رواية شيرين هنائى الأولى؛ نيكروفيليا

كيرلس سمعان شهدى

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 19:08
المحور: الادب والفن
    

نيكروفيليا هى العمل الروائى الأول للكاتبة شيرين هنائى، من الإهداء الذى وضعته شيرين لقطبىّ الرعب من وجهة نظرها ستيفن كينج ود. أحمد خالد توفيق، يجعلك تصنف روايتها بأنها رعب محض، لكن شيرين خدعتنا بمهارة وقدمت رواية اجتماعية من طراز رفيع نعم هى لم تسرد لنا قصة وقائع غريبة ونادرة لكنها تسرد قصة نفس بشرية تتعرض للقمع إلى أن تضطر تلك النفس إلى أن تمارس القمع على ذاتها، أو كما تقول شيرين "دائرة أبدية نسلخ فيها الأبرياء ليصيروا بدورهم جلادينا الذين يطهروننا من خبث أنفسنا".
كانت الرواية وجيزة جدًا وسريعة فى سرديتها ولو فكرت شيرين فعلاً فى تقديم نموذج اجتماعى للقمع وليس فقط نموذج غرائبى نادر ربما لطعّمت روايتها بمزيد من التفاصيل والأحداث، فشيرين لا توقف السرد إلا لغرض الوصف، هذا الذى كان قاصرًا على الشخوص والمكان.
إن شيرينًا تحتاج لبدء مشروع روائى بعيدًا عن فكرة الرعب والغرائبية، أكاد أزعم أنها تملك من الفكر ما يجعلها تقدم رواية إجتماعية جيدة، وطبعا ستكون مثيرة ولا شك.
الأسلوب كان رشيقًا يحتاج للصقل بعض الشئ، افتقدت الرواية للرواسم التعبيرية وحداثة النحت الأسلوبى، جاءت جافة فى بعض المشاهد التى أحتاجت لمزيد من التصوير، شعرتُ وكأن الكاتبة تخشى المشهد فتمر عليه سريعًا هى لا تشرح حالة مضاجعة بطلة الرواية منسية مع جثث الموتى، لا تقدم أى بعد لرومانطقية العلاقة بين جاسر وخطيبته من ناحية أو بينه وبين منسية من ناحية أخرى.
آليات الكتابة السردية عند شيرين مخنوقة بعض الشئ تميل لآليات القصة القصيرة أكثر منها للرواية، حداثة الفكرة ساعد شيرين كثيرًا على صناعة رواية جيدة، لكن أعتقد أنها لم تستثمر الفكرة بالشكل الأمثل.
البحث الروائى كان أهم سمة، كشف عن براعة شيرين فى فهم تفاصيل هذا المرض "النيكروفيليا"، وهو حالة زيغان نفسى تجعل المريض ينجذب إلى مضاجعة جثث الموتى وهو موجود لدى كلا الجنسين وإن كانت الأكثرية عند الذكور، لكن لم توفق شيرين فى وضع حبكة طبية حقيقية لفكرة قيام جاسر بحجز حالة منسية لإتمام رسالة الماجستير، كطبيب أثار ذلك ضحكى، ولكن أعتقد أن الجمهور العادى لن يكترث بالحقائق ومقتضيات الأمور الطبية التى أغفلتها شيرين بشدة لا أدرى عن عمد أم أنها لم تقم بواجبها جيدًا فى البحث الروائى.
والأدب العربى لم يتعرض لنموذج كهذا حسب معلوماتى بهذه الصورة المتكاملة التى قدمتها شيرين، لكن الأدب العالمى قدم أكثر من نموذج مثل رواية "طفل الرب" للأمريكى كورماك ماكرثى، وفى روايته "تحت القبة" قدم ستيفن كينج نموذج لهذا النوع من الضلالات النفسية متمثلًا فى شخصية جونيور رينى، وأخيرا الرواية التى أحتوت على أكثر من صورة لهذه الممارسات النفسية وهى رواية "هوج" لمؤلفها صمويل دلنى الذى ضرب مثال على الحالة التى يمكن للمجتمع تغيير الناس إليها، حالة من تحلل النفس البشرية.
والجدير بالذكر أن المؤلفة شيرين هنائى خريجة كلية الفنون الجميلة وصدر لها أيضا رواية "صندوق الدمى".

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل