أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مصطفى القرة داغي - ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها














المزيد.....

ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4136 - 2013 / 6 / 27 - 02:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لطالما سَمِعنا وقرأنا عَن مَقولة(الثورات تأكل أبنائها) لكننا لم نَختبرها على أرض الواقع، فنَحن مِن جيل لم يَعِش الثورات(المَجيدة) ولم يَرَها وهي تأكل أبنائَها، بل سَمِع عَنها وعَن شَهيّتها المَفتوحة دائِماً لأكل أبنائَها مِن الأجيال التي سَبقته، والتي عاشَت بل وساهَم بَعضها بأحداث هذه الثورات. يَكفينا قهراً أننا خَبرنا حَجم الكوارث والنتائِج المُشَوّهة التي يُمكن أن تنتُج عَن الثورات، بَعد أن عِشنا حُكم الأنظِمة الديكتاتورية التي أفرَزتها، والتي كنا نتمَنى زوالها أو إصلاحَها بطرق مَدنية حَضارية سِلمية دستورية، ظَنا مِنا بأن الشُعوب العَربية ونخبَها قد تعَلمت الدَرس وحفظته جيداً، وبأنها لن تعمَد مُجَدّدا الى الثورة وهَمَجيّتها وفوضَويتها طريقاً وأسلوباً للتغيير والإصلاح، بَعد أن ذاقت مَرارة الأنظِمة التي تفرزها الثورات والتي عاشَت تحت نير جَبروتِها لنصف قرن مَضى مِن الزمان.
لكن يَبدوا بأن ظننا لم يكن في مَحَله، وأن القدَر كان يُخبيء لنا أمراً آخر لم يَكن يوماً في الحُسبان، فالعادة جَرَت على أن لا يُلدغ المُؤمن مِن جُحر مَرّتين، والشعوب العربية تدّعي إيماناً يَبدوا أنه لم يَكن كافياً ليَقيها شَر اللدغة مِن جُحور أكثر عُمقاً وأشَدّ بُؤساً وأحلك ظلاماً مِن الجُحور التي لدِغَت مِنها قبل نُصف قرن. فبدلاً مِن إحكام العَقل وسَماع صَوت المَنطِق وتغليب المَصلحة العامة، أطلقت الشُعوب العَربية، تتقدّمها نُخبها القومية واليَسارية المُتكلسة الآديولوجيات والأفكار، العَنان لغرائِزها البدائية وإنقادَت لوَسوَسة الوَهم غير آبهة بما سَيَترَتّب على فِعلها هذا مِن نتائج كارثية على حاضِر ومُستقبل أوطانِها ومُجتمعاتِها وأجيالها القادمة، فيما كانت تظنه طَريقاً لإصلاح وتغيير الأنظِمة التي تحكمُها مُنذ سِنين. فالقوى الأجنبية الطامِعة بخَيرات هذه الدول، ومِن قبلها القوى الداخلية الظلامِية الطامِعة بالسُلطة والتي تتحَيّن الفرصة مُنذ عُقود للسَطو عَليها وعلى ما يَتبَعها مِن مال وجاه ونفوذ، كل هؤلاء كانوا بالمِرصاد لأي تَحَرّك حَتى وإن كان مُخلصاً لحَرفِه وتحويله بالوجهة التي يُريدون، وسُرعان ما أستغلوا طَيش شَباب هذه الشُعوب وقلة خبرَتِهم ليَركبوا مَوجة هذه التحَرّكات، بَعد أن رَصَدوا لها أموالاً وفضائيات وأحياناً مُرتزقة كما في ليبيا وسوريا لتجميلها وتصويرَها على أنها حَراك شَعبي وَطني ورَبيع عَربي سَتشرق بَعدَه شَمس الحُرية والديمقراطية في سَماء الوطن العَربي.
فماذا حَدَث بَعد أن إجتاح الرَبيع العَربي الذي طَبّل له مَلايين البُسطاء مِن المُحيط الى الخليج أغلب الدول العَربية؟ وماذا كانت نتيجة ثوراته التي إستلهَمَت أفكار مَن سَبقتها مِن ثورات؟ الجَواب هو إن ماحَدَث كان أسوَء مِمّا سَبقه بكل المَقاييس، والنتيجة كانَت مَأساوية وكارثية على الواقع السياسي والإجتماعي لدَرجة بات فيها الأمَل بالإصلاح مَعدوماً. إن المُستفيد الأول والأخير مِن ثورات الربيع، والذي أفرزته جَماهيرها بكامِل وَعيَها الجَمعي عِبر صَناديق الإقتِراع هي قوى الإسلام السياسي الرَجعِية الظلامية الراديكالية، أما أبنائَها(فباتَ طشّارهُم مالة والي)كما يَقول المَثل العراقي، وهانَحن نراها اليَوم تنهَش لحُومَهُم بَعد أن إنتهى دورَهُم فيها وباتَت كعادَتِها بيَد الإنتهازيين الذين إستفادوا مِنها ومِن الفوضى التي أحدَثتها بعد أن شَجّعوا وحَرّضوا عَليها، حَتى إذا آتت ثِمارها كانوا أول القاطِفين لها ولم يَترُكوا لأبنائها الحَقيقيين حَتى بَقاياها، بَل إنّهُم اليَوم أعداءُ لها ومُندّسون ومُخرّبون في بروباغندا السُلطة التي أفرَزتها الثورات.
في النهاية تحَقق ما سَبَق وقرأناه في الكتب وسَمِعناه من الأجيال التي سَبقتنا، وما حَذر مِنه بَعض الفلاسِفة والمُفكرين العَقلانيين التنويريين الذين لم يَستمِع اليهم أحَد، فقد جاءَ اليَوم الذي رَأينا فيه (Live) وعَمَلياً وليسَ فقط نظرياً ثوراتاً تأكل لحُوم أبنائِها بل وتنهشُها بوَحشيّة كما في تونس ومصر. وحَقيقة لا أدري لمَ يُكرر الإنسان وخُصوصاً العَربي والمُسلم أخطائه مَرّات مُتتالية؟ ولمَ تأخذه العِزة بالإثم في أغلب الأحيان؟ فكل تجارُب الثوارت أثبَتت أن أبنائَها هُم أول ولائِمها وضَحاياها، لكن بَعض الشُعوب لا تتعِظ ولا تتعَلم وتُعيد الكرّة في كل مَرّة بَدلاً مِن إتباع أسلوب التغيير السِلمي الدستوري. إن الثورة مِن الثورات، والثوَران مِن الثور، لذا هيَ فِعل هَمَجي فوضَوي لا يَنتِج عَنه سِوى الفوضى والدَمار، رَغم أن الثور أقل وَحشيّة مِن الإنسان أحياناً! فربما لو ترك للثيران أن تقوم ببَعض الثورات، ما كنا لنرى جُثثاً تسحَل وأشلائاً تعَلق ورؤوساً تقطَع، كما حَدَث مَع ضَحايا هذه الثورات.
مصطفى القرة داغي



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي
- الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي
- أحزاب الإسلام السياسي نَباتات سامة أتلفت تُربة مُجتمعاتِنا
- إنتخابات عِراق المالكي وشِراء الذِمَم بالبَطالة المُقنعة
- رَبيع خير أم خريف بؤس عَربي ؟
- العراقيون.. شَعب يَعيش التناقض حَتى في إختيار جَلاديه
- حَقيقة الثورات بَين خَيال مُنَظّريها الخَصِب و واقِعها البَش ...
- وعّاظ سُلطان الزمان ومُختار العَصر والأوان نوري المالكي
- كِذبة الرَبيع العربي وتلاشي الدَولة المَدنية العَلمانية
- العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي ...
- طيور ظلام الإسلام السياسي على أشكالها تقع
- المَركز والاقليم.. ومُقايَضة المالكي للدَم العراقي بكُرسي ال ...
- نوري سَعيد أفندي البغدادي.. سيرة عَطِرة
- هل إن الحل هو في تغيير الأنظمة العربية أم في إصلاح الشعوب ال ...
- جيل فريد ولكن.. بلا مَلامِح
- التيار الديمقراطي العراقي والإحتفال بإنقلاب 14 تموز .. ألمان ...
- ما هي قصة عِبارة (الشعب يُريد إسقاط النظام) ؟
- أزمة الأحزاب العراقية بين إرث تحالفاتها السابقة و واقع بناء ...
- المُتّهَم الأول محمد حسني السَيّد مبارك... أفندم أنا موجود
- القائمة العراقية رمز للمَشروع الوطني الليبرالي المَدني في ال ...


المزيد.....




- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مصطفى القرة داغي - ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها