أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - قوة سوريا بحرية أبنائها















المزيد.....

قوة سوريا بحرية أبنائها


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


منذ أن أطلق سراح الآلاف من المعتقلين السياسيين في سوريا، وشمل العفو العديد من الملاحقين ، وعاد الكثير من المنفيين ، واستردت سوريا بعض أنفاسها الطبيعية ، والمجتمع المدني السوري الذي كان ذرر وطحن وأصبح بفعل القمع هيولى لا شكل لها ولا لون ولا طعم ، وظنت السلطة الشمولية خاطئة ،أنه أخذ لونها وطعمها، بدأ بفعل هذه التغييرات يأخذ أو يحاول أن يأخذ قوامه ، ويستعيد حيويته ، ورغم نكوص السلطة ووقوفها بوجهه مرة أخرى ، وتجميده عند تلك النقطة ، بل ومحاولة بعض أجنحتها ، وهو المهيمن حتى الآن ،العودة به القهقرى إلى ما كان عليه قبل هذه الإجراءات ، أقول منذ ذلك الحين ، وسوريا بعد كل ما فيها أفضل من العقود الماضية ، فما حصل رغم تواضعه ، أعطاها صورة أفضل بمرآة نفسها وبنظر المنطقة والعالم ، ولم ينعكس هذا الإشراق على الشعب أو المجتمع فقط ، بل على السلطة نفسها، وكان هذا بحد ذاته كافياً ، لتفهم هذه السلطة أنها يجب أن تكمل المشوار حتى نهايته ، لأنه من مصلحتها ومن مصلحة البلاد، ومن الغباء أن يضع أي مسؤول مصلحته في تعارض مع مصلحة البلاد ، لأن نجاحه سيكون مؤقتاً بالضرورة ، ومحفوفاً بالمخاطر، أو كما يقال على كف عفريت، وهذا من منظور الواقع والمصالح ، ولن نتحدث عن الوطنية والأخلاق وغير ذلك من المفاهيم التي لا تقيم لها المعادلات السياسية وزناً ، بكل أسف.
كان أفضل لسوريا بمجموعها ، شعباً وسلطة ومعارضة ، تلبية تلك الاستحقاقات التي هي ليست برسم أحد ، وإنما هي للجميع ، وليست مطلوبة من أحد معين ، وإنما من الجميع ، إنما من يعارضها فسيبرز وحيداً معزولاً ومنبوذاً ، وفي النهاية خاسراً حتى السقوط.
وهذه الاستحقاقات شأن سوري أولاً ، وهي مكالمة داخلية ، قبل 11أيلول ، لكن الاهتراء المريع في وسائل الاتصال السورية ، بفعل التدخل الفظ للدولة ، والمراقبة اللصيقة لأجهزتها المتخلفة للحياة العامة والخاصة للمجتمع والفرد ، وأوهامها بأنها قادرة على مواجهة التطور البشري والتقدم التكنولوجي ، وانعكاساته على الفرد السوري والمجتمع السوري ، هو ما وضعها ووضعنا جميعاً في هذا المأزق ، وبكل أسف وحتى الآن تقود السياسة السورية ، ما يمكن أن نسميه تشاطر وتذاكي عنصر الأمن ، أو في أحسن الأحوال ضابط المخابرات ، والوهم عينه مستمر ، ولم يفهم هذا المتذاكي ، أن اللعب مع الداخل غير اللعب مع الخارج، واللعبتان متداخلتان ، ولا يخدم أحداً اتهامه الآخر بالعلاقة مع الخارج ، فهذه طبيعة الأمور منذ وجد العالم ، ونشأت السياسة ، فكما أن للسلطة علاقاتها بالخارج أيضاً للمعارضة وللفرد السوري ، وليس لأحد في هذا الوطن أكثر من سواه ، إلا بالقهر والهيمنة والقوة، لذلك ليس من حق أحد المزايدة والادعاء بحرصه ، الذي لا يكون موجوداً إلا بتخوين من يخالفه الرأي والموقف ، ولكن يبقى الجوهري في الأمر ، والفيصل فيه هو : ما هي طبيعة هذه العلاقة مع الخارج ؟ وما هي انعكاساتها على البلاد وحياة أهلها ومستقبلهم؟.
إن المسألة داخلية أساساً ويجب أن تبقى داخلية ، وإذا حدث ما لا نتمناه ، عندئذ ستبرز هذه الحقيقة ، وهي ، كما علمتنا التجارب القريبة والبعيدة في الزمان والمكان، أكثر ما تبرز في أوج لحظات التدخل الخارجي، بدءاً من الموقف منه وانتهاء بنتائج هذا التدخل، والسلطة أكثر من غيرها تعرف ذلك ، والضابط الذي يتذاكى يعرف أن من لم يكن يعرف بات يعرف أن المسيطرين وبالقوة على مقدرات البلد ، ليسوا مهتمين إلا بامتيازاتهم المادية والمعنوية ، فهم و و سلطتهم رهن بإرادة الخارج ، ولم يصلوا ولم يبقوا ويستمروا ، لولا توافق خارجي ، وليس في هذا الكلام أي اتهام بالعمالة أو الخيانة، وإنما هذا هو منطق السياسة الدولية ، ولا حاجة للبراهين ، فكلنا يعلم أن شعبنا طوال عهود البعث وغيره، يستيقظ على البيان رقم 1 وعلى تغيير الصور والهتاف نفسه ، مع تغيير الاسم ، وحدث في محافظة طرطوس في العام 1970 أن بعض المتحمسين للحركة التصحيحية ، كان يهتف لدقائق : يعيش أمين الحافظ ، فلم يكن بعد اسم حافظ الأسد مألوفاً، وكان الذين خلفه يرددون ما يقول ، وحين جاءت المخابرات ، ونبهته ، ضرب رأسه بكفه وقال : " إي والله صحيح الله يلعن كل جحش " وحتى البعث نفسه لم يكن كله مؤيداً لتلك الحركة ، بل بمعظمه كان معارضاً لها ، حيث مات أكثر من نصف القيادة السابقة في السجن أو بعده بفترة وجيزة أو في المنفى أو اغتيالاً ....إلخ لكن هذه السلطة بالقوة والدعم أو موافقة الخارج وصلت واستمرت ، ويبدو أنها كانت منسجمة مع الإيقاع العالمي بالقدر المطلوب ، واليوم كالأمس يجب أن تصغي إلى المجتمع السوري أولاً وما يطلبه هذا المجتمع أقل بكثير مما يطلبه الخارج ، ولأغراض مختلفة جداً ، وهو حقه ويتعلق جوهرياً بحياته ومستقبله ، بينما ما يطلبه الخارج له منطق آخر ، ولكن ثمة تقاطعات هامة ويمكن لمن يريد أن يراها ، ولكن أيضاً يمكن لعين المخابرات أن تتعامى عنها ، كي ترى ما تريده ، وهو محكوم بمنطقها ، منطق العمالة والتآمر ، منطق الأنانية الضيق ، لا منطق السياسة والتطور الاجتماعي والإنساني والحرية.
عاد من كانت تعتبرهم الأجهزة خطراً على الأمن القومي ، ولم يتغير شيء ، فالفنان المنفي يرسم في الوطن ، وخرج من السجن من كان المسؤول السوري يعتبر سجنه يسهل تحرير الجولان ، أو وجوده في السجن ضمانة لعدم فقداننا حمص ، وهاهو المسكين يلملم جراحه ، والجولان مازال محتلاً ، ولم نفقد بسجنه سوى كرامتنا، نعم لقد خرج آلاف المعتقلين ولم يحدث إلا الاسترخاء والاشراقة على الوجوه ، وسافر من كان سفره بنظر الأجهزة ، سيسقط الحكم ، ولم يعد ذلك على البلاد إلا بإضافة فرصة عمل للعاطلين ، وبمزيد من العملة الصعبة ، وتكلم وكتب رأيه ، من كان صمته أو إسكاته ، بنظر الأجهزة ، سيوفر للبلاد طمأنينة من ذهب، ولم يحدث شيء مما توهمه أولئك الذين أسكتوه وكمموا فمه، وحرقوا أنفاس سلالته، واليوم لا أدري كيف سيدخل البعثيون إلى مؤتمرهم ، وهم يعدون الناس بالحرية والتغيير ، وفي سجونهم النائب والمفكر والطبيب والكاتب والمثقف ، ومنهم من كان بعثياً من رفاقهم ، ولكنه وقف مع ذاته ووجد أن حزبه بات مسخراً لسلطة المخابرات ، وانفصل عن ماضيه النضالي وأفكاره ، وصار هو وسلطته أعتى وأكثر فظاظة ، من الأنظمة التي ثار عليها ، فانسحب ولم ينتم بعد ذلك إلا إلى فكره ورأيه وذاته.
وأخيراً لندع كل المحفوظات والأفكار ، ونقول انظروا إلى الواقع والتجربة الأخيرة ، تأملوا وتصرفوا.

إن وجود سجناء رأي كعارف دليلة ورياض سيف ورفاقهما وغيرهم، لا يقنع أحداً في الداخل أو الخارج ، فمهما كانت آراؤهم مختلفة، هي إغناء وإضافة ، وفي أسوأ الأحوال لا تشكل جريمة، ووجودهم في المعتقل لا يعطي أية مصداقية لسجانيهم، وهو إهانة لجميع السوريين على اختلاف مشاربهم.
افتحوا سجونكم أيها البعثيون ، ثم أغلقوا(إذا شئتم) على أنفسكم أبواب مؤتمركم الذي يجب أن يكون مشرع الأبواب ككل سوريا عبر تاريخها العظيم.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرباء الروح
- المعارضة السورية واللا شائعات
- شرف التقليد وعار الإبداع /تحية إلى الكاتب إحسان طالب
- الدولة الدينية والدولة الحديثة
- الإصلاح في المملكة العربية السعودية
- أصغوا إلى الأغنية البحرينية
- نبيل فياض يهجر
- قاصمة الظهر
- شادي سلامتك ... ويا سيادة الرئيس
- كون آخر
- العلاقة بالآخر مرآة الذات
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري
- أشتهي... بعد
- اصح يا نايم .....كفاية
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نور الدين بدران - قوة سوريا بحرية أبنائها