أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - صحوه بلدوزر














المزيد.....

صحوه بلدوزر


فراس عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


صحوه بلدوزر

كان يعمل سائقا على احدى مكائن البلدية, يمارس عمله المعتاد من الصباح للمساء ثم يستلم اجره الذي بالكاد يسد رمق عائلته الكبيرة, كان يوما اعتياديا لحين امر مدير البلدية بالتوجه لإزاله بيوت الصفيح المنتشرة على اطراف المدينة.
عند وصولهم لموقع العمل, كانت احياء كبيره على مدى البصر يسكنها اناس حفات رسم الجوع بريشه الفقر ملامح وجوههم الكالحة. بلا ماء ولا كهرباء بلا خدمات, تنتشر فيها برك المياه الاسنه التي يحتشد عليها الاطفال والكلاب السائبة,
جائه الامر ببدء التجريف بعد ساعات من تقديم الانذار بالإخلاء للساكنين, كان حائر بين تطبيق الاوامر وبين الرفض وتركه للعمل, وتمنى انه لم يولد في تلك اللحظة.
بالنهاية كانت زمجره محركات المكائن اعلى من صوت انسانيته, واعلى من عويل الفقراء الصامتين, صرخت حتى ملائكة السماء بصمت واستنجدت بكل قيم الاديان السماوية والاعراف والتقاليد, عندما بدأت الاليات تسحق كرامتهم واحلامهم بالحياة الكريمة قبل ان تسحق غرف الصفيح التي تشبه قبور يسكنها احياء لا تقيهم من حر الصيف ولا برد الشتاء.
كانوا يشتمونه بألفاظ نابيه و يبصقون عليه ويرموه بالحجارة وبالأحذية احيانا, والالم يعصر قلبه, تنهمر دموعه بين الفترة والاخرى وهو خلف المقود بلا حول ولا قوه .
بعد عودته بانتهاء يوم عمله جلس بشرفه داره صمت مع نفسه, كيف قمت بجريمتي هذا اليوم, هل تحولت لمجرم دون ان اعلم؟ نعم ولكني عامل باجر يومي اؤمر فأطيع, واذا لم انفذ الاوامر سوف اطرد من عملي ويأتي غيري من يقوم بالعمل نفسه, ويستمر هدم بيوت الفقراء ولا يتوقف بمعارضتي او امتناعي عن العمل وتبقى النتيجة ذاتها دون تغيير فاخسر وقتها وظيفتي, والجوع كافر لا يرحم.
سرح بذهنه لفتره طويله حتى انتهاء سيكاره الذي كان بيده دون علمه, انا اعتقد ان كل فاسد يبرر فساده وظلمه للناس مثلما فعلت اليوم. وان الخوف هو سبب الظلم. فالجلاد مثلا يمزق اجساد الناس ويعتقد ايضا بأنه يقوم بعمله وواجبه وعند امتناعه سوف يأتون بجلاد اخر ويستمر التعذيب ويخسر وظيفته دون ان يغير شيء.
سال نفسه اين حقوق هؤلاء الفقراء من ميزانيه بلدهم الملياريه؟ لان النفط والفقر لا يجتمعان. اين واجب الحكومة بتوفير السكن اللائق والحياه الكريمة لكل افراد الشعب. بالتأكيد هناك من سرق حقوق هؤلاء وسلب اموالهم, ولولا ذلك لما كان هناك بيوت للصفيح ولا فقراء يسكنوها فهي الوجه الصريح للفساد والسرقة.
الان عرفت الحقيقة, وان لحظه الحقيقة تساوي حياتي بأكملها, والا سأبقى اعض اصابع الندم واشعر بتأنيب الضمير طيلة حياتي ولا ينفعني المال ولا تنفعني الوظيفة غدا سينتهي كل عذابي, واشعر بإنسانيتي التي فقدتها اليوم.
وفي صباح اليوم التالي اتجه لنفس موقع العمل, كان الناس متظاهرين معترضين على هدم غرفهم ومساكنهم, بعد استلام الامر ببدء التجريف قال لنفسه ان لحظه السعادة تمحوا كل هموم الحياه مهما كانت نتائجها, والتضحية من اجل من نحب تجلب سعادة لا يمكن وصفها.
وان من يصبر على الضيم ولا يتمرد على الظلم, يكون حليف الباطل على الحق وشريك السفاحين بسحق الابرياء دون ان يعلم, اطفى ماكنته وركض صوب المتظاهرين, استقبلوه بالأحضان ثم رفعوه على اكتافهم وهم يصرخون ويهتفون معه بصوت واحد وصل لحدود السماء ( يسقط الفساد, يسقط الظلم, يعيش الشعب).



#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوق
- فتاه اللوحه.. لوحه الفتاه
- المقهى
- الشيخ والطفل
- ثوره الصمت
- من المسؤول
- دموع تحت الصفيح
- احذروا الحليم اذا غضب
- شيوعيا انا
- التغيير بات بأيديكم
- كابوس
- الشيوعي العراقي ..والانتخابات
- الشباب والربيع العربي
- الاشتراكيه ...حلم البشريه
- مفهوم الديمقراطيه و الربيع العربي


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - صحوه بلدوزر