أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالخالق حسين - مصير الديمقراطية في مصر؟















المزيد.....

مصير الديمقراطية في مصر؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4143 - 2013 / 7 / 4 - 21:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ بدء الانتفاضة المصرية الثانية يوم 30/6/2013 لخلع الرئيس المنتخب السيد محمد مرسي، وأنظار العالم متجهة إلى مصر المحروسة، وأيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يحصل المكروه، إذ هناك من يراهن على الحرب الأهلية. فبعد عام من فوز حزب الأخوان المسلمين بالسلطة عبر صناديق الاقتراع، نفذ صبر الشعب المصري من سوء أدائهم فقام بالمرحلة الثانية من ثورته التي بدأها يوم 25 يناير 2011 لخلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، من أجل ثلاثة أهداف رئيسية: "الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية"، إذ فشل الرئيس مرسي وحزبه الحاكم في تحقيق أي من هذه الأهداف.

كانت الاحزاب الإسلامية تردد منذ عشرات السنين أن "الإسلام هو الحل"، أي حل مشاكل القرن الحادي والعشرين بقوانين مر عليها 14 قرناً، ودون الاعتراف بالعلم وما حصل من تطورات مذهلة على الحياة في جميع المجالات. فالشعوب العربية تطغي عليها نزعة المحافظة والتدين، وقد عانت الكثير من استبداد حكومات فاسدة وجائرة أدعت العلمانية، لذلك تأثرت نسبة كبيرة من هذه الشعوب بشعارات الأحزاب الإسلامية فمنحتها أصواتها في الانتخابات بعد انتصار ثورات الربيع العربي.

أكدنا مراراً على أن أفضل طريقة للتخلص من الإسلامويين هو استلامهم السلطة لوضع شعاراتهم على المحك، لأننا كنا واثقين من أنهم سيفشلون. لذلك نعتقد أن فوز الإسلاميين في تونس ومصر قبل عام كان خطوة "رائعة" وفق مقولة "رب ضارة نافعة" للتخلص منهم، وإلا سيواصلون التأثير على ذهنية الجماهير برفع شعارهم: (الحل في الإسلام) وامنحونا الفرصة لنجرب!.

كذلك نعرف من التجربة الجزائرية الدموية المريرة عندما حصد الإسلاميون في الجولة الأولى من الانتخابات عام 1992 غالبية الأصوات، مما أثار رعب الكثيرين في الجزائر وخارجها من الهجرة الجماهيرية، وفرض حكم "الشريعة"، لذا قامت الحكومة العسكرية بإلغاء الانتخابات ونتائجها، وكان ذلك خطأً كبيراً لأنه أدى إلى حرب أهلية دامت أكثر من عشر سنوات راح ضحيتها نحو ربع مليون قتيل. أعتقد أن مرحلة استلام الاسلاميين للسلطة في مرحلة ما بعد إسقاط الحكومات العربية المستبدة عقب انتفاضات الربيع العربي، مرحلة لا بد منها، بل وربما ضرورية لفضح حقيقة الإسلاميين.

إن مشاكل الشعب المصري، وكأي شعب من الشعوب العربية والعالم الثالث، كبيرة وخاصة الاقتصادية منها، لا يمكن حلها بعصا سحرية، وبعقلية ميتافيزيقية دينية لا تؤمن بالوسائل العلمية والحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان و حقوق المرأة...الخ، خاصة ونحو 70% من السكان هم دون الثلاثين من العمر، وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب نحو 40% أغلبهم من المتعلمين وخريجي الجامعات، بلا أمل في المستقبل، وفي هذه الحالة لا بد وأن يثوروا، إذ ليس لديهم ما يخسرونه.

لقد منح الشعب المصري الإسلاميين، الفرصة الذهبية لكشف نواياهم من الديمقراطية، وقدراتهم على حل مشاكل الشعب الاقتصادية المتفاقمة. بالتأكيد لا يمكن لأي نظام حكم أن يحل مشاكل الشعب المصري في سنة واحدة، ولكن هذه السنة أكدت فشل الرئيس الأخواني الدكتور محمد مرسي وفريقه في هذا الامتحان. فشلوا في الديمقراطية، لأن مرسي تصرف وكأنه حاكم مستبد يتخذ القرارات كما يشاء، وأنه رئيس للإسلاميين فقط وليس لكل الشعب المصري، وضيَّق الخناق على السلطة القضائية وعلى الإعلام، وراح يحكم مصر بنظام إسلامي صارم لا يختلف عن حكم طالبان في أفغانستان. ونتيجة لهذا الفشل، نظمت المعارضة الحراك الجماهيري الأخير في غاية الحكمة والتنظيم والتكتيك، وقامت بانتفاضتها الثانية يوم 30/6/2013. كما وقام الأخوان المسلمون بمظاهرات مضادة، مما أدى إلى صدامات بين جماهير المعارضة لمرسي والجماهير المؤيدة له، فوقع نحو 30 قتيلاً ومئات الجرحى، الأمر الذي هدد بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية خطيرة. وفي هذه الحالة، فالجيش المصري لا يمكن أن يبقى متفرجاً، إذ من واجبه الوطني التدخل وحماية الشعب من كارثة محتملة.

وقد تصرف الجيش بقيادة وزير الدفاع، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بحكمة وعقلانية، لإخراج البلاد من أزمته، ومنح الرئيس مرسي وقيادات المعارضة 48 ساعة مهلة للتباحث والوصول إلى حل معقول، وإلا فإنه سيتدخل لحل الأزمة على طريقته وفق "خارطة الطريق" التي تضمنت: "تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، ومراجعة تعديلات دستورية مقترحة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة."

كان المفروض بالرئيس مرسي التصرف بحكمة، ووضع مصلحة الشعب ومستقبل الديمقراطية فوق مصلحته الشخصية والحزبية ولكنه بدلاً من ذلك، ألقى خطابا مملاً عشية انتهاء المهلة، شدد فيه على تمسكه بـ"الشرعية" التي اكتسبها عبر صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة العام الماضي، وأنه مستعد أن يموت في سبيلها.

كان على مرسي الاجتماع بقادة المعارضة لبحث المشكلة معهم، وتشكيل حكومة إئتلافية، أو من التكنوقراط المستقلين، وإعلان موعد لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وكان من حقه ترشيح نفسه. أعتقد لو اتخذ مرسي هذا القرار، لما تدخل العسكر.

لقد فاز مرسي بنسبة 52% من الذين شاركوا في انتخابات العام الماضي، وإذا ما أخذنا في نظر الاعتبار أن نسبة المشاركين كانت في حدود 50% من الذين يحق لهم التصويت، لعرفنا أن الذين صوتوا لمرسي لا يزيد على 26% من الذين يحق لهم التصويت، أي أن نحو ثلاثة أرباع الشعب المصري لم يصوتوا له، وهذا يجعله في موقف ضعيف.

والجدير بالذكر، أن قيام الجيش بعزل محمد مرسي مساء الأربعاء، 3/7/2013 بعد انتهاء المهلة، هو انقلاب عسكري رغم أن العسكر ينفون ذلك، خاصة وأنهم لم يستلموا أي منصب في السلطة، إذ تم تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور لتولي منصب رئيس البلاد بصورة مؤقتة، والذي أدى اليمين الدستورية اليوم، الخميس 4/7/2013، وهذا قرار حكيم.

اعتراضات على تدخل الجيش
هناك اعتراضات كثيرة مشروعة من مؤيدي مرسي، ومن خارج البلاد أيضاً على تدخل الجيش وعزل رئيس منتخب من الشعب ومهما كانت نسبة الذين صوتوا له. ولكن السؤال هو حول مدى عدالة وسلامة هذا الموقف؟ أيهما أفضل، التمسك بالدوغمائية "الشرعية" وترك البلاد تنزلق في فوضى عارمة وحرب أهلية، أم أن يتدخل الجيش لفرض النظام، وحل معقول لحماية الشعب ومستقبل الديمقراطية نفسها؟
أعتقد أن الحل الثاني هو الصحيح لأن أختارته غالبية الشعب المصري. قد يبدو غريباً أن يرحب الشعب بتدخل العسكر ليخلصهم من رئيس منتخب ديمقراطياً. ولكن يجب أن نعرف أن الانتخابات وحدها لا تعني كل شيء في الديمقراطية، إذ هناك حقوق الأغلبية والأقلية، ولا تعني أن يتصرف الحاكم المنتخب كدكتاتور، وإلا صارت دكتاتورية منتخبة. لا ننسى أن هتلر جاء إلى السلطة عن طريق الانتخابات ولكنه قاد إلى كوارث الحرب العالمية الثانية. لذلك أرى أن تدخل الجيش كان عملاً صحيحاً فرضته ظروف خاصة لحماية الشعب من حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.

ومن أخطاء مرسي أن حزبه ساهم في إثارة التفرقة الطائفية، وتفشي العنف والتمادى في شق صفوف الشعب عبر وسائل إعلامه مثل "فضائية الناس" التي تم إغلاقها مؤخراً لهذا السبب. لذا لقي تدخل الجيش تأييداً كبيراً من غالبية الشعب. وعندما نقول غالبية الشعب فليس ذلك من باب التخمين أو التحيز، بل لما رأيناه من حجم الجماهير المشاركة في التظاهرات المليونية في شتى أنحاء البلاد ضد مرسي، وكذلك من عدد الموقيعين على النداء الذي نظمته قيادة المعارضة والذي بلغ 22 مليوناً، لمطالبته بالتنحي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

كما وفسر البعض تدخل الجيش لإزاحة رئيس منتخب هو إعلان عن موت الديمقراطية في مصر، أو على الأقل أن الشعب المصري مازال لم يكن مؤهلاً للديمقراطية بعد. أعتقد أن هذا الحكم غير دقيق، فليس هناك شعب مؤهل وآخر غير مؤهل للديمقراطية، إذ نعرف من تاريخ الشعوب الأوربية التي سبقتنا في هذا المضمار أنها في بداية ممارساتها للديمقراطية مرت بنفس المراحل المؤلمة التي تمر بها الشعوب العربية الآن، ثم تعودت عليها حتى صارت جزءً من ثقافتها الاجتماعية. فالديمقراطية لم تولد ناضجة ولم تكتمل دفعة واحدة، ولم تكن بلا ثمن، إذ كما قال الفيلسوف الألماني هيغل: "أن ولادة الأشياء العظيمة دائماً مصحوبة بألم". ولا شك أن الديمقراطية من أعظم ما أنجزته الحضارة البشرية، لذا لا بد وأن تكون ولادتها عسيرة ومؤلمة وفي أغلب الأحيان تتم بعملية جراحية قيصرية.

كذلك يجب أن نعرف أن الحكومات العربية اعتمدت في حكم شعوبها على سياسة "فرق تسد"، لذلك فهذه الشعوب تحتاج إلى سنوات للتخلص من حالة التمزق والتشتت، التركة الثقيلة التي ورثها من الحكومات المستبدة. وأرى أن ما قامت به جماهير الشعب المصري مؤخراً كان عملاً عظيماً وفي الاتجاه الصحيح. والمفرح في هذه الانتفاضة هو النسبة العالية لمشاركة النساء فيها تكاد مساوية للرجال. وهذا دليل على أن حاجز الخوف قد انهار، ونحن نشهد مرحلة جديدة لجيل جديد لا يهاب الخروج على السلطات الجائرة، وأن الشعوب العربية حقاً دشنت مرحلة الديمقراطية الحقيقية.
[email protected]



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الآن اتهام إيران بتفجير المرقدين في سامراء؟
- حول الرواتب التقاعدية الفاحشة للبرلمانيين
- هستيريا الفتاوى للحرب الطائفية، لمصلحة من؟
- المحنة السورية إلى أين؟
- الفرق بين الربيع التركي والربيع العربي
- هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟
- عن مواقف النجيفي اللادستورية
- تقسيم العراق بين الممكن والرغبات
- هل ينجح البعث في إشعال الحرب الأهلية؟؟
- الإعتصامات في خدمة الديمقراطية والمالكي!!
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟ (تكملة)
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟
- العراق إلى أين؟
- هل حقاً فشلت التجربة الأمريكية في العراق؟
- غيابهم أفضل من حضورهم
- هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات (2-2)
- هل إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
- في الذكرى العاشرة لتحرير العراق من الفاشية
- قراءة في كتاب: إغلاق عقل المسلم
- ما مستقبل المرأة بعد الربيع العربي؟


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالخالق حسين - مصير الديمقراطية في مصر؟