أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - الحركة الأسيرة: معدا خاوية من أجل الحياة














المزيد.....

الحركة الأسيرة: معدا خاوية من أجل الحياة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 07:52
المحور: القضية الفلسطينية
    



تشهد الحالة الفلسطينية،منذ أكثر من عامين،حراكًا استثنائيًا في قضايا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. من الّلافت في هذا الشأن عودة مصطلح "الحركة الأسيرة" مصطلحًا متصدّرًا لما يجري من فعّاليات ونشاطات في جميع أنحاء الوطن، بعد أن غاب العنوان وتشتتت أواصر هذه الحركة لا سيما بعد توقيع اتفاقيات أوسلو التي أدّت إلى الإفراج عن معظم الأسرى وإبقاء من بقوا يعانون ظلم القرار وإحباط الخيار.
لقد كانت السنوات الخوالي سنوات عجافًا. ضعف الحركة الأسيرة وضياعها أتاحا فرصةً ذهبيةً للسجّان الإسرائيلي، جرّاءها أحرز تفوّقًا ما تسنّى له طيلة عقود شكّلت فيها الحركة وجودًا نوعيًا مبنيًا على وحدة جوهريّة ونظام حياتي متماسك وقيم إنسانية وطنية.
لست في معرض استعراض تفاصيل تلك المراحل ولكنّني، كمن يرافق هذه الأحداث طيلة هذه العقود، أشهد أنّ هنالك محاولات جدّية جارية بين صفوف هذه الحركة لتشييد ما هدم من أواصر وتمتين ما ترهَّل من قيم وما تصدّع من أنظمة. انعكاسات التشظي الحاصل في الشارع الفلسطيني على حياة الأسرى وراء القضبان هي أخطر عامل أدّى إلى سلب هؤلاء قوتهم هذا علاوةً على نجاح مَن بثبات زرع في نفوس من ناضل من أجل فلسطين الحرّة المستقلة، حقيقة أن لا أمل في استقلال ولا في حرّية ولا دولة.
فلسطين كانت الحلم الذي من أجلّه ضحّى هؤلاء المناضلون، الحريّة كانت ذلك الأفق الذي في اتّجاهه انطلقوا بصدورهم العامرة بالإيمان.الكرامة كانت المذبح الذي عليه قدّموا ويقدّمون فصول سنواتهم وريعانها.
في الحقيقة، يشكّل هذا الحيّز مكانًا يتجلّى فيه الصراع بين محتل ومقموع بأوضح صوره وأكثرها اكتنازًا. السجن هو "المكان" الذي فيه تتحوّل ملعقة الملح لمشعل ثورة وكل ما يكون خارج السجن طبيعيًا يمسي بداخله صراعًا بين سجين يعيش حرًا في داخله وسجّان يعيش مسجونًا في داخله. إنّه الحيّز الأمثل الذي فيه تعرّي التجربة الإنسانَ من الزوائد والحرّ يبقى هو سيّد الزمان وصاحب ذلك"المكان". ما دام مفتاح القفل بيد ذلك السجان فكل المفاتيح بأيدينا ... هكذا قال بناة الحركة الأسيرة الفلسطينية.
لن تكون عملية إعادة التأهيل وترميم ما هدم سهلةً. الحالة الفلسطينية لا تسعف أبناءها الأسرى؛مراوحة الحراك السياسي تحبط من ينامون في فراش بيوتهم فكيف بمن ينام على شوك ووجع؟ تجاذبات المصالحة الفلسطينية منذ سنوات وما يرافقها من اتّهامات متبادلة تقع على نفوس الأسرى كالمريض الذي أنهى لتوّه عملية جراحية كبيرة وطبيبه "المداوي" بجانبه يدوس على ماسورة الأكسجين. سجّان إسرائيل لا يكلّ: يرصد، يسمع، يسجّل، يدرس، يستخلص ويمارس بحنكة أحيانًا، بخبث أحيانًا ودائمًا بالعصا.
في هذا الواقع تتتابع القضايا وتتهافت العناوين. بعضها يثير نقاشات مريرة وبحاجة لدراسة مسؤولة، مهنية وموضوعيّة. في زيارتي الأخيرة لأكثر من سجن سألني بعض الأسرى المضربين عن الطعام عن سبب تراجع "الشارع" الفلسطيني عن عمليات التضامن معهم وعن غياب تلك المظاهرات التي كانوا يتوقعونها مساندة لإضرابهم ومناصرة لمواقفهم؟ بعضهم عاتب بعض المسؤولين على بيانات تساءل فيها صاحبها عن جدوى ما يسمى بالإضرابات الفردية؟
لم أكن يومًا من أصحاب المواقف المطلقة ولذا أجبت في أكثر من مناسبة أنّ الإضراب الفردي هو أداة مشروعة من أدوات النضال والاحتجاج التي لجأ إليها الأسرى في الماضي والحاضر. هي أداة إن أجيد استعمالها تؤدي حتمًا إلى إحراز نجاحات وتحقيق مطالب. لست من أنصار تعميم نفيها بالمطلق ولا إجازتها بالمطلق.
تبقى المنفعة من استعمالها مقيّدةً بتعريف الهدف والمطلب الذي من أجله تعلن؛ كلّما كان الهدف محدّدًا، واضحًا، وواقعًيا ومن الممكن تحقيقه، حظي الإضراب الفردي بموافقة أوسع. إقناع "الآخر/الغريم" بجديّة المضرب ومبدئيته ضرورة وبأن الهدف يستجمع مناصرة ليس فقط في ساحات فلسطين بل في قلوب أحرار كثيرين في العالم. الأهم في هذه المسألة أن يكون الإضراب من أجل هدف يتعدّى مصلحة الفرد، بيد أنّ نجاح هذا الفرد من شأنه أن يؤثر إيجابًا على مجموعة أو فئة أو على مجمل الحركة الأسيرة. كذلك من المهم أن ينأى المضرب عن تسخير خطوته من أجل فصيله السياسي أو حزبه، كما وعلى فصيله السياسي أو حزبه أن لا يركب على كتف هذا "المناضل" من أجل إيداع بعض من رصيد في حسابات لا تمت للحركة الأسيرة بصلة.
يجب مرافقة تلك الخطوة بحملة إعلامية واقعية بعيدة عن المزايدات والمغالاة وكذلك بحملة مناصرة مدروسة، تأخذ بالحسبان نشاطات طويلة الأمد مبنية بشكل تصاعدي تجمّع جهات وقوى جديدة وترفد أصواتًا محلّية وخارجيّة لصالح الهدف أولًا وبمنأى عن الأسير المضرب.
لقد كانت تجربة الأسير خضر عدنان مثيرة، أصيلة، حقيقية، ضمّدت كل بواطن القوة المذكورة أعلاه: خاض إضرابه بهدف واضح حقيقي محدد قابل للتحقيق.خاضه كفلسطيني ينشد الحرية والكرامة فاستحوذ على قلوب كل أحرار العالم. لم يسخّر إضرابه كأبن لفصيل فلسطيني يهواه وفصيله كال، بتلك الأوقات، بذلك الكيل، نجاح إضرابه الفردي انعكس على فئة الأسرى الإداريين وأبعد.
الحركة الأسيرة إفراز طبيعي لحالة غير طبيعية، فما دام هناك احتلال، كان أسرى حرية واستقلال. دروس تلك التجارب تعلّمنا: وحدة الحركة الأسيرة شرط مؤسس لكل نجاح. تحييد عذابات الحركة عن منابت أفرادها صمغ لهذه الوحدة. وضع استراتيجية مدروسة لنضالاتها ضرورة، الاتفاق على آليات نضال هذه الحركة وبضمنها الإضراب الفردي قرار مسؤول وأحيانًا يكون مصيريًا. إنّها ليست فقط معدًا خاوية تشقى من أجل أن يشبع شعب مقهور بوجبة دسمة من كرامة. إنّه الجوع من أجل الحياة.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمل سَرِيّ
- سلام فيّاض خسارة أم وهم
- صفحة من حياة جليليٍّ في القدس
- عندما أهداني زاهي وهبي دولة
- ألّلهمّ أبعد عنّا الفتنة!
- تحيا الخبيزة
- -هنيئًا لك يا إسرائيل-
- سامر الفلسطيني
- يوم الأسيرة
- عهدك بسّام
- أتركها أقفالًا على ضمائرهم
- أكذبُ من جيش الإنقاذ
- سلامٌ على منسف يوحّد بيننا
- في انتظار عنترة
- انت عربي، انت خطير!!
- ليس للدهر صاحب
- إليكَ أيّها الأشرف
- درس في الديماغوغية
- والدنيا لمن غلبا
- دَبّة صوت


المزيد.....




- قبل قمة ترامب وبوتين.. زيلينسكي يطرح 5 مبادئ لـ-مفاوضات السل ...
- الكأس السوبر الأوروبية: باريس سان جرمان يحرز اللقب بفوزه على ...
- نتنياهو ينكر مجددًا وجود مجاعة في غزة.. وحماس تدعو إلى -مسير ...
- غرامة بـ110 آلاف دولار لسائق ملياردير في سويسرا.. ما السبب؟ ...
- خلال استقباله لاريجاني.. رئيس وزراء لبنان يوجه -رسائل حازمة- ...
- رئيس أركان إسرائيل من جنوب لبنان: غيّرنا الواقع الأمني
- محادثات في برلين تسبق قمة ترامب وبوتين بألاسكا
- غياب الأغلبية في الكنيست يؤجّل التصويت على تمديد أوامر استدع ...
- رسالة “الجمل” لشباب الجامعة العمالية: قاوموا اليأس ودافعوا ع ...
- -تعاون في حدود السيادة-.. قراءة في زيارة لاريجاني إلى لبنان ...


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - الحركة الأسيرة: معدا خاوية من أجل الحياة