أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الأقليات بين الهامش والمتن - عودة إلى فرانز فانون















المزيد.....

الأقليات بين الهامش والمتن - عودة إلى فرانز فانون


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 14:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتاد بعض الناشطين والناشطات المولودين والمولودات في أوساط علوية، اعتادوا على تكرار جملة: أنا لست من الأقلية، أنا من الأكثرية السورية، وذلك في محاولة مشروعة منهم لأن يعلنوا انتماءهم السوري رفضاً ورداً على الفعل المنظم بنذالة منقطعة النظير من قبل النظام لوضع الطائفة العلوية ككل في مواجهة بقية السوريين، (أو لوضع الجماعات غير المسلمة وغير السنية في مواجهة المسلمين السنة).
لا يبدو لي منطق هؤلاء الناشطين والناشطات متوافقا مع حقوق المواطنة ، لأن صفة المواطنة السورية الجامعة لاتنفي اختلافات المنشأ والثقافة والتربية، ولا يجوز أن تنفيها. المواطنة الجامعة السورية لاينبغي أن تغيب الفروق بين البشر. ذلك التغييب الذي أدى إلى مختلف أشكال الاستبداد الحديثة التي شهدناها في القرن العشرين والتي اعتمدت على تعريف واحد للانسان، بناء على معيار يضعه القوي والسائد. معتمدا على ثقوب في فكر ومفاهيم عصر الأنوار، منها مفهوم الإنسان المجرد والمواطن المجرد. وإذا كانت غالبية المعلنين عن ذلك هم من فئة المثقفين ولا يعتبرون أنفسهم علويين، فإن هناك آخرين قد يحتاجون إلى التعبير عن أنفسهم كسوريين علويين أو كسوريين سنة أو كسوريين أكراد أو كسوريين مسيحيين أو كسوريون علمانيين أو كسوريون يساريين...الخ أو كسوريات نساء أو كسوريين رجال، ويطالبون بحقوقهم إذا كانوا يشعرون بأي نوع من أنواع التمييز بناء على هذا الاختلاف.
لست مع هذا المنطق المتعالي لأن تبادل الأدوار بين أقلية وأكثرية قائم في كل لحظة، وهذا مفيد كي يتفهم كل منا احتياجات الآخرين المختلفين عنا أو الأضعف منا وسبل توفيرها لهم بعد إدراكنا لها. ففي سورية مثلا يمكن أن يكون المرء من أقلية طائفية وأكثرية قومية، كالعربي العلوي، ويمكن أن يكون من أقلية قومية وأكثرية طائفية، كالكردي السني مثلا..
الأقلوي، الضعيف، المهمش، كلهم أطراف أتت منها الأفكار التي غيرت التاريخ .. لأن سطوة المتن .. سطوة القوة .. تمنع من رؤية الجديد الناشىء .. والثورة السورية انطلقت من المناطق الأكثر تهميشا في البلاد، ولكنها عبرت عن حاجة البلاد الشديدة للتغيير، لذلك التحقنا بها جميعا. لم تنطلق في البداية من دمشق وحلب حيث سطوة المتن الاقتصادي، ولم تنطلق من مناطق مهمشة أخرى كان قد نسيها النظام ولكنه كذب عليها وأوحى لها أنها في المتن وفي السلطة.
الديمقراطية تعني حفظ حقوق كل الضعفاء ، لأنهم يحتاجون إلى قوة القانون في المواطنة المتساوية كي تحفظ حقوقهم من جهة، وكي تضمن تجدد المجتمع وازدهاره، من جهة أخرى.
من موقع الهامش يستطيع المرء أن يرى ما لايراه المتربع في المتن، لأن السلطة تعمي عن رؤية الحقيقة. وكذلك يستطيع المهمش أن يفهم معاناة المهمشين، ويستفيد من نضالاتهم وإنتاجهم الفكري في فهم معاناته الخاصة. ويمكن للفرد أن يتناوب الموقع بين المتن والهامش بحسب المشكلة المطروحة.
ومن موقعي كهامش جنساني باعتباري امرأة، ومن دراستي للسائد والمتن والهامش والضعيف، وكذلك لحالات التبادل في المواقع بين الهامش والمتن، سأورد في هذه المقالة نصين بمثابة شهادتين من الهامش الأسود وهامش الهامش، المرأة السوداء.
النص الأول لفرانز فانون الذي بدأ بحثه في الهوية السوداء في أثناء عمله في الطب النفسي وتأثره بعمق بكل من فرويد ولاكان. وهذه المرحلة من عمله يجسدها أحسن تجسيد كتابه "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" إذ يعتبر هذا الكتاب نموذجاً رائداً في استخدام نظرية التحليل النفسي أداة نقدية في كتابة النظرية السياسية. في هذا الكتاب يرى فانون أن الاستعمار، بإعلائه من شأن الجنس الأبيض على الشعوب غير البيضاء، قد خلق إحساساً بالانقسام والاغتراب في هوية الشعوب المستعمرة غير البيضاء، ففي ظروف الاستعمار، تم اعتبار تاريخ المستعمر الأبيض، وثقافته ولغته وتقاليده ومعتقداته، كونية ومعيارية ومتفوقة على ثقافة المستعمَر، وهذا يخلق إحساساً قوياً بالدونية داخل ذات هذا المستعمَر، ويقوده إلى تبني لغة المستعمِر وثقافته وتقاليده في محاولة منه لمواجهة هذا الشعور بالدونية.
يقول فانون: "ما أن أدرك أن الزنجي هو رمز الخطيئة، فإنني أضبط نفسي متلبساً بكراهية الزنجي. لكنني أدرك فيما بعد أنني زنجي. وهناك طريقان للخروج من هذا الصراع: إما أن أطلب من الآخرين ألا يعيروا انتباهاً لبشرتي، وإما أن أود لو التفتوا إليها، وهنا أحاول أن أجد قيمة لما هو سيئ، بما أنني مقتنع بأن الرجل الأسود هو لون الشر. ولكي أنتهي من هذا الموقف العصابي الذي أجد نفسي فيه مضطراً إلى اختيار حل غير صحي، حل صراع قائم على الوهم والعداء، وهو باختصار موقف غير إنساني، ليس هنا إلا حل واحد: أن أتعالى على هذه الدراما العبثية التي يلعبها الآخرون من حولي، أن أرفض المصطلحين معاً فهما غير مقبولين بالدرجة نفسها، وذلك للوصول إلى كائن إنساني كوني واحد."
النص الثاني اقتبسته من دراسة للمفكرة النسوية السوداء بل هوكس بعنوان "المرأة السوداء وصياغة النظرية النسوية"، تقول فيه:
"حين انضممت إلى مجموعات نسوية اكتشفت أن المرأة البيضاء تتعامل بقدر من التنازل معي ومع غيري من النساء غير البيضاوات، إن التنازل الذي كانت هؤلاء النسوة تتعاملن به تجاهنا إنما كان يمثل إحدى الوسائل المستخدمة لتذكيرنا بأن الحركة النسائية هي حركة خاصة "بهن" وأن بمقدورنا أن ننضم إليهن لأنهن سمحن لنا بذلك وشجعننا على العمل معهن، فقد كان وجودنا ضرورياً لمنح العملية والحركة شرعيتها. فلم ينظرن إلينا نظرة المساواة، ولم يعاملننا معاملة المساواة."

عانت المجتمعات الديمقراطية من تجريد عصر الأنوار، وما زالت تعاني، ولكنها عدلت من قوانينها كثيراً وما زالت تعدل، تحت ضربات النظريات النقدية المابعد كولونيالية و"النظريات النقدية" النسوية وكذلك تحت ضربات مشاكلها الاجتماعية الداخلية. ونحن لن نرضى في سورية إلا آخر طبعة من الديمقراطية التي تضمن حقوق الضعيف والمهمش.
ذلكم ما يقتضي تأكيد أن السوريين مختلفون ومتعددون، وأن طمس الهوية الخاصة لا يعني بلوغ الهوية العامة، والمساواة في المواطنة السورية الجامعة تكمن قيمتها وضرورتها في ضرورة الحرية والديمقراطية لكي نعبر عن ذواتنا وعن احترامنا لاختلافاتنا. وكذلك كي يتسنى لنا تبادل الفوائد من هذه الاختلافات باكتشاف ماينقصنا عند الآخرين. وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا في مناخ الحرية لنا جميعا كسوريين.



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجاء الطائفية
- أبونا باولو ومشاعرنا الطائفية وبوسطن
- مشاعر البرامسيوم
- الثورة السورية: مقابلة من الداخل
- لماذا الفلسفة النسوية الآن؟
- الشرعية المؤقتة، وبوصلة الثورة السورية
- لم يكن موتك مواتيا لنا
- الجولة الثالثة من الاندماج الوطني في سورية
- ناهد بدوية في حوار مفتوح حول: المرأة السورية مثلها مثل الرجل ...
- سوريا والتصحر السياسي
- نحو تجاوز فترة الثمانينات البغيضة في سورية
- وعي و جيتار ودموع شفيفة أسلحة الثورة الجديدة
- نحن مصدر الشرعية، وهذا الجيش لنا
- مظاهرة احتجاجية لرجال الدين الإسلامي
- الفكر النسوي يسائل المنظومات الفكرية السائدة
- نجاح الجيدين ولكن بدون أي برنامج! قراءة في نتائج الانتخابات ...
- عقل الدولة الضائع
- النسوية الثالثة التعددية والاختلاف وتغيير العالم
- لماذا نحن ممنوعات من السفر؟!
- لو كان سيفي اكبر من وردتي كيف أكون؟


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الأقليات بين الهامش والمتن - عودة إلى فرانز فانون