الإخوان المتمردون وسقوط الجماعة المهيب

كيرلس سمعان شهدى

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 20:15
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

أكتشف الرجل الإخوانى بعد عام كامل مفاجأة سارة بين ليلة وضحاها وهى أن كل كم الفشل الذى حققه يمكن غض البصر عنه وإن الخطاب المستفز الذى عانى منه المجتمع المصرى كان محض حديث انزعاج وغضب الأخ على أخوه لا أكثر، وذلك فقط لأنه يرى نفسه فى موقف المظلوم الآن.
سقط حكم مرسى ليس حينما سمعت أول خطبه حيث الأسلوب المثير للشفقة والفكر الضحل وحكاوى رجل طردته زوجته للتو من الفراش فراح يشكو الجيران أنها امرأة لا يعجبها العجب، ليس حينما مررت الجماعة دستورًا به كثير من العوار وافترقت عليه القوى السياسية.
بل سقط مرسى من وجهة نظرى كحاكم لكل المصريين حينما عقد مؤتمرا فى إستاد القاهرة لنصرة سوريا، ليس بسبب هدف المؤتمر النبيل طبعًا، لأنى لا اتذكر آخر انتصار لمصر نفسها على هذا الإستاد فما بالك بانتصار لسوريا؟!! بل لأن رئيسنا المغبوط كان جالسًا منهمكا فى هش ذبابة ما تحوم حوله ويقف أمامه أحد الشيوخ يدعو "وأسأل الله عز وجل أن يجعل يوم الثلاثين من يونيو يوم عزٍ للإسلام والمسلمين وكسرٍ لشوكةٍ الكافرين والمنافقين..."
ليس رئيسًا للمصريين من يطلق علي معارضيه –وأزعم أنهم مسلمون أيضًا- كفارًا، ولا أدرى هل الغير مسلم له وصف آخر فى قاموس أولئك الشيوخ الدعوى أم أنه لا يستحق حتى وصف مشابه؟!
مرسى لم يفهم أن الجيش المصرى ليس مؤسسة عسكرية وحسب فهو يتحكم فى 20% من ثروات البلاد، ويسرد لنا المؤرخ الفرنسى هنرى لورانس ثلاث مشكلات استراتجية هى تخص الجيش الذى أقصاه مرسى من المشهد فمرسي لم يشاور الجيش حين بدأ مفاوضات مع السودان على مثلث حلايب المتنازع عليه والمطل على البحر الأحمر، والواقع تحت سيطرة الجيش المصري، أو عندما قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية. وطلبه مساعدة من قطر للحصول على قرض قيمته 7 بلايين دولار. ويحسب الجيش أن القرض يرهن قناة السويس وهي في حمايته.
والمشهد الحالى عكس ضعف التخطيط لدى الإخوان فالجماعة لم تطور آلية ناجحة- رغم تاريخها النضالى الطويل- كمؤسسة سياسية سوى الاعتصام ورفع فكرة المطالبة بالقصاص، منذ متى والدماء المراقة على أسفلت الشارع الساخن تؤثر فى بلاط الحكم البارد؟!!
فى لحظات التحول الثورى لا يأتى الإصلاح عبر عمل مطول وصبور للنظام السياسى، لكن كنتيجة للحظات تمرد وجيزة، لم تأت تلك بدورها كنتيجة لتحالفات بين حركات اجتماعية وبين قطاعات النخبة، بل كنتيجة للتأزم والضعف السياسيين الناشئين عن انقسامات فى صفوف الحكام. فلم تأت التأمينات الاجتماعية ولا الحقوق المدنية للأمريكيين السود كنتيجة لمطالبتهم بحقوقهم من خلال المؤسسات والنظم السياسية الذين حرموا من الشاركة فيها من الأساس بل ما تم اقتناصه تم اقتناصه كما يقول بيفن وكلووارد من موجة الإضرابات العمالية ومسيرات العاطلين وأحداث الشغب وحركات التمرد على نظام كان يعد الأكثر ديمقراطيةً آنذاك.
لا نستطيع الوقوف على حقيقة ما يحدث وما تم إقترافه فعلا من ظلم لأى من الأطراف لكن ما نعلمه عين اليقين أن هناك أشياء مشتركة تظهر دائمًا لمحاولة اجهاض أى حركة تمردية هى: مؤامرات من جواسيس الشرطة وحوادث تدمير الآلات ومذابح لمتظاهرين عزّل.
فالذى سيفترض أنه بعودة مرسى سيتم القصاص العادل لدم الشهداء الذين سقطوا بعد 30 يونيو، لم يأتيه الخبر بعد أن المئات سقطوا قبل هذا التاريخ وبعضهم كان فى ولاية مرسى، وهذا الأخير لم يقتص لأىٍ منهم.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل