أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياقو بلو - الغرباء يرحلون الى قبورهم بصمت














المزيد.....

الغرباء يرحلون الى قبورهم بصمت


ياقو بلو

الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 16:02
المحور: الادب والفن
    



استيقظت عند قرابة التاسعة والنصف،كان القلق من شدة مواء قطة جارتي العجوز ما زال يشغل حيزا كبيرا من انشغالاتي. ما الذي كانت تفعله تلك القطة المسكينة خارج البيت في تلك الساعة المتأخرة من الليل؟ تعودت جارتي من سنين طويلة ان تأوي الى فراشها عند العاشرة مساءً كما اخبرتني بذلك عدة مرات، ممنوع ان يتصل بها على الهاتف اي من اقاربها او اصدقائها بعد هذه الساعة من الليل. اذكر انها اخبرتني مرة والفرح يفيض من كل تقاسيم وجهها: لقد كسرت ابنتي هذا الناموس مرة واحدة قبل خمس سنوات يوم اتصلت بي عند الثانية صباحا لتبلغني ان حفيدتي المدللة ساندي رزقت بتوأم.
ماذا عليَ فعله الان؟ كل جواري ما زال غارقا بصمته، القطة السوداء بعيونها الخضر البراقة لا اراها في اي مكان، وجاري الذي يزودني بنشرة آخر اخبار الجميع كلما التقيته، هو الاخر لم اسمع صوته وهو يتحدث الى زهور حديقته كما تعود ان يفعل كل صباح، لابد ان ارضية الحديقة تشربت بالكثير من ماء المطر الذي نزل الليلة الفائتة من السماء.
حسن جدا، لأكن صبورا بعض الشيء وأؤجل قلقي على جارتي، لا بد ان اتناول بعض عصير البرتقال الطازج لينعشني، ومن ثم اشرب القهوة كي أدخن، وعند العاشرة والنصف سوف احاول ان اختلق اي سبب يقنعني كي اهاتف جارتي العجوز لاضع حدا لهذا القلق اللعين الذي يركبني منذ ليلة البارحة.
كانت جارتي ماريا ايفانوفا استاذة طب الاطفال، اضطرتها الظروف قبل سبعة عشرة سنة ان تهرب وعائلتها من وطنهم الى منفى اختارته لهم الظروف بالصدفة، كانت تتحدث عن وطنها بحميمية العشاق الصغار والدموع تسيل على خديها رغم تجاوزها الثمانين، قالت مرة:لم نكن نحتاج لنكون كروات وصرب وبوسنيين، ولا احتجنا يوما لأن نكون ارثذوكس او كاثوليك او مسلمين، كان يكفينا ان نكون يوغسلاف فقط لكي نحقق شروط المواطنة وحقوقها وواجباتها.
انها الحادية عشرة وبضع دقائق، جرس الهاتف يرن بجنون، لا احد يريد ان يرفع سماعة التلفون، لا بد ان مكروها قد حل بجارتي الجميلة ماريا. لبست ثيابي على عجل ونزلت. ما خطب ماريا؟ لماذا لا تريد ان تفتح لي الباب؟ من المستبعد جدا ان تكون نائمة حتى هذه الساعة المتأخرة من النهار، اصغيت السمع، اين هذه القطة التعيسة؟ لا اسمع دبيب مخالبها المقلمة بعناية فائقة على الارض.
تلتفتُ يمينا وشمالا، ليس هنا احد يخفف من هول الاسئلة الكئيبة التي تتقافز في خاطري بسرعة مرعبة، ليس هنا سوى صمت الابواب الموصدة. لم يبق سوى ان اطرق باب جاري العجوز، هو الوحيد الذي يمكنه ان يخرجني من زحام القلق الذي يلف رأسي.
قبل ان القي على جاري تحية الصباح ويرحب بي، ويدعوني الى شرب فنجان قهوة، بادرته بالسؤال عن ماريا. قال الرجل ببساطة شديدة:انهم نقلوا جثمانها الى ثلاجة المشفى عند الثامنة من مساء البارحة.
صعدت الى شقتي بأقدام ثقيلة جدا. لم يبق في خاطري سوى سؤال واحد: هل انتظر دوري لأرحل بصمت كما رحلت ماريا؟



#ياقو_بلو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغم الموت،نشرب قهوة الصباح
- شهادة العائد من المنفى الى بغداد
- هل يلجأ الاسلاميون في مصر يوم التمرد العظيم الى فعل ما فعل ج ...
- كنت ما اجملك يا جدتي شموني
- اليك انت دون كل حبيباتي المليون
- من وحي ربيع ثورات العرب
- اتدرون لو كان الله يدري او لا يدري؟!؟!
- وبعض النصر ما قتل
- من دفتر مذكرات امرأة آشورية
- في حضرة تذكار ذات حديث كان
- عبد الله في حضرة المدير
- ايتها السيدات والسادة نساء ورجال الدين لا احبكم
- يا ليت هذا الحضن ما كان حضن امي
- امرأة تخاصم تمنياتها البيضاء
- كم تمنيت لو...
- حكاية صغيرة من وطن الامازيق
- تعالي أحبك
- أعتذر لك سيدتي إذ خانتني الذاكرة
- رسائل حب لم تقرأها أمي
- رسالة الى صديقة مصرية


المزيد.....




- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياقو بلو - الغرباء يرحلون الى قبورهم بصمت