشرات سوف تصبح مئات وألوف وملايين من المواطنين ، أذا أستمر الحال على ماهو عليه بسبب أداء الحكومة والبرلمان وأنعدام الثقة بين الكتل الحاكمة وبينهم وبين الشعب . ان العمل من أجل أصلاح الحكومة والأوضاع الأمنية يتطلب نبذ السياسة الطائفية والمحاصصة والعمل على أن تعقد جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات أجتماعات مكثفة حول مناقشة ماحصل من تدهور في الأوضاع الأمنية وأستمرار الأزمات السياسية ، وعن طرق التعامل غير الدستورية مع المتظاهرين والأعتقال الكيفي وأتباع الأسلوب المستهجن من ضرب وأهانات لهم ، أن المواطن في المشهد السياسي العراقي بحاجة الى الأحساس بالأحزاب من خلال موقفها عما حصل ويحصل ويسمع صوتها وأحتجاجها ضد مخالفة حقوق الأنسان العراقي . أن تكوين جبهة مدنية ديمقراطية فعالة تظم أحزاب ومنظمات تعمل على أقامة الدولة المدنية الديمقراطية الأتحادية وحسب الدستور سيكون الطريق السلمي نحو الأصلاح .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد تداعيات أنهيار الوضع الأمني ؟!
-
ثورة الرابع عشر من تموز ... دروس للحاضر والمستقبل !
-
تصحيح المسار!
-
تأمُلات وتساؤلات مشروعة !
-
توجهات جديدة في نهج السيد رئيس الوزراء !
-
الكتل السياسية بين الصراع الطائفي والسياسي
-
التيار الديمقراطي العراقي في مواجهة التحديات
-
الأتفاقية بين الحكومة الأتحادية وحكومة الأقليم هل تعتبر مؤشر
...
-
أحداث الحويجة تدق ناقوس الخطر !
-
الحسابات السياسية بين الحاضر والمستقبل
-
الدوران في حلقة مُفرغة !
-
سياسة الحكومة ومسؤوليتها تجاه الشعب
-
أجندات مُعلنة و أجندات مخفية !!
-
هل فقد الشعب الثقة في الحكومة والكتل السياسية ؟!
-
الأزمة السياسية مستمرة تحت دُخان الأنفجارات!
-
القوى الديمقراطية بين الأزمات السياسية والتحضير للأنتخابات
-
عام 2013 والفرح المؤجل
-
التعديل الرابع للقانونرقم 36 لسنة 2008 المعدل
-
ماذا بعد بيان السيد الرئيس ؟!
-
أحداث ساخنة وبرود حكومي !
المزيد.....
-
-ميت غالا 2025-.. ما تحتاج إلى معرفته عن أكبر ليلة في عالم ا
...
-
مجزرة كشمير.. كواليس ما يدور بذهن القيادة الباكستانية عن هجو
...
-
الأردن.. وفاة 4 أطفال بحريق سكن مسجد والأمن يكشف تفاصيل
-
بيدرسن: ندعو إسرائيل إلى وقف هجماتها على سوريا فورا وعدم تعر
...
-
محكمة أميركية تصدر حكمًا بالسجن 53 عامًا على قاتل الطفل الفل
...
-
السر المقدّس: لماذا بنى المصريون القدماء الأهرامات؟
-
بوتين يعترف بوجود -رغبة بتوجيه ضربة- لكنه يقاومها
-
الحوثيون يعلنون قصف إسرائيل: كل الأمة ستتحمل تبعات الصمت عما
...
-
أوليانوف: رفض أمريكا والاتحاد الأوروبي التوسط في الأزمة الأو
...
-
الجيش الباكستاني يعلن نجاحه في اختبار صاروخ أرض-أرض بمدى 450
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|