أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية ومعاداة كل الفرقاء السياسيين















المزيد.....

التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية ومعاداة كل الفرقاء السياسيين


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4147 - 2013 / 7 / 8 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن لعاقل أن يختلف معنا في كون التجربة السياسية الحالية لحزب العدالة والتنمية هي جزء من الشأن العام القابل للتداول والانتقاد. وإن كان قياديو هذا الحزب غير مستعدين لتقبل كل هذا النقاش الدائر حول تجربتهم. وقد كان الأولى بهم في مثل هذه الحالة ألا يتحولوا إلى شخصيات عمومية، والأحرى أن يظلوا في إطار تجاربهم الشخصية والأسرية، كي لا تطالهم عدسات الكاميرات، وأقلام الكتاب والنقاد، والتقديرات المختلفة لباقي الفاعلين داخل المشهد السياسي المغربي.
كما لا يمكن لأي عاقل أن يعتبر أنه من الخطيئة كشف المفارقات السياسية والعملية في هذه التجربة، سواء بين خطاب الحزب الأغلبي وواقع ممارساته وفعله وأدائه، أو بين "طموحه السياسي" وملابسات الوضع الحالي المتسم بفراغات سياسية وأخلاقية لدى أغلب قيادييه، وإلا كان لزاما على أصحاب هذه التجربة أن يركنوا إلى الجانب الدعوي في عملهم، دون أن يعملوا على توريط أنفسهم في مثل هذا المأزق السياسي.
والواقع اليوم بالمغرب، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تجربة العدالة والتنمية في قيادة العمل الحكومي، وأن التطبيق السياسي والعملي في علاقته بالتصور والبرنامج السياسي والانتخابي لهذا الحزب، يتحولان إلى نقيض عملية الإصلاح المنشودة، التي ناضل من أجلها المغاربة، والتي رفعها هذا الحزب كشعار أيام كان في موقع المعارضة.
في المجال السياسي، لا مجال للحديث عن النوايا كما يفعل الحزب الأغلبي اليوم، حيث تحول الإصلاح إلى مجال للتسويف ولم يبرح هذا الموقع حتى ونحن على مشارف استكمال السنتين من عمر الحكومة الحالية، كما لا مجال للتغلب على الصعوبات والإكراهات بالدعاء والتضرع إلى الله أو بالهجوم على المنافسين السياسيين والعمل على إقصائهم ومعاداتهم بادعاء الشرعية الشعبية التي هي ليست حكرا على هذا الحزب لوحده بل هي موزعة على كل الأحزاب كل حسب تمثيليته.
في المجال السياسي، يتحدد مفعول كل تجربة سياسية سلبا أو إيجابا، حسب التقدم أو التأخر في الفعل والأداء، وليس بسب وشتم وقذف كل من تعاطى لانتقاد التجربة، حتى أصبح بعض قياديي حزب العدالة والتنمية متخصصين في الذم والهجاء. وهذا يفيد ـ إن كانت العبرة والدروس تنفع ـ أن الرهانات السياسية ونوعيتها هي التي بإمكانها تحديد مصداقية كل خيار أو توجه سياسي معتمد. والحال أن التجربة السياسية لهذا الحزب في موقع قيادة العمل الحكومي اليوم تثبت أن لا مصداقية لها من حيث النجاعة والمردودية في التعاطي مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي من أجلها يناضل المغاربة قاطبة.
فالحياة السياسية المغربية راهنت في السنوات الأخيرة على الممارسة، وقرنتها بالمصداقية والنجاعة والمردودية، وهذا ما لم يتوفق بخصوصه حزب العدالة والتنمية إلى حد الساعة في موقعه الحكومي لغياب أي تصور للإصلاح، غير أن الرهان كان مقرونا كذلك بالالتزام بمبادئ سياسية أساسية من قبيل التفاعل والتشارك والتسهيل واللاتحكم، وهي قضايا يستحيل تجاوزها بخصوص تجربة حكومية تتوخى النظر في القضايا المصيرية لشعب بكامله، والممارسة السياسية لهذا الحزب الأغلبي في هذا المجال كانت فاشلة بكل المقاييس، حيث لم تستطع الالتزام بهذه المبادئ ولو داخل الأغلبية الحكومية ذاتها.
رهان المغاربة في المجال السياسي، كان متمثلا في كون إرادة التغيير لا يمكنها أن تمر سوى عبر تغيير الممارسة السياسية التي كانت متسمة فيما سبق بالتحكم. كما أن الرهان كان متمثلا في قيام تجربة سياسية جديدة بالاعتماد على ممارسة سياسية مغايرة لإنتاج نمط جديد من العلاقات والتفاعلات السياسية ولهندسة جديدة لمجتمع متفاعل مع المستجدات، فإذا بتجربة حزب العدالة والتنمية تسقط في فخ المزيد من توتير العلاقات والمزيد من إفقاد الثقة في المؤسسات والمزيد من التعبير عن الرغبة في التحكم.
هناك العديد من المنطلقات التي كانت تفرض على حزب العدالة والتنمية استيعاب علاقة سلم الارتقاء السياسي بالممارسات والتصرفات والسلوكات من منظور قيمي للتطور السياسي العام، وإدراك أهمية السلوك كأساس للاندماج داخل المجتمع، وتفهم دور الممارسة السياسية المؤطرة بمنظور قيمي إيجابي في القيام بعملية بناء رؤية للمجتمع. غير أن هذا الحزب لم يكن في مستوى هذه الرهانات، وذهب بعيدا من حيث معاداة جميع الفاعلين، ومن حيث الاستقواء بموقعه الحكومي، إلى درجة أن رئيس الحكومة الذي لم يحترم مكانة موقعه داخل مؤسسات الدولة ذهب إلى المطالبة بحل حزب سياسي في تجمعات حزبه، دون أدنى احترام للقانون.
تجربة حزب العدالة والتنمية كانت مطالبة بتقييم دور الممارسة السياسية في إنتاج العنف والتسلط ضد الحوار والتواصل، واعتبار التجديد السياسي ملازم لرصد وضعية الممارسة السابقة. ولكن هيهات، "فاقد الشيء لا يعطيه"، فقد أثبت هذا الحزب بالملموس رغبته في التحكم، وبذلك اختار التخندق في معسكر الانتصار لضغط التقاليد البالية ونماذج السلف الفاشلة وتجارب الدول المتسلطة.
المؤمل كان، هو القيام بثورة على مستوى التجربة السياسية الجديدة، من خلال الربط بين الممارسة السياسية وفاعلية التجربة ذاتها، وإعادة النظر في كيفيات جعل الممارسة هدفا لكل مسار تجربة تهدف إلى تحويل الحقل السياسي إلى مصنع لإنتاج تنشئة سياسية قائمة على منظومة قيمية إيجابية. فإذا بحزب العدالة والتنمية يعمل على تحويل الحقل السياسي إلى ورشة لزرع الحقد والكراهية بين الفرقاء وداخل المجتمع، بفعل قاموسه السياسي الذي لا ينهل سوى معين كل أنواع السب والشتم والقذف.
يستحيل إذا، الادعاء بأن تجربة هذا الحزب في مستوى الارتقاء بالممارسة السياسية، رغم التجييش الذي يقوم به على المستوى الحزبي والإعلامي للتطبيل، ورغم التجييش على مستوى التشهير بالمعارضين للتجربة، لأن قوة الحديث عن الممارسة السياسية داخل صيرورة هذه التجربة لا تأخذ معناها من كل ذلك، بل تأخذه من نقد ذاتي أولي لكل أوجه حضور السلوكات السياسية السلبية والتدميرية داخل هذه التجربة ذاتها، وما أكثرها في تجربة حزب العدالة والتنمية.
ولأن التجربة السياسية كان عليها السعي إلى إيجاد توافق بين إرادة الأفراد ونزوعات المؤسسات والأنساق الاجتماعية والسياسية السائدة، فإن حزب العدالة والتنمية لم يفقه في ذلك شيئا وكان الإخفاق حليفه.
وعلى حزب العدالة والتنمية أن يدرك اليوم، أن هذه التجربة لم تكن تمثل في تاريخ المغرب والمغاربة سوى تمرينا على الممارسة السياسية المغايرة، ووعيا بصلاحياتها التدبيرية، وفي مقدمتها الديمقراطية وما يرتبط بها من معاني الفردانية والمسؤولية والاستقلالية. فرهان التجربة الحالية كان هو تملك القدرة على القطع مع الممارسات التسلطية، في أفق إنتاج الذات الواعية بعالمها الواقعي وضرورته الأخلاقية، وللأسف لا يمكن الخروج سوى بخلاصة الإخفاق المبكر لحزب العدالة والتنمية في هذا التمرين الديمقراطي.
فمشروعية كل تجربة سياسية لا تكمن سوى في التوفيق بين السياسة كتصور وبرنامج وبين واقع مؤسساتي في حاجة إلى بناء ممارساتي وفق منظومة قيمية تراهن على تأطير جديد للواقع السياسي، وهذا ما لا ولم ولن يدركه حزب العدالة والتنمية طالما هو قائم أساسا على معاداة كل الفرقاء السياسيين.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل والزمن: بهما يحصل التقدم، وبسببهما يتم السقوط في مستنق ...
- الحزب الأغلبي والعودة إلى تقوية شروط التطرف
- سن الزواج بين الرشد والترشيد
- وصاية الأب في تدبير العمل الحكومي أمر لم نُسْتَفْتَ بشأنه
- انقلاب الحكومة على شرعيتها السياسية
- مقدمات الحل السياسي لأعطاب الحزب الأغلبي
- عدم الثقة في التزام الحكومة بالديمقراطية
- فتنة -الإسلام الحقيقي-
- فتنة شعار -الإسلام هو الحل-
- -وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَو ...
- -المؤمن إذا عاهد وفى-
- خيار الاندماج وعلاقته بإعادة هيكلة الحقل الحزبي الوطني
- الأداء الحكومي وإشكال تعزيز الثقة في المؤسسات
- الأستاذ عصيد وسؤال مراجعة أنماط التفكير في الحقل الديني بالم ...
- اليوم العالمي للمرأة وطريقة تدبير العيش المشترك
- علاقة القوانين التنظيمية والعادية بالجدولة الزمنية والسياسية ...
- عواقب تملص الحكومة من واجب عرض مشاريع القوانين التنظيمية على ...
- الدستور الجديد وموقع الجهات من معادلة فصل السلط
- معرفة الواقع شرط لإمكان تغييره
- التحول الديمقراطي لا يمكن اختزاله في تبويء حزب العدالة والتن ...


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية ومعاداة كل الفرقاء السياسيين