أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسمين الطريحي - -الطائفية-















المزيد.....

-الطائفية-


ياسمين الطريحي

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 21:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"الطائفية"

"الطائفية" داءٌ له جذوره وتاريخه ومميت . يعود لمئات من السنين . "الطائفية" قمة التراجع والتخلف الانساني . وخاصة ، حينما يصل العقل الأنساني الى استباحة دم أخيه الأنسان بسبب اختلافٍ عقائدي لايمت للانسانية بصلة . فنحن اذاُ كمجتمعات عربية وعراقية خاصة لم نتقدم خطوة واحدة الى الامام . حين تسألني سيدة عربية من دولة خليجية ، اضفتها الى صفحة "الفيس بوك" ومن دون تردد ، هل أنا فيما اذا كنت "شيعية ام سنية" ( الجواب في هذه المقالة ) ، اذاً نحن أمام إنحدار إنساني ، أخلاقي ، ثقافي تعليمي ، إجتماعي ، وتاريخي لا نستطيع إصلاحه بكتابات شجب وادانة فقط لهذا الداء السرطاني الذي يسمى " بالطائفية " . وبنفس الوقت هناك نغمة نرددها دائما وعلى مدى كل العقود بأننا لحمة واحدة ولا يستطيع أحدا أن يفرقنا . مع احترامي الشديد لهذه الأقلام الرافضة لمبدأ تسييس المذاهب وتقسيم المجتمع على أساس مذهبي ، لايمكننا أن نقضي على هذا المرض ، بهذه السطحية . وهل يمكننا أن نقضي على مرض السرطان بشجبه؟
إن ظهور "الطائفية " ، وبهذا الشكل المخيف والمرعب له معنى واحد وهو أننا كشعوب عربية وكعراقيين خاصة ، لم ننجز شيئاً نفتخر به على مدى العقود أو العصور الماضية . وإن كنا قد أنجزنا نوعاً من التقدم في بعض الفترات ، لكن يبدو ان هذا الانجاز لم يكن واقعياً أو ملموسأ أو حقيقيا . وبمعنى أخر، أنه لم تكن هناك ثورات بالمعنى الحقيقى للثورة ضد الأستعمار ، الذي ساهم بتأجيج وتعميق هذا المرض من أجل الحفاظ على مصالحه. اذاُ ، إننا لم نقضي فعلياً على هذا الداء الذي استخدمته الدول الاستعمارية من العثمانية والفارسية والبريطانية والولايات المتحدة من أجل السيطرة والهيمنة على مقومات وقرارات هذه الشعوب. بالأضافة الى هذا المرض ، اضف اليه صراعاتنا الذاتية ، وجهلنا في التاريخ القديم والحديث وعلى كافة المستويات السياسية والأقتصادية والأجتماعية. وفوق كل ذلك صراعاتنا القبلية ، وفصل المرأة عن الرجل ، وتغليب مصلحة العائلة والقبيلة على مصلحة المجتمع والمواطنة وأمن الوطن بالمعنى الحضاري في القرن الواحد والعشرين.
مثال على ذلك ، مامعنى المطالبة ببناء المراقد وتجديدها وصرف ثروة البلاد على هكذا شؤون وترك شعب بأكمله من دون بنية تحتية ، ومن دون عمل، ومن غير سكن ، ولا ماء نظيف ولا كهرباء ولا مدرسة ولا مكتبة ولا مستشفى ولا شارع نظيف ولا وسائط نقل . مامعنى فتح مدارس في داخل الوطن وخارجه وصرف الأموال الطائلة لتدريس وتغذية الاطفال الأبرياء لمذهب معين كما يحدث الآن في مدارس إسلامية للاطفال العراقيين الذين يعيشون في دول أوربية متقدمة كهولندا والمملكة المتحدة ـ وتحت أنظار وحماية هذه الدول . هل هناك أكثر من هذا الأنحطاط ؟ يجب الاعتراف بهذا الإنحدار ونتوقف عن لغة التمجيد والفخر .لقد انحدرنا الى أسفل قاعً في الإنحدار الإنساني والفكري والأجتماعي والديني.
نتكلم ونكتب كثيراً عن "الطائفية" ومحاربة "الطائفية" ونعدد الأسباب ونشتم الاستعمار لأنه بلانا بهذا البلاء, كأنما نحن غير مسؤولين عن وجود هذا الداء أصلا. نكتب عنه كأنه بضاعة مستوردة ونحن نستخدمها ، ونرفضها لأن هذا المستعِمر قد جاء لنا بها ونحن مغلوب على أمرنا مساكين ضحايا غير قادرين على تركها أوتحريم استيرادها بفتوى من فتاوي هذا الزمان . اذاً ، نحن مجرد شعوب لاحول لها ولاقوة ، نُجبر على تسويق هذه البضاعة السيئة ، ولا نستطيع التخلي عنها لأن الاستعمار لايريد ذلك ! هذه حجتنا لأننا لا نريد أن نتحمل مسؤولية أنفسنا ومسؤولية جهلنا وقصرنا, وقلة شجاعتنا وكثرة اخطاءنا وكثرة تبريراتنا. هنا قمة الإستسلام وقمة التخلي عن المسؤولية الكبرى في العمل الجماعي الموحد. هذا هراء ، هذا تقليل من أهمية الإنسان وفكره واجتهاده في العمل المشترك من اجل القيام بالنهضة الشاملة. وأن وضع اللوم على الأخر ومن دون اخذ زمام الامور بايدينا وبعقولنا ادى فعليا الى استغلال امراضنا الاجتماعية والدينية في تحقيق مصالح سياسية واقتصادية دائمة من قبل هذه القوى الخارجية وهذا سبب بلاءنا وفشلنا وهزائمنا.

"الطائفية" داءٌ فرعي للداء الرئيسي الذي ابتُلى به العرب بعد ظهور الاسلام ووفاة الرسول (ص) وهو إستخدام الدين في الوصول الى السلطة السياسية والتحكم بمصير الشعوب من مستوى العائلة والمدرسة والحياة العامة والخاصة ،وبدرجات متفاوته من بلد الى بلد حسب أهمية ذلك البلد الحضارية ، والبشرية ، والموقع الجغرافي والثروة الطبيعية. وقد رافق هذا الداء سياسة ذكية في كيفية تغذيتة وإنعاشه وإستخدامه حسبما تقتضيه الحاجة في تقوية قبضة الحاكم على رقاب شعبه. لقد استخدم سلاح المذهب من أجل اغراض سياسية منذ مئات السنين حتى في الدول المتقدمة ، التى كانت متخلفة خلال القرون الوسطى من تاريخ أوربا القديم ولم ينقذ هذه الدول من هذا الوباء غير مجئ النهضة الفكرية التى بدأت في أواخر القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر على يد مثقفي الطبقة الأوربية الوسطى التى نبذت الحروب ودعت الى فصل الدين عن السياسة او بالأحرى عن سلطة البابا في روما.
فسلاح المذهب هو سلاح الضعفاء الذين فشلوا فكرياً وعلمياً واداريا في نهضة الشعوب . وهو سلاح من فشلُ في تحقيق التنمية والنهضة للشعوب بدل من استخدام القانون كأداة لجلب العدالة والمساواة بين مواطني الدولة . أما غذاء هذا الداء فهو الجهل المطبق والمزمن الذي يتوارثه الابناء عن الاباء والاباء عن الاجداد . فالحكم على أساس المذهب ، لا يتمُ إلا إذا لازمه الجهل . أما الحاكم الذي يستخدم المذهب من اجل البقاء على أعلى هرم في السلطة ، فهو اذاٌ يجلس على أعلى سُلم في الجهل وغياب العقل ، وهو أقل مسؤولية من المسؤولية نفسها.
داء "الطائفية " يمكن علاجه وببساطة ، وذلك بفصل الدين عن السياسة وبالدستور وبحكم القوانين. لايمكن أن نصنع دستوراً فيه قوتين متناقضتين كالدين والقانون. ومثال أخر على هذا التناقض في الدستور هو مثلا ذكر مبدا "المساواة في المواطنة" المنحوت في كل الدساتير العربية. نجد أن المرأة مواطنة متساوية في حقوقها وواجباتها مع الرجل في الحياة العامة ، أما في الحياة الخاصة فالمرأة مهمشة ومغلوب على امرها استنادا على النظام الأبوي والعادات والتقاليد والشريعة. نحن أمام نقيضين مترادفين: الدين / القانون / المساواة في الحياة العامة / واللا مساواة والعنصرية ضد المرأة في الحياة الخاصة. التناقض والأزدواجية هما جوهر الدساتير العربية ومنها الدستور العراقي الذي وضعه الاحتلال الامريكي. وهذا هو جوهر استمرار التخلف والانفصام الكلي في الشخصية العربية والعراقية خاصة في الحياة العامة والحياة الخاصة وعلى مدى العقود الماضية .
وفي الخلاصة ، إستخدام الدين في السياسة سلاح معروف منذ قديم الأزل. ونحن نوظفه ونستخدمه. نحن مسؤولين عنه ، ونحن نغذّيه وعلينا محاربته بالفكر وطرح المشاريع الفكرية والتنموية. لاتحُارب "الطائفية" بواسطة السياسيين . فالسياسى سواء أكان يساريا أو يمينيا أو محافظا لايرى امامه سوى السلطة والمصلحة الذاتية . ليست هناك ثقة بأي سياسي مهما كانت طموحاته الثورية والنهضوية . علينا أن نوجّه أفكارنا التحررية بالمعنى الحقيقي الى فئة الشباب والشابات وطلاب وطالبات الجامعات الذين لديهم الاستعداد الذهني والعقلي والعلمي للنهوض بعيدا عن توليفات الدين ومذاهبه وأحاديثه وفتواه وحلاله وحرامه وشيوخه. وهكذا تنهض الأمم حينما يتغلب العقل على العاطفة ، من اجل منع دغدغة المشاعر الدينية واثارتها بهذا الشكل من الانحطاط



#ياسمين_الطريحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة عار وليس المرأة
- بناء الشخصية العربية وثورات الربيع العربي


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسمين الطريحي - -الطائفية-